في ندوة فكرية على هامش معرض بيروت الدولي للكتاب

السيد محمد حسن الامين: ليست المشكلة في العولمة بل في قدرتنا على ان يكون لنا مكان في العولمة

 

على هامش معرض بيروت الدولي السادس والاربعين الدولي للكتاب، اقيمت ندوة فكرية مهمة، تحدث فيها العلامة السيد محمد حسن الامين عن (العالم بعد 11ايلول) حيث قال:

يجب أن نعترف بأن غزارة المعلومات والتحليلات والرؤى والتوقعات للعالم ما بعد 11 أيلول التي تتدفق بغزارة على الوعي العربي تبدو لكثرة تشابكها تربك وعينا في كثير من الأحيان.

وتابع: لست من المؤيدين للقول بأن العالم ما قبل 11 أيلول هو غير العالم بعد 11 أيلول. فأنا لست مع هذه المبالغة التي تقطع بصورة جازمة بين مرحلتين من مراحل نمو هذا العالم وتطوره. وبالأخص فمن وجهة نظري التي تنطلق من قراءة ورصد الآثار والتطورات التي يتلقاها عالمنا العربي والإسلامي منذ فترة طويلة، لا أرى أن ما بعد 11 أيلول يشكل منعطفا جديدا، فما كان قائما من مشكلات وأزمات وتحديات على مستوى عالمنا العربي والإسلامي ما زال هو هو مع فارق بسيط من الناحية الشكلية لا الجوهرية.

فمن الناحية الشكلية كان العالم يدور حول قطبين، وكانت أشكال الضعف والتخلف والتراجع في بنية المجتمع العربي مستفيدة من الحرب الباردة التي تدور بين الجبارين.

عندما انهار النظام القديم فإن ثمة شعورا بالخطر والخوف يبرز بصورة عنيفة أمام العالم العربي والأسلامي وثمة استحقاقات بدت قريبة وداهمة.

وقدر الأمين حجم المستحقات والمداهمات بأنه أكثر من القدرات والمعطيات المرتبطة بمجتمعنا العربي.

وطالب بمواجهة المستحقات بسرعة إذ لا يمكن أن ننتظر إنشاء بنية عربية جديدة. وأقصى ما يمكن أن نقدمه هو أن نقلل الخسائر أو ننظم الخسائر والهزائم الراهنة. وما هو مطلوب من المجتمع العربي الإسلامي مطلوب من النظم السياسية العربية. وهذا له علاقة بين الأمة وشعبها وليس هذا الوقت لتفجير العلاقة بين هذين المتكونين.

فلا نريد أن نعطي للأنظمة السياسية العربية إجازة يائسة، بل يمكنني القول إن الأنظمة السياسية تستطيع أن تستمر بقدر ما تستطيع أن تحقق درجة من التضامن العربي الذي سيكون ذا تأثير هام على حجم الخسائر المتوقعة.

ومما قاله أيضا: أعتقد أننا لا نستطيع أن نبتدع مشروعا كبيرا، وقدر هذه الأمة أن لا يُصنع لها مشروع، بل أن تصنع بنفسها مشروعا.

وخلص السيد محمد حسن الأمين: لا يجوز أن نبرئ أنفسنا من ارتكاب مبدأ الصراع بوصفه مظهرا من مظاهر فكرنا القومي والإسلامي. كثير منا يقول بأن الصراع، وليس الحوار، هو قدر هذا العالم وأن النفي والنفي المتبادل هو قدر الاجتماع للعالم كله.

والصراع، سواء قال به هنتنغتون أو أي عالم آخر، يقوم على قاعدة فلسفية واحدة وهي أن الحقيقة السياسية والاجتماعية والاقتصادية لا يملكها إلا طرف واحد، والصراع ينتهي بانتصار طرف واحد. أعتقد انه ليس بإمكاننا أن نخوض امتحانات بهذا القدر من الصعوبة والخطورة التي تواجه العالم الآن، ونحن نطلق صفة التوحش للعولمة التي هي واقعة في التحولات الرأسمالية والدولية.

فالعولمة هي فضاء حيث الأقوياء هم أكثر قدرة على استثمارها. العولمة هي قدرة هذا العقل الذي يصر على رؤية العالم من زاوية واحدة. ليست المشكلة في العولمة بل في قدرتنا على أن يكون لنا مكان في العولمة.