‏التكاليف الباهظة لنقل أخبار الحرب

‏نشرت صحيفة التايمز ( العدد 67.274 ) مقالا حول التكاليف والمبالغ الباهظة التي تتكبدها وسائل الإعلام في نقل وقائع وأحداث الحرب الدائرة في أفغانستان . فيما يلي نص المقال :‏          

‏تتكبد الوسائل الإعلامية مبالغ طائلة لإرسال المراسلين إلى أفغانستان والدول المحيطة بها لتغطية أخبار الحرب الدائرة هناك مما قد يشكل عجزا في ميزانيتها لاحقا .فعلى سبيل المثال، تدفع محطة BBC الإخبارية ما يقارب من مليون جنيه إسترليني في الأسبوع الواحد لتغطية مباشرة لأحداث الحرب الدائرة هناك بعد الاعتداءات الإرهابية الأخيرة على الولايات المتحدة . وقد حث "غريج دايك" المدير العام للمحطة كبار الإداريين في اجتماع على مواصلة تغطية الأخبار وعدم التراجع لأسباب مادية .‏             

‏ولا تزال محطة BBC تملك فائضا في الميزانية يبلغ 10 ملايين جنيه إسترليني . ولكن مع وجود 24 مراسلا يعملون لحساب المحطة بالإضافة إلى التقنيين في الميدان ، لذا فإن مبلغ 10 ملايين لن يفي بالغرض . ويقول "ريتشارد سامبروك" مدير قطاع الأخبار : "لقد أعطانا "غريج" الضوء الأخضر للعمل ، ولدينا الإمدادات اللازمة للظروف المستقبلية . ولكن إذا كنا سنواصل تغطية الأخبار بنفس الطريقة في الأشهر الستة القادمة ، فإن ذلك سيكبدنا خسائر هائلة" خصوصا إذا ما استمر الصراع الدائر في أفغانستان إلى العام المقبل ‏ ‏لقد أتت هذه الحرب التي لا نستطيع تحديد نهايتها ، في وقت سيئ ماديا على نطاق واسع لكافة وسائل الإعلام . فعلى سبيل المثال ، طلبت محطة ITN - التلفزيونية الدولية - في الأسبوع الماضي التي تملك 9 مراسلين لتغطية الأخبار بمزيد من الدعم المادي للاستمرار تغطية الأخبار . من جهة أخرى تصرف محطة CNN الإخبارية التي تملك 47 شخصا يعملون في باكستان وأفغانستان ما يفوق 500 ألف جنيه إسترليني في الأسبوع لتغطية الأحداث الدائرة . وهنالك أنباء تشير إلى أن كلفة تغطية الأخبار منذ اعتداءات 11 سبتمبر قد تسبب عجزا بميزانية المحطة بحلول عام 2002 . ‏  

‏من جانب آخر ، قررت غالبية الصحف والإذاعات على أن تتركز مهمتها الأولى في المرحلة الحالية بتغطية الحرب الدائرة ومن ثم تأتي مرحلة التفاوض على تسديد الفواتير للجماعة الباشتونية في أفغانستان لاحقا . وقد ترك حوالي 70% من البريطانيين العاملين في القطاع الإعلامي مكاتبهم في لندن ليعسكروا في مناطق التحالف الشمالي أو ليتواجدوا في أحد شوارع إسلام أباد المغبرة . يأتي ذلك مع ارتفاع تكاليف السفر والفنادق ووسائل الإتصال الأخرى بسرعة هائلة منذ أن بدأ هؤلاء المراسلين بالتدفق على أفغانستان والدول المحيطة بها . الذين يتعين عليهم الدفع للمرشدين المحليين ولوسائل الحماية من هجمات المتمردين .‏        

‏كما يتعين على المذيعين الدفع للتقنيين والمهندسين الذين يتعين عليهم بالمقابل نقل معدات الأقمار الصناعية الباهظة الثمن مرورا بمناطق القتال . ويحق للمصورين المتنقلين الذين يتقصون آخر ما يمكن التوصل إليه من صور يلتقطونها من ساحة المعركة لنشرها للإعلام – المطالبة بالأجر الذي يحددونه لما يبذلونه من عناء قي الحصول على صور مأساوية لأحداث كهذه . ‏    

‏يقول "ريتشارد ثايت" – رئيس تحرير قناة ITN : "قمنا بتقديم طلبنا للحصول على صناديق تمويل إضافية من قنوات ITV الرابعة والخامسة ، وبدورهم سيلبون طلبنا كدعم وتشجيع لقناتنا . حيث يعتقد أن تغطيات هذه الحرب تكلف 300 ألف جنيه إسترليني أسبوعيا تتكفل بها محطة ITN ، فقد حصلت بعد الصراع في كوسوفو عام 1999 ما يفوق المليون جنيه إسترليني مقابل البث الذي ساهموا به . ويضيف "ثايت" : "بالرغم من انخفاض ميزانيتنا مقارنة بميزانية محطة BBC ، إلا أن محطتنا كانت الرائدة بالسماح لها في الدخول إلى قرى طالبان المقصوفة . وما يزيدني فخرا هو خبرة وكفاءة طاقم العمل رغم قلة عدده فضلا عن المعضلات التي قد يكون السبب فيها كثير من الناس" .‏  

‏وقد تواجه محطة Sky News مصاريف إضافية بسبب عمل القناة المتواصل لمدة 24 ساعة . وتقول الشركة الرئيسية The News Corporation التي تتبعها صحيفة The Times "أن الهجوم الذي وقع في سبتمبر كلفنا 69 مليون جنيه إسترليني بسبب عائدات الإعلانات الخاسرة . ولم يكن إلا لإعادة توجيه المصادر الإعلامية من إدارتها الرئيسية للصحف البريطانية ومن ثم التأكيد على إجراء تغطية شاملة للحرب ، وإحدى تلك الصحف المحلية صحيفة The Times التي فضلت تخصيص مكتب لمتابعة شؤون الحرب .‏            

 ‏ويبدو أن المنافسة في أوجها بين الصحف بغض النظر عن التكاليف ، حيث يقول "أليك راسل" – المحرر الأجنبي في صحيفة Daily Telegraph والذي لديه صحيفتين أرسلهما إلى التحالف الشمالي في أفغانستان واثنين آخرين في باكستان – "خصصنا ميزانية منفصلة للحرب ، وطلب مني أن أرسل المزيد من المراسلين والقيام باللازم ، أعلم أنها عمليه مكلفة خصوصا عند نقل الناس وإيوائهم من وإلى أفغانستان" .‏                 

‏ودون شك ، تساهم التقنيات الحديثة في خفض تكاليف البث ، فمثلا تبلغ تكاليف الاتصال عبر الأقمار الصناعية المصورة على طريقة "نيك روبرتسون" في محطة CNN حوالي 10 آلاف جنيه إسترليني مقارنه بالاعتماد على عربة الأقمار الصناعية التي تكلف 250 ألف جنيه إسترليني. ويعي "سامبورك" تمام الوعي أن الرأي النهائي للمشاهدين والمتابعين ، ويقول : "إننا نناقش كل يوم العناء والمشقة التي نسببها لهؤلاء المشاهدين" ، ويضيف "لقد حققنا نجاحا مشهورا في نقل الأخبار الأسبوع الماضي ، ولا نزال نخطط لنقل المزيد من المواضيع في المستقبل".‏       

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا