تشومسكي.. كتاب ضد التيار

حقق كتاب البروفيسور نعوم تشومسكي الذي يعد أبرز وجوه اليسار المثقف الأميركي, عن جذور هجمات 11 سبتمبر/ أيلول الماضي وما حمله من طروحات تتعارض بشكل تام مع الفكر الرسمي السائد, رواجا كبيرا جعله من بين الكتب الأكثر مبيعا في الولايات المتحدة.

فقد نشر كتاب الحادي عشر من سبتمبر على عجل في 15 أكتوبر/ تشرين الأول. وجمعت فيه, على شكل أسئلة وأجوبة, مقابلات أجرتها الصحافة الأجنبية مع عالم الألسنية الشهير من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا, والذي غالبا ما يلقب بـ"المنشق الأميركي الأول".

ومع أن وسائل الإعلام الكبرى لم تأت على ذكر الكتاب باعتباره يسبح ضد التيار وشديد التطرف, إلا أنه حقق مبيعات وصلت إلى حوالي 125 ألف نسخة, وهو ما يثبت أنه وجد دائرة من القراء أوسع من الأوساط الجامعية والطلابية التي تتابع أعمال تشومسكي.

ويقوم جوهر طروحات تشومسكي في الكتاب على أن هجمات 11 سبتمبر/ أيلول تنطوي بالتأكيد على "فظاعات مروعة", لكن يجدر بالأميركيين أن يدركوا أنها ليست سوى رد فعل على فظاعات لا تقل عنها حجما ترتكبها السياسة الخارجية الأميركية منذ سنوات.

وكتب البروفيسور تشومسكي (73 عاما) "أن الولايات المتحدة قضت عبر القرون على سكانها المحليين (ملايين الأشخاص) واجتاحت نصف المكسيك وتدخلت بعنف في المنطقة واحتلت هاواي والفلبين, وقامت على الأخص في السنوات الخمسين الماضية باللجوء إلى القوة في جميع أنحاء العالم تقريبا". وأضاف "هذه هي المرة الأولى التي توجه فيها البنادق في الاتجاه الآخر".

وأعاد تشومسكي في كتابه التذكير بتدخل الولايات المتحدة في تيمور الشرقية وأميركا الوسطى وفيتنام, مشيرا إلى أي مدى يثير الدعم الأميركي لإسرائيل موجة استياء في مجمل العالم الإسلامي. وجاء في نص آخر أنه "لا يمكن اعتبار الولايات المتحدة ضحية بريئة إلا إذا كنا نجهل لائحة أفعالها وأفعال حلفائها".

ويقر تشومسكي بأن النجاح الكبير الذي حققه الكتاب فاجأه هو نفسه. وقال "كان الأمر بمثابة جرس إنذار، وحمل العديد من الناس على التساؤل والقول "علينا أن نعير اهتماما أكبر لما نفعل في العالم, علينا أن نتساءل لماذا حصل لنا ما حصل".

وصورت مجلة نيوزويك هذه التساؤلات إذ عنونت أحد أعدادها الصادر بعيد الهجمات "لماذا يكرهوننا؟" وانجذب القراء الأميركيون في بحثهم عن أجوبة لهذا السؤال إلى صوت نعوم تشومسكي الخارج عن صوت المجموعة, وقد تصدر كتابه رفوف المكتبات في قسم السياسة.

ويقيم تشومسكي مقارنة بين المواطن العادي الراغب, على حد قوله, في الاطلاع أكثر على حجج العدو وأفكاره, وما يعتبره "النخبة الثقافية" التي وقفت, حسب رأيه, في صفوف متراصة خلف البنتاغون. وكتب أنه "في نظر النخبة المثقفة, فإن طرح هذا النوع من الأسئلة هو بمثابة جريمة، فهو يعني دعم أسامة بن لادن، المثقفون يفضلون الاقتناع بـ"أنهم يكرهوننا لأننا رائعون, لأننا أحرار في حين أنهم ليسوا كذلك" وهذا, اعتقاد أحمق وصبياني".

ويختم تشومسكي بالقول "إن أردتم تجنب فظاعات جديدة من هذا النوع, عليكم أن تنصتوا لقضاياهم، أعتقد أن معظم الناس خارج النخبة المثقفة يفهمون هذا جيدا". وتمت ترجمة الكتاب إلى الفرنسية.

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا