اسرائيل وحزب الله: حرب استخباراتية حامية تمهيداً لمواجهة جديدة

 

شبكة النبأ: تشير بعض الدلائل التي حدثت مؤخرا الى ان اسرائيل وحزب الله اللبناني منهمكان في التخطيط لما يعتقد الكثيرون بأنه سوف يكون مواجهة جديدة بينهما. اذ تركز جهود اسرائيل الآن على اختراق جهاز امن حزب الله لمعرفة خططه الحربية ولاغتيال كبار اعضاء القيادة فيه، بينما تكثف اجهزة امن حزب الله نشاطاتها البحثية عن جواسيس لإسرائيل وهي تنشط بالفعل في هذا المجال حيث يتم من حين لآخر إلقاء القبض على جواسيس يعملون في لبنان لصالح تل ابيب..

وكتب نيكولاس بلانفورد مقالا في صحيفة التايمز حول الموضوع جاء فيه، كشفَ وابل الصواريخ الذي استهدف اسرائيل من جنوب لبنان في نهاية الاسبوع الماضي وما سبقه من اعتقالات قيل انها لجواسيس، ان هناك حرباً سرية شرسة تدور الآن بين الدولة اليهودية وحزب الله المنظمة اللبنانية الشيعية المسلحة.

فمؤخراً مزّقَ ازيز صاروخين انطلقا من جنوب لبنان الهدوء المتقلقل الذي يخيم على طول الحدود منذ انتهاء الحرب التي استمرت شهرا تقريبا بين الحزب واسرائيل في 2006. وبالطبع وصل احد تلك الصواريخ الى اسرائيل واصاب امرأة بجراح، وردت اسرائيل بقصف مدفعي على ذلك.

واضاف الكاتب، لكن من الواضح ان اسرائيل وحزب الله منهمكان حتى قبل الاشتباك الاخير في التخطيط لما يعتقد الكثيرون بانه سوف يكون مواجهة جديدة بينهما. اذ تركز جهود اسرائيل الآن على اختراق جهاز امن حزب الله لمعرفة خططه الحربية ولاغتيال كبار اعضاء القيادة. ومن المعروف في هذا السياق ان قائد حزب الله العسكري عماد مغنية كان قد اغتيل في فبراير العام الماضي عن طريق تفجير سيارته في دمشق ورأى الكثيرون في هذه الجريمة عملا نفذته وكالة الاستخبارات الاسرائيلية الـ موساد.

وفي الاسبوع الماضي، ذكرت صحيفة لبنانية ان موظفا في شركة طيران الشرق الاوسط، التي هي الناقل الرسمي في لبنان، كان قد اختفى قبل تسعة ايام وزعمت انه يرتبط بعلاقات مع اسرائيل، ومن المعتقد بان هذا الموظف الذي يدعى يوسف صادر كان قد جرى اختطافه اثناء توجهه للعمل في مطار بيروت.

واضافت صحيفتان ثانيتان ان صادر محتجز لدى الاستخبارات العسكرية اللبنانية، لكن الجيش اللبناني انكر ذلك. وتبين في الاسبوع الماضي ايضا ان شخصا آخر عميلا للموساد قد تم اعتقاله عندما اغار ضباط الاستخبارات العسكرية على محطة بنزين قرب النبطية في جنوب لبنان.

وتابع الكاتب، في الشهر المنصرم قيل ان حزب الله احتجز شخصا اسمه مروان فقيه يمتلك مرآبا للسيارات ثم سلمه للسلطات اللبنانية. ويقال ان فقيه ابلغ المحققين ان جهاز الموساد جنده في فرنسا في اواسط عقد التسعينيات.

وكان هذا الرجل قد كسب ثقة رجال حزب الله من خلال الاموال التي كان يتبرع بها للاعمال الخيرية التي يشرف عليها الحزب كما كان يوفر السيارات له.

والحقيقة ان وحدة مكافحة التجسس، التي تتميز بكفاءة عالية في حزب الله، هي المسؤولة عن اكتشاف معظم خلايا الموساد في لبنان. فقد اعلنت احدى الصحف البيروتية في نوفمبر الماضي عن اعتقال رجل لبناني كان يتجسس لصالح اسرائيل منذ اوائل عقد الثمانينيات فقد تمكن علي الجراح من العيش منذ حوالي 25 سنة على طرفي الصراع المرير الذي تشهده المنطقة منذ وقت طويل. وكان هذا الرجل الذي عمل كإداري في مدرسة بجنوب لبنان شخصا لطيفا ومؤيدا قويا للقضية الفلسطينية بنظر اصدقائه وجيرانه.

لكنه كان بالنسبة لاسرائيل جاسوسا مهما على ما يبدو، فقد دأب على ارسال تقارير وصور سرية عن حزب الله والمجموعات الفلسطينية منذ عام 1983.

لكنه يقبع الآن بزنزانة في سجن لبناني بعد ان اتهمته السلطات بخيانة بلده لصالح دولة معادية. ولا يزال اصدقاؤه وزملاؤه السابقون يشعرون بالصدمة على الرغم من مرور اشهر على اعتقاله من مدى قدرته على التضليل والخداع، حيث كان يخطط بدقة رحلاته الى الخارج، ويبرر بمهارة وفرة المال بين يديه، كما تمكن من اخفاء خبر زواجه من امرأة ثانية.

وتابع الكاتب، يقول المحققون اللبنانيون ان اعترافاته كشفت عن قيامه بعملية تجسس مدهشة ومثيرة في حدودها وابعادها. صحيح ان هناك عملاء استخبارات كثيرين يعملون في اجواء الفوضى اللبنانية الراهنة الا ان اعتقال الجراح ألقى ضوءا على حالة نادرة في عالم الجاسوسية والتخريب.

فمن بيته في قرية بوادي البقاع كان الجراح (50 سنة) غالبا ما يسافر الى سورية وجنوب لبنان حيث كان يلتقط صورا للطرقات والقوافل التي كان يتم استخدامها لنقل السلاح لحزب الله. وكان يتحدث مع الموساد من خلال هاتف مرتبط بقمر اصطناعي، ويتسلم من عملائها مبالغ كبيرة من المال وآلات تصوير واجهزة تنصت.

ويقول المحققون الللبنانيون انه زعم مرة ان عليه القيام برحلة عمل وسافر بعد ذلك الى بلجيكا وايطاليا واستلم جواز سفر اسرائيليا وتوجه به الى اسرائيل ليتم ابلاغه بما يتعين عليه القيام به بالتفصيل.

وفي مستهل حرب 2006 بين اسرائيل وحزب الله، اتصل به المسؤولون الاسرائيليون للتأكيد له ان القصف لن يستهدف قريته وان عليه البقاء في البيت.

وختم الكاتب بالقول، غير ان حزب الله الذي لديه الآن ما يمكن ان يكون اقوى جهاز استخباراتي في لبنان تمكن من اعتقاله في يوليو الماضي ثم سلمه مع شقيقه يوسف، المتهم بمساعدة اخيه على التجسس، للجيش اللبناني ليمثلا معا امام محكمة عسكرية، من الواضح ان رحى هذه الحرب السرية تدور الآن بلا هوادة، اذ يقوم حزب الله هو الآخر ببناء شبكة خلاياه التجسسية في اسرائيل بل ويجند جنودا اسرائيليين ايضا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 1/آذار/2009 - 3/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م