|
ثلاثون سؤالاً في الفكر الإسلامي |
معنى الوحدة الإسلامية س13: الوحدة الإسلامية، أو الوحدة بين الدول الإسلامية، هل ينظر إليها سماحة السيد المرجع على أنها (وحدة اندماجية) أم تنسيق مواقف ولقاءات دورية؟! وهل يتمتع حكام الدول الإسلامية عموماً هذه الأيام بالشرعية التي تؤهلهم للحديث عن موقف إسلامي موحد تجاه أحداث العصر؟ ج: تكون الوحدة بين البلاد الإسلامية بإلغاء الحدود الجغرافية المصطنعة، حتى يصبح البلد الإسلامي بلداً واحداً، وإن كان له ولايات متعددة كما في بعض دول الغرب. ولا يكون ذلك إلا بنشر الوعي واتخاذ سياسة اللاعنف وتطبيق قانون الشورى والتعددية الحزبية وما أشبه. ومن مصاديق هذه الوحدة مضافاً إلى إلغاء الحدود الجغرافية، وحدة العملة، حيث يكون التعامل بالدينار والدرهم، ووحدة التأريخ بأن تكون السنة هجرية قمرية، ووحدة اللغة حيث الكلام الرسمي للدولة باللغة العربية، ووحدة الحرف بأن يكون الحرف العربي هو المعمول به، ووحدة الأوزان مثل المد والرطل والصاع، ووحدة المسافات مثل الفرسخ والميل، إلى غير ذلك من الأمور على تفصيل ذكرناه في كتاب (القوميات في خمسين سنة) (177). وقد ورد في الروايات التعبير بالبلد الإسلامي لا بلاد متعددة، مما يؤيد أن للأمة الإسلامية بلداً إسلامياً واحداً من دون فرق بين عربيهم وعجميهم، وأبيضهم وأسودهم. قال تعالى: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)(178). وقال سبحانه: (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ)(179). وعن أبي عبد الله (ع) قال: (الناس كلهم في دار الإسلام المخالفون وغيرهم أهل هدنة ترد ضالتهم وتؤدى أمانتهم ويوفى بعهدهم، إن الأمانة تؤدى إلى البر والفاجر، والعهد يوفى به للبر والفاجر وأد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك ولا تأخذن ممن جحدك مالا لك عليه شيئا بوجه خيانة)(180). وقال(ع): (أيهما أعظم حرمة دار الإسلام أو دار الشرك)(181). وفي حديث: (أن رسُول الله (ص) نهى عن قتال النساء والولدان في دار الحرب إلا أن يقاتلوا فإن قاتلت أيضا فأمسك عنها ما أمكنك ولم تخف خللا فلما نهى عن قتلهن في دار الحرب كان في دار الإسلام أولى)(182). وعن جعفر بن محمد (ع) قال: (إذا خرج الحربي إلى دار الإسلام فأسلم ثم لحقته امرأتُه فهما على النكاح)(183). وفي حديث آخر: (إنما أخرجُوهُم من الشرك إلى دار الإسلام)(184). وقال (ع): (وليس لهُ أن يُخرجها من دار الإسلام إلى غيرها)(185). وعن أبي بصير قال: سألته عن الإنفاء من الأرض كيف هو؟ قال: (ينفى من بلاد الإسلام كلها)(186). وقال(ع): (إن أراد أن يخرج بها إلى بلاد المسلمين ودار الإسلام فله ما اشترط عليها)(187). وعن أبي عبد الله(ع) : (في رجل كان له عبد فأدخل دار الشرك ثم أخذ سبيا إلى دار الإسلام)(188). وعن أبي عبد الله(ع) : (أنه كان يورث الحميل، والحميل ما ولد في بلد الشرك فعرف بعضُهُم بعضا في دار الإسلام وتقاروا بالأنساب)(189). وعن الإمام علي(ع) أنه قال: (إذا سبي الرجل وامرأته من المشركين فهما على النكاح ما لم يكن أحدهما سبي و أحرز في دار الإسلام دون الآخر فإذا كان ذلك فلا عصمة بينهما)(190). والتعبير بـ (دار الإسلام) في قبال (دار الشرك) أو (دار الكفر) أو (دار الحرب)، يدل على عدم الحدود الجغرافية بين البلاد الإسلامية.
إمكانية الوحدة الإسلامية س14: هل يرى سماحة السيد المرجع إمكان تحقق هذه الوحدة الإسلامية مع كل الخلافات والاختلافات القائمة بين المسلمين أنفسهم، وانقسامهم إلى طوائف وأحزاب وغيرها؟ ج: يمكن ذلك بنشر الوعي والثقافة والظاهر أن المسلمين يسيرون إلى ذلك، وقد طبق الأوربيون هذه الوحدة في بلادهم. قال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)(191). وعن أبي عبد الله (ع) قال: (قال رسول الله (ص) في حديث: ألا إن في التباغض الحالقة لا أعني حالقة الشعر ولكن حالقة الدين)(192). وعن حذيفة بن منصور قال: قال أبو عبد الله (ع): (اتقوا الحالقة فإنها تميت الرجال) قلت: وما الحالقة، قال: (قطيعة الرحم)(193). وعن عثمان بن عيسى عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال: قلت له: إن إخوتي وبني عمي قد ضيقوا عليّ الدار وألجئوني منها إلى بيت ولو تكلمت أخذت ما في أيديهم، قال: فقال لي: (اصبر فإن الله سيجعل لك فرجاً) قال: فانصرفت ووقع الوباء في سنة إحدى وثلاثين ومائة فماتوا والله كلهم فما بقي منهم أحد، قال: فخرجت فلما دخلت عليه، قال: (ما حال أهل بيتك) قال: قلت له: قد ماتوا والله كلهم فما بقي منهم أحد، فقال: (هو بما صنعوا بك وبعقوقهم إياك وقطع رحمهم بتروا أ تحب أنهم بقوا وأنهم ضيقوا عليك) قال: قلت: إي والله(194). وعن أبي عبيدة عن أبي جعفر (ع) قال: (في كتاب علي (ع) ثلاث خصال لا يموت صاحبهن أبداً حتى يرى وبالهن البغي وقطيعة الرحم واليمين الكاذبة يبارز الله بها وإن أعجل الطاعة ثواباً لصلة الرحم وإن القوم ليكونون فجاراً فيتواصلون فتنمي أموالهم ويبرّون فتزاد أعمارهم وإن اليمين الكاذبة وقطيعة الرحم ليذران الديار بلاقع من أهلها وتُثقلان الرحم وإن ثِقل الرحم انقطاع النسل)(195). وعن عنبسة العابد قال: جاء رجل فشكا إلى أبي عبد الله (ع) أقاربه، فقال له: (اكظم غيظك وافعل) فقال: إنهم يفعلون ويفعلون، فقال: (أ تريد أن تكون مثلهم فلا ينظر الله إليكم)(196). وعن السكوني عن أبي عبد الله (ع) قال: (قال رسول الله(ص): لا تقطع رحمك وإن قطعتك)(197). وعن أبي حمزة الثمالي قال: قال أمير المؤمنين (ع) في خطبته: (أعوذ بالله من الذنوب التي تعجل الفناء) فقام إليه عبد الله بن الكواء اليشكري فقال: يا أمير المؤمنين أو يكون ذنوب تعجل الفناء، فقال: (نعم ويلك قطيعة الرحم إن أهل البيت ليجتمعون ويتواسون وهم فجرة فيرزقهم الله وإن أهل البيت ليتفرقون ويقطع بعضهم بعضاً فيحرمهم الله وهم أتقياء)(198). وعن أبي حمزة عن أبي جعفر (ع) قال: (قال أمير المؤمنين(ع): إذا قطعوا الأرحام جعلت الأموال في أيدي الأشرار)(199). وعن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (ع) قال: (قال رسول الله(ص) : ما كاد جبرئيل يأتيني إلا قال: يا محمد اتق شحناء الرجال وعداوتهم)(200). وعن أبي عبد الله (ع) قال: (إياكم والمشارة فإنها تورث المعرة وتظهر العورة)(201). وعن أبي عبد الله (ع) قال: (من زرع العداوة حصد ما بذر)(202). وعن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عن آبائه (ع) قال: (قال رسول الله (ص): من كثر همه سقم بدنه ومن ساء خلقه عذب نفسه ومن لاحى الرجال سقطت مروءته) ثم قال رسول الله (ص): (لم يزل جبرئيل (ع) ينهاني عن ملاحاة الرجال كما ينهاني عن شرب الخمر وعبادة الأوثان)(203).
الهوامش: (177) يقع الكتاب في 120 صفحة 20×14 من تأليفات سماحته في الكويت، ط1: دار ميثم للطباعة والنشر، طهران إيران. ط2: مؤسسة المجتبى للتحقيق والنشر، بيروت لبنان، 1421هـ 2001م. (178) سورة الأنبياء: 92. (179) سورة المؤمنون: 52. (180) مستدرك الوسائل: ج14 ص9-10 ب2 ح15953. (181) من لا يحضره الفقيه: ج4 ص69 باب حد السرقة ح5125. (182) الكافي: ج5 ص29 باب وصية رسول الله وأمير المؤمنين (ع) في السرايا ح6. (183) دعائم الإسلام: ج2 ص251 كتاب النكاح ف13 ح947. (184) تهذيب الأحكام: ج6 ص162 ب75 ح6. (185) الاستبصار: ج3 ص183 ب118 ح6. (186) وسائل الشيعة: ج28 ص318 ب4 ح34853. (187) غوالي اللآلي: ج3 ص367 باب النكاح ح341. (188) تهذيب الأحكام: ج6 ص160 ب74 ح4. (189) مستدرك الوسائل: ج17 ص216 ب6 ح21185. (190) دعائم الإسلام: ج2 ص252 كتاب النكاح ف13 ح953. (191) سورة آل عمران: 103. (192) الكافي: ج2 ص346 باب قطيعة الرحم ح1. (193) بحار الأنوار: ج71 ص133 ب3 ح102. (194) الكافي: ج2 ص346-347 باب قطيعة الرحم ح3. (195) وسائل الشيعة: ج23 ص207-208 ب4 ح29382. (196) الكافي: ج2 ص347 باب قطيعة الرحم ح5. (197) وسائل الشيعة: ج12 ص373 ب149 ح16290. (198) بحار الأنوار: ج71 ص137-138 ب3 ح107. (199) الكافي: ج2 ص348 باب قطيعة الرحم ح8. (200) وسائل الشيعة: ج12 ص238 ب136 ح16189. (201) بحار الأنوار: ج70 ص407 ب145 ح11. (202) وسائل الشيعة: ج12 ص239 ب136 ح16193. (203) وسائل الشيعة: ج12 ص240 ب136 ح16196. |