الخويلدية.. لجنة الاحتفالات الإسلامية تقيم حفلاً حاشداً بمناسبة ميلاد أبي الفضل العباس والإمام زين العابدين(ع)

 

إحياء لذكرى ميلاد بطل الطف الخالد أبي فضل العباس والإمام سيد الساجدين علي بن الحسين - عليهم السلام - أقامت لجنة الاحتفالات الإسلامية بالخويلدية حفلاً بهيجاً بهذه المناسبة العظمية. وقد نقل مراسل موقع شورى نيت جانباً من وقائع الحفل الحاشد، كما يأتي:

بدأ الحفل المبارك بتلاوة آي من الذكر الحكيم ، ومن ثم تفضل عريف الحفل الأخ سعيد الأمرد بسرد نبذة عن حياة العظيمين أبي الفضل العباس والإمام زين العابدين عليهما السلام.

من ثم مشاركة للأخ الرادود محمد الجمعان بالتوشيحات  البهيجة.

ومن أبرز الكلمات المشاركة بهذه المناسبة السعيدة كلمة السيد أسعد السيد جبر العباس وكلمة للأستاذ حسن حمادة وكلمة أخيرة للسيد عدنان زواد والتي تناول فيها موضوعاً إجتماعياً حول الظواهر السلبية التي تمارس في بعض المناسبات.

وإليكم تفاصيل كلمة (1) السيد أسعد العباس (2) الأستاذ حسن حمادة :

1) كلمة السيد أسعد السيد جبر العباس بعنوان (دور الإمام السجاد وأهمية الصحيفة السجادية)-

 

 قال الله تعالى ( ادعوني استجب لكم) وفي آية أخرى ( قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم).

إن المتتبع لحياة الأئمة صلوات الله عليهم أجمعين يلاحظ أن كل إمام يتميز بظاهرة تميزه عن غيره أو يمارس دوراً لعلاج مشكلة ما للأمة الإسلامية وكل أدوار الأمة عليهم السلام مهمة وضرورية وتكمل بعضها بعضا، فعلمهم من معين واحد وأهدافهم مشتركة.

ولكن لكل إمام دور يختلف عن الآخر.

فالإمام الحسن (ع) صالح معاوية لحقن دماء المسلمين كما جاء في الحديث ( إن ابني هذا يصلح الله به بين فئتين من المسلمين ) أما الإمام الحسين فكان ثائرا ضد الكفر والباطل وكل أنواع الانحراف بسبب سياسة الأمويين الفاسدة.

أما الإمام السجاد (ع) فقد تميز بأسلوب الدعاء والصلاة والتوبة لمعالجة المجتمع الإسلامي.

والقارئ للتاريخ يلاحظ أن الأمويون استخدموا جميع السياسات المنحرفة والباطلة لإفساد الأمة الإسلامية حتى أصبح الكثير من الناس يجاهر بالفاحشة. قال تعالى ( إنما جزاء اللذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا…) إن من يتصفح السياسة الأموية يرى أنها كانت ترمي إلى بسط الإلحاد وإشاعة الكفر وفك عرى الإسلام وإزالة وجوده.

فكانت ثورة الإمام الحسين (ع) هي التي أعادت الأمة الإسلامية إلى رشدها وهويتها وحضارتها السماوية بعد بعثة الرسول (ص). جاء في زيارة وارث ( السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله السلام عليك يا وارث نوح نبي الله السلام عليك يا وارث ابراهيم خليل الله... السلام عليك يا وارث محمد (ص) حبيب الله ) إن الإمام الحسين (ع) مثل جميع الرسالات السماوية وآخرها الرسالة المحمدية الخالدة .

وبعد الإمام الحسين (ع) كان دور الإمام السجاد (ع) وهو مواصلة إصلاح ما فسد من هذه الأمة بالدعاء ولعل هذا هو جزء ليس بالهين لمعالجة وإصلاح الأمة الإسلامية بالإضافة إلى استخدامه أساليب أخرى كتربية العبيد وإطلاق سراحهم وتعليمه المسلمين رسالة الحقوق التي هي وثيقة لحقوق الإنسان .

حينما نتصفح الصحيفة السجادية نلاحظ أنها تبدأ بدعاء التحميد لله والثناء عليه سبحانه وتعالى ثم دعاء الصلاة على محمد وآل محمد ويليه دعاء الصلاة على الملائكة حملة العرش وكل ذلك بيان حقيقة التوحيد والإيمان بالله تعالى وهو موصول بمعرفة أهل البيت (ع) فالإمام يريد تثبيت ذلك في نفوس المسلمين لأن بني أمية حاولوا طمس معالم الدين وأوله التوحيد، وجاهروا بالكفر وقد صرح العديد من قادتهم بكفرهم ، قال معاوية مرة ( هذا ابن أبي كبشة ينادى به خمس مرات لا والله إلا دفناً دفنا).

وقد أحس الإمام علي بن الحسين (ع) بهذا الخطر وبدأ بعلاجه واتخذ من الدعاء أساسا لهذا العلاج.

وكانت الصحيفة السجادية من نتائج ذلك ، فقد استطاع هذا الإمام العظيم بما أوتي من بلاغة فريدة وقدرة فائقة على أساليب التعبير العربي ، وذهنية ربانية تتفتق عن أروع المعاني وأدقها في تصوير صلة الإنسان بربه ووجده بخالقه وتعلقه بمبدئه ومعادة ، وتجسيد ما يعبر عنه ذلك من قيم خلقية وحقوق وواجبات .

وقد جاء في سيرة الإمام (ع) أنه كان يخطب الناس في كل جمعة ويعظهم ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في أعمال الآخرة ويقرع أسماعهم بتلك القطع الفنية من ألوان الدعاء والحمد والثناء التي تمثل العبودية المخلصة لله سبحانه وتعالى .

وقد عني الإمام السجاد (ع) خاصة بعلم الأخلاق واهتم به اهتماما بالغا ، ويعود السبب في ذلك إلى أنه رأى انهيار الأخلاق الإسلامية وابتعاد الناس عن دينهم من جراء الحكم الأموي الذي حمل معول الهدم على جميع القيم الأخلاقية ، فانبرى (ع) إلى إصلاح المجتمع وتهذيب أخلاقه.

وتقول عنه الشيعة أنه حين استسلم الناس لشهواتهم تابعين لملوكهم جعل الإمام يداوي النفوس المريضة بالصرخات الأخلاقية وبالآيات السامية.

ومن الجدير بالذكر أنها احتلت المكانة المرموقة عند الأوساط العلمية الإمامية فعكفوا على دراستها وشرحها . وقد تجاوزت شروحها أكثر من خمسة وستين شرحاً كما أن من مظاهر اهتمامهم بها أنهم كتبوا نسخا منها بخطوط جميلة تعد من أنفس الخطوط العربية .

إن أهمية الصحيفة السجادية لم تقتصر على العالم العربي والإسلامي وإنما تعدت إلى العالم الغربي ، فقد ترجمت إلى اللغة الإنجليزية والألمانية والفرنسية ، وأقبل علماء تلك الأمم والشعوب على دراستها والإمعان في محتوياتها .

2) كلمة الأستاذ حسن حمادة بعنوان (التسامح واللاعنف في مسيرة الإمام الحسين (ع)):-

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

   أبارك لكم جميعاً هذا الميلاد المبارك.. وأسأله -عزَّ وجلَّ- أن يجعله سبباً لتعجيل النصر للمسلمين أين ما كانوا، لا سيما في فلسطين المحتلة وفي الجنوب الصامد.

   يقول تعالى في كتابه الكريم: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ، لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ}[المائدة: 27-28].

مدخل:

"في رسول الله (ص) تجد تفسيراً للحق. وفي علي (ع) تجد تفسيراً لرسول الله. وفي فاطمة (ع) تجد تفسيراً لعليّ. وفي الحسن (ع) تجد تفسيراً لفاطمة. وفي الحسين (ع) تجد تفسيراً للحسن، ولفاطمة ولعلي، ولرسول الله، وللحق جميعاً"(1).

