عودة إلى صفحة مكتبة النبأ

إتصلوا بنا

شارك في الكتابة

الأعداد السابقة

الصفحة الرئيسية

 
 

ثلاثون سؤالاً في الفكر الإسلامي

الإعلام الفاسد

س10: العالم الآن يتعرض لشبكة إعلامية فاسدة مفسدة على مختلف الأصعدة، وخاصة عن طريق القنوات الفضائية والأفلام السينمائية وشبكات الانترنيت، وقد أصبح من المستحيل عملياً السيطرة على تلك السموم بأكملها، فكيف يرى سماحة السيد المرجع أفضل وسيلة للحد من مخاطرها؟

ج: قد ذكرنا في كتاب (الأفلام المفسدة في الأقمار الصناعية) ما إجماله:

إن السبب الأساسي في تخلف المسلمين وأفول حضارتهم وهدم دينهم ودنياهم هو الإعراض عن قوانين الله تعالى ومناهجه في الحياة، قال تعالى: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى)(135) وقد تجلى ذلك في مختلف شؤون الحياة وفي نماذج كثيرة كان منها: انتشار الخمور والفجور والشذوذ الجنسي والغناء والأفلام الخليعة ونبذ القوانين الإسلامية وغيرها، فكانت الحصيلة النهائية تبدد الثروات والتعبية للدول الأجنبية، إضافة إلى الكبت والقهر الذي ولد العقد النفسية والفقر والتأخر ولمواجهة هذه الحالة والتصدي لها يلزم:

أولاً: تعاون الدول الإسلامية فيما بينها وإبرام اتفاقية تقضي بتحريم انتاج وتوزيع وبث الأفلام الخليعة المضرة بالمجتمع والتي تسبب في بروز حالات الشذوذ والانحراف الجنسي، ومن ثم طرحها في الجمعية العامة للأمم المتحدة للمصادقة عليها كما صادقت من قبل على اتفاقية حظر ونشر الأسلحة الكيماوية والأسلحة الميكروبية والمخدرات وغيرها وذلك عن طريق:

1: تنشيط الوسائل الإعلامية لإقناع الدول والشعوب والضغط على المجتمع الدولي وهيئات الأمم المتحدة بضرورة إبرام اتفاقية حظر انتاج وتوزيع وبث الأفلام المبتذلة المخالفة للحياء والعفة.

2: مطالبة جمعيات حقوق الإنسان والجميعات الدينية بتبني هذه الفكرة والدعوة إليها.

ثانياً: الضغط على الحكومات الإسلامية لمنع انتشار ما يوجب الفساد والإفساد في المجتمع من الأفلام الخلاعية وغيرها.

ثالثاً: إشراك الحركات والمنظمات السياسية والثقافية والإنسانية في هذه المهمة الإنسانية الرامية إلى الحد من انتشار هذه الأفلام الفاضحة.

رابعاً: فضح وعقوبة الجهات المسؤولة والتي تعمل في الخفاء على إنتاج وتوزيع الأفلام المخلة بالعفة.

خامساً: تشجيع الأقلام الخيّرة ـ كُتّاباً وصحفيين ـ والأصوات الإنسانية، للعمل على مواجهة الأفلام الخلاعية، وذلك بإرشاد الناس إلى مضار هذه الأفلام ومطالبتهم بمقاطعتها مقاطعة كاملة.

سادساً: تنظيم برامج تدين إنتاج وتوزيع ونشر الأفلام الخلاعية وذلك من خلال ما يلي:

1: تنظيم مسيرات احتجاجية ضد هذه الأنشطة إذا لم يكن محذوراً وضد من يمارسها، فعن أبي عبد الله (ع) قال: (قال الإمام علي (ع): أمرنا رسول الله (ص) أن نلقى أهل المعاصي بوجوه مكفهرة)(136).

2: تنظيم ندوات شعبية في المراكز والمساجد بقصد توجيه الناس إلى الآثار السلبية التي تتضمنها هذه الأفلام الفاضحة.

