مجلة النبأ تنشر تفاصيل اللقاء مع آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي حول مسائل العنف واللاعنف |
دمشق / النبأ: توجهت مجلة النبأ إلى سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) بمجموعة من الاسئلة المهمة دارت بشكل خاص حول موضوع العنف واللاعنف ومختلف المسائل العصرية المرتبطة بهذا الموضوع. في البدء عرّف سماحة السيد المرجع العنف قائلاً: يمكن أن يعرّف العنف بتعريفات متعددة، ولعل أفضلها أن العنف هو استخدام القوة المعتدية. أما إذا لم يكن استخدام القوة اعتداءً فلا يمكن أن يعدّ عنفاً؛ ولذا نرى ان العقلاء يرون الدفاع عن الوطن في مقابل هجوم العدو الغاشم - الذي لا طريق إلى دفعة إلا عبر التوسل بالقوة الدفاعية - أمراً مشروعاً، بل وضرورياً، ولا يمكن أن يُعد ذلك مظهراً من مظاهر العنف بأي شكل من الأشكال. وحول سؤال يتعلق بجذور العنف, قال سماحة آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي: جذور العنف هي: 1- الجهل. 2- العصبية. 3- الفهم الخاطئ للدين. 4- الاستبداد والدكتاتورية. 5- الحرمان الاجتماعي. 6- العنف والظلم من قبل الحكومات والأفراد، فإنه يولد العنف المضاد. 7- غلق قنوات الحوار البنّاء, أو ضيق هذه القنوات. ثم أوضح السيد المرجع أن الجهاد الإسلامي وقضية اجراء الحدود الشرعية - وهما من القضايا التي دار حولها لغط كثير حتى أن طائفة من الناس عدّوهما من مصاديق العنف - أوضح سماحته أن هاتين القضيتين ليست من مصاديق العنف، وقال: الجهاد ليس اعتداءً، ولذا فهو لا يعتبر مصداقاً من مصاديق العنف، وتطبيق الحدود الشرعية لا يكون إلا ضمن شروط كثيرة تجعلها ضرورة حتمية، فلا تعتبر اعتداءً ولا عنفاً. وقد أحصى الإمام الشيرازي (قدس سره) العشرات من الشروط التي لا بد من توافرها حتى يقع تطبيق الحدود الشرعية. هذا ولا يخفى - والكلام لسماحة السيد المرجع - أن الجهاد والحدود ليسا خاصين بالإسلام، بل هما أمران مشروعان في جميع الأديان السماوية، بل وفي جميع القوانين الوضعية أيضاً، وإن اختلفت الألفاظ والمصطلحات. وحول ما إذا كان يمكن التوسل بالعنف لتحقيق أهداف الإسلامية الاستراتيجية، أجاب السيد المرجع بالقول: العنف ضار بالأهداف المقدسة الكبرى على المدى البعيد، وإن فرض أنه حقق بعض المكاسب الآنية السريعة. ومن أضراره، أنه يشوه صورة الإسلام في الأذهان، ويعطي ذريعة للأعداء كي يصفوا الإسلام بالعنف والهمجية والوحشية، ويخلقوا حاجزاً بين الناس والإسلام. وعن مصاديق منهج اللاعنف في الإسلام، قال آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي: المصاديق كثيرة، نذكر منها: أولاً: لا يحق للولي - كالأب مثلاً - ضرب الطفل، إلا بمقدار التأديب فقط، ولو ضرب الطف أكثر فأحمر بدنه أو أخضر أ أسود فعليه الدية، كما هو مذكور في الرسائل الفقهية. ثانياً: لا يجوز الانتقال، في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من مرحلة إلى مرحلة أشد، إلا إذا لم تجد المرحلة السابقة. فلو كانت الكلمة الطيبة كافية في الحمل على المعروف أو الردع عن المنكر، لم بيحق للآمر أو الناهي استخدام الكلمة القاسية. ثالثاً: يحبذ لأولياء المقتول عن القاتل (عمداً) وعدم الاقتصاص منه. وعن وجهة نظر سماحته حو مسألة أن منهج اللاعنف ينم عن قوة جبارة لا يتوفر نظيرها في المنهج العنيف، قال الخضوع للقوة الغضبية يعبّر عن ضعف الإنسان تجاه النوازع النفسية وحب الانتقام، بينما كبح جماح القوة الغضبية يعبر عن قوة الإنسان وشجاعته في مواجهة الضعف الإنساني الطبيعي في حالات الانفعال. وبشأن الاتهام الذي يوجهه البعض إلى الإسلام، بأنه يجيز قتل غير المسلم، ويحرض عليه، استناداً للآية الشريفة (وقاتلوهم حيث ثقفتموهم)، قال السيد المرجع: ملاحظة السياق الذي وردت فيه الآية الشريفة(في سورة البقرة / آية 191) تقود إلى أن الآية الكريمة في مقام بيان وظيفة المسلمين حيال الكفار الذين يقاتلونهم ويعتدون عليهم، وقد سبق أن حق (الدفاع) حق مشروع، وهو أمر مقبول لدى جميع الملل والأديان، تقول الآيات المباركات: - (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم، ولا تعتدوا إن الله لا يحب العتدين). - (واتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل، ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين). إلى غير ذلك من الاسئلة والموضوعات التي تناولها سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي، باسهاب وتفصيل وافى الغرض، بحيث يتراءى للمهتمين الموقف الصريح للدين الحنيف إزاء موضوع العنف واللاعنف والقضايا الأخرى المتفرعة عنه. هذا، ونعلن للسادة القرآء بأن تفاصيل ما جرى في هذا الحوار، قد تم نشرها ي العدد الأخير لمجلة النبأ (العدد 67 - 68 / أب - جمادى الاول) في عدد خاص عن موضوع العنف واللاعنف، وسوف يتم نشر اللقاء كاملا قريبا على صفحات الانتنرنت. |