   يلخص لنا الإمام الحسين (ع) الهدف من نهضته المقدسة بقوله الشريف في وصيته التي كتبها بيده لأخيه محمد بن الحنفية، إذ يقول: "وأنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنّما خرجتُ لطلب الإصلاح في أُمة جدّي (ص) أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدّي وأبي علي بن أبي طالب (ع) فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ومن ردَّ عليَّ هذا أصبر حتّى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين".

وهو القائل: "إن كان دين محمدٍ لم يستقم إلاَّ بقتلي فيا سيوف خذيني". فحريٌ بنا أن نجعل من نهضة الحسين (ع) محطة انطلاقٍ وعروجٍ ينبغي أن نتمحور حولها لنستضيء بقبسٍ من معطياتها الكثيرة.

   في هذه الوقفة سأتحدث بشيءٍ يسير فيما يرتبط بجانب التسامح واللاعنف من خلال إطلالة قصيرة على سيرة الإمام الحسين (ع)، وكما يقول الإمام الشيرازي الراحل، "من المؤسف حقّاً أن كثيراً من المسلمين -وحتى في هذه العصور المتطورة نسبياً- لا يطّلعون على تاريخ أئمة أهل البيت (ع) الأمر الذي جعلهم يتخبّطون في مغالطات كثيرة.

   ولعل خير شاهد على ذلك هو أنّ كثيراً من المسلمين اليوم يجهلون أهمية قانون اللاّعنف الذي نصّ عليه رسول الله (ص) والأئمة الأطهار (ع) وجاهدوا من أجل تحقيقه ليل نهار"(2).

    فالإمام الحسين (ع) وكما هو معروف لديكم، لم يكن يبحث عن الحرب، وهو القائل: "إني أكره أن أبدأهم بقتالٍ". وهو الذي بكى على أعدائه لأنهم سيدخلون النار بسببه، فخروجه ما كان إلاّ من أجل السلام، فقد استخدم مع أعدائه سلاح اللاعنف لذلك مال عدد منهم نحو معسكر الحسين، وقد خاطب (ع) ضمائر من لا ضمائر لهم بقوله: "إذا كرهتموني فدعوني انصرف عنكم إلى مأمن الأرض"؛ إلاّ أنهم أبو إلاَّ قتله وسحقه بحوافر الخيل!! وما كان لهم ذلك وإنما سُحِقوا هم، وبقى الحسين صرخة حقٍ وسلام يترنم بها كل باحثٍ عن القيم والفضائل. ولم يسجل لنا التاريخ حالة قتل في معركة من أجل السلام إلا للحسين بن علي (ع).

  نعم، فخروج الحسين (ع) كان بهدف الإصلاح، بهدف السلام، إذ لم يبدأ القوم بقتالٍ قط، كجده (ص) -التي كانت حروبه كلها حروباً دفاعيةً- وأبيه علي بن أبي طالب (ع)، وكأني به يردد قول الحق -سبحانه وتعالى- {لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ}[المائدة: 28]. فالحرب لم تبدأ في كربلاء إلاّ بعد أن قام عمر بن سعد (عليه لعنة الله) برمي سهمه نحو خيام الحسين (ع) وهو يردد كلمته المشؤومة: "اشهدوا لي عند الأمير أني أول من رمى"، وبعد سهمه انهالت السهام على حرم رسول الله (ص).

  إذاً فالحسين (ع) داعية سلام، لا داعية حرب، وسلامه (ع) لم يكن كسلام (شارون) أو (كيسنجر) ذلك اليهودي القائل: "لا سلام دائم ولا حروب دائمة، ولكن مصالح دائمة"، فهذا منطق الذين ركنوا إلى الأرض لا منطق الذين تطلعوا نحو السماء، لذا نجد أن "الذين قُتلوا في كربلاء، بقوا. أما الذين فرّوا من القتل معهم، فقد ماتوا"(3).

* دروس من سيرة الحسين (ع):

الدرس الأول: عن الحسين (ع) مع أعدائه:

   عندما خرج الإمام الحسين (ع) من الكوفة اعترضه الحرّ ابن يزيد الرياحي مع رجاله البالغ عددهم نحو ألف فارس فجعجع به وبعياله ومنعهم عن مواصلة الطريق. آنذاك وفي منتصف الظهيرة أخذ الظمأ من الحرّ وجيشه مأخذاً عظيماً، فقال الإمام الحسين (ع) لفتيانه: اسقوا القوم وارووهم من الماء، ورشفّوا الخيل ترشيفاً... وهكذا كان الإمام (ع) في يوم عاشوراء، حيث لم يبدأهم بالحرب، وإنما القوم بدؤوه بالحرب والقتال حتى قتلوا جميع أهل بيته وأحبابه حتى الطفل الرضيع(4).

* الدرس الثاني: عن الحسين (ع) مع من خالف رأيه:

   "روي أنّ رجلاً صار إلى الحسين (ع) فقال: جئتُك أستشيرك في تزويجي فلانة. فقال (ع): "لا أُحب ذلك لك"، وكانت كثيرة المال وكان الرجل أيضاً مُكثراً. فخالف الحسين (ع) فتزوج بها، فلم يلبث الرجل حتى افتقر، فقال له الحسين (ع): "قد أشرتُ إليك، فخلِّ سبيلها، فإن الله يُعوضُك خيراً منها"، ثم قال (ع): "وعليك بفلانة". فتزوجها، فما مضت سنةٌ حتى كثُر مالهُ، وولدت له ولداً ذكراً، ورأى منها ما أحب"(5).

عند التأمل في هذه القصة نجد أن الإمام الحسين (ع) قد استخدم أسلوب التسامح مع من خالف مشورته، ولو كان أحدٌ منّا في مثل هذا الموقف لربما رفض تقديم النصيحة لمن لم يعمل بنصيحته الأولى، وربما عيَّره بأن هذا جزاء من لا يستمع للمشورة، ولكن الحسين (ع) نموذجٌ مختلف. ثانياً: يعلمنا الحسين (ع) بأن نتسامح مع من يختلف معنا في الرأي والعمل، وفي حال مقدرتنا على نصحه أن لا نقصر في ذلك.

* الدرس الثالث: عن الحسين (ع) مع من يعتذر إليه:

  يقول الإمام الحسين (ع): "لو شتمني رجُلٌ في هذه الأُذُن -وأومأ إلى اليُمنى- واعتذر لي في اليسرى، لقبلتُ ذلك منه، وذلك أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) حدثني أنهُ سمع جدّي رسول الله (ص) يقول: "لا يردُ الحوض من لم يقبل العذرَ من مُحقٍّ أو مبطل"(6).  

    والمشكلة أن الكثير منّا قد يحفظ مثل هذه المواقف لأئمة أهل البيت (ع) عن ظهر قلب، فمن منّا ينسى مواقف رسولنا الكريم محمد بن عبدالله (ص) مع أعدائه والتي تجلت فيها أسمى صور التسامح، ومن منا لا يخطر بباله الآن موقفه المتسامح مع (وحشي) قاتل عمه حمزة؟ ومن منا ينسى موقفه مع مشركي مكة عندما فتحها؟

والسؤال هنا: هل نتمثل نحن مواقفه الشريفة ونحاول الاقتداء به؟

ما أخشاه أن تتلخص إجابتنا في كلمة: لا!!

فالكثير من الناس في حالة الغضب يتناسى هذه المفردة أعني (التسامح) بالرغم من ترديده لها طوال أوقات الهدوء التي يمر بها خصوصاً إذا كان في موضع الواعظ! كأن يكون مدرساً في فصلٍ دراسي، أو خطيباً في مسجد، أو كاتباً في صحيفة، أو… إلخ. فهذه حقيقة موجودة عند الكثير من المجتمعات، فهم يتحدثون عن التسامح ليلاً ليمارسوا العنف صباحاً، يؤمنون بالتسامح نظرياً ويكفرون به عملياً، تراهم يقولون مالا يفعلون!

- فلماذا يحدث ذلك؟

- لماذا نعيش - نحن المسلمين- بهذه الكيفية؟

- أين نحن من قوله تعالى: {خذ العفو وأمر بالعرف، وأعرض عن الجاهلين} (الأعراف:199) أو {وأن تعفوا أقرب للتقوى} (البقرة:237) وغير ذلك من آيات قرآنية.

فأين هي القدوات التي تمثل التسامح في مجتمعاتنا حالياً.. أين؟

فالمدير الذي يترأس مجموعة من الموظفين، هل يتعامل معهم بمبدأ التسامح في حالة حدوث الخطأ من بعضهم، أم ماذا؟

والمدرس الذي يفترض أن يكون قدوة لطلابه، هل هو يتعامل معهم وفق هذا المبدأ عندما يخطئون في حقه، أم يلجأ للعصا؟ 

وعلماء الدين الذين يفترض فيهم أن يكونوا قدوات للناس ممن حولهم، هل يتسامحون ويعذر كل منهم الآخر في حالة الاختلاف، أم يلجأ كل واحد منهم لسلاح التشهير والإسقاط؟

فلأننا نفتقد القدوات التي تمتلك هذه الروح في مجتمعاتنا أصبحنا غير متسامحين، ومن المسلمات أنك لا تجني من الشوك العنب! 

فكيف نطلب من الطالب أن يكون متسامحاً وهو يرى بأم عينه، أباه متعصباً؟ كيف نريد منه أن يكون متسامحاً وهو يرى مدرسيه وقد أصبحوا أعداءً؟

فلكي نعيش هذه المفردة الجميلة في حياتنا، نحتاج إلى ممارستها عملياً طوال الأوقات، في البيت، في المدرسة، في المتجر، في المصنع، في… إلخ، وليجعل كل شخصٍ منا من نفسه قدوة في التسامح، مع زوجته، مع أولاده، مع أصدقائه، مع معارفه، مع جيرانه، مع طلابه، مع خادميه، مع محاوريه… الخ.

وبهذا قد نكون قاب قوسين أو أدنى من أولئك الذين تحدث عنهم القرآن الكريم، بقوله: {والكاظمين الغيظ، والعافين عن الناس، والله يحب المحسنين} (آل عمران:134).

وحول هذه الآية المباركة لا بأس أن أذكر لكم الحادثة الآتية: "روي أنّ غلاماً له [أي للإمام الحسين (ع)] جنى جنايةً كانت توجب العقاب، فأمر بتأديبه فانبرى العبد قائلاً: يامولاي والكاظمين الغيظ، فقال (ع): خلّوا عنه، فقال: يا مولاي والعافين عن الناس، فقال (ع): قد عفوت عنك، قال: يامولاي والله يحب المحسنين، فقال (ع): أنت حرّ لوجه الله ولك ضعف ما كنت أعطيك"(7).

وقبل الختام أقول: ألم يتعلم (غاندي) من الحسين (ع) درس اللاعنف، إي وربي لقد تعلم ذلك من الحسين (ع)، وهو القائل: "تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر"، فما بالنا نحن لا نتعلم هذا الدرس من الحسين (ع). ألسنا بحاجةٍ ونحن نعيش في هذا العصر العنيف المليء بالرعب إلى قراءة سيرة الإمام الحسين (ع) للأخذ بمنهجه الشريف الذي هو امتدادٌ لمنهج وسيرة الحبيب المصطفى (ص)، أوَ ليس هو القائل: "حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا".

ختاماً أقول بأن "الحسين ينتمي للمستقبل، فالعالم سيظل يحتاج إليه دائماً وأبداً، وحتى في الجنّة هو سيد شبابها وأميرهم"(8).

وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.

 

الهوامش:

1- السيد هادي المدرسي. عن الحسين والعباس وعن زينب (ع)، لبنان: شركة الغدير للإنتاج الفني. ص6.

2- آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي - قدس سره -. اللاعنف في الإسلام، ط1، بيروت: دار العلوم، 1423هـ، ص66.

3- السيد هادي المدرسي، مصدر سابق، ص3.

4- آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي - قدس سره -، مصدر سابق، ص 66-67.

5- عبد العظيم المهتدي البحراني، من أخلاق الإمام الحسين، قم: انتشارات الشريف الرضي، 1421هـ، ص98.

6- نخبة من الكتاب. الإمام الحسين (ع) سيد الشهداء، (سلسلة أعلام الهداية:5)، قم: المجمع العالمي لأهل البيت (ع)، 1422هـ، ص 39.

7- الإمام الحسين (ع)، مصدر سابق، ص 39.

8- السيد هادي المدرسي، مصدر سابق، ص4.