فقيد الأمة الإسلامية

نشرت صحيفة القبس في عددها (10248) مقالاً بعنوان فقيد الأمة الإسلامية بقلم د. إبراهيم بهبهاني جاء فيه...

لم أكن أعرف أن (الشيرازيين) يملكون هذا العدد الضخم في العالم، إلا عندما تنامى إلى سمعي وفاة المجتهد الأكبر السيد محمد الحسيني الشيرازي.

لكنني أعلم تماماً ماذا يعني بتسمية (الشيرازيين) ولماذا كانت لهم هذه المكانة.

إنما وسط هذا الحزن الذي اعتصر قلوب المؤمنين المسلمين والمقلدين لمرجعيته، تألمت لما سمعته وقرأته عن انتهاكات تعرض إليها موكب التشييع وجثمانه ودفنه في مكان بخلاف وصيته، ويا ليتني لم أقرأ أو أسمع ذلك، لأنني شعرت بطعنة في كرامة كل من عرف أو قرأ أو طلع على سيرة المجتهد الأكبر السيد الشيرازي رحمة الله عليه إلى يوم الدين.

لقد شاءت قدرة المولى أن يأتي إلينا هنا في الكويت ويمكث لمدة عشر سنوات قضاها بين أهله ومريديه بعد أن أقدم النظام الحاكم في العراق على نفيه وطرده، لأنه لا يألف أن يبقى من يرفض الذل والمهانة اللذين يتعرض إليهما الشعب العراقي، وكان رحمه الله، من أشد المناهضين لسياسة البطش وتكميم الأفواه التي انتهجها حزب البعث ولم يهادن الظالمين في حياته، بل كانت رسالته الدفاع عن المظلومين ولا يخاف غير الله وحكمته.

لقد جسد في حياته مبادئ الزهد والتفاني في خدمة الإسلام، ذلك المرجع سليل أسرة علماء وفقهاء، أثروا حياة المسلمين بالفكر والحكمة والهداية وتأسيس الحوزات العلمية والمراكز والمؤسسات الخيرية التي انتشرت في مختلف بقاع الأرض.

وكان ذلك جزءاً من رسالته وما من الله به عليه من علم وعطاء.

ويكفي أن نعرف أنه انتج في حياته أكثر من 1200 كتاب تعالج قضايا الفقه وعلم الكلام وتفسير القرآن والمشاكل الاجتماعية، فهذا من علامات النبوغ والاجتهاد ودليل على تفاني علمائنا بالتقوى والمستوى الرفيع والعالمي الذي وصلوا إليه في مجال التأليف والكتابة والإبداع والأحكام الشرعية والبحث والتوجيه.

إن الحديث عن صفات هذا العالم الجليل هو حديث عن الطاهرين والصفوة من العلماء والذين أكرمهم الله بإيمانهم وتواضعهم وإفناء أعمارهم في سبيل رفعة آل بيت محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

ومنذ عام 1979 وهو تاريخ انتقاله إلى إيران واتخاذه لمدينة قم مقراً له وهو منكب على تبليغ الدعوة والوقوف بوجه المنحرفين وإصدار الفتاوى والتواصل مع مقلديه، ولم نسمع يوماً عن تراجعه في مواقفه السياسية بالرغم من بعض المضايقات التي تعرض إليها، فقد وقف منتصراً دائماً للحق ولرسالة نبيه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وشامخاً بفكره وتراث أجداده سادة أهل البيت وأئمته المعصومين.

إن لنا في السيد صادق الشيرازي شقيق المرجع وحامل أمانة الراحل بإكمال مسيرته الجهادية وبأبنائه الصالحين كل الأمل والثقة بأن يبقى هذا البيت، بيت (الشيرازيين) منارة في العلم والاجتهاد، ومدرسة لطالبي الحق والوقوف بوجه الظالمين، وجامعة لكل من اهتدى بدين الله وبرسوله وبالأئمة الطاهرين.

رحمة الله عليك يا عبد الله، يا من تنتسب إلى سيد الشهداء، إليك يا مرجعنا الدعاء من القلوب المؤمنة، بمشيئة الله.

د. ابراهيم بهبهاني        

القبس 2001- العدد 10248

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا