بمناسبة الأيام الفاطمية الثانية..

آية الله السيد محمد رضا الشيرازي: السيدة الزهراء(ع) خير وأسمى قدوة للمرأة في سائر ميادين الحياة

قم - النبأ: في سياق المحاضرات الأسبوعية التي تنظم في بيت الإمام الشيرازي الراحل (رض) وتزامناً مع الأيام الفاطمية الثانية، ألقى سماحة آية الله السيد محمد رضا الشيرازي محاضرة قيمة تطرق فيها إلى المنازل الغيبية العظيمة للصديقة الطاهرة ابنة الرسول الأكرم (ص)، السيدة فاطمة الزهراء (ع)، وفيما يأتي نذكر مقاطع مما ورد فيها:

في البداية قال سماحة السيد: في الوقت الحاضر نعيش الأيام الفاطمية الثانية، وبهذه المناسبة سنتحدث حول السيدة الزهراء (ع)، بما يستوعب فصلين؛ الأول يدور حول المنازل الغيبية للصديقة الطاهرة (ع)، وفي مقدمة هذا المبحث، نشير إلى المباحث التي طرحت أخيراً بهذا الصدد، والتي تضمنت ميولاً ونزعات لدى بعض المتدينين، يمكن أن نطلق عليها عنوان التفسير المادي للدين، وهي ميول نشأت من الفكر المادي الغربي، الذي صار يتخذ أشكالاً منمقة، ويغلف بأغلفة جميلة، مما يكسبه قوة ورونقاً.

وتابع سماحة السيد محمد رضا الشيرازي يقول: إن الغرب استغرق تماماً في البعد المادي للحياة، وذلك على أثر تجارب مرّة مع الكنيسة التي كانت تسعى للاستبداد والاستفراد بكل شيء، وكانت تعتقد بمجموعة من الأفكار الخرافية وتحسبها من الدين.. هذا النوع من الأفكار والأوهام سيطر أيضاً على بعض مشايخ الوهابية..

رأيت كتاباً من تأليف ما يدعى بالشيخ الأعظم للوهابية - وهو متوفى - يصر فيه على أن الأرض ساكنة وليست متحركة، ويعتبر من يخالف رأيه هذا كافراً وضالاً. وكان يقول: نصحني البعض بعدم الكتابة عن مثل هذه الأشياء، إلا أنني رأيت أن الحق أحق بأن يُعمل به(!!). إن بعض أقطاب المسيحية يفكرون أيضاً على هذا النحو، ويصرون على أن هذه الأفكار والنظريات جزء من الدين، وكل من يقف بوجهها ويعارضها كافر يستحق القتل (!!).

لذلك نرى الغربيين ينظرون إلى العالم والأِشياء بمنظار مادي بحت، ويقصرون حياتهم على العالم المادي المجرد وحسب.

وأردف سماحة السيد يقول: الدين ليس بمعزل عن الغيب، بل الدين يرتكز على قاعدة غيبية؛ إن الله غيب، ويعبر عن الذات الأحدية بغيب الغيوب، ويستفاد من بعض الأحاديث الشريفة أن الملائكة تطلب الله عز وجل كما يطلبه الإنسان؛ إذ الملائكة لا تعلم أيضاً؛ فالله تعالى غيب، وصفات الله غيب. نحن نعلم أن الله عالم، ولكن ما هي حقيقة علم الله؟! إنها غيب، ومهما سعى بنو البشر وحاولوا معرفة ذات الله تعالى، وحقيقة صفاته، فسيؤول بهم المآل في مطلق الأحوال إلى العجز والفشل الذريع.

وأضاف سماحة السيد القول: إن للسيدة الزهراء (ع) منازل غيبية؛ فمثلاً ما هي الوقائع التي جرت في الملأ الأعلى، فيما يرتبط بمجريات زواجها من الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)؟!.

إن أكثر القيم الرفيعة التي نمتلكها قد حُرم منها الغربيون في معائشهم، فعلى سبيل المثال لا الحصر يعتبر إكرام الضيف وإطعامه أمراً غريباً لديهم، ولذلك نقل لي أحدهم في هذا الشأن أنه لو صادف أن زوجين ذهبا سوياً إلى أحد المطاعم، فإن كلاً منهما يتحمل ثمن طعامه مستقلاً عن الآخر (!!)، مما يدل على الحالة المادية الصرفة التي يعيشونها.. على حين نجد أن السيدة الزهراء (ع) تصل ليلها بنهارها وهي تدعو لجيرانها، وتقدمهم في الدعاء على نفسها، وتقول: الجار ثم الدار.

وهناك حكاية مشهورة حصلت في ألمانيا، تقول إن شخصاً مسيحياً اعتلّت صحته، فرقد في أحد المستشفيات وذات يوم أثار استغرابه كثرة تردد أشخاص مسلمين على المستشفى لعيادة مريض مسلم كان يرقد إلى جواره، مما دفعه استغرابه إلى السؤال من المريض المسلم، عن حقيقة ما رأى من كثرة زيارته من قبل معارفه. فقال له المسلم: إن عيادة المريض أمر أصيل في ديننا الإسلامي، فردّ عليه المسيحي متأثراً: أما أنا فلي ابن وحيد، وكان قد اتفق مع إدارة المستشفى على بيع جثتي لهم، في حال وفاتي، واستلام ثمنها(؟!!)، على أي حال، هذه القضية يطول شرحها، إلا أن الرجل المسيحي اعتنق الإسلام أخيراً، متأثراً بتلك الأخلاق الإنسانية النبيلة.

فلو عرضنا هذه القيم على العالم، وهي القيم التي تزخر بها حياة النبي الأكرم (ص)، وحياة السيدة الزهراء (ع)، والإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، فكم هي الآثار العميقة التي ستتركها عليه؟!.

فكاتب مسيحي مثل جورج جرداق، ماذا رأى من الإمام علي بن أبي طالب (ع) ليعجب به كل ذلك الإعجاب؟! فلابد أنه لمس في حياة مولى الموحدين (ع) ما جعله يكتب عنه بمثل هذا الأسلوب المعجب. وإنصافاً للرجل أقول أنني، ورغم بعض الملاحظات على كتابه، لم أجد كتاباً حديثاً يضاهي كتاب جورج جرداق (علي وحقوق الإنسان) و(الإمام علي صوت العدالة الإنسانية).

وكاتب مسيحي آخر في الكويت، يدعى انطون بارا يؤلف كتاباً أيضاً عن سيد الشهداء (ع) فماذا رأى من الإمام أبي عبد الله الحسين (ع)؟! فلو اطلع بقية المسيحيين على القيم التي تحملها الرسالة الإسلامية السمحاء فماذا سيحدث؟

والى ذلك، فإن امرأة مصرية تؤلف كتاباً حول فاطمة الزهراء (ع)، وتقرأه امرأة يابانية فتعتنق الدين الإسلامي، وتقول: رأيت أن فاطمة الزهراء (ع) أفضل قدوة لي في حياتي..

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين..