محمود الموسوي لشبكة النبأ: نحن نعيش عصر العولمة الجديدة

شبه الكاتب البحريني السيد محمود الموسوي الثقافة بأنها كالهواء الذي يستنشقه كل إنسان، وهي من الحقوق الأساسية للإنسان، التي يجب أن تتوفر له. وأكد على إننا نعيش عصر العولمة الجديدة الوليدة من رحم سياسات الاستعمار القديمة، ولفت إلى أن الجدوى من الكتابة هي السعي للرقي بالمجتمع، وفي خاتمة حديثه أشار للطموح الذي ينشدون تحقيقه من خلال (جمعية الرسالة والتضامن) باعتباره رئيساً للجنة الثقافية فيها، وهذا نص الحوار الذي أجراه معه حسن آل حمادة..

- باعتبارك متعاطٍ للشأن الثقافي كتابةً وتأليفاً، نؤد أن تجيبنا على هذا السؤال: هل تعد الثقافة حكراً على طبقة معينة؟

نستطيع أن نشبه الثقافة بأنها كالهواء الذي يستنشقه كل إنسان مهما علا شأنه المادي أو الوظيفي أو العمري أو الجنسي، وهي ليست حكراً على فئة دون غيرها، ولكنها تحتاج إلى شروط لامتلاكها واكتسابها، والذي منها الاستعداد والقابلية، وهذا الشرط يتوافر لدى كل الناس، ولكن قد تنقص شروط أخرى مثل التوجه نحو الثقافة كاهتمام واشتغال وممارسة، وكثير من الذين حرموا الحياة الثقافية حرموها لأسباب موضوعية تتصل بواقعهم الاجتماعي والمعيشي، كالمجتمعات التي تعيش الفقر المدقع وحالة الإضراب السياسي وما إلى ذلك، وبشكل عام فإن الثقافة من الحقوق الأساسية للإنسان، التي يجب أن توفر له.

- ونحن نعيش في عصر العولمة -إن صح التعبير- حبذا لو حدثتنا عن أبرز التحديات الجديدة التي تتوالد من هذه المرحلة؟ وكيف يمكننا تجاوزها؟

بالطبع نحن نعيش عصر العولمة الجديدة الوليدة من رحم منطق سياسات الاستعمار القديمة، وهو العصر الذي أملى على العالم بأسره واقعاً جديداً، يختلف عما ألفه من ذي قبل، وبالطبع تولّدت منه تحديات حضارية جديدة توجّب على العالم أن يواجهها ويعد لها العدة، وهذه طبيعة التحولات الحضارية التي تملي واقعا مختلفا بشروطه ومآلاته، وهذا الواقع يحتاج من العلماء والمفكرين اشتغالاً واسعاً، يبدأ باستيعاب المرحلة وطبيعة التحول، وينتهي بإيجاد الحلول الناجعة لمواجهتها التي تتوافق مع العصر.

  وفي تصوري من أبرز التحديات التي أملتها سياسة العولمة هي:

1- التحدي على المستوى الفكري والثقافي، حيث إرادة الأقوى تقوم بفرض النمط الفكري الواحد وإلغاء الخصوصيات الثقافية التي تشكل الهوية الحضارية لبقية الأمم.

2- التحدي على المستوى الاجتماعي، وهو لا يقل أهمية وخطورة عن سابقه، فسياسة العولمة تعمل بشكل منظم على تغيير القالب الاجتماعي لكل أمة، بما في ذلك نمط العيش، وتشكيل الأذواق حسب النمط الغربي، مما يسبب خلخلة في النسيج الاجتماعي، وهذا خطر كبير بالذات للعالم الإسلامي الذي يعتبر من أهم مكتسباته الحضارية التي اكتسبها من الإسلام هي التماسك الاجتماعي والترابط الأسري.

هذا وهنالك الكثير من التحديات في جوانب كثيرة تحتاج كما ذكرنا إلى استيعاب لطبيعتها، ثم إلى حلول متناسبة مع العصر، وهذا لا يتم إلا إذا تحولت اهتمامات العلماء من الاهتمامات الفردية إلى الجماعية، كما تحتاج تلك الجهود إلى دعم الدولة، خصوصاً لمجالات البحث العلمي الذي يبلور الرؤى لتجد طريقها في التأثير.

- تحدثت في بعض كتاباتك عن الحاجة للثقافة الإسلامية لممارسة الحياة.. فما هو وجه الاحتياج للثقافة الإسلامية حصراً؟

  تتلخص الحاجة إلى الثقافة في أن يمارس الإنسان حياته على هداية وبصيرة، ويتفرع من ذلك:

1- الحاجة إلى صياغة المنظومة الفكرية وفقاً لمتطلبات كل عصر من قبل العلماء والمفكرين.

2- حاجة المجتمع إلى التمييز الفكري لمعطيات الحركة الفكرية، حيث تتباين الرؤى والثقافات.

3- الحاجة العملية التي تتكفل باستغلال الموارد العامة، أي الموارد البشرية والطبيعية والمعنوية لصالح الإنسان.

- أصدرت بعض الكتب والمؤلفات ولك بعض المخطوطات، كما أنك تتعاطى الكتابة في الصحف والمجلات والإنترنت، فما الجدوى من مشروع الكتابة في نظرك؟

  مشروع الكتابة مشروع كبير يختزل في داخله عدّة مشاريع هي عملياته التي تتحرك في فلكه ومن حوله،  كعملية البحث وعملية التبليغ وعملية التثقيف وعملية التثاقف والحوار مع الآخر وما شابهها.. ولذا فإن الجدوى من الكتابة هي الجدوى من كل تلك العمليات الفكرية التي تسعى للرقي بالمجتمع وتمكين المفاهيم التي ترى صلاحها في الأمة.

- لك كتاب مخطوط بعنوان: (فن الاعتذار وقبول العذر)، السؤال هنا: ما هي فنون الاعتذار، وكيف يمكننا قبول العذر؟

  المقصود من فن الاعتذار هو تحقيق الاعتذار الناجح فيما إذا تعرضنا لموقف يتطلب منا الاعتذار، والنجاح  المقصود هو التعبير عن طبيعة الحدث وأن ويتمكن المسيء من تجاوز إساءته بسلام مع الطرف الآخر، ومن الأسباب المؤدية للنجاح في الاعتذار هي: أن ينتظر المخطئ بعد أن تهدأ فورة الغضب التي انتابت الآخر، و أن يختار المكان المناسب لإبداء اعتذاره، فمثلاً زيارة لمنزل الطرف الآخر كفيلة بتهدئة التوتر وإنجاح الاعتذار، و لا بد أن تخرج حروف الاعتذار من أعماق القلب لكي تعبر عن الصدق، فالتبريرات الواهية فاضحة ومفشلة لعملية الاعتذار، كما أن اختيار طرق مبتكرة في تقديم الاعتذار له أثر بليغ، بالإضافة إلى ممارسة العلاقة بشكل طبيعي بعد تقديم الاعتذار كتبادل الزيارات والحديث بعفوية كما كان قبل حلول المشكلة يتوج الاعتذار بالنجاح.

أما قبول العذر، فحتى يصل إنسان إليه لابد أن يستوعب كلام الله تعالى في آياته الكريمة، فهذا يعبّد الطريق ويقصّر المسافة، فإن الله سبحانه وتعالى يقول: (وإن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم)، كما أن حالة العفو وقبول العذر مرتبطة بالعفو الإلهي، كما في قوله تعالى: (وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم)، هذا وبالنظر إلى الفوائد الاجتماعية لقبول العذر تتعزز أهمية أن يتعود الإنسان ممارسة قبول أعذار الآخرين، فإنه إن لم يقبل العذر سيتسبب ذلك بتضييق دائرة الأصدقاء والمعارف، فمن يقبل العذر سيستمتع بلا شك بإخاء أكبر عدد من الأخوان، كما أن قبول العذر يسبغ على صاحبه عزة واحترام من الناس، ففي قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): "من عفى عن مظلمة أبدله الله عزّاً في الدنيا والآخرة".

- لقد قمتم بتأسيس جمعية ثقافية اجتماعية رسمية مع مجموعة من العلماء والمثقفين والمثقفات، تحت مسمى (جمعية الرسالة الإسلامية) في ظل الظروف الانفتاحية في مملكة البحرين، بصفتك رئيس اللجنة الثقافية فيها، ما هو الدور الذي تعتزمون تسنمه في البحرين؟

في البدء أود أن أؤكد على أننا لا نحصر أعمالنا الثقافية في لبحرين وإن كنّا ننطلق من البحرين كموقع، وإنما ننظر إلى أبعد من ذلك، فكلما سنحت لنا الفرص أن ننقل عملنا إلى أوسع من ذلك فلن ندخر جهداً في هذا السبيل، وبطبيعة الحال سيكون المجتمع في البحرين في مقدمة الاهتمام.

وأما عن طبيعة الدور الذي نقوم بأدائه، فهو التوعية الثقافية للمجتمع بجميع شرائحه وفئاته العمرية، والعمل على إصلاح المشكلات المجتمعية، وإبراز عظمة وأهمية الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) للعالم المعاصر،  وكذلك نشر أجواء الفضيلة والأخلاق، وتنمية الإبداع والعمل الثقافي والأدبي، كما أن للجمعية أهدافاً خيرية أخرى. ولأن الجمعية لم تزل حديثة العهد فإننا في طور الإعداد لمجموعة من البرامج الثقافية والاجتماعية التي نأمل أن تنال التوفيق من الله عز وجل.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

- سيد محمود الموسوي. كاتب وباحث من دولة البحرين، مشتغل بالبحث والكتابة. يعيش في قرية بني جمرة. مواليد 1973م.

- درس العلوم الدينية في البحرين، كما درس في سورية (الحوزة القائمية)، ويكمل دراسته الآن في البحرين (حوزة العلمين).

- أحد مؤسسي جمعية الرسالة الإسلامية في البحرين، ورئيس اللجنة الثقافية فيها.

- له عدّة كتب: المطبوع منها (على منابر من نور)، (منهج الثقافة الإسلامية)، (لقاء ثقافي في ريف دمشق)، (معالم العظمة). والمخطوط منها: (الشيخ عزيز البحراني.. حقيقة ناصعة ورمز مبارك)، (الحب في العلاقات الزوجية)، (فن الاعتذار وقبول العذر)، (العولمة والمجتمع.. التحديات الجديدة وبرنامج المهام)..

- له مشاركات في صحف ومجلات عربية.

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا