كومنولث روسيا الجديد واحلام العودة لزهو القوة العظمى

موسكو تقود تكتلا عسكريا جديدا لدول سوفيتية سابقة

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: في خطوة قد تعيد الى العالم ظاهرة التكتلات، ومع توسع حلف شمال الاطلسي ليشمل العديد من الدول في شرق اوربا، ظهر الى الوجود تكتل اقليمي عسكري جديد، يضم عدداً من الدول التي كانت تنضوي تحت مظلة الاتحاد السوفيتي السابق، هدفه المعلن تشكيل قوات للانتشار السريع لمكافحة الارهاب والرد على الحالات الطارئة في المنطقة.

فقد أفادت مصادر ان الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف، أعلن أن مجلس الأمن الجماعي التابع لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي وافق على تشكيل قوات للانتشار السريع تابعة للمنظمة، بقيادة روسيا، وتضم في عضويتها كلاً من روسيا وبيلوروسيا (روسيا البيضاء) وكازاخستان وقرغيزيا وطاجيكستان وأوزبكستان وأرمينيا.

وقال ميدفيديف في كلمة افتتح بها الجلسة الموسعة لرؤساء البلدان الأعضاء في المنظمة في موسكو مؤخرا، إن جميع المشاركين في القمة اتفقوا على ضرورة تبني الوثيقة الخاصة بتشكيل تلك القوات.

كذلك أعلن الرئيس الروسي أن روسيا وبلدان منظمة معاهدة الأمن الجماعي الأخرى مفتوحة للتعاون مع الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب في آسيا الوسطى. بحسب سي ان ان.

فقال ميدفيديف في مؤتمر صحفي له في ختام قمة منظمة معاهدة الأمن الجماعي إن "روسيا والدول الأخرى الأعضاء في المنظمة، على استعداد للتعاون الشامل والكامل المضمون مع الولايات المتحدة وبلدان التحالف الأخرى في مكافحة الإرهاب في المنطقة"، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الروسية "نوفوستي."

ويرى الرئيس الروسي أن "هذا الكفاح يجب أن يكون شاملاً ويعتمد على العناصر العسكرية والسياسية حتى يكون ناجحاً."

فقال ميدفيديف إن "القضية ليست في عدد القواعد، ذلك أن مكافحة الإرهاب لا تنحصر في تضخيم المجموعة العسكرية، وإنما يجب أن تكون شاملة."

يذكر أن قرغيزيا، العضو في منظمة الأمن الجماعي، أعلنت الثلاثاء عن عزمها إغلاق القاعدة الجوية الأمريكية في مطار "ماناس"، بينما تبقي قرغيزيا القاعدة العسكرية الروسية في أراضيها. وكانت تقارير سابقة قد أشارت إلى أن موسكو قد تشهد توقيع مثل هذه الاتفاقية.

فقد صرح سيرغي بريخودكو، مساعد الرئيس الروسي للشؤون الخارجية، بأنه ينتظر أن يوقع رؤساء الدول الأعضاء في منظمة معاهدة الأمن الجماعي اتفاقية تقضي بإنشاء "قوات رد سريع مشتركة" خلال اجتماعهم في موسكو، موضحاً أن القوات المزمع إنشاؤها مدعوة لصد العمليات العدوانية الحربية ومحاربة ظاهرة الإرهاب الدولي والتطرف ومكافحة الجريمة المنظمة الدولية ومكافحة تجارة المخدرات وأيضا إزالة آثار الحوادث والكوارث.

هذه الاتفاقية طرح فكرتها الرئيس الروسي في السادس من سبتمبر/أيلول الماضي، عندما كادت روسيا أن تجد نفسها في مواجهة واسعة مع الغرب من جراء العملية الحربية الجورجية في القوقاز.

وقيل حينها إن من شأن تطبيق هذه الفكرة أن يجعل منظمة الأمن الجماعي تكتلاً عسكرياً-سياسياً تتوفر لديه جميع مقومات الحلف العسكري.

ويفترض أن يتم تشكيل القوات المشتركة من وحدات في قوات الدول السبع، وترابط في روسيا بصفة مستمرة وتتحرك نحو جهة محددة يظهر فيها الخطر المطلوب إيقافه عند الضرورة.

وقال مساعد الرئيس الروسي إنه ينتظر أن تشكل فرقة المظلات الروسية 98 ولواء المظلات الروسي 31 القوة الرئيسية للقوات المشتركة.

ويضم كومنولث الدول المستقلة الذي تمتد أراضي دوله بين ايران وروسيا والصين كلا من اذربيجان وارمينيا وروسيا البيضاء وقازاخستان وقرغيزستان ومولدوفا وروسيا وطاجيكستان وتركمانستان واوزبكستان واوكرانيا.

