في كلمته أمام جمع من قراء القرآن الكريم آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي يبين آثار التمثل الصحيح لمعاني القرآن الكريم في حياة الإنسان الدنيوية والأخروية |
قم - النبأ: استقبل المرجع الديني الكبير سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) في مكتبه بمدينة قم المقدسة جمعاً من الفتية من قراء القرآن الكريم، حيث ألقى سماحته كلمة مهمة تركزت حول الأثر البالغ للقرآن في حياة الإنسان الدنيوية والأخروية، فيما يأتي نورد جانباً منها: بدءاً، قال السيد المرجع مخاطباً الحاضرين: كل واحد منكم أيها الفتية والشباب مستأنس إلى حد ما بالقرآن الكريم في دنياه. فإذا ما عمل أحد بالقرآن عاش حياة أفضل في دنياه وفي آخرته أيضاً؛ فينبغي على الإنسان أولاً أن يقرأ القرآن قراءة صحيحة، ثم يأتي بعد ذلك التجويد، ويليه التفسير أي أن يفهم معاني القرآن، ومن ثم عليه أن يعمل به. فأولاً أن يقرأ الإنسان القرآن قراءة صحيحة، وبعد ذلك تأتي مرحلة التجويد أي أن تكون القراءة جميلة، فقد ورد في الروايات الأمر والحض على قراءة القرآن قراءة جميلة. والنقطة الأخرى تتعلق بفهم معاني القرآن، وما يقوله لنا الله عز وجل (التفسير)، ونمثل لذلك بمثال نسخة الطبيب - وطبعاً هذا التمثيل غير مناسب للقرآن، لكنه يفيد في تقريب المعنى إلى أذهاننا - فإذا مرض أحدهم وذهب إلى الطبيب، فإنه يجب عليه أن يفهم ماذا كتب له الطبيب في نسخة الدواء، فالدواء الخطأ هو دواء أيضاً، غير أنه يتسبب في حصول الضرر لأنه لا يتناسب مع الداء. وأضاف سماحة السيد المرجع يقول: تفسير القرآن يعني فهمه، فإذا ذهب مريض إلى الطبيب، فوصف له دواءً، إلا أنه طرح الدواء جانباً، ولم يستفد منه، فهل يرجى لهذا المريض شفاء؟!.كلا، لأن عليه أن يعمل وفق نسخة الدواء حتى يتماثل للشفاء. هذه المرحلة (العمل بالقرآن) أهم من سائر المراحل الأخرى. نعم القراءة الصحيحة والجميلة للآيات، عمل يثاب عليه الإنسان، لكنه إذا فهم ما يقوله القرآن الكريم، وعمل به، فإن دنياه ستكون أفضل وكذلك آخرته. وأردف السيد المرجع يقول: زوروا ولو لمرة واحدة أحد مشافي الأمراض العقلية، واسألوا أحد أولئك الذين انتهت بهم الأمراض العصبية إلى الجنون، إن كان منتبهاً، أو اسألوا من يعرفه، ما إذا كان من أهل القرآن؟!! أجزم لكم أنكم لن تجدوا في ألف مشفى للأمراض العقلية حتى مريضاً واحداً من أهل القرآن ونعني بأهل القرآن أولئك الذين يقرأونه قراءة صحيحة وجميلة، ويفهمون معانيه ويعملون به، تحققوا من ذلك في المستقبل، وانظروا هل هو صحيح أم لا؟. وتابع السيد المرجع يقول: كلنا سنرحل يوماً ما من هذه الدنيا، إن عاجلاً أم آجلاً.. رحم الله المرجع الديني الراحل الإمام آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره) فهنا بين الحاضرين من كان يزوره في الفترات ويستمع إلى أحاديثه بشأن القرآن الكريم، إلا أنه الآن غير موجود.. فنحن أيضاً لنا يوم معين نفصل فيه عن هذه الدنيا إلى عالم البرزخ وهو العالم المتوسط بين الدنيا والآخرة، أي ليس بدنيا ولا آخرة، فالناس، الرجل منهم والمرأة والكاسب والعالم والعجوز والشاب والظالم والعادل.. الخ، يأتون إلى الدنيا حيث يكبرون ويموتون، وينتقلون جميعاً إلى عالم البرزخ، ويجمعون هناك.. إلى أن يحين وقت إعلان قيام القيامة من قبل الله سبحانه وتعالى. كلنا جميعاً نأتي سوياً إلى مكان واسع جداً، وكل أولئك الذين ماتوا قبلنا، والذين جاءوا بعدنا ومن ثم ماتوا أيضاً، يؤتى بهم إلى ذلك المكان، إنه مكان واسع جداً أكبر بآلاف وآلاف المرات من الكرة الأرضية. إن الله تعالى يدق جميع الجبال دقاً، فيبسطها، وفي هذا المكان الواسع يجمع كل الناس للعرض، حيث يكون الإمام أبو عبد الله الحسين (ع) حاضراً، وكذلك شمر بن ذي الجوشن.. يستمر هذا العرض لخمسين ألف عام، واسمه يوم القيامة، حيث يقول الله عز وجل بعمل استثنائي فيما يرتبط بالقرآن الكريم. روي أنه بينما الناس مجتمعون في ساحة المحشر، فإذا بشخص حسن المظهر، جميل الوجه، يأتي من بعيد، فيدخل، ويقف في مكان بحيث يراه الناس جميعاً. فيقول بعضهم لبعض: نحن رأينا هذا الشخص ولكننا لا نتذكر من يكون؟ ثم يبدأ ذلك الشخص بالحديث مع الله سبحانه وتعالى، ويذكر أثناء حديثه أسماء الأشخاص الذين كانوا على ارتباط بالقرآن الكريم، وأولئك الذين لم يكونوا على ارتباط بالقرآن، واحداً واحداً، فيشفع للناس الذين تعاملوا بشكل جيد مع كتاب الله المجيد، وأما الذين لم يتعاملوا معه معاملة حسنة، فيشكو أمرهم لله، قائلاً: إلهي هؤلاء لم يعتنوا بي، فأدعوك بأن لا تعتني بهم اليوم.. وقد ورد في الروايات أن الله سبحانه يقبل بكل ما يقوله القرآن الكريم. وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين. |