بعد 31 عاماً من البحث والتجارب توصل
البروفسور (فولفغانغ بارنيكول) عضو المجلس الإداري بشركة سانفوي
الألمانية للتقنية البيولوجية، وأحد موسسي جامعة فيتن الخاصة (ولاية
الراين الشمالي ويستفاليا)، إلى إنتاج دم صناعي لا يرفضه الجسم وقادر
على الوصول إلى المناطق التي يعجز دم الإنسان الطبيعي عن بلوغها كما
هو الحال في مناطق تضيق الشرايين، أو الإصابات التي تعقب الانسدادات
الدموية الشريانية. وذكرت (بيرجيت شتراوتس) المتحدثة الرسمية باسم
شركة سانغوي التي أنتجت الدم المذكور، أن الدم الجديد سيكون جاهز
للتسويق بدءاً من عام 2004 وأن الشركة تنتظر أن يحقق لها أرباحاً تصل
إلى 12 مليار مارك سنوياً، علماً أن حاجة المستشفيات الألمانية تبلغ
15 ألف قنينة دم يومياً، وأن العديد من العمليات الجراحية المهمة
يجري تأجيلها يومياً بسبب نقص تبرعات الدم.
ويؤكد البروفسور بارنيكول أن إنتاج الدم بدأ
بكميات تجريبية حيث تمت تجربته على الفئران المختبرية، وأثبت كفاءة
عالية في تحسن دورتها الدموية وتوزيع الدم في شرايينها وبلوغه
المناطق المحرومة جزئياً من الدماء، والجدير ذكره أن الدم الصناعي
مؤلف من ثلاث عناصر:
1- كريات الدم الحمراء للخنزير، بسبب صغر
حجمها.
2- جزئيات ضخمة من الهيموكلوبين المسؤولة عن
نقل الأوكسجين.
3- كلوتر الديهايد كمادة رابطة للكريات الدم
والهيموكلوبين.
إن الصفات المرغوبة لكريات الدم الحمراء عند
الخنزير هي صغر حجمها وتفوقها على الكريات البشرية الحمراء في القدرة
على نقل الأوكسجين؛ وهذه الصفات تؤهلها إلى بلوغ الأوعية الدموية
الشعرية التي تعجز كريات الدم البشرية بلوغها وبالتالي نقل الأوكسجين
إلى أنسجة الجسم المحرومة منه. كما استمد بارنيكول 15 إلى 20 جزئية
كبيرة من الهيموكلوبين ليجعل منها سلسلة حاملات ضخمة للأوكسجين التي
تعيق كريات الدم الحمراء عن إيصال الأوكسجين إلى نهايات الشرايين
الدقيقة بما فيها الشرايين القلبية، وهي تشبه عمل ناقلات البانزين في
الطائرة والتي تزود المقاتلات بالوقود أثناء قطع المسافات الطويلة.
وأشارت (بيرجيت شتراوس) عن المرحلة الأولى إن
إنتاج الدم الصناعي يجري فيها استخدامه كدم (تكميلي) للمحتاجين قبل
المرحلة الثانية التي تهدف إلى تطوير دم (تعويضي) كامل للإنسان يحوي
كريات الدم البيضاء والبلازما أيضاً، وحسب معطيات المتحدثة الرسمية
فأن الدم سيطرح في السوق قريباً وسيكون مخصصاً لمساعدة ضحايا الحوادث
(النزف الشديد)، ومساعدة الذين يعانون من مشاكل الدورة الدموية وحسن
توزيع الدم، وتزويد أعضاء الجسم المزروعة حديثاً بما يكفي من
الأوكسجين اللازم لدمجها بجسم الإنسان.
أما أهم ميزتين للدم الصناعي فهي:
1- قابلية الخزن الطويلة التي تتفوق على معدل
الخزن السائد للدم العادي والبالغ 35 يوماً كحد أقصى.
2- صلاحيته للاستخدام من قبل كافة البشر ومن
كافة فصائل الدم. أي بغض النظر عن فصيلة الإنسان الدموية.
وأضاف البروفسور بارنيكول قائلاً أن الدم
الصناعي سيفتح آفاقاً مشرقة أمام علاج السرطان بالطرق الكيميائية
والإشعاعية، إذ من المعروف منذ أكثر من 25 عاماً أن تزويد الخلايا
السرطانية بالمزيد من الأوكسجين يزيد من ضعفها أمام العلاج بالمواد
الكيمياوية والإشعاعية ويضعف مقاومتها له، وستعمل كريات الدم الصغيرة
المشبعة بالأوكسجين والقادرة على بلوغ الأنسجة المصابة على زيادة فرص
العلاج الكيمياوي لدى الأشخاص المصابين بالأمراض السرطانية.
وسبق لهذه الشركة (سانفوي) في نوفمبر 2000 أن
كشفت عن توصلها إلى إنتاج (حامل الأوكسجين) القادر على نقل الأوكسجين
مباشرة إلى داخل الجلد. وتم إنتاج الحامل على هيئة مرهم يوضع على
الجلد ويستطيع نقل الأوكسجين مباشرة عبر الجلد إلى الأنسجة المحتاجة
إليه مثل مناطق الجلد المتماثلة للاندمال والشفاء ومناطق سرطان الجلد
وما إلى ذلك.
علماً بأن مشروع إنتاج الدم الصناعي تلقى دعم
من حكومة ولاية الراين الشمالي ويستفاليا منذ عام 1998 بمبلغ 3.5
مليون مارك بعد أن كشف به البروفسور بارنيكول أول ملامح نجاح الدراسة
والمشروع.
|