|
تواشجات العلاقة بين الأبوين والطفل |
من أسرار البيوتات العائلية السعيدة، إن التفاهم والتجاوب فيها هو منهج ثابت، يجني يناعة ثماره الكبار والصغار معاً، ويقود بمسيرة حياتهم إلى شواطئ الغبطة والانسجام وروح القناعة والرضى بما قسمهم به الله الخالق سبحانه وتعالى، فهي بيوتات تعلو في آفاقها صلة الرحمة و التراحم والإيثار، ولا تدفع الزوجات بتلك البيوتات إلى زوايا عدم الاهتمام به، كما لا يترك الأطفال فيها أن ينشأوا بلا رابطة محبة تحيط بهم. وعلى الجانب الآخر من نوع تلك البيوتات العائلية ترتفع المظاهر المشاكسة لأسس الحياة، ففي بحث مركز أجرته منظمة الصحة العالمية في ربيع هذه السنة 2002م، أفرزت نتائجه الأولية أن ثلثي النساء في العالم الذي يسموه بالعالم المتحضر، يتعرض للإساءة والإيذاء الجسدي، من جراء ارتكاب العنف ضدهن داخل المنازل بأيدي أزواجهن، وأشارت عملية المسح التي اعتمدها البحث الآنف، أن عدد النساء اللائي يتعرضن لأساليب العنف والمهانة في مناطق الأرياف والمدن الصغيرة يتقارب من عددهن في المدن الكبرى. وكذلك أشار البحث بأن قطاع غير قليل من النساء ليس لديهن الجرأة للإفصاح عمّا يتعرضّن له من أذى وجلافة من قبل الأزواج. وبديهي فأولئك النساء من ضحايا العنف العائلي، غالباً ما يجدن أنفسهن كمراجعات بصورة دائمة لعيادات الأطباء النفسيين لحل مشكلاتهن النفسية والصحية وأشار جانب من البحث أن العنف المستمر ضد النساء تسبب حتى الآن بدفع ثلثي الضحايا إلى محاولة الانتحار أكثر من مرة. وإذا كانت إحدى الغايات الأهم من جراء مثل هذا البحث الآنف، لأجل خلق أجواء اجتماعية تستهدف الضغط على الحكومات كي توفر السبل والطرق الكفيلة التي من شأنها الحيلولة دون ترك هذه الحالة المرضية لدى مجتمعاتهم، وما تلحقه من أضرار بالغة على تركيبة النوعية الاجتماعية في البلدان ذات التوجهات الحضارية، من أجل أن لا يدفع الأطفال ثمن ما يقترفه الآباء بحث الأمهات، إذ أن طبيعة العلاقة الإنسانية أو عكسها هي التي تحدد مزايا هؤلاء الأطفال عند اشتداد ساعدهم حين يصبحوا رجال ونساء المستقبل. صحيح أن الواقع يعلم الجميع، لكن على الآباء والأمهات أن يكونوا يقظين بما ستؤدي إليه انفعالاتهم داخل البيت من تأثير عمليات التنفيس أمام أولادهم، ففي بحث أجري في أمريكا اعتبر حاملاً لمفاجأة كبرى مما تم التوصل إليه من نتيجة غير متوقعة حيث تبين أن الأطفال الذين يواجهون الضغوط بطريقة خاطئة أكثر تعرضاً للإصابة بأمراض القلب في مراحل حياتهم اللاحقة. وحتى ينشأ الأولاد أصحاء، فينبغي توفير البيئة العائلية الملائمة لهم، وأن يزقوا بمبادئ السوية تدريجياً، بما يتناسب مع كل مرحلة من عهد طفولتهم، حتى تصبح السوية جزء من تكوينهم الشخصي الخالي من أي عيب نفسي أو نقص تربوي، إذ من المتفق عليه أن السلوك الذي يغرسه الأبوين في أذهان الأطفال لا يذهب سدىً، ومن أدلة ذلك تقليد الأولاد للآباء حتى في طريقة الكلام لذا فإن سيطرة الكبار على انفعالاتهم أمام أولادهم الصغار، ما يجعل من الآباء قدوات لهم في الحياة. ففي أغلب الأحيان لا يجد أولئك الأولاد بد إلا بالمسير مع كبار في عوائلهم وبسجية تقترب من روح فطرة الامتداد بين أفراد العائلة الواحدة. |