|
ثلاثون سؤالاً في الفكر الإسلامي |
أهداف الدولة الإسلامية س29: ما هدف الدولة الإسلامية أو بالأحرى ما أهدافها؟ وهل يعتبر قضاؤها على الفقر والحرمان من واجباتها الشرعية أم أن الثراء والفقر قدران يجب الرضا بهما حتى على الصعيد الرسمي؟ ج: من واجبات الدولة الإسلامية القضاء على الفقر، والأخذ بيد الأمة نحو التقدم والرقي يوماً بعد يوم. قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)(275). وقال سبحانه:(اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأنْهَارَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)(276). وقال أمير المؤمنين (ع): (القبر خير من الفقر)(277). وقال (ع): (الحرمان خذلان)(278). وقال (ع): (إن الفقر مذلة للنفس، مدهشة للعقل، جالب للهموم)(279). وقال أبو عبد الله (ع): (قال رسول الله (ص): ما أقبح الفقر بعد الغنى، وأقبح الخطيئة بعد المسكنة)(280). وعن السكوني عن أبي عبد الله (ع) قال: (قال رسول الله(ص): كاد الفقر أن يكون كفرا وكاد الحسد أن يغلب القدر)(281). وقد ورد في الدعاء: (وأعوذ بك من الفقر)(282). وفي دعاء آخر: (اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر ومواقف الخزي في الدنيا والآخرة)(283). وعن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (ع) أنه قال: (من استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان آخر يوميه خيرهما فهو مغبوط، ومن كان آخر يوميه شرهما فهو ملعون، ومن لم ير الزيادة في نفسه فهو إلى النقصان، ومن كان إلى النقصان فالموت خير له من الحياة)(284).
الأراضي المغصوبة س30: هناك أجزاء مغتصبة من دول المسلمين من قبل دول إسلامية أخرى (أو توصف هكذا) فما سبيل حلها؟ وإذا وقعت هذه المشكلة مع دول غير إسلامية (كما في فلسطين) فهل يستخدم نفس ذلك الحل؟ ولماذا؟ وبخاصة أن حكومات المسلمين اليوم، وبشكل عام، أبعد ما يكون عن الإسلام؟. ج: لا حدود جغرافية بين بلاد الإسلام، ويلزم إلغاء هذه الحدود المصطنعة حتى يكون البلد الإسلامي بلداً واحداً على تفصيل ذكرناه في بعض كتبنا (285). وبالنسبة إلى مثل فلسطين وشعبها المظلوم فيلزم تكريس الوحدة والتعاون بين صفوف الأمة، وحث المجتمع الدولي على اتخاذ خطوات رادعة للعدوان الصهيوني بل العدوان في كل مكان، وتوفير الحماية اللازمة للشعوب المظلومة والرجوع إلى الأسس الحيوية المذكورة في القرآن الكريم من الشورى والحرية والأخوة الإسلامية والأمة الواحدة والتعددية السياسية وما أشبه. كما يلزم تشكيل منظمة عالمية إسلامية تعتني بمختلف قضايا الأمة وتطالب بحقوقها المهدورة، واللازم على المسلمين أن يشكلوا تكتلاً داخل البلاد الإسلامية وغيرها كما شكل اليهود تكتلاً في العالم تحت لواء الصهيونية، ثم إنه يلزم أن يأخذ هذا التكتل بأسباب القوة، من الإيمان والعلم والصناعة والمال والسلاح والدعاية وغيرها، فإذا وصلت قوتهم التنظيمية وسائر قواهم بقدر قوة الأعداء وزودوا بالإيمان، قابلوا بقواهم المادية قوة الغاصبين وبقواهم المعنوية (الإيمان) قوى من وراء اليهود من المستعمرين الشرقيين والغربيين وبذلك يحصل النصر بإذن الله تعالى. فإن المسجد الأقصى يعد من أهم الأماكن الإسلامية وأقدمها فهو ثاني مسجد بني على الأرض بعد المسجد الحرام، وقد ولّى المسلمون وجوههم شطره في الصلاة قبل أن يولّوها شطر المسجد الحرام، ومن هنا عُرف بأولى القبلتين، وقد ازداد ارتباط المسلمين بالمسجد الأقصى لما حدثت واقعة الإسراء والمعراج التي كانت بداية للصلة الفعلية بين الإسلام والحرم القدسي الشريف، فمن هذا المكان المقدس كان مسرى النبي (ص) ومعراجه. وكان للأقصى المبارك وما زال دوراً اجتماعياً مهماً، فلم يكن الأقصى مجرد مسجد يلتقي فيه المسلمين لتأدية الواجبات العبادية فحسب وإنما هو الملتقى الاجتماعي الوحيد لشتى فئات الناس فضلاً عن سائر الزوّار والسواح الذين يصلون إليه بالمئات خلال الأسبوع الواحد. وبعبارة أخرى الأقصى هو المدرسة الاجتماعية العظمى في فلسطين المسلمة، وفي هذه المدرسة المباركة تلتقي فئات المجتمع وتتعارف الشعوب والطوائف الأخرى فلا يكاد يمر يوم إلا ويقبل أناس جدد ويحلون بين المسلمين هناك. ومن هنا كان اليهود يؤكدون على اغتصاب الأقصى، فهم يرمون بذلك شل هذه الموجة الاجتماعية بل القضاء عليها ونسفها من الوجود بحيث يغدو المجتمع مشتتاً لا تربطه أية علاقة فيصبح من السهل اليسير لهم القضاء على فئاته والاستيلاء عليهم. وبالفعل، فقد وصلوا إلى هذه الغاية وشتتوا المجتمع إثر استيلائهم على القدس وطردهم للمسلمين عنه بتلك الصورة المفجعة الدامية التي أقرحت قلوب المسلمين كافة.
نسأل من الله العلي القدير أن يخلص القدس والمسجد الأقصى من دنس الغزاة المحتلين وعلى أيدي أبناء الإسلام المجاهدين إنه سميع مجيب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قم المقدسة محمد الشيرازي
الهوامش: (275) سورة الإسراء: 70. (276) سورة إبراهيم: 32-34. (277) غرر الحكم ودرر الكلم: ص365 ق5 ب3 ف1 ح8217. (278) غرر الحكم ودرر الكلم: ص365 ق5 ب3 ف1 ح8218. (279) غرر الحكم ودرر الكلم: ص365 ق5 ب3 ف1 ح8223. (280) الكافي: ج2 ص84 باب العبادة ح6. (281) وسائل الشيعة: ج15 ص365-366 ب55 ح20757. (282) مستدرك الوسائل: ج9 ص387 ب14 ح11143. (283) تهذيب الأحكام: ج5 ص102 ب9 ح1. (284) وسائل الشيعة: ج16 ص94 ب95 ح21073. (285) انظر كتاب (لا للحدود الجغرافية). |