شهر رمضان في ايران تقاليد وآداب مميزة

رمضان مبارك عبارة تسمعها كثيرا مع قدوم شهر الصيام وكأنها ايذان بتغير سيرة المؤمنين واستعدادهم لبدء حياة جديدة تتدارك ما فات وتعد بما هو افضل في العلاقة مع الله سبحانه والعباد. ‏   

‏ وتتضح مناحي التغيير في الاجواء الروحية التي يعيشها معظم الناس هنا والتي ‏ تبدو وكأنها محطة استراحة في حياة الساعين وراء لقمة العيش ودعوة الى التوقف اياما معدودات عن الاستغراق في هموم الدنيا وما يكتنفها من الكدر والتهالك على ‏الحطام.‏   

‏ ففي هذا الشهر تتسابق المراكز الدينية كالمساجد والحسينيات في وضع برامج ‏ثقافية وفكرية وعقائدية مستثمرة الاستعداد التلقائي للصائمين والاجواء الروحية التي تسيطر على الشهر الفضيل لتوجيه الرسائل التوعوية وحث الميسورين من المؤمنين ‏‏على المساهمة في مساعدة الفقراء والمحتاجين وكسب المزيد من الدعم في تطوير المسجد ‏‏أو الحسينيه .‏   

‏ ويلمس المراقب بوضوح التجسيد الرائع لعبارة ربيع القران خلال هذه الايام ‏المباركة فلا تكاد تجد مسجدا او حسينية اومركزا دينيا الا وفى جنباته اصداء ‏القران الكريم تلاوة وحفظا وتجويدا اذ تتحول هذه المراكز في هذه الايام الى اماكن ‏عامرة بالقران والتزود من موائده الكريمة.‏   

‏ وللايرانيين علاقة خاصة بالدعاء خلال شهر رمضان وعندهم طقوس خاصة في قراءته ‏والاستغراق في معانيه ودلالاته.‏   

‏ فهم يحرصون على قراءته في اوقات متعددة من اليوم فهناك دعاء السحر الذي تبثه ‏محطات الاذاعة والتلفزيون ويبدأ مع استيقاظ الصائمين لتناول السحور وينتهي عند ‏اذان الفجر وقد يشارك في قراءته الكثير من المؤمنين ولكن بسرعة اكبر لكي يتسنى ‏‏لهم الوقت الكافي لتناول طعام السحور.‏   

‏ ويحرص الكثير من الصائمين على المشاركة في البرامج التي تقيمها المساجد ‏ ‏والحسينيات بعيد تناول طعام الفطور ومنها قراءة دعاء الافتتاح الذي يقرا بصوت ‏منغم يضفي جوا يعين على انطلاق شفافية الروح وتحقق صفاء النفس. ‏   

‏- وتعتبر ليالي القدر او ليالي الاحياء كما يسميها الايرانيون معلما ‏بارزا من نشاط الناس هنا خلال شهر رمضان وكانهم يسعون للاغتراف من بركات هذا ‏الشهر قبل ان يودعوه وتنتهي ايامه. ‏   

‏ فما ان تحل العشر الاواخر من شهر رمضان حتى تجد المساجد الجامعة ومساجد ‏المحلات والحسينيات ومراكز اقامة صلاة الجمعة على امتداد البلاد وقد امتلات ‏بالمصلين المستغفرين واؤلئك الذين يحيون الليل الى الفجر بالقيام والدعاء وتلاوة ‏القران بشكل جماعي في الليالي التي يلتمسون فيها ليلة القدر .‏   

‏ وفضلا عن ذلك يسهم المحسنون وذوو اليسر من المؤمنين في تامين الافطار للفقراء ‏ في هذا الشهر اذ تقام في مدينة طهران موائد الافطار في اكثر من 100 جامع كبير ‏ضمن مشروع خيري يطلق عليه هنا أفطار ضيوف الرحمن. ‏   

‏ وعند سماع صوت الاذان تبدأ عملية توزيع وجبات الافطار الذي يتكون عادة من قدح ‏من الماء الساخن أو الشاي وقليل من التمر والجبن الابيض وشيئ من الخضروات أضافة ‏الى قطعة من الخبز قبل البدأ بالوجبه الرئيسية للافطار .‏   

‏ ومن أبرز الاماكن الدينية المعروفة في طهران هو مرقد أمام زاده صالح وكلمة ‏زادة تعني أبن والمقصود هنا حفيد الأمام السابع لاتباع مذهب اهل البيت (عليهم السلام) وهو ‏موسى بن جعفر الملقب بـ الكاظم ولهذا الولي مكانة خاصة لدى الناس هنا حيث يعتقدون أنه يعينهم على قضاء حوائجهم بأذن الله مما جعل الميسورين من تجار السوق ‏الطهرانيين يقدمون على أقامة مآدب افطار جماعيه في الفناء الملحق لمرقد هذا الولي ‏الذي يقع في منطقة تجريش شمال العاصمة طهران.‏   

‏ اما ليالي شهر رمضان في طهران فأنها تختلف عن سائر أيام العام حيث تتجمع ‏ عائلات ألاقارب وألاصدقاء بعد الافطار في المقاهي الشعبية (سنتي) لتناول الشاي ‏ والشيشة وأنواع المكسرات والتمور .‏   

‏ وتكتظ المساجد في المناطق الشعبية بروادها وقت الافطار لاسيما الطبقة البسيطة ‏من العمال الذين يستمر عملهم ساعات متأخرة من الليل ويفضلون الافطار في الجوامع ‏بسبب الازدحام المروري الذي يحول دون وصولهم الى منازلهم في الوقت المحدد والعسر ‏الذي يمنعهم اللجوء الي المطاعم الفاخرة. ‏   

‏ وتعمد الاسر الايرانية الي تناول الوجبة الرئيسية من الافطار بعد ساعة ‏من أذان المغرب ولا تخلو المائدة الرمضانية الرئيسية هنا من الآش رشته وهو ‏عبارة عن حساء دسم مليء بأنواع البقوليات والمعكرونه والخضروات الورقية ‏بالاضافة ألي شوربة ماء اللحم ويسمى هنا  أبكوشت .‏   

‏ تشهد المطاعم هنا على غير العادة في الدول العربية ازدحاما شديدا بعد الاذان ‏سيما تلك المطاعم التي تقدم لزبائنها ألاكلات ألايرانية الشعبية مثل الهريسة(حليم) والشوربه التي يلجأ اليها الصائمون وتعتبر طبق رئيسي في رمضان في المطاعم ‏كما تنشط بصورة ملحوظة محال بيع الحلويات والمكسرات ومن أكثر الحلويات شهرة هنا ‏هي الزلابية. ‏   

‏ وتتغير ساعات العمل في الدوائر والمؤسسات الايرانية عند حلول شهر رمضان ‏‏المبارك حيث ينتهي العمل قبل ساعة واحدة من انتهاء موعد العمل في الايام العادية ‏الاخرى تقديرا لوضع الصائم . ‏   

‏ ولمدينتي مشهد (شمال شرق) البلاد حيث مرقد الامام الثامن علي بن موسى (عليه السلام) الملقب ‏بـ(الرضا) وكذلك في مدينة (قم) ترقد شقيقته (فاطمة) الملقبه بـ(المعصومة).‏   

‏ وتتسم اجواء جنوب طهران بالروحانية الخاصة التي تكثر بهما الحوزات العلمية ‏ والمراكز الثقافية وتواجد مكثف للمتدينين مما يعتبر فرصة لتبادل الاراء الفقهية ‏وأكتشاف الجديد في الساحة الفكرية .‏   

‏ وتختلف العادات والتقاليد الرمضانية في ايران من ‏مدينة ألي أخرى ففي مدينة أصفهان التاريخية (وسط أيران) يفطر الصائمون على دوي المدفعية الرمضانية التي تقع بأحدى الساحات القديمة في المدينة.‏   

‏ وتعتبر ألاكله الرمضانية الشعبية الاكثر شهرة في مدينة أصفهان هى الباجة وهي ‏عبارة عن لحمة رأس الخروف والهريسة وتسمى  حليم  ولا تخلو المائدة ألاصفهانية ‏من الملح والبصل. (كونا)