عودة إلى صفحة مكتبة النبأ

إتصلوا بنا

شارك في الكتابة

الأعداد السابقة

الصفحة الرئيسية

 
 

ثلاثون سؤالاً في الفكر الإسلامي

طريق التنفيذ

س11: إذا كان جواب السؤال السابق بث الوعي والارشاد وتحسين ظروف المعيشة وفتح الأبواب للزواج أمام الشباب، وما إلى ذلك، فكيف يستطاع تنفيذ ذلك، والمشرفون على تلك الوسائل الفضائية مصممون أن ينفذوا ارادتهم حتى بإسقاط الانظمة المعارضة لتوجهاتهم أو بخلق المشكلات الخطيرة لها؟

ج: كما ذكرناه في السؤال السابق، علماً بأن القوانين الإسلامية فطرية ويميل إليها الناس إذا عرفوها بفطرتهم، فإن الإنسان يميل إلى ما فيه خيره وصلاحه عادة.

قال عزوجل: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ)(157).

وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ * أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا * ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَى لَهُمْ)(158).

وقال سبحانه: (والعاقبة للمتقين)(159).

وقد سبق القول بلزوم تشكيل منظمة عالمية إسلامية ومعها يمكن للمسلمين حفظ حقوقهم ونشر ثقافتهم العالمية.

 

العلاقات الدولية

س12: كيف ينظر سماحة السيد المرجع إلى العلاقات الدولية الآن؟ خاصة فيما يسمى بالنظام العالمي الجديد؟

وهل يستطيع المسلمون أن يكون لهم رأي ودور في هذا العصر؟ وكيف يتحقق ذلك؟

وخاصة أن حكام المسلمين بشكل عام تابعون إما لهذه الجهة أو تلك؟

وهل هناك وسيلة تستطيع أن تغير توجهات هؤلاء الحكام؟

ج: يلزم على المسلمين أن يشكلوا منظمة عالمية تعني بمختلف شؤونهم، والكلام إنما هو بعد تعدد الأحزاب وبث الوعي وتطبيق قانون الشورى وعدم الاستبداد في الحكم كما تم إجراء ذلك في الهند.

وقد أوصى أمير المؤمنين(ع) ولديه الحسن والحسين ومن بلغه كتابه بقوله: (أوصيكما وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي بتقوى الله ونظم أمركم وصلاح ذات بينكم)(160).

وقد مر بعض الكلام فيما يرتبط بالعلاقات الدولية وأنها محترمة ضمن الموازين الشرعية.

قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود)(161).

وقال سبحانه: (أوكلما عاهدوا عهداً نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون)(162).

وقال عزوجل: (الموفون بعهدهم إذا عاهدوا)(163).

وقال تعالى: (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا)(164).

وقال سبحانه: (واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد)(165).

وقال جل جلاله: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون* وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً إن الله يعلم ما تفعلون)(166).

وقال سبحانه: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون)(167).

وقال عز من قائل: (إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئاً ولم يظاهروا عليكم أحداً فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين )(168).

وقال تعالى: (الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون * فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون * وإما تخافن من قوم خيانةً فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين * ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون * وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لاتعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شي‏ء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون * وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم * وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله و الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين)(169).

وقال سبحانه: (عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودةً والله قدير والله غفور رحيم * لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين * إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون)(170).

 

صلح الحديبية

وقد ورد في قوله تعالى: (وقاتلوا في سبيل الله) (171)عن ابن عباس: نزلت هذه الآية في صلح الحديبية وذلك أن رسول الله (ص) لما خرج هو وأصحابه في العام الذي أرادوا فيه العمرة وكانوا ألفا وأربعمائة فساروا حتى نزلوا الحديبية، فصدهم المشركون عن البيت الحرام، فنحروا الهدي بالحديبية ثم صالحهم المشركون على أن يرجع (ص) في عامه ويعود العام القابل ويخلوا له مكة ثلاثة أيام فيطوف بالبيت ويفعل ما يشاء فيرجع إلى المدينة من فوره، فلما كان العام المقبل تجهز النبي (ص) وأصحابه لعمرة القضاء وخافوا أن

لاتفي لهم قريش بذلك وأن يصدوهم عن البيت الحرام ويقاتلوهم فكره رسول الله (ص) قتالهم في الشهر الحرام في الحرم فأنزل الله هذه الآية(172).

قال عروة: بالله ما رأيت كاليوم أحدا صد كما صددت، فرجع إلى قريش وأخبرهم فقالت قريش: والله لئن دخل محمد مكة وتسامعت به العرب لنذلن ولتجترين علينا العرب. فبعثوا حفص بن الأحنف وسهيل بن عمرو فلما نظر إليهما رسول الله (ص) قال: (ويح قريش قد نهكتهم الحرب ألا خلوا بيني وبين العرب فإن أك صادقا فإنما أجر الملك إليهم مع النبوة وإن أك كاذبا كفتهم ذؤبان العرب لا يسألني اليوم امرؤ من قريش خطة ليس لله فيها سخط إلا أجبتهم إليه).

قال: فوافوا رسول الله (ص) فقالوا: يا محمد ألا ترجع عنا عامك هذا إلى أن ننظر إلى ما ذا يصير أمرك وأمر العرب فإن العرب قد تسامعت بمسيرك فإن دخلت بلادنا وحرمنا استذلتنا العرب واجترأت علينا ونخلي لك البيت في العام القابل في هذا الشهر ثلاثة أيام حتى تقضي نسكك وتنصرف عنا.

فأجابهم رسول الله (ص) إلى ذلك، وقالوا له: وترد إلينا كل من جاءك من رجالنا ونرد إليك كل من جاءنا من رجالك، فقال رسول الله (ص) : (من جاءكم من رجالنا فلا حاجة لنا فيه ولكن على أن المسلمين بمكة لا يؤذون في إظهارهم الإسلام ولا يكرهون ولا ينكر عليهم شي‏ء يفعلون من شرائع الإسلام)، فقبلوا ذلك فلما أجابهم رسول الله (ص) إلى الصلح أنكر عامة أصحابه(173).

 

في واقعة تبوك

وورد في قصة تبوك أنه: قدم رسول الله (ص) تبوك في شعبان يوم الثلاثاء وأقام بقية شعبان وأياما من شهر رمضان وأتاه وهو بتبوك يحنة بن رؤبة صاحب أيلة فأعطاه الجزية وكتب رسول الله (ص) له كتابا والكتاب عندهم وكتب أيضا لأهل جرباء وأذرح كتابا وبعث رسول الله (ص) وهو بتبوك بأبي عبيدة بن الجراح إلى جمع من جذام مع زنباع بن روح الجذامي فأصاب منهم طرفا وأصاب منهم سبايا وبعث سعد بن عبادة إلى ناس من بني سليم وجموع من بلى فلما قاربوا القوم هربوا وبعث خالدا إلى الأكيدر صاحب دومة الجندل وقال له: (لعل الله يكفيكه بصيد البقر فتأخذه) فبينا خالد وأصحابه في ليلة أضحيان إذ أقبلت البقرة تنتطح باب حصن أكيدر وهو مع امرأتين له يشرب الخمر فقام فركب هو وحسان أخوه وناس من أهله فطلبوها وقد كمن له خالد وأصحابه فتلقاه أكيدر وهو يتصيد البقر فأخذوه وقتلوا حسانا أخاه وعليه قباء مخوص بالذهب وأفلت أصحابه وقد دخلوا الحصن وأغلقوا الباب دونهم فأقبل خالد بأكيدر وسار معه إلى أصحابه وسألهم أن يفتحوا له الباب فأبوا، فقال: أرسلني فإني أفتح الباب فأخذ عليه موثقا وأرسله فدخل وفتح الباب حتى دخل خالد وأصحابه وأعطاه ثمانمائة رأس وألفي بعير وأربعمائة درع وأربعمائة رمح وخمسمائة سيف فقبل ذلك منه وأقبل به إلى رسول الله (ص) فحقن دمه وصالحه على الجزية(174).
 

وفد نجران

قدم على رسول الله (ص) وفد نجران فيهم بضعة عشر رجلا من أشرافهم وثلاثة نفر يتولون أمورهم: العاقب وهو أميرهم وصاحب مشورتهم الذي لا يصدرون إلا عن رأيه وأمره واسمه عبد المسيح، والسيد وهو ثمالهم وصاحب رحلهم واسمه الأيهم، وأبو حارثة ابن علقمة الأسقف وهو حبرهم وإمامهم وصاحب مدارسهم وله فيهم شرف ومنزلة، وكانت ملوك الروم قد بنوا له الكنائس وبسطوا عليه الكرامات لما يبلغهم من علمه واجتهاده في دينهم، فلما وجهوا إلى رسول الله (ص) جلس أبو حارثة على بغلة وإلى جنبه أخ له يقال له كرز أو بشر بن علقمة يسايره إذ عثرت بغلة أبي حارثة.

فقال كرز: تعس الأبعد، يعني رسول الله (ص).

وقال له أبو حارثة: بل أنت تعست.

قال له: ولم يا أخي.

فقال: والله إنه للنبي الذي كنا ننتظره.

فقال كرز: فما يمنعك أن تتبعه.

فقال: ما صنع بنا هؤلاء القوم شرفونا ومولونا وأكرمونا وقد أبوا إلا خلافه ولو فعلت نزعوا منا كل ما ترى.

فأضمر عليها منه أخوه كرز حتى أسلم ثم مر يضرب راحلته ويقول:

إليك تغدو قلقا وضينها

معترضا في بطنها جنينها

مخالفا ديـن النصارى دينهـا

فلما قدم على النبي (ص) أسلم.

قال: فقدموا على رسول الله (ص) وقت العصر وفي لباسهم الديباج وثياب الحيرة على هيئة لم يقدم بها أحد من العرب.

فقال أبو بكر: بأبي أنت وأمي يا رسول الله لو لبست حلتك التي أهداها لك قيصر فرأوك فيها.

قال: ثم أتوا رسول الله (ص) فسلموا عليه، فلم يرد (ص) ولم يكلمهم.

فانطلقوا يتتبعون عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وكانا معرفة لهم فوجدوهما في مجلس من المهاجرين، فقالوا: إن نبيكم كتب إلينا بكتاب فأقبلنا مجيبين له فأتيناه وسلمنا عليه فلم يرد سلامنا ولم يكلمنا فما الرأي؟

فقالا لعلي بن أبي طالب(ع): ما ترى يا أبا الحسن في هؤلاء القوم؟

قال: (أرى أن يضعوا حللهم هذه وخواتيمهم ثم يعودون إليه).

ففعلوا ذلك فسلموا، فرد سلامهم ثم قال: (والذي بعثني بالحق لقد أتوني المرة الأولى وإن إبليس لمعهم).

ثم ساءلوه ودارسوه يومهم، وقال الأسقف: ما تقول في السيد المسيح يا محمد؟

قال: (هو عبد الله ورسوله).

قال: بل هو كذا وكذا.

فقال (ص) : (بل هو كذا وكذا).

فترادا فنزل على رسول الله (ص) من صدر سورة آل عمران نحو من سبعين آية يتبع بعضها بعضا وفيما أنزل الله (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب) إلى قوله: (على الكاذبين)(175).

فقالوا للنبي(ص): نباهلك غدا.

وقال أبو حارثة لأصحابه: انظروا فإن كان محمد غدا بولده وأهل بيته فاحذروا مباهلته وإن غدا بأصحابه وأتباعه فباهلوه.

قال أبان: حدثني الحسين بن دينار عن الحسن البصري قال: غدا رسول الله آخذا بيد الحسن والحسين تتبعه فاطمة (ع) وبين يديه علي (ع) وغدا العاقب والسيد بابنين على أحدهما درتان كأنهما بيضتا حمام فحفوا بأبي حارثة، فقال أبو حارثة: من هؤلاء معه، قالوا: هذا ابن عمه زوج ابنته وهذان ابنا ابنته وهذه بنته أعز

الناس عليه وأقربهم إلى قلبه، وتقدم رسول الله (ص) فجثا على ركبتيه.

فقال أبو حارثة: جثا والله كما جثا الأنبياء للمباهلة فكع ولم يقدم على المباهلة، فقال له السيد: ادن يا أبا حارثة للمباهلة.

فقال: لا إني لأرى رجلا جريئا على المباهلة وأنا أخاف أن يكون صادقا فلا يحول والله علينا الحول وفي الدنيا نصراني يطعم الماء.

قال: وكان نزل العذاب من السماء لو باهلوه.

فقالوا: يا أبا القاسم إنا لا نباهلك ولكن نصالحك.

فصالحهم رسول الله (ص) على ألفي حلة من حلل الأواقي قيمة كل حلة أربعون درهما جيادا وكتب لهم بذلك كتابا، وقال لأبي حارثة الأسقف: (لكأنني بك قد ذهبت إلى رحلك وأنت وسنان فجعلت مقدمه مؤخره).

فلما رجع قام يرحل راحلته فجعل رحله مقلوبا، فقال: أشهد أن محمدا رسول الله (ص) (176).

 

الهوامش:

(157) سورة الروم: 30.

(158) سورة محمد: 7-11.

(159) سورة الأعراف: 128، سورة القصص: 83.

(160) نهج البلاغة، الرسائل: 47 من وصية له (ع) للحسن والحسين(ع) لما ضربه ابن ملجم (لعنه الله).

(161) سورة المائدة: 1.

(162) سورة البقرة: 100.

(163) سورة البقرة: 177.

(164) سورة الإسراء: 34.

(165) سورة مريم: 54.

(166) سورة النحل: 90-91.

(167) سورة المؤمنون: 8، سورة المعارج: 32.

(168) سورة التوبة: 4.

(169) سورة الأنفال: 56-62.

(170) سورة الممتحنة: 7-9.

(171) سورة البقرة: 190.

(172) بحار الأنوار: ج20 ص319 - 320 ب20 .

(173) تفسير القمي: ج2 ص311 صلح الحديبية.

(174) إعلام الورى: 123 ب4.

(175) سورة آل عمران: 59-61.

(176) بحار الأنوار: ج21 ص336-338 ب32 ح1.