واضاف نوفيكوف "يمكننا ان نتكهن كما نشاء وان ننخرط في نظريات كما نريد لكن لن يمكننا ابدا ان نعرف أين ومتى وكم عدد الاشخاص الذين يمكن ان تسيطر عليهم أفكار تدفعهم للاقدام على فعل ما".

روسيا تشدد قبضتها الاقتصادية والعسكرية على حلفائها

وأعلنت روسيا خطة انقاذ مالي لستة من الدول السوفيتية السابقة المتحالفة معها وحصلت على موافقتها على تشكيل قوة عسكرية للرد السريع قالت انها ستكون على مستويات حلف شمال الاطلسي.

وجاءت تحركات روسيا لترسيخ نفوذها في المنطقة في الوقت الذي أعلنت فيه قرغيزستان وهي من الدول التي تتلقى مساعدات من روسيا انه على الولايات المتحدة اغلاق قاعدة جوية أمريكية على أراضيها تدعم القوات الامريكية التي تقاتل في أفغانستان.

وصرح الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف بأن بلاده ستساهم في القوة الجديدة بفرقة من القوات الخاصة ولواء وان قوة الرد السريع ستكون قادرة على "رد العدوان العسكري" ومحاربة الارهاب الدولي ومكافحة تهريب المخدرات والجريمة المنظمة والتعامل أيضا مع الكوارث الطبيعية والتكنولوجية.

وقال ميدفيديف ان هذه القوات ستأتي من وحدات قوية وانها "طبقا لقدراتها القتالية يجب الا تكون أضعف من القوات المماثلة في حلف شمال الاطلسي."يجب ان تدركوا حجم (الخطة) هذه القوة ستكون مجهزة بأحدث التكنولوجيات العسكرية."بحسب فرانس برس.

وتؤكد هذه الخطوة عزم موسكو على ترسيخ نفوذها الاقتصادي والعسكري رغم تأثير الازمة العالمية على اقتصادها.ويقول زعماء روسيا إن اقتصاد البلاد مازال قويا ويمكنه تحمل الازمة ومساعدة الحلفاء.

وأعلن الكسندر لوكاشينكو رئيس روسيا البيضاء في قمة عقدت في الكرملين عن "انشاء صندوق لمواجهة الازمات بقيمة تقدر بنحو عشرة مليارات دولار تساهم فيها روسيا بمبلغ 7.5 مليار دولار وقازاخستان بمليار دولار" على ان يتحدد فيما بعد مساهمات الاخرين.

الكرملين يفقد تدريجيا سيطرته على جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق 

من جهة ثانية رأى محللون وخبراء بأن روسيا تفقد يوما بعد يوم سيطرتها على »كومنولث الدول المستقلة« وهي المنظمة التي كانت شكلتها في محاولة لاعادة نفوذها وتأثيرها في المجال السوفياتي السابق. واعتبر محللون روس فشل المنتدى غير الرسمي لهذه المنظمة الذي عقد السبت الماضي في احد منتجعات كازاخستان، مؤشرا واضحا على رغبة وطموح دول آسيا الوسطى السوفياتية السابقة للافلات من الهيمنة الروسية ووقف محاولات الكرملين الرامية الى استعادة نفوذه في المنطقة.

وذكرت مواقع الكترونية روسية ان حليف روسيا المقرب رئيس بيلوروسيا الكسندر لوكاشينكو، فضل هو الاخر لعبة الهوكي على مباحثات كازاخستان، فيما لم تتسلم اذربيجان وجيورجيا واوكرانيا ومولدافيا دعوات للمشاركة في هذا الاجتماع.

وكشف المراقبون ان تركمنستان التي تمتلك اكبر مكامن الغاز في آسيا الوسطى، استغلت الزيارة الرسمية التي يقوم بها الى البلاد الرئيس البلغاري برفانوف لتبرير رفضها دعوة تلقتها من موسكو للمشاركة في المنتدى ،مشيرين الى ان الرئيس الاوزبكي اسلام كريموف ابلغ منظميه بجفاء بأنه لا يستطيع المشاركةلانشغاله بقضايا اخرى.

ويرى مراقبون ان ابتعاد لوكاشينكوعن هذه المنظمة يثير علامات استفهام جدية حول مصيرالاتحاد الجمركي المفترض اعلانه العام المقبل بين روسيا وبيلوروسيا وكازاخستان ،والذي تعول عليه روسيا الآمال لاعادة الروح الى الروبل وفرضه مجددا كعملة اساسية في جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق.

