فيما تصرف الدول الكبرى أموالاً بقدر التراب على التسليح

إحصاءات اليونيسيف تتحدث عن وفاة مليوني طفل في العالم سنوياً من جراء نقص مياه الشرب

 

أعلن صندوق رعاية الطفولة والأمومة التابع للأمم المتحدة مؤخراً بأن نقص المياه الصالحة للشرب يتسبب بوفاة مليوني طفل في العالم سنوياً..

وأكدت (فيفينا بلمونت) المتحدثة باسم الصندوق خلال مؤتمر صحفي بأن منطقة جنوب القارة الأفريقية هي الأكثر تضرراً من نقص مياه الشرب، إذ تعاني حالياً من موجة جفاف شديدة جداً، مشيرة بأن هذه المنطقة تضم ما يناهز الستة ملايين طفل، ثلثهم تقريباً تقل أعمارهم عن الخمس سنوات.

وقالت بلمونت: إن دولاً مثل ليسوتو وسوازيلاند وزامبيا وزيمبابوي وبوتسوانا وناميبيا هي الأكثر تضرراً من بين دول جنوب القارة السوداء جراء موجة القحط والجفاف التي تضرب المنطقة، مذكرة في هذا الصدد بأن 1.7 مليون نسمة، بينهم 408 آلاف امرأة، و935 ألف طفل في زيمبابوي يعانون من نقص مياه الشرب، مما أدى إلى تفشي وباء الكوليرا في سبع مقاطعات في هذا البلد.

وقالت بلمونت: إن زهاء الأربعة آلاف أسرة وأربعين مدرسة تعاني من انعدام تأسيسات المياه الصالحة للشرب، وهي المعضلة ذاتها التي يعاني منها أيضاً نحو 150 ألف نسمة من سكان سوازيلاند.

وفيما يتعلق بموقف صندوق رعاية الطفولة والأمومة من هذه المأساة الإنسانية، قالت المتحدثة باسم الصندوق: إن هذه المنظمة تبذل مع منظمات ووكالات دولية أخرى جهوداً في زامبيا لمساعدة مناطق تضم 160 ألف طفل.

هذا، وتؤكد إحصاءات اليونيسيف أن الأطفال يمثلون نسبة 90 في المائة من الوفيات على مستوى العالم، والناجمة عن أمراض الإسهال، والبالغ عددها حوالي مليوني حالة وفاة سنوياً في شتى أنحاء العالم.

ومن الأمراض الناجمة عن نقص مياه الشرب، الإسهال والملاريا وغيرهما فعلى سبيل المثال، في غينيا تستوطن دودة عرفت باسم هذا البلد (دودة غينيا) في معدة وأمعاء من يتناول مياه شرب ملوثة، وتنمو هذه الدودة في أحشاء جسم المصاب حتى يصل طولها إلى 75 سم، مما يؤدي إلى حدوث تقرحات وأوجاع شديدة في الأمعاء، وحمى شديدة، والتهابات في مفاصل المريض، وكانت إلى سنوات قريبة تصيب الملايين من سكان القارة الأفريقية، ووفاة أعداد كبيرة بسبب غياب عنصر التوعية والعناية الطبية قبل أن تحد جهود المنظمات الإنسانية من تفاقم الظاهرة.

ولابد من القول بأن الأزمة الأخلاقية وانحسار المبادئ الإنسانية في المجتمع الدولي، خاصة على صعيد الحكومات، عامل أساسي في حدوث مثل هذه الفواجع؛ إذ لو تخصص الدول الكبرى، لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية ثلث ميزانياتها مجتمعة، سنوياً، والتي تصرف لأغراض ما يدعى بغزو الفضاء، لما بقي جائع واحد في القارة الأفريقية وغيرها؛ لكن المؤسف أن الدول المذكورة تمتلك الاستعداد لتخصيص أموال بقدر التراب للتسليح، بيد أنها حينما تصبح بإزاء تلك المآسي التي توشك أن تطيح بمجتمعات بشرية كبرى، في القارة الأفريقية وغيرها من بقاع العالم، تصاب بحالة الدوار وفقدان الوعي دون أن تقدم شيئاً يذكر للمنظمات المعنية، والتي لا تتدخل - غالباً - في الوقت المناسب، لعلاج المشكلة.