تبدأ أعمال مؤتمر دولي تنظمه الامم المتحدة
اعتبارا من الاثنين بمدينة مونتيري جنوبي المكسيك من أجل حث الدول الغنية
على الالتزام باستمرار دعهما للدول الفقيرة رغم الظروف الصعبة التي يعاني
منها الاقتصاد العالمي.
ومن المتوقع أن تتصاعد حدة الصراع العنيف بين الاغنياء والفقراء خلال
مداولات المؤتمر الذي تستمر أعماله على مدار الاسبوع.
ويهدف الاجتماع إلى "انتزاع" مزيد من الدعم المالي من الدول الصناعية
الغنية لصالح 4.6 مليارات نسمة من مواطني الدول النامية تعيش نسبة كبيرة
منهم تحت خط الفقر بدخل يقل عن دولار واحد يوميا.
وما لم يتم تقديم دعم عاجل يقترب حجمه من 60 بليون دولار على الاقل لهذه
الدول سنويا وحتى عام 2015 فسوف يلقى حوالي 56 مليون طفل مصرعهم نتيجة
الفقر وعدم توفر العلاج كما يؤكد ذلك بعض الخبراء.
ويرأس الدول الصناعية في هذا المؤتمر الرئيس الاميركي جورج دبليو. بوش الذي
تنفق إدارته عشرات المليارات من الدولارات على الحروب ورفع مستوى القوات
المسلحة الاميركية.
وقد تعهد بوش عشية المؤتمر بتقديم خمسة مليارات دولار للدول الفقيرة شريطة
التزامها بتطبيق سياسات اقتصاد السوق.
وقد منحت الولايات المتحدة بالتالي أقل من 0.2 في المائة من إجمالي ناتجها
القومي للتنمية.
وعلى الرغم من عدم توقع رفع هذه النسبة في المستقبل القريب نظرا لأن واشنطن
تواصل حملتها ضد الارهاب، فقد أعلن الرئيس بوش عن منح هذا المبلغ البسيط
نسبيا وهو خمسة مليارات دولار إضافية إلى الدول الفقيرة ولكن بالشروط
السالفة الذكر.
وقد عهدت الحكومات إلى الامم المتحدة بخفض عدد سكان الدول النامية الذين
يعانون من الفقر إلى النصف بحلول عام 2015 وبأن تركز استراتيجيتها على
مضاعفة معونات التنمية من خمسين مليار إلى مائة مليار دولار.
وسيجتمع أكثر من خمسين رئيس دولة وحكومة وعشرات من الوزراء في مونتيري على
مدى الاسبوع لمناقشة تمويل التنمية. ويبدأ المؤتمر أعماله في وقت لاحق
الاثنين بهدف الحصول على مائة مليار دولار سنويا للتنمية.
وأعلنت الامم المتحدة في ندائها للدول الصناعية أن تنفق المزيد من أجل
التنمية أن 1.2 مليار نسمة أي قرابة خمس سكان العالم يعيشون بأقل من دولار
يوميا.
وأوضحت أن مئات الملايين من الناس لا يحصلون على طعام يكفيهم ليعيشوا حياة
طبيعية ونشطة. وهناك حوالي 325 مليون طفل من الجنسين لا يتعلمون في المدارس،
كما أن هناك أحد عشر مليون طفل دون سن الخامسة يموتون كل عام بسبب أمراض
يمكن الوقاية منها، وأن 2.4 مليار شخص محرومون من الرعاية الصحية.
ويمثل هدف مساعدة هؤلاء الناس تحديا ضخما للامم المتحدة التي أصدرت وثيقة
من 14 صفحة أطلقت عليها "اتفاق مونتيري" وتشتمل على عدد كبير من المطالب
الموجهة إلى الدول الغنية لبذل أموال أكثر من تلك التي كانت تقدمها خلال
العقود الثلاثة الماضية من أجل تمويل برامج التنمية.
ولكن الدول الغنية ردت بآراء مضادة بأن تصلح بعض الدول النامية اقتصادياتها
أو نظمها المالية أو تحسّنها وأن تكافح الفساد والانظمة الديكتاتورية وأن
تدير البلاد إدارة جيدة.
وستتوقف المساعدات الاضافية التي أعلنت عنها الولايات المتحدة على تحقيق
هذه الاهداف.
وقال بوش في معرض إعلانه عن تقديم خمسة مليارات دولار للدول الفقيرة "إن
مزيدا من الاسهام من جانب الدول المتقدمة يجب ربطه بمزيد من المسئولية من
جانب الدول النامية".
وفي اليوم نفسه أعلن الاتحاد الاوربي موافقته على زيادة مساعدات التنمية
إلى 0.39 في المائة من إجمالي الناتج القومي في دوله في عام 2006.
وكانت إدارة بوش قد أطلقت من قبل أول صيحة تحذير من توجيه مطالب كثيرة
للولايات المتحدة عندما أخذت عل البنك الدولي برامجه غير الفعالة لمكافحة
الفقر في العقود الماضية.
ورد البنك الدولي في الاسبوع الجاري بتأكيده أنه حقق النجاح وأن مساعداته
أتاحت للفقراء "العيش أطول وفي صحة أفضل وبشكل مثمر".
واقترحت إدارة بوش تصحيح مسار البنك الدولي ويشمل ذلك تغيير ممارسات البنك
التي تتعلق بمنح قروض.
وتريد واشنطن، التي تعد أكبر دولة مانحة لبرامج المساعدة التي يقدمها البنك،
تحويل القروض إلى هبات على أساس أن القروض تجعل الديون تتراكم على عاتق
الدول الفقيرة بدلا من أن تساعد على خفض حدة الفقر.
ويعارض الاتحاد الاوربي منح هبات من جانب البنك الدولي ويلوم الدول
الصناعية على أنها تخصص مقدارا ضئيلا جدا من إجمالي الناتج القومي لتمويل
التنمية في الدول الفقيرة.
ويؤكد مسئولون في الامم المتحدة أن مؤتمر مونتيري يعد فرصة فريدة لحث الدول
الغنية على بذل المزيد من الاموال لصالح الدول الفقيرة. كما يستبعدون
احتمال وصول الدول الغنية والفقيرة إلى طريق مسدود، قائلين أن الفقر وعدد
الاميين والاطفال الذين يموتون في أنحاء العالم ظواهر تتحدث عن نفسها.
وسيطلب من الحكومات الموافقة على "اتفاق مونتيري" أو إعلان مونتيري في ختام
أعمال المؤتمر يوم الجمعة المقبل. وجاء في هذه الوثيقة "إن هدفنا هو القضاء
على الفقر وتحقيق نمو اقتصادي راسخ ودفع التنمية قدما باطّراد في الوقت
الذي نتقدم نحو نظام اقتصادي عالمي شامل وعادل".
وتناشد الوثيقة الحكومات المعنية بذل "جهد ملموس" بمنح 0.7 في المائة من
إجمالي الناتج القومي بها.
يذكر أن دول أوروبا الشمالية الخمس وهي الدنمرك وفنلندا وأيسلندا والنرويج
والسويد هي فقط التي منحت هذه النسبة أو أكثر منها.
وتقول الوثيقة أيضا أن الدول التي تتلقى المساعدات والدول المانحة
والمؤسسات الدولية مثل البنك الدولي يجب أن تجعل مساعدات التنمية "أكثر
فاعلية".
كما تناقش الوثيقة حشد الموارد الوطنية والاستثمارات الاجنبية المباشرة
والتجارة الدولية كحافز للتنمية والديون الخارجية والتعاون بين المؤسسات
العالمية الكبرى وهي الامم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي
ومنظمة التجارة العالمية.
وقالت دبلوماسية سويدية شاركت في رئاسة الاجتماعات خلال العامين الماضيين
للاعداد لمؤتمر مونتيري أنه سيضم جميع المؤسسات الكبرى تحت سقف واحد للمرة
الاولى من أجل مناقشة تمويل التنمية.
وأكدت أن هذه فرصة "فريدة من نوعها".
ومن المقرر أن تستضيف جنوب أفريقيا المؤتمر القادم حول "عولمة التنمية".