تفاقم مشكلة اضطهاد الأطفال

ما تزال ظاهرة مشكلة اضطهاد الأطفال تتفاقم في مجتمعات عديدة، حتى غدت الجهود للسيطرة عليها من المستحيلات - كما يبدو - وذلك بسبب خصوصية هذه المشكلة، وعدم منظوريتها هنا وهناك. فهي مشكلة تتراوح بين حدود خارجة عن الإرادة المجتمعية، وحدود تدخلات الدولة المعينة، رغم أن (ميثاق حماية حقوق الطفل) قد صدر من قبل هيئة الأمم المتحدة منذ ما ناهز النصف قرن.

ففي دراسة إحصائية أجريت في أمريكا وبلدان أوروبا، أظهرت نتائجها خيبة أمل كبيرة لافتة للانتباه، إذ تبين أن في أمريكا لوحدها يوجد (2000000 مليونا) طفل يعانون من أشكال متعددة، من اضطهاد الكبار لهم. ومما أشارت إليه الإحصائية أن حوالي (300 ثلاثمائة ألف) طفل قد تعرضوا للاعتداء الجنسي وبينهم ذكور وإناث.

إن معظم الدراسات المعاصرة الجارية حول الأطفال تحدد عادة أشكال الاضطهاد، وتحصره بثلاث أنواع رئيسية هي:

الاضطهاد الجسدي.

الاضطهاد النفسي (العاطفي).

الاضطهاد الجنسي.

فالاضطهاد الجسدي، يشمل إصابة الأطفال بالكسور والحروق.. وأيضاً الموت نتيجة حدوث نزف داخلي عندهم... الخ.

أما فيما يخص الاضطهاد النفسي - العاطفي فينجم عادة عن سوء معاملة الأطفال في العائلة الواحدة، كتفضيل طفل على آخر، مما يؤدي إلى شعور الطفل الآخر بالإحباط الذي يؤدي بدوره إلى الانطواء على النفس، والإصابة بأمراض نفسية غير محسوبة مثل - الكآبة-..

وحول الاضطهاد الجنسي فيعتبر هذا من أبشع أنواع الاضطهاد على الإطلاق، لمردوداته السيئة على المستقبل الشخصي والاجتماعي عند الأطفال وبسبب حساسية هذا الموضوع فقد بقي الاضطهاد الجنسي يمارس بالسر، وحل مشلكته يحتاج إلى شجاعة أخلاقية عالية، تضع رادع عملي لكل من تسول له نفسه، ويقترف مثل هذا الاضطهاد.

ولعل من أغرب طرق اضطهاد الأطفال ما اجتهد به من الكبار ضدهم، فهناك أطفال في أعمار الورد يزج بهم لتنفيذ عمليات سرقة، أو احتيال، أو أداء تمريرات... للمساهمة في استكمال عمليات تهريب المخدرات الممنوعة دولياً.

ومن أساليب الاضطهاد اللاعقلانية والشائعة.. استعمال اليد بهدف إيذاء الأطفال (عن طريق صفع الوجه) وهذا الأسلوب الخاطئ في تربية الأطفال غالباً ما يفرز مضاعفات خطيرة، فالصفع مهما كانت مبررات الادعاء بكونه نوع من التأديب كما يقول بذلك بعض الأدباء خصوصاً، فلا يمكن إلا وأن يترك أثره السلبي على بناء شخصية الطفل، فالمصفوع بظلم تضيق به الأرض ويشعر بمرارة تعمق في ذاته العقد النفسية، وتنعكس على سلوكياته بطريقة وبأخرى، فأما أن تجعله جباناً، وإما أن تجعل منه إنساناً عنيفاً أو شريراً.

فقد اجتمع رأي الأطباء النفسيين أن الطفل الذي يعاني من الظلم المحيق به، إذا ما تأكد بأنه سيكون عرضة للإيذاء المكرر دون ذنب منه، فسيميل لانتاج السلوك العدواني مع من هو أضعف منه سناً، وذلك كنوع من التعويض عما يصاب به من حيف من قبل الكبار وبالذات الأب.

إن صفع الأطفال مسألة ينهى عنها الدين، ويستنكرها العرف، لما لشناعته من عواقب وخيمة، تدفع العائلة ثمنها قبل الطفل. هذا وقد أثبتت التجارب أن الطفل المجبور على أن يتحمل قبول صفعة - لضعف المواجهة لديه بسبب صغر سنه - يصاب عادة بالبلادة، وشرود الذهن، والكسل وتنتزع من سلوكه روح المبادرة، وينشأ ناقص الشعور بين أقرانه. لذلك يتوجب على الآباء أولا والأمهات كذلك، اتباع أساليب مرنة في تربية أولادهم، من ذاك مثلاً تحذير الطفل الخاطئ - وبقدر الإمكان - بأسلوب يشوبه الاحترام والتشجيع على عدم تكرار الأخطاء غير الملائمة، وإفهامه أن الله - تبارك وتعالى - خالق الكون والإنسان يقف بالمرصاد لكل صغيرة وكبيرة، ولا يحب المعتدين، وينبغي خشيته فلنعلم الأولاد أن يكونوا مظلومين ويرفضوا أن يكونوا ظالمين منذ نعومة أظفارهم.

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا