هناك الكثير من الأسئلة والاستفسارات التي تطرحها المنظمات غير
الحكومية المحلية والأجنبية، حول آليات تسجيل المنظمة غير الحكومية في
العراق. وهناك شكاوى ترد، حول التعقيدات والعراقيل التي توضع بقصد أو
بدون قصد أمام حصول المنظمات غير الحكومية على إجازة تسجيل أو إعادة
التسجيل، تتيح لها تفعيل نشاطاتها ومشاريعها الإنسانية في العراق.
كيف لنا أن نسجل منظمة غير حكومية، أو نعيد تسجيلها؟ ما هي الجهة
الرسمية المخولة بالتسجيل دون غيرها؟ كيف يمكن أن نتصل بالجهة المخولة
قانونا، لكي نتواصل معها لتذليل المشاكل والصعوبات التي تعترض سبيل
المنظمات غير الحكومية؟
ما هي القواعد القانونية والدستورية التي ترعى نشاطات المنظمات غير
الحكومية؟ كيف لنا أن نوضع خطة إدارية وفنية نضمن فيها تسهيل إجراءات
التسجيل؟ أين يمكن أن نتوجه عندما تواجهنا المشاكل المستعصية؟
مما لا شك فيه، أن مؤسسات المجتمع المدني في العراق، ومنها
المنظمات غير الحكومية، بعد 2003، محمية من الناحية الدستورية
والقانونية، وهناك الكثير من المواد الدستورية التي تعطي الحرية
الواسعة للمنظمات غير الحكومية، المحلية، والأجنبية. كما أن نصوص الأمر
45 وهو القانون الذي يحكم آليات تأسيس المنظمات ونشاطاتها، وهو قانون
راق؛ يُمكن المنظمات غير الحكومية من ممارسة عملها الصحيح، وإن كان لا
يخلو من نقاط ضعف واضحة.
كما أن هناك العديد من المؤسسات الرسمية على مستوى الحكومة
الاتحادية أو حكومات الأقاليم، المتخصصة في إدارة وتوجيه الشؤون
المدنية أهمها: وزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني، ولجان المجتمع
المدني في مجالس المحافظات.
لكن الأمر "45" نفسه؛ أناط مهمة تسجيل المنظمات غير الحكومية:
المحلية والأجنبية، بـ"مكتب مساعدة المنظمات غير الحكومية حصرا، سابقا
"دائرة المنظمات غير الحكومية حاليا" وهذا الأمر حدد إجراءات تسجيل
المنظمات غير الحكومية، في مجموعة نقاط أساسية، وذلك في القسم الثاني
منه، سماها"متطلبات التسجيل"، بينما تطرق في القسم الثالث إلى موضوع "معالجة
متطلبات التسجيل". وهي شروط ليست معقدة كثيرا، ويمكن للمنظمات غير
الحكومية أن تعمل على توفيرها خلال مدة قصيرة، وإن عجزت يمكن لها أن
توفرها في مرحلة لاحقة، وتحصل على أذن مؤقت لممارسة عملها ونشاطها في
العراق.
إلا أن مشكلة التسجيل التي تواجه الكثير من المنظمات غير الحكومية
المحلية والأجنبية، وتدفعهم إلى عدم تسجيل منظماتهم؛ لدى " دائرة
المنظمات غير الحكومية حاليا" ليست في القانون، إنما في فهم القانون،
وفي آليات تطبيقه!.
فثمة عراقيل ومحددات لا تعقد عملية التسجيل فقط؛ بل تنفر المنظمات
غير الحكومية من التسجيل، وتُلجئها إلى العمل خلف الكواليس، أو اللجوء
إلى إقليم كردستان العراق، لعدم وجود مثل هذه الإجراءات المعقدة، أو
ترك العمل نهائيا، مما يحرم العراق والفئات المستهدفة من الخدمات التي
تنوي منظمات المجتمع المدني تقديمها، هذا مضافا إلى المشاكل التي تعاني
منها المنظمات غير الحكومية نفسها.
تبدأ التعقيدات من آلية دخول رؤساء المنظمات غير الحكومية إلى
دائرة المنظمات غير الحكومية، واشتراط مليء استمارة التسجيل، وتحديد
الأسماء ومقارنتها، وعدم الرد على أميل الدائرة، وعدم رفع تلفون،
ومتابعة فقرات النظام الداخلي المعقدة، وإلغاء أو تعديل أو تعطيل
الإجازات التي صدرها مدير المكتب السابق، وكثرة الوعود التي تعطى
للمنظمات غير الحكومية، وضياع العديد من مستمسكات المنظمات المجازة!.
وقد تكررت عمليات فقد أضابير المنظمات أو فقد بعض الأوراق. فقد
حدثني أكثر من رئيس منظمة مجتمع مدني، أنه لما أراد تجديد أجازته طلب
المكتب منه تقدم كل أوراقه، كأنه يقدم من جديد، فلما استفسر منه قيل له
إن الإضارة مفقودة !. وغيرها من عشرات التعقيدات التي تخرج عن الضوابط
والتعليمات التي حدد الأمر 45.
هذه الأمور كلها هي التي دفعت النائبة في البرلمان العراقي، السيدة
آلا الطالباني "واش/20/2/2009" لان تنتقد دائرة تسجيل المنظمات الغير
حكومية التابع لمجلس الوزراء بقولها " إن العاملين في دائرة تسجيل
المنظمات الغير حكومية غير مؤهلين لإدارة هذا" العمل" وأضافت الطالباني
ليس من الصعب أن تحصل على هوية عراقية وليس من الصعب تحقيق المستحيل
ولكن من الصعب أن تتعامل منظمات المجتمع المدني مع دائرة بعيدة بعد
السماء عن الأرض عن المشاكل التي تمر بها" المنظمات" حيث ان العديد من
المنظمات تعاني الأمرين.
وتقول الطالباني وصلتنا شكاوى من منظمات مستقلة تشكو من عدم
استحصالها على تسجيل رسمي لدى دائرة تسجيل المنظمات الغير حكومية" في
الوقت ذاته تجد الكثير من المنظمات الغير فاعلة والتي لا تخدم المجتمع
المدني"مسجلة رسميا" وذلك يعتمد على اهمال موظفي الدائرة وعدم قدرتهم
على التعامل مع المنظمات بشكل صحيح "
لا شك أن هناك الكثير من الحلول التي يمكن أن تلجا لها إدارة
المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية في العراق، وخاصة وزارة الدولة
لشؤون المجتمع المدني، ودائرة المنظمات غير الحكومية، والتي تسهل وتمكن
المنظمات غير الحكومية منها:
-عدم تسييس إدارات المنظمات غير الحكومية، وعدم اللجوء إلى اختيار
أشخاص من هذا الحزب أو ذلك؛ لأنه ثبت بالتجربة العملية أن جميع الذين
تم اختيارهم للعمل في دوائر الدولة المعنية بالمجتمع المدني، قد فشلوا؛
وهو الأمر الذي تنبه له السيد أمين عام مجلس الوزراء الأستاذ علي
العلاق، والذي شكل لجنة من مجلس النواب، والأمانة العامة لمجلس الوزراء،
ووزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني للبت في اختيار مدير عام لـ"دائرة
المنظمات غير الحكومية" ورغم أن هناك تلكؤا واضحا، إلا أننا نأمل أن
تؤتي هذه التجربة ثمارها، وتكون واحدة من طرق اختيار الموظفين الكبار
في الدولة العراقية الجديدة.
- وضع قواعد بسيطة وواضح لعملية التسجيل المنظمات غير الحكومية،
بحيث تتمكن أي منظمة من التسجيل خلال مدة قصيرة، والابتعاد عن الروتين
والتعقيدات الإدارية المعمول بها حاليا.
-توسيع وسائل الاتصال بالمنظمات غير الحكومية، فرغم وجود موقع
لدائرة المنظمات غير الحكومية إلا أن هذا الموقع مازال فقيرا، ولا يعرف
به إلا عدد قليل من المنظمات، وهو بحاجة إلى أكثر من رقم تلفون وأميل
فعال.
-ضرورة التنسيق مع لجان المجتمع المدني في مجالس المحافظات، وفتح
مكاتب إقليمية على الأقل، ومنحها الصلاحيات اللازمة لتنظيم عملية
التسجيل بدلا من تكليف المنظمة أعباء السفر إلى بغداد.
-ضرورة فتح دورات إدارية للموظفين في إدارة الأجهزة الرسمية
المدنية وللمنظمات في بغداد والمحافظات، توضح الآليات التي يتم بموجبها
مساعدة المنظمات غير الحكومية.
-تسهيل إجراءات فتح مكاتب للمنظمات غير الحكومية المحلية في الدول
الأخرى؛ لان من شأن هذه المكاتب أن تجلب رؤوس الأموال الصعبة إلى
العراق عن طريق التنسيق مع المنظمات الأجنبية والدولية وهو أمر معطل
تماما بسبب عقدة "الخروقات الأمنية" المزعومة.
وأخيرا، أرى أنه حال الأوان، لكي نحول كلماتنا، وخطبنا، وتوصياتنا،
بخصوص المنظمات غير الحكومية، إلى حقائق ووقائع، وأن نترجم أقوالنا إلى
أفعال ملموسة؛ لكي لا يشملنا خطاب الآية المباركة "يا أيها الذين آمنوا
لم تقولون ما لا تفعلون". |