|
لدى استقباله جمعاً من المؤمنين من منطقة الإحساء آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي يؤكد على ضرورة الارتقاء في تحصيل مراتب التقوى والورع في حياة المؤمن |
استهل سماحة السيد المرجع كلمته بالآية المباركة (فاتقوا الله ما استطعتم) (التغابن/16)، وقال: إن التقوى والاستطاعة لدى الإنسان المؤمن لها درجات مثل سائر الأشياء، فمن الممكن أن يكون هناك عشرة أشخاص، جميعهم من الأتقياء بيد أن درجات تقواهم تكون متفاوتة في عين الوقت. وأضاف سماحته يقول: إن الصحابي الجليل أبا ذر الغفاري وكذلك سلمان الفارسي، ومثلهما مصعب بن عمير، وجابر بن عبد الله الأنصاري، هم كلهم من الأتقياء، ولكن هل أنهم جميعاً على درجة واحدة من التقى؟ كلا.. فمن الممكن أن يصل الإنسان إلى درجة من التقوى، وفي الوقت ذاته ممكن له أيضاً أن يرتقي بتقواه إلى الدرجة الثانية والثالثة.. وهكذا فإن باب التوفيق مشرعة دوماً، من جانب الله تعالى، لكافة عباده.
ولما كان الإمام (ع) في بعض الطريق، إذ صادفه أحد أصحابه واسمه يونس، فقال له: يا يونس! صر إلى منزلنا فإن عند بابها رجلاً منا أهل البيت.. فتهيأ ليونس من خلال حديث الإمام معه، أن أحد أرحام الإمام ينتظره هناك. يقول يونس: فأسرعت إلى بيت الإمام، فلما بلغته رأيت رجلاً غريباً جالساً على الأرض، فبادرته بالسؤال: من أين الرجل؟. فقال: من قم.. فاعتراني العجب من قول الإمام (ع): رجل منا أهل البيت، على حين هذا الرجل ليس بعربي! يقول يونس أيضاً: وبينما أنا حاضر عند الرجل أكلمه في بعض شأنه، وإذا بالإمام (ع) يصل ويأذن لنا بالدخول إلى بيته، فدخلنا، فقال لي الإمام من فور: تعجبت.. قال: قلت نعم.. فقال الإمام (ع): إن هذا الرجل من قم ولكنه منا أهل البيت.
والتنافس يعني التسابق؛ فقد تجد في سباق الخيل مجموعة من المتسابقين تتألف من عشرة أو عشرين شخصاً أو أكثر، يتبارون للوصول إلى الهدف قبل الآخرين، مع أن كل واحد منهم كان يبذل ما في وسعه لأجل تحقيق السبق والأفضلية على غيره من مجموعة المتسابقين. وكذلك - والكلام لسماحة السيد المرجع - فإنه يستفاد من بعض الروايات أن بعض الأزواج لا يردون الجنة في آن معاً، إذ إن أتقاهم هو الذي يسبق في الدخول إلى الجنة، مثلما أن أخوين لا يردان الجنة معاً، رغم كونهما من أهل الخير ومن أهل الجنة، إلا أن أتقاهما وأورعهما أسرعهما في الدخول إلى الجنة. نفس الأمر يحصل لأخت وأختها، لأم وابنتها، لأستاذ وتلميذه.. وفي خصوص الزوجين فالحديث الشريف يؤكد أنه رغم كونهما مؤمنين ومتقيين وورعين، وملتزمين بإتيان الواجبات وترك المحرمات، غير أن أصبرهما وأكثرهما تحملاً في تحصيل مراتب الإيمان هذه، أسبقهما في الدخول إلى الجنة. وتابع السيد المرجع يقول: يستطيع الإنسان، قبل أن يدركه الموت، أن يصلح ما بينه وبين الله، وما بينه وبين عباد الله، أما إذا خطفه الموت فيكون كل شيء قد انتهى، فما دام الإنسان في الحياة الدنيا، فهو يستطيع أن يكون ورعاً، بل ومضاعفاً من زهده وتقواه.. والورع منه ورع العين، وورع الأذن، وورع اليد، وورع المال، والفكر، و..الخ. فكل هذه هي مواطن وجهات للورع؛ فإذا كان الإنسان صاحب ورع في جهة من الجهات، فهو يستطيع أن يضاعف من ذلك ويزيد فيه، وإذا ما عقد العزم وأمضى الإرادة للإتيان بأمر، طالباً من الله العون، فسيوفق له لا محالة. وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.. |