هيكل: لا الحرب ولا البترول يصلحان للمواجهة |
الكاتب الصحفى المخضرم، وزير الإعلام المصرى الأسبق "محمد حسنين هيكل" لم يظهر على شاشة التليفزيون منذ سنوات عديدة، ليلة السبت نحى هيكل قلمه جانبًا مؤثراً الحديث إلى شاشات التليفزيون عبر قناة "دريم" الفضائية الخاصة، واستبعد هيكل فى البرنامج الذى حمل اسم: "الأستاذ .. من قلب الأزمة إلى قلب الأمة"، خيار الحرب كحل لقضية فلسطين فى الوقت الحالي، كما لم يحبذ استخدام سلاح البترول، واصفًا المقاطعة للبضائع وكل ما يمت لإسرائيل بصلة بأنه مكمن التأثير وليس البضائع والمنتجات الأمريكية، وأشار أكثر من مرة خلال حديثه إلى ضرورة التنبه لحالة الوعى بالقضية فى أوساط الشباب. بدائل قبل الحرب اعتبر هيكل أن أمام الدول العربية وخصوصا مصر بدائل وخيارات عديدة قبل اللجوء لخيار الحرب، منها أن تعلن الحكومة المصرية وقف إعطاء تأشيرات للسياح الإسرائيليين خوفًا عليهم من حالة الغضب التى تجتاح الشارع المصري، متوقعًا رد فعل قلقا سيحدث بإسرائيل ويحرك كثيرًا من المياه الراكدة إذا تم بعث إشارات من تلك النوعية إلى الإسرائيليين. وخيار الحرب -وفقًا لتحليل هيكل- هو انعكاس لفشل فى إدارة الأمور، وبالتالى اللجوء لأقصى الاختيارات لتحقيق الطموحات والأحلام، دون النظر للممكن فعلا، موضحا أن هذا لا يعنى كلمات الاستجداء للولايات المتحدة والرأى العام العالمى ومطالبته بالتدخل، فيمكن أن نصنع مستقبلنا بلا دخول فى مغامرات وبلا تنازلات كذلك. الأمن وليس السلام ورداً على مقولة "السلام خيار إستراتيجي" قال هيكل : إن الأمن هو الخيار الإستراتيجى لنا، فما يجرى فى فلسطين يتصل بأمن مصر ومستقبلها، وعلى حد تعبير بن جوريون فإن "فلسطين هى سدادة لزجاجة هى مصر"، لأن الأمن القومى المصرى يتهدد بما يحدث فى فلسطين، ولأن الاهتمام بأمن بيتى لا يكون بتأمين ما يجرى على بابه وإنما بتأمين ما يحدث عند أول الشارع.. هذه هى نظرية الأمن القومى المصري، التى استطرد هيكل فى شرحها، محذرًا من عدم الفصل بينها وبين بقية العالم العربى ككل، الذى اعتبر مصر قائدة له وليست رئيسة له، والفارق بين الدورين كبير، وذلك بحكم دورها، وبحكم أن كثيرا من خيارات المستقبل مرهونة بها. البترول ليس سلاحا وإذا كانت الأنظار ترنو فى مثل هذه الظروف والأحوال إلى بديل يظنه الكثيرون سهلا ميسورًا وهو سلاح البترول، فإن هيكل لا يرى ذلك، واعتبر هذه الدعوات الآن هى حلقة من سلسلة بدأت عام 1948 بالحديث عن نفس الموضوع ولم يحدث شيء، وارتفع النداء أيضًا عام 1956 ولم يتحقق هذا، ونفس الشيء حدث عام 1967 وكانت النتيجة واحدة وهى عدم استخدام البترول كسلاح فى المعركة، وأشار إلى ما حدث أثناء حرب أكتوبر 1973 بقوله: لقد ألححت على د. "مصطفى خليل" رئيس الوزراء المصرى الأسبق أن يساعدنا فى صنع خطة لاستعمال البترول فى المعركة، وبالفعل وضع مجموعة بدائل، وبعد دراستها تم عرضها على الملك فيصل عاهل السعودية يوم 11 أكتوبر 1973 وسمعت من الرئيس السادات بعدها ومن الملك فيصل نفسه قوله: نحن جاهزون لاستعمال سلاح البترول، لكن المعركة طويلة وممتدة، فمنذ أن نبدأ بقرار المنع حتى يؤتى ثماره تكون الحرب قد انتهت. ويشرح هيكل ذلك "فالبترول سلعة لا تُستهلك فى مكانها، فهى تخرج بمعدات ليست لك وتحملها سفن ليست لك، وتسير فى مياه ليس لك السيطرة عليها.. وكل ما يمكنك القيام به هو أن تأخذ تعهدا من الدول الأخرى بعدم إعطاء البترول لدول الحظر، أو تستخدم عائدات هذا النفط فى موضع آخر. وبعد أن استبعد خيار الحرب وخيار البترول، قلل من جدوى سحب أرصدة العالم العربى من الغرب، لأن العالم العربى مدين وليس دائنًا، والأرصدة مملوكة لأشخاص وليست لدول، وتساءل فى ذات الوقت عن كيفية مقاطعة بلد مثل الولايات المتحدة الأمريكية ونحن نأخذ منها مساعدات، واصفًا تلك المساعدات بأنها بلا قيمة، لأنها تُسترد من قِبل الولايات المتحدة مرة أخرى بقيمة أكبر، وتمنى أن نتعلّم العيش من غير معونة. مقترحات هيكل إلا أن هيكل ركز على أهمية مقاطعة كل ما هو إسرائيلي، فالحكومة المصرية مثلا لا تستطيع أن تلغى اتفاقية مثل كامب ديفيد، لأن تبعات ذلك ستكون ثقيلة، فى الوقت الذى يستطيع الشعب وهو مطلق الإرادة ألا يتعامل مع أى شيء إسرائيلي.. فالطلاب لا يذهبون إلى المركز الأكاديمى الإسرائيلي، ومهندسو وزارة الزراعة يمتنعون عن الذهاب للتدريب فى إسرائيل، لأن وزارة الزراعة ليست مضطرة لهذا التعامل، وانتقد بشدة الحكام والقادة العرب جميعاً لأنهم -على حد قوله- يقابلون إسرائيليين تحت مسميات مختلفة كممثلين لشركات وصحفيين ... إلخ. "حالة التنبه" مصطلح كرره هيكل أكثر من مرة محللا به وضعية الشباب العربى الذى تظاهر فى الأيام الأخيرة، معتبرًا أن ما نفعله هو استفتاء على عروبة هؤلاء الشباب، ومطالبًا بالمحافظة على حالة التنبه هذه واستثمارها بالشكل الأمثل، كأن تتكون لجان للتوعية تبقى على جذوة هذا الشباب مشتعلا، محذرًا بشدة من انطفاء شعلة الوعى هذه بدون استغلال. وطالب هيكل الفضائيات والمنتديات العامة وحتى صفحات الجرائد بتبنى الدعوة لإتاحة الفرصة لهذه الأجيال الجديدة لتتولى القيادة. عن إسلام أون لاين |