من كرامات الأولياء |
الكتاب: من كرامات الأولياء الكاتب: الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره) الناشر: مؤسسة المجتبى للتحقيق والنشر / بيروت / ط1/ 2002 ركزت الأديان الإلهية بما فيها الدين الإسلامي على مسألة الإيمان بالغيب كأساس لعلاقة الفرد بربه، فكلما زاد إيمانه بالقضايا غير المحسوسة المرتبطة بالله عز وجل، كلما زاد قربه من الله وعلت مرتبته الإيمانية، وقد أفاض القرآن الكريم في الكثير من آياته حول هذا الأمر وجعلها من أوليات علائم المؤمن، وذلك لأن الأديان قد تناولت مواضيع وأثبتها الوحي وكثيراً ما لا يمكن أدراك حقائقها والإحساس بفلسفتها عن طريق العلم والحس والتجربة، وهي الحقائق الغيبية. ومن تلك الأمور غير المحسوسة عادة: الملائكة، والجن وإبليس، والجنة والنار، والمعاد والحساب، وضغطة القبر وعذابه، ونعيم عالم البرزخ، وسائر القضايا غير المادية، والتي تم إثباتها عبر الوحي المنزل من قبل الله جل جلاله، على أن عدم إثباتها عن طريق وسائل العلم المادية وعدم إدراكها بالحس لا ينفي عدم وجودها، فأن هناك طريقاً آخر علمياً يمكننا عن طريقه إثباتها والإيمان بها وهو الوحي الصادق الذي ثبت بالبرهان القاطع والدليل الساطع، وهو الذي لا يمكن فيه الخطأ والسهو والنسيان، وهو طريقنا إلى منتهى العلم بهذه العلوم، فإننا إذا آمنا بخالق الكون وهو الله تعالى وآمنا بالنبوة والوحي فلا بد لنا من الإيمان بالحقائق الغيبية التي أخبرنا الوحي بها. ومن هذه الحقائق قضية الكرامات التي أفاضت بذكر الكثير منها المصادر الإسلامية بما فيها من دروس وعبر وإثبات للحق فالرجوع إليها ومطالعتها دائماً تزيد من عقيدة الإنسان المؤمن وترفده بشحنات إيمانية وتسمو بروحه إلى مدارج الكمال وتجعله في حصن حصين مما يبثه المشككون ويفرزونه من سموم لزعزعة الإيمان في النفس، عندها سوف يتمسك بالحق وأئمة الحق ويعرف أنهم ضمن قوة الحق يمكنهم قضاء حاجات الناس بعد التوجه إلى الله بنية صادقة وقلب سليم. ومن هذا المنطلق وكما عرف عن المرجع الديني الإمام الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره) باعه طويل في مجال التأليف والكتابة في شتى فروع الفكر والعلم، فقد كتب هذا السفر الجليل (من كرامات الأولياء) لتبين رأي الدين والشرع الحنيف بخصوص مسألة الكرامة، وقد تناولها بمعناها الأعم التي تشمل المعجزة وغيرها، فأن الكرامة بالنسبة للمعصوم (ع) معجزة لاشتمالها على التحدي والدعوة بأنه حجة الله على الأرض.. أما بالنسبة إلى غير المعصوم من عباد الله الصالحين فهي تدل على تكريم الله عز وجل لهذا العبد وشدة تقواه وإيمانه. |