انتهينا قبل أيام في العراق من انتخابات مجالس المحافظات، ونزل
المرشحون بمختلف توجهاتهم. ووقف معهم أبناء الشعب العراقي، الذين ورثوا
تركة سياسية محملة بأخطاء الماضي يتعدى حجمها حجم الأزمات التي واجهوها
بعد الأنتخابات التي جرت في العام 2005، التي تركت إرثا مثقلا
بالمحاصصة الحزبية والطائفية، وحصول بعض المرشحين على مقاعد ربما ليست
من حقهم مما سببوا بزيادة الفساد المالي والإداري وتعطيل حركة البناء.
حتى شعر الشعب بقلق كبير بدأ يهدد مستقبله.
وجاءت انتخابات مجالس المحافظات، لتكون بارقة أمل حيث أثمرت الجهود
التي بذلها الشعب في العملية الانتخابية بقطافه لثمار الديمقراطية،
وأثبت أن العملية السياسية تسير على الطريق الصحيح وبدأ العراق يتخلص
من مظاهر التخلف وهذا ما تبين من خلال التصويت لإدارة جديدة يأمل منها
الشعب تعويض ما فاته وماحُرم منه.
كما لابد من ذكر مؤشر إيجابي في الأنتخابات متمثلا بزيادة الوعي
الإنتخابي للجماهير حيث تجاوز الناخبون تحت ضغوط استغلال الشعارات
الدينية او العشيرة، وتجاوزوا أيضا كيانات سياسية كبيرة مما جعل منها
أن تتراجع الى الخلف، الامر الذي يفرض على الكيانات الفائزة أن تأخذ
العِبرة من تجارب الآخرين، وبخلاف ذلك فاليد التي صوتت باستطاعتها أن
تسحب التصويت ولو بعد حين.
وبعد أن انتهت الانتخابات يترقب الشعب تنفيذ برامج الكيانات التي
وُعِد بها الشعب، ويمكن اجمال بعضا من هذه الوعود:
1. توفير فرص العمل للخريجين في الدوائر الرسمية.
2. تحسين المستوى المعاشي للعاطلين عن العمل من خلال شمولهم بالفرص
التي توفرها دائرة الرعاية الاجتماعية.
3. رعاية كبار السن والعاجزين والأرامل والأيتام عبر خطوات جدية
قابلة للتطبيق وتفعيل القانون الذي يخصهم.
4. تأمين الجانب الصحي للمواطنين. الذي بات هزيلا وخصوصا في
المستشفيات الحكومية، أما العيادات الخاصة فوصلت أجرة الكشف على المريض
عشرة آلاف دينار ويصل عدد المراجعين في اليوم لكل عيادة أكثر من 60
مريضا.
5. معالجة أزمة السكن، التي شكلت أعلى نسبة بين دول المنطقة إذ تصل
الحاجة الى أكثر من ثلاثة ملايين وحدة سكنية.
6. معالجة أزمة مياه الشرب، حيث اختلاط مياه المجاري معها والتي
سببت مرض الكوليرا في السنوات الأخيرة.
7. معالجة حالة انقطاع التيار الكهربائي التي أصبحت عقدة غير قابلة
للحل وربما يفكر البعض بأنها لا تُحل إلاّ بمعجزة، حيث وصل عدد ساعات
القطع يوميا الى عشرين ساعة منذ العام 1991، ألم يحن الوقت لتجاوز هذه
المشكلة في غضون سنتين قادمتين؟.
8. الاهتمام بالأطفال على الصعيد الثقافي والصحي والتعليمي وتطوير
قابلياتهم عبر التدريب. وبحسب الاحصاءات، فإن هناك 5 ملايين يتيم
يعيشون معظمهم ظروفاً اجتماعية صعبة ومعقدة، كما ان 30 في المئة من
الذين لم تتعد اعمارهم سن 17 سنة في العراق لم يتمكنوا من اداء
امتحاناتهم المدرسية النهائية، و يقدر عـــدد الاطــفال النازحين في سن
الدراســـة الابتدائية 220000 طفل. ويقدر عدد الأطفال الذين يتعاطون
المخدرات 11000 طفل في بغداد وأن أطفال العراق باتوا فريسة للتحرش
الجنسي. لذلك لم يأت قرار منظمة يونيسيف بجعل عام 2008 عاماً للطفل
العراقي اعتباطاً.
9. الأهتمام بالتعليم، وتأهيل الجامعات والمدارس، وسد الأحتياجات
الخدمية والتعليمية وفرض نظام إداري حديث، و تهيئة كوادر علمية كفوءة
لإدارة القطاع التعليمي.
10. تأهيل الشباب عبر توفير المكتبات العامة، ودعم الأندية الرياضية
ودعم المشاريع الصغيرة، وبناء نوادي كبيرة وحديثة قادرة على تأهيل
الشباب وتثقيفهم ليكونوا فيما بعد قادة للمجتمع.
إن الشعب ينتظر نقلة نوعية على مختلف الأصعدة؛ للحاجة الملحة التي
يجاهد من أجلها الناس كل يوم. بعبارة أخرى، مطلوب من الحكومات المحلية
اتخاذ إجراءات طارئة وسريعة للخروج من الأزمات التي يمر بها الشعب.
الذي يتساءل عن مدى قدرة هذا العدد الكبير من المرشحين بأن يصوغوا حياة
كريمة تحت ظل الديمقراطية من دون تكرار أخطاء الماضي. هذه هي
الاحتياجات التي ينتظرها العراقيون بفارغ الصبر، لتحسين واقعهم المرير.
A_alialtalkani@yahoo.com |