منتدى الاعلام: سبل اختراق الجدار الغربي.. والطريق الى حوار ايجابي بين العرب والغرب

اختتمت ندوة الاعلام المنعقدة في دبي وقد وشهدت جلسات المنتدى الثلاث الاخيرة مناقشات ساخنة حول اشكاليات الخطاب العربي في الغرب، كما شهدت تقديم مقترحات وتصورات فعالة لاختراق الجدار الغربي والتأثير في الرأي العام الغربي عموماً والأمريكي بشكل خاص.

وقد شهدت الجلسة الأولى للمنتدى التي عقدت تحت عنوان «اختراق الجدار الغربي بين الممكن والمستحيل» تأكيدات بإمكانية اختراق الجدار الغربي ولكن بوسائل عملية وغير تقليدية.

تحدث في الجلسة كل من الدكتور يوسف، كما تحدث في الجلسة الدكتور أحمد الربعي إلى جانب تيم لولين الذي عمل مراسلاً للعديد من الصحف والمحطات الغربية بالشرق الأوسط منها محطة «بي بي سي» للفترة من 76 الى 1980، كما قام بتغطية المنطقة لأكثر من 25 سنة ويقوم حالياً بالتعاون مع «بي بي سي» وصحيفة «السكوستان».

وأكد المتحدثون في ردودهم على مداخلات المشاركين ان الصوت العربي قوي ولكنه للأسف غير مسموع في الغرب وان هذا ليس بسبب ان الغرب لا يريد أن يسمع بل انه يتوق لسماع هذا الخطاب العربي. وقلل المتحدثون من خطورة ما يسمى اللوبي اليهودي في أمريكا مؤكدين ان العالم العربي لديه من الامكانيات ما يؤهله لاختراق الجدار الغربي حتى مع وجود هذا اللوبي اليهودي بأمريكا.

كما طالب المتحدثون بالتركيز بشكل أقوى على مخاطبة الرأي العام الأوروبي وبشكل خاص البريطاني والبحث عن القوى الأكثر رغبة واستعداداً لسماع العرب ومساعدتهم وعدم الوقوف كثيراً أمام الجدار الأمريكي.

كما أكد المتحدثون على ان المسئولين في البيت الأبيض لا يفهمون غير لغة المصالح وان على العالم العربي أن يستخدم كل امكانياته في هذا الخطاب مع الغرب بما فيها المصالح المادية. فليس من الضروري أن يكون سكان البيت الأبيض منحازين الى اليهود ولكنهم يبحثون عن مصالح أمريكا بالمنطقة ويقفون مع اسرائيل إذا وجدوا ان مصالحهم معها.

دور الكنائس قال الدكتور يوسف الحسن ان العرب أهملوا العديد من الأدوات منها دور الكنائس بالغرب في حماية المسلمين من الاعتداءات التي أعقبت أحداث 11 سبتمبر، مشيراً الى ان هذه القضية لم تأخذ حقها من الاهتمام وكأننا نهمل من يساندنا.

وقال ان لدينا فرصاً عديدة للتحدث في الاعلام الأمريكي ذاته ونحن لا نحسن استغلالها. ومع ذلك لو تركنا أمريكا جانباً فماذا فعلنا في بريطانيا وهي أكثر انفتاحاً تجاهنا.. ان العيب فينا وليس عيب الآخرين.

ونبه الى ان العرب والمسلمين في أمريكا للأسف الشديد يعيشون في جيتو اختياري وضعوا أنفسهم فيه وهذا ما يجعل اليهود أكثر تأثيراً منهم لأن هؤلاء جزء من المجتمع في حين ان العرب والمسلمين عزلوا أنفسهم عن المجتمع ولا يخاطبون إلا أنفسهم.

وذكر ان اليهود لا يشكلون سوى 2.5% من المجتمع الأمريكي ورغم هذا فإن مساهمتهم في الانتخابات تصل الى 80%. كما انهم يتواجدون في المؤسسات التي تشكل الوجدان، مثل الجامعات الكبرى بنسبة 30%.

كما نبه الى خطورة ما يسمى بالحركة الصهيونية المسيحية التي ظهرت مؤخراً على الساحة الأمريكية، مشيراً الى انها أشد خطراً من اللوبي الصهيوني.

من جانبه قال تيم لولين رداً على المداخلات ان الثقافة اليهودية أو الصهيونية تطورت منذ القرن الماضي وطورت أدواتها، وأصبح اليهود موضع تعاطف كبيراً من الشعب الأمريكي وعلينا أن نتعلم من هذا الواقع.

وأكد ان اسرائيل هي الحارس للمصالح الأمريكية بالمنطقة ولكن هذا الحارس يمكن أن يعمل أحياناً ضد مصلحة سيده، وهذا حدث ويحدث أحياناً. وفي التسعينيات تطلب الأمر من أمريكا أن تردع هذا الشرطي.

وقال لقد سئمت أمريكا والتحدث عنها، أما القول بأن أوروبا تابعة لأمريكا فهذا بدأ يتغير وهذه العملية بدأت بالفعل والعديد من الأوروبيين بدأوا يتحدثون عن اسرائيل بشكل مختلف، لندن محطة مهمة للغاية للعرب وهناك استجابة، وعلى المجتمع العربي في لندن أن يعمل، الصوت العربي موجود هناك لكنه للأسف غير مسموع. وأدعو العرب أن يستخدموا في ذلك كل الأدوات بما فيها المالية والاعلامية.

وقد القى تيم لولين باللائمة على العرب بفشلهم في عرض القضايا العربية على الرأي العام الغربي بالأسلوب المؤثر على المستوى المطلوب حيث طالب العرب بضرورة بذل المزيد من الجهد في ايجاد وتطوير الكوادر الاعلامية القادرة على مخاطبة الغرب والتأثير فيه برسائل اعلامية تخاطب العقلية الغربية باللغة التي يفهمها.

ولم يجد لولين غضاضة في الاعتراف بالتحيز الغربي ضد العرب، وقال ان هذا التحيز ناجم عن فشل العرب في التأثير في الاعلام الغربي وايجاد أساليب سليمة في عرض قضاياهم مركزاً في حديثه على المجتمع الاعلامي في لندن وقال ان لندن تمثل مركز وقلب الاعلام الأوروبي وتتمتع بميزة التقارب المكاني مع العالم العربي، مشيراً الى ان طريقة سرد قضية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي تقدم في الاعلام البريطاني على انها صراع بين طرفين متكافئين حيث تستخدم لغة توحي بالتوازن بين قوة البطش الاسرائيلية والفلسطينيين العزل.

وقال لولين ان طريقة وأسلوب التناول الاعلامي البريطاني للعرب تبرزهم على انهم مخطئون، وقال ان العرب لهم دور في تعزيز هذا الأسلوب، حيث ان الجانب العربي يبقى دائما على حائط الدفاع ومحاولة ازاحة تلك التهمة من على كاهله بينما يبقى الجانب الاسرائيلي على صلفه وسطوته حتى في مواجهة أعتى المحاورين البريطانيين في محطة «بي بي سي» وهو ما يتضح من الأسلوب الذي اتبعه المحاور المعروف بأنه يثير الرعب في قلوب الساسة البريطانيين، لدى اجرائه حواراً مع بنيامين نتانياهو حيث أبدى تجاهه ليناً وهو جانب غير مسبوق بينما أبقى نفس المحاور ممثلاً سياسياً فلسطينياً لمدة عشر دقائق كاملة في وضع دفاعي ضد الاتهامات التي وجهها له.

وأكد لولين على نجاح اسرائيل في اختراق العقلية والضمير الغربي بشكل خطير وقال ان اللغة مثلت عنصراً خطيراً خلال تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي حيث عمد الاعلام البريطاني فيما سبق بالاشارة الى الأراضي المحتلة بالأراضي المتنازع عليها إلا انه أوضح انحسار هذه الظاهرة نظراً لأن الحق يقول ان اسرائيل هي جهة محتلة ومغتصبة.

وطالب تيم لولين العرب بإقامة معهد للثقافة العربية وليس فقط معهدا اسلاميا في لندن وقال انه من المهم أن يكون هناك مثل هذا المعهد لتدريب الكوادر الاذاعية والدبلوماسية على الخطاب الاعلامي الصحيح لعرض القضايا العربية بمنهج علمي يخاطب العقلية الغربية باللغة التي يفهمها.

مشيراً الى ضرورة وجود قاعدة اعلامية عربية ضخمة في لندن، مبدياً استعداد مجلس تطوير العلاقات العربية البريطانية الذي ينتمي الى عضويته الى دعم ومساعدة العرب في هذا الاتجاه وتوصيل العرب الى الاعلام البريطاني لعرض رسالتهم.
أما الدكتور أحمد الربعي فقد شدد على ان القضية التي نحن بصددها ليست قضية بلد دون آخر وانه لابد من جهد جماعي.

وذكر ان المطالبة باستخدام النفط غير منطقية متسائلاً لماذا التركيز على النفط ولماذا لا يستخدم القمح وقناة السويس وكل الأدوات. كما أكد هزلية ما يجرى من جمع تبرعات في الأزمات فقط قائلاً ان كل واحد يدفع مبلغاً وكأنه يقول نلتقي في المذبحة المقبلة. لماذا يقتصر جمع التبرعات على المذابح ولماذا لا يكون هناك عمل مؤسسي متحضر؟ لماذا لا يتبرع كل عربي بمبلغ بسيط من راتبه الشهري ولكن بشكل دائم؟ وختم بالقول علينا أن نتحول من أمة منفعلة الى أمة منظمة. وان المسئولية على عاتق الجميع وليس الحكومات فقط.

واكد الربعي ان اختراق الجدار الحاجز بين العرب والغرب على صعيد الخطاب الاعلامي أمر صعب ولكنه غير مستحيل حيث ركز في حديثه على الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها صاحبة الهيمنة الدولية الحقيقية في العالم، مشيراً الى انها تستحق وقفة حقيقية إذا ما أردنا الوصول الى صيغة مثلى لاختراق هذا الجدار.وقال الدكتور الربعي بضرورة تحديد ملامح موقف عربي من التوجه الأمريكي غير الأخلاقي في دعم الطغيان الاسرائيلي وهو موقف يتناقض مع الدستور والثقافة الأمريكية الداعية الى الحرية والمساواة في الحقوق، ووصف هذا الموقف بالمخجل بينما شدد الدكتور الربعي على ضرورة فهم البيئة الأمريكية حيث انها لا تعد مجرد دولة ولكنها عوالم مختلفة من ثقافات وأجناس متعددة جاءت من مناطق عديدة من العالم تتعايش في مجتمع بالغ التعقيد تحكمه مؤسسات فكرية واقتصادية واجتماعية وسياسية متنوعة.

كما وصف الدكتور الربعي المجتمع الأمريكي بأنه «مجتمع لوبي» على كافة المستويات بدءاً من اللوبي البيئي وانتهاء باللوبي «الصهيوني» الذي نعته بالأقوى. وأكد الدكتور أحمد الربعي على حقيقة ضعف الولايات المتحدة عندما يتعلق الأمر باسرائيل على الرغم من سطوتها الدولية الهائلة وقال ان هناك دلائل كثيرة على ذلك من أبرزها غض طرف الأمريكيين عن الجواسيس المتعاملين لصالح اسرائيل والتعتيم على قضاياهم بعد القبض عليهم ومحاكمتهم والدليل الثاني هو الموقف الأمريكي من التجاهل الاسرائيلي لمطالبة الرئيس جورج بوش لاسرائيل باتمام الانسحاب من الأراضي الفلسطينية.

أما اريك رولو الصحفي والدبلوماسي الفرنسي المعروف فقد أكد ان على العرب استخدام كافة امكانياتهم بما فيها لغة المصالح. وقال ان اللوبي اليهودي بأمريكا قوي ولديه تحالفات عديدة. وان ملايين المسيحيين بأمريكا ليسوا يهوداً ولكنهم يعتبرون ان اسرائيل دولة مسيحية ولذا فالتحدي كبير.

وذكر ان العرب عليهم أن يظهروا قوتهم لأنه للأسف الشديد فإن القوي يحتقر الضعيف في عالمنا. وان البيت الأبيض ليس بالضرورة صهيونياً وانما ينظر للمصالح بالأساس. ولا فائدة من أي حوار إذا لم يستخدم العالم العربي قدراته الهائلة.

ان الاعلامي اما ان يقول الحقيقة او لا يقول

وتحدث المستشار الاعلامي لصحيفة «الحياة» جهاد الخازن في الجلسة الثانية واشار في مقدمة كلامه الى ما طلبه منه الكثيرون والذي تضمن مطالب بما لا يقول، لكن احداً لم يطلب اليه ان يقول.

وقال ان الاعلامي اما ان يقول الحقيقة او لا يقول، واذا كان يريد خوض حرب نيابة عن قرائه فعليه ان يقول ما يردده الناس، فالصحافة اليوم تعاني من امرين: نقص الحريات ونقص الامكانيات والاموال.

واضاف ان احداث 11 سبتمبر اثرت بشكل واضح على الاعلام الغربي مشيراً الى ان الصحف البريطانية مثلاً انخفض مدخول اعلاناتها مما حقق خسارة قيمتها 35 مليون دولار في ستة اشهر فقط عقب الاحداث.

غياب الشفافية وحرية الرأي وتحدث عن الصحافة العربية وامكانياتها مقارناً مع الصحف الامريكية فقال ان مدخول الصحف العربية ضئيل قياساً الى صحف الغرب او الامريكية بالذات.

واشار الى ان الصحف العربية من المحيط الى الخليج على سبيل المثال لا تحقق اكثر من 1.6 مليار دولار كعوائد سنوية وهي تعادل ما تحققه صحيفة امريكية واحدة في نفس الفترة.

وانتقل الى موضوع الديمقراطية التي تؤرق المجتمعات عموماً والعرب خصوصاً فقال انه لا توجد شفافية ولا حرية رأي في الدول العربية، وحتى لو وجدت بقدر قليل من بعض الدول مثل مصر ولبنان والكويت لكنها تبقى محدودة ايضاً ومقيدة.

ودعا الى ان يكون الاتصال القادم بالغرب في الغرب نفسه مشيراً الى اننا لا يجب ان نصم الجميع بوصمة الصهيونية فهناك في الغرب اتجاهات اخرى مناهضة للصهيونية.

وتحدث داوود الشريان من صحيفة الحياة قائلا في مقدمة حديثه ان هذا المنتدى يطرح قضية مهمة وهي ان الاعلام لم يعد وسيلة للتعبير ونقل الافكار بل وسيلة للوجود.

وابدى تشاؤماً ما حيال ما تقدمه الوسائل الاعلامية فقال ان الناس قبل الفضائيات يتعاملون مع جنائزهم كل وفق طريقته وملته، اما الان فقد اصبح للجنازة شكل تلفزيوني وهذه خطوة للأمام.

واضاف: انا لا اتفاءل بموت الاعلام العربي لكني اقول ان السؤال المطروح «اي دور للاعلام العربي» ينم عن مخاوف متنامية لغياب الاعلام العربي.

وقال ان المتفائلين تأخذهم الظاهرة الشكلية كسياق الفضائيات والمشاريع القادمة التي نسمع عنها عددها لا يقل عن عدد الموجودين.

وذكر ان المخاوف تبدو متناقضة مع فرص العالم العربي، فهناك في العالم العربي تصاعد في مستوى الامية، وهذا يجب ان تتم معالجته اذا اريد للمخاوف ان تنزاح. التناقض يبدو واضحاً في اوضاعنا الاجتماعية والسياسية، فالدافع الذي نعيشه يشير الى ان تطور التكنولوجيا جعل التقارب الاعلامي ممكناً وهذا اتاح فرصة للمقارنة بيننا وبين الغرب، واصبح المتلقي العربي يقارن بمستويين: الاول مستوى الحرية وهي في العالم العربي في انحسار وكمثال على ذلك انظروا الى لبنان، الكويت ومصر.

والثاني سيطرة الحكومات على وسائل الاعلام، فالحكومات العربية هي التي تتحكم بوسائل الاتصال.

واكد ان الجانب المهني في اعلامنا بعد هذا الانفتاح يشبه السجين الذي قضى 20 عاماً في السجن وخرج ليتحدث بعد صمت طويل، ولذا فهو اعلام انشائي يقوم على الدعاية، ويتوقع ان وظيفته هي تغطية الشيء او تلميعه، والحكومات العربية تتعامل معه كمظهر من مظاهر السيادة.

وتحدث رئيس تحرير صحيفة ديلي ستار جميل مروة فاشار في البداية الى ان عقد الصحافة هي عقد وهمية، فعلى مدى اكثر من اربعين عاماً عشنا حالة وهمية من الخوف المؤجل.

. ثم تحدث عن العملية الصحفية باعتبارها فكرة يجب ان تواكب حركة المجتمع، وقال ان الملاحظ حتى الان ان الصحافة العربية ومنذ نشأتها وهي «تهطل دون ان تروي» مفسراً ذلك ان الصحفيين العرب لم يغرفوا من المنبع او المخزون الذي يعد المجتمع المدني جزءاً منه ويجب مواكبته ومساندته لطبيعة ما وصلنا اليه.

واشار الى ان هناك ثلاثة امور لم يحسن الاعلام العربي التعامل معها بالشكل الصحيح الذي تكسب من ورائه الامة وهي: ـ ان احداً لم يفند ما ادعته اسرائيل من ان معركتها مع العرب هي معركة وجود.

الطريق الى حوار وتفاعل ايجابي بين العرب والغرب

واختتم منتدى الاعلام العربي الذي استضافته دبي على مدى يومين أعماله بالجلسة الثالثة التي كان عنوانها: «الطرق الى حوار وتفاعل ايجابي بين العرب والغرب»

وتحدث في الجلسة الختامية التي كانت أكثر هدوءاً من سابقاتها كل من جون سنونو كبير موظفي البيت الأبيض سابقاً وجميل مطر مدير المركز العربي لبحوث التنمية والمستقبل وباتريك سيل الكاتب والصحفي البريطاني.فمن جانبه قال سنونو ان على العرب فهم الأمور التي هم بصدد التفاعل معها فهما صحيحاً من أجل الوصول الى أفضل صيغات الحل والتواصل مع الغرب.

وأكد سنونو ان رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون يرغب في المزيد من التفجيرات الاستشهادية حتى تتوفر له الذرائع في التنكيل بالشعب الفلسطيني وقال من الضروري أن يتنبه العرب والفلسطينيون تحديداً الى تلك النقطة.

وأعرب سنونو عن اقتناعه بضرورة وجود ردود فعل عنيفة عند الاقدام على تغيير الأوضاع القائمة على أية صعيد كان وطالب العرب بضرورة التزام الحنكة والمهارة في تعاملهم مع قضية الحقوق العربية.

وقال ان العالم العربي يشهد حالياً مرحلة حرجة إلا انها ايجابية من حيث توحيد الصف والصوت العربي، مشيراً إلى ان هذا التوحيد جاء بعد غياب سنوات طويلة وسرد قصة وقعت له عندما نظم لقاء للجنة التفاهم العربي الأمريكي والتي ضمت عناصر عربية متعددة مع الرئيس الأمريكي آنذاك، حيث شهد اللقاء انقساماً في الرأي بين أعضاء الوفد خلال اللقاء على الرغم من الاتفاق المسبق على مجريات الحوار خلاله.

واختتم الكاتب الصحفي البريطاني باتريك سيل فعاليات اليوم الثاني والأخير من منتدى الاعلام العربي بالاشارة الى بعض الآراء التي تم التعرض لها على مدار المنتدى حيث أبرز غياب الدور الدبلوماسي العربي في تعريف العالم بوجهة النظر العربية والحقوق العربية المختلفة وطالب بالاعتماد على الوسائل التقنية الحديثة مثل شبكة الانترنت لتحقيق هذا الهدف، بينما أشار الى غياب المراكز الاعلامية والصحفية الفعالة في العواصم الأوروبية عدا بعض المحاولات القليلة ذات التأثير الضعيف في الرأي العام الغربي حيث ألمح الى امكانية الاستفادة من المؤسسات القائمة من أمثال مجلس تطوير التفاهم العربي البريطاني في هذا الاتجاه.

وأكد سيل ان المناخ الدولي العام أفرز حالة من الكراهية الغربية ضد الاسلام والمسلمين الأمر الذي أدى بدوره إلى اتساع الهوة الحوارية بين الجانبين مشدداً على ضرورة تنبه المسلمين إلى تفادي الانزلاق إلى هوة الانخراط في الدفاع عن أنفسهم ومحاولة اماطة الاتهامات الموجهة إليهم عن أنفسهم، وقال ان معظم تلك الاهتمامات تأتي في الأساس مدفوعة بأغراض سياسية محددة إما لتحقيق مصالح داخلية أو لدعم ومساندة اسرائيل.

واعترف سيل بوجود صراع إلا انه نفى عنه صفة «الصراع الحضاري» وقال ان الصراع القائم حالياً صراع بين المصالح السياسية ولا دخل له بالحضارة مفنداً في ذلك الصراع القائم حالياً صراع بين المصالح السياسية ولا دخل له بالحضارة مفنداً في ذلك رأي المفكر الغربي هانتجتن صاحب نظرية صراع الحضارات وقال سيل ان الحضارة الاسلامية ظلت في حالة من التفاعل المتواصل مع الحضارات الأخرى على مدار أربعة عشر قرنا من الزمان حيث أثرت وتأثرت بتلك الحضارات.

وألمح إلى وجود مسلمين يشكلون جزءًا من المجتمع الفرنسي والألماني والبريطاني ودفع بلعب هؤلاء المسلمين أدواراً مهمة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية الغربية لا يمكن اغفالها.

وعرض باتريك سيل للملامح الرئيسية للأزمة الحالية كما يراها ولخصها في التالي: ـ الظهور المفاجئ لبعض العناصر الفردية التي لا تمثل دولاً أو سلطات شرعية وكان لها أثر كبير على الخريطة السياسية الدولية من أمثال أسامة بن لادن.

ـ لجوء القوى العظمى الجريحة (في اشارة إلى أمريكا) إلى الرد بقوة وبطش على أحداث 11 سبتمبر لتأكيد هيمنتها وقوتها وهيبتها ولتأكيد قدرتها على الردع لضمان عدم تكرار تلك الأحداث.

ـ التصعيد الذي شهده الصراع الاسرائيلي الفلسطيني بما فيه من عنف شديد وهي مرحلة حرجة يسعى فيها شارون بوضوح إلى قهر العزيمة الفلسطينية ورغبتها في التحرر من الاحتلال اضافة إلى رغبة اسرائيل هي الأخرى في تأكيد قدرتها على الردع.

ـ احداث المواد الاعلامية الصوتية والمرئية حالة من الغضب الشديد في نفوس كافة العرب من الخليج وحتى المحيط أدت بدورها إلى افراز حالة من الكره والحنق على أمريكا لدعمها اسرائيل في قهرها للفلسطينيين و التنكيل بهم.

ـ تحول الجيل الجديد من العرب ممن ولدوا إلى هذا العالم بعد عام 1973 ولم يعرفوا الحرب أبداً في هذا الجزء من العالم إلى المطالبة بالحرب والثأر من اسرائيل لما يتابعونه يومياً من قهر للشعب الفلسطيني الأمر الذي أدى بدوره الى خلق حالة من الذعر لدى اسرائيل وأمريكا بطبيعة الحال.

وقال ان الاسلام دين يدعو إلى التسامح والسلام، ولكن بعض المتطرفين قد يسيئون التصرف باللجوء إلى العنف في الوقت الذي أدانت فيه النظم العربية الأعمال الارهابية منبهاً إلى ضرورة التنبه إلى الأهداف السياسية الكامنة وراء محاولات الصاق تهمة العنف بالاسلام.

وطالب باتريك سيل الاعلام العربي بتحمل مسئوليته في توضيح حقيقة ان العنف القائم وجذور الارهاب لا تكمن في الأرض العربية أو الأرضية الاسلامية ولكنها تنبع في الأساس من السياسات الأمريكية المنحازة والسياسات الاسرائيلية المتطرفة مؤكداً ان علاج الارهاب لن يتسنى إلا بعلاج وتعديل تلك السياسات مناشداً الولايات المتحدة بدعم مبادرة السلام التي وافقت عليها القمة العربية الأخيرة.

كما طالب الكاتب العالم العربي بدراسة وتحليل النموذج الأوروبي في الوحدة وتطوير استراتيجية اجتماعية وثقافية واقتصادية موحدة الأمر الذي يمنحها ثقلاً لا يمكن غض الطرف عنه على الساحة العالمية، وطالب أيضاً العرب بالخروج إلى الغرب لتعريفهم بانجازاتهم في كافة المجالات وعرض تفاصيل الواقع العربي بأسلوب ايجابي لتغيير المفاهيم الخاطئة في أذهان بعض الغربيين عن هذا الجزء من العالم.

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا