الهجرة من المدن الكبيرة إلى مدن أصغر

 

أشارت إحصاءات حديثة تبناها المعهد الدولي للبيئة والتنمية الذي يتخذ من لندن مقراً له إلى أن المدن الكبرى أصبح لها تأثير أقل مما كان متوقعاً فيما يتعلق باجتذاب السكان. وتفيد المعلومات بأن التوقعات التي كانت سائدة لدى الدوائر المعنية كانت تشير خلال عقدي الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي إلى أن المدن الكبيرة سوف تشهد وتعاني من تضخم عدد ساكنيها بسبب الرغبة المستمرة للعيش فيها ولكن ما حدث كان على عكس معظم تلك التوقعات فبعد الإعلان أن معظم كبريات مدن العالم سوف تستمر باجتذاب السكان بصورة تنذر بالخطر - وعلى سبيل المثال فإن توقعات سنة 1984م - كانت تشير إلى أن سكان مدينة (ساو باولو) البرازيلية سيصل عددهم إلى (24) مليون نسمة بحلول سنة 2000م إلا أن الرقم المستحصل من إحصاء رسمي هناك أوضح أن أقل من (18) مليون نسمة يعيشون الآن في المدينة المذكورة أي بنقص يقدر بزهاء (6) ملايين نسمة.

ومن المفاجآت أن التقارير الإحصائية أظهرت أن عدد سكان العاصمة المكسيكية (مكسيكو) الذي كان يبلغ (16) مليوناً جرى التوقع أن يصل إلى (26) مليوناً خلال الفترة ذاتها غير أن عدد سكانها لم يزد إلا بمقدار (2) مليون نسمة، وقد تبين أن الزيادة الآنفة تعود إلى ارتفاع معدل الإنجاب بين سكان مدينة مكسيكو وليس نتيجة نزوح السكان إليها، وتماثل أوضاع مدن كبرى أخرى في العالم  (مكسيكو) في هذا المجال.

ففي مدن مثل (بوينس آيرس) عاصمة الأرجنتين و(كلكتا) في الهند فواقع حال تلك المدن يشير إلى أن عدد الذين ينزحون منها أكثر بكثير من عدد الذين يهاجرون إليها.

وفيما يتعلق بمدن كبرى أخرى مثل بكين وشنغهاي وسيئول جنوبي شرقي آسيا فإنها سجلت معدلات نمو أقل بكثير مما كان متوقعاً. بينما استثنى الإحصاء العاصمة اليابانية (طوكيو) حيث نما عدد سكانها بصورة فاقت كل التوقعات، وأرجع السبب في ذلك إلى قرار الحكومة اليابانية الذي أعادت بموجبه رسم حدود مدينة (طوكيو) بمد حدودها الإدارية التي ضمت المناطق المجاورة لها.

وهناك أسباب عديدة تتحكم في زيادة سكان المدن أو نقصانهم، وبهذا الصدد يقول (ديفيد ساترثوايت): إن انكماش عدد السكان في المدن الكبرى مرده تراجع الحياة الاقتصادية الذي تعاني منه عموم البلدان النامية علاوة على أن ظروف المدن الكبرى غدت غير مؤاتية...