المشاريع الادارية بين تسارع العصر

 والحاجة الى الادارات الفعالة

علي حسين عبيد

شبكة النبأ: في ظل التسارع الذي طبع عصرنا الراهن، باتت الحاجة للادارات الناجحة مضاعفة لاسيما في الشعوب النامية او تلك التي تأخرت عن الركب العالمي المتسارع، ولعل معظم بلدان العالم الاسلامي تعاني من صعوبة اللحاق بهذا الركب بسبب تراكم الاخطاء السياسية والاقتصادية المتوارثة عن الأنظمة السياسية والاقتصادية السابقة والسائدة في آن.

من هنا تبدو الحاجة ماسة للادارات الفعالة، إذ أن جميع المرافق الخدمية والانتاجية والعلمية والعملية تحتاج الى مثل هذه الادارات التي ينبغي أن تفعل نشاطاتها من أجل انتاج افضل، ويقول الامام السيد محمد الحسيني الشيرازي رحمه الله في كتابه الموسوم بـ (الفقه: الادارة) حول هذا الموضوع:

(لا يمكن لأي شيء يحتاج إلى الإدارة أن يكون ناجحا ويسير إلى الأمام بسلامة واتساع إلا إذا كانت له إدارة نشطة فعالة، فإن البقاء والنجاح والإطراد تتوقف على قدرة الإدارة ومهارة المدير، فكفاية الحكومة، وحسن المستوى الاجتماعي، وتقدم الاقتصاد، وما أشبه، كلها تقع على الإدارة).

إن الادارة بوصفها علم وفن في آن واحد تتطلب مقومات داعمة لها، فالمهارة مثلا قد تتوفر من خلال عملية التماس مع الآخرين واكتساب الخبرات من أساليبهم في ادارة شؤون دوائرهم، غير ان الامر يجب ان لا يكون عشوائيا، بمعنى ان إقامة الدورات العملية والنظرية لكادر العمل الاداري يجب أن يوضع على رأس قائمة اهتمام المسؤولين والمدراء، ولعل الحكومة (أية حكومة) بأعضائها وسلطاتها الاربع هي الأكثر حاجة من غيرها لتعلم فن الادارة والتنفيذ، لاسيما ان بعض البلدان الاسلامية بدأت مشوارا سياسيا حديثا ينتهج الديمقراطية في ادارة شؤونه، وهي قطعا بحاجة الى الادارات الناجحة من خلال إلمامها التام بالعمل الاداري، لذلك نعتقد بأن هناك صعوبات ومعوقات كثيرة تقف بوجه الادارات على اختلاف انواعها، وفي هذا الصدد يرى الامام الشيرازي رحمه الله:

بأن (الإدارة الناجحة ليست عملا سهلا، بل هي على جانب كبير من الصعوبة، إذ الأمر بحاجة إلى حسن الابتداء، ثم الاستمرار الحسن، وكلاهما بحاجة إلى عشرات من المقومات).

فينبغي أن تكون عملية الشروع بالادارة ذات خطوات صحيحة، لأنها ستقود الى نتائج جيدة حتما، فالبدايات الصحيحة تساعد على التصاعد الاداري الصحيح وكذلك تصل الى نتائج ايجابية، غير ان هذه الامور تتعالق مع مقومات كثيرة داعمة، بل هناك عشرات المقومات التي ينبغي أن تتوافر في العملية الادارية منذ بدئها حتى انتهائها.

ومن هذه المقومات مسألة دراسة المشاريع الادارية بصورة مستفيضة، كما يرى السيد الشيرازي:

(فالدخول في الميدان بدون دراسة كافية، أو بدون ملاحظة جوانب الأعمال، أو بدون ملاحظة قوة المنافسة، أو التوسيع المخل مما هو خارج عن القدرة، أو إنماء المنشأ بسرعة غير لائقة، أو عدم أخذ الاحتياطات اللازمة للتغيرات المفاجئة أو غير ذلك، كلها من سوء الإدارة، ومن المستحيل أن يعطي الإدارة السيئة النتائج الحسنة، والعكس صحيح أيضا.)

من هنا يمكننا القول بأن الادارة الفعالة والناجحة ستصل الى نتائج ناجحة ايضا ويتأتى ذلك بصنع المقومات الرافدة والداعمة للعمل الاداري، في حين تشكل العشوائية في ادارة الاعمال خللا واضحا يقود الى الفشل الحتمي، فالتوسع العشوائي في المشاريع او استخدام العناصر الادارية بطرائق غير مدروسة سيجعل من القائد الاداري قائدا فاشلا، ولعل الضرر لايكون فرديا لاسيما في المشاريع الاقتصادية الضخمة، حيث ستكون الخسائر موزعة على عموم افراد المجتمع، ونطرح في هذا الصدد خطوات إجرائية تتعلق بالشؤون الادارية وكما يأتي:

1-    متابعة آخر التطورات الادارية العالمية بجميع أنواعها واهتماماتها.

2-  أن تنتهج الحكومات مبدأ البعثات الى الدول المتطورة اداريا كاليابان وغيرها من اجل رفع القدرات والمهارات الادرية لدى مواطنيها المعنيين بالعمل الاداري.

3-  أن يطبق بشكل فعلي مبدأ (الرجل المناسب في المنصب الاداري المناسب) حيث تشكل الاعمال الادارية العصب الأهم في مرافق ومنشآت الدولة.

4-    القيام بتقديم الحوافز والتسهيلات من لدن الدولة لمن يرغب بتطوير إمكاناته الادارية.

5-  تشكيل فرق متابعة لطبيعة ادارة المشاريع ذات الأهمية الخاصة، من اجل تصويب الخلل الإداري في الوقت المناسب.

6-  وأخيرا وضع ستراتيجية ادارية يشارك فيها المختصون والمهتمون بعلم الادارة، سواء داخل البلدان الاسلامية او خارجها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 2/آذار/2009 - 4/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م