الا انه وعلى الرغم من الفشل الذريع للمنتدى، تمكن الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف من انقاذ زيارته من الانهيار التام، بتوصله مع رئيس كازاخستان نور سلطان نزارباييف الى خطة عمل مشترك حتى العام 2011.

وتنص الوثيقة الموقعة بين الرئيسين على مواصلة تعاون الدولتين الاستراتيجي في قطاع الطاقة، وابحاث الفضاء وتشييد ممرات النقل والمواصلات.

هذا وكانت اوزبكستان قررت في وقت سابق وبشكل مفاجئ تجميد عضويتها في منظمة »آور آسيا« الاقتصادية التي تلعب فيها روسيا دورا قياديا في خطوة تعكس رغبتها في التقارب مع الغرب.

وكانت هذه المنظمة تأسست عام 2001 بمبادرة من قزقستان وتضم روسيا وقزقستان وبيلاروسيا وطاجكستان واوزبكستان، فيما تتمتع كل من موالدافيا وارمينيا واوكرانيا بصفة مراقب، وتعنى بقضايا التكامل الاقتصادي وتوحيد معاييرالسياسة الاقتصادية الخارجية وضبط الاسعار. بحسب تقرير لـ صحيفة الحياة.

واعتبر مراقبون هذه الخطوة رسالة ضمنية الى الغرب ردا على قرار الاتحاد الاوروبي برفع قسم من العقوبات التي كان فرضها على البلاد بسبب استخدام القوة المفرطة ضد تظاهرات للمعارضة في انديجان العام2005.

ونقلت جريدة »دنفنيك« الصادرة في صوفيا عن دبلوماسي اوزبكي قوله »ان بلاده تسعى لانتهاج سياسة متوازنة وبراغماتية في علاقاتها مع روسيا، وان تعمل في الوقت نفسه من اجل علاقات متينة مع الاوروبي والولايات المتحدة واستجذاب الاستثمارات الغربية .

وينظر الغرب الى اوزبكستان كشريك مهم في تأمين الشحنات الغازية عبر خط الانابيب البديل عن غاز روسيا نابوكو.

وتصدر اوزبكستان 17 مليار مترمكعب من الغاز سنويا يمكن ان ترتفع الى 25 مليار متر مكعب خلال السنوات المقبلة.

وكانت هذه الدولة الغنية باحتياطاتها الغازية قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي عام 2005 بعد توجيه الطرفين لحكومتها انتقادات لاذعة لاسلوبها الدموي في التعامل مع التظاهرات الاحتجاجية التي ادت الى مقتل 187 متظاهرا وجرح مئات آخرين.

وقال مراقبون ان هذه الخطوة تأتي في وقت غير مناسب لروسيا التي وقفت الى جانب اوزبكستان خلال ازمتها مع الغرب ووقعت معها عددا من الاتفاقيات الاقتصادية والعسكرية خاصة وانها تسعى لاستقطابات في المنطقة لمواجهة الغرب.

روسيا تتطلع لتحسين العلاقات مع جورجيا

من جانب اخر قال مسؤول روسي أثناء زيارة للعاصمة الجورجية تفليس انه ينبغي لروسيا وجورجيا بدء اعادة بناء العلاقات بتشجيع الاتصالات على المستوى الشعبي.

وألحقت روسيا هزيمة بالقوات الجورجية في حرب استمرت خمسة أيام في أغسطس اب الماضي بعد محاولة تفليس استعادة السيطرة على اقليم أوسيتيا الجنوبية الانفصالي الذي تدعمه موسكو.

ولم تستأنف موسكو وتفليس العلاقات الدبلوماسية ولا تزال كل الصلات بينهما مقطوعة من السكك الحديدية والجوية والبريدية منذ الحرب ولكنها بدءا محادثات في جنيف. بحسب رويترز.

ودعا ميخائيل شفيدكوي مبعوث الرئيس الروسي الخاص للتعاون الثقافي الدولي الى بناء جسور بين الشعبين.

وقال للصحفيين "هذا الطريق يجب أن يؤدي الى اعادة صلات النقل وعلى اقامة علاقات طبيعية ستساعد الناس العاديين." ولم يعط شفيدكوي أي أمثلة للكيفية التي يمكن بها عمل ذلك أو لاي جهود تبذل بالفعل في هذا الصدد.

وقال في تفليس "السياسة شيء والحياة شيء اخر. جئنا الى هنا لاقامة علاقات عادية بين البشر."ووصل شفيدكوي الى جورجيا للمشاركة في احتفالات دينية ومن غير المقرر أن يجتمع مع أي مسؤولين جورجيين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 25/شباط/2009 - 29/صفر/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م