3: تنظيم الإعتصامات السلمية أمام دور السينما التي تقوم بعرض مثل هذه الأفلام.

سابعاً: دعوة الحكومات إلى فسح المجال أمام الشركات والمواطنين للقيام بتأسيس قنوات تلفزيونية مفيدة.

ثامناً: الاهتمام بفئات الشباب خاصة في سن (14-30) والذين هم ربما يشكلون نصف المجتمع وذلك بملء وقت الفراغ لديهم بأمور نافعة من خلال ما يلي:

 1: تشغيل الشباب في فترات العطل في مشاريع اقتصادية.

2: إيجاد فرص عمل عديدة لاستيعاب العاطلين عن العمل.

3: استثمار هوايات الشباب في مختلف الشؤون والحقول من خط ورسم وزخرفة وكمبيوتر وغيره.

4: الاهتمام بذوي الكفاءات العلمية بإيجاد معامل صغيرة ومختبرات تجريبية.

5: إيجاد الفرق الرياضية والعمل على إقامة المسابقات الرياضية.

تاسعاً: التوجه إلى حل المشكلات الاجتماعية للشباب وتوفير الوسائل المادية للزواج وتسهيل أمره.

عاشراً: إشاعة الأخلاق الإسلامية والفضيلة والتقوى في المجتمع فإن الأخلاق السامية من أهم أسباب الوقاية وفي المثل: (إن مثقالاً من الوقاية خير من قنطار من العلاج) وذلك من خلال ما يلي:

1: التزام الآباء والأمهات بالأخلاق والفضيلة والتقوى ليكونوا نموذجاً عملياً صالحاً للأبناء.

2: تطبيق القواعد الأخلاقية والقوانين الإسلامية في المجتمع كالصدق والمواساة وحسن الخلق وغيره.

3: إشاعة روح الشورى في المجتمع ومكافحة روح الاستبداد والطغيان.

حادي عشر: حث الخطباء والمبلغين على الاهتمام بهذا الموضوع الخطير والفات الناس إلى مدى الخطر الذي قد يوجه نحوهم.

ثاني عشر: التشويش على الأفلام اللا أخلاقية في أوقات بثها.

ثالث عشر: التفكير بشكل جدي على إيجاد البدائل الإيجابية السليمة ومن ذلك:

1: إيجاد قنوات تلفزيونية تبث برامجها عبر الأقمار الصناعية، تقوم بنشر الثقافة الإسلامية والأخبار والأفلام والمسلسلات المفيدة والبرامج العلمية وما أشبه وذلك على مدار 24 ساعة.

2: دعوة الشركات والمؤسسات الفنية إلى إنتاج برامج وأفلام سينمائية وتلفزيونية تستلهم مادتها من التاريخ الإسلامي والقيم والمفاهيم القرآنية والإنسانية.

3: إغناء القنوات التلفزيونية في البلاد الإسلامية بالبرامج المفيدة والأفلام العلمية والاجتماعية وغيرها.

4: استيعاب مشاكل الشباب في البرامج التلفزيونية المحلية والعالمية وتبني قضاياهم والتعبير عن مشاعرهم.

5: إعداد مسابقات وترتيب الجوائز للفائزين منهم، كمسابقة تأليف الكتب، والاختراع وغيرها.

6: بث روح الإيمان والتقوى والخوف من الله عزوجل بين أفراد المجتمع، فإن الإيمان أهم عامل للحيلولة دون الفساد.

7: تربية المجتمع على مكارم الأخلاق والصفات الحميدة من الصدق وأداء الأمانة وصلة الرحم وإقراء الضيف والحياء والعفة.

وبهذه الأمور يمكن التخفيف من أثر الأفلام المفسدة في الأقمار الصناعية أو إزالة آثارها كاملاً بإذن الله سبحانه.

وهذا ما يستفاد من الأحاديث الشريفة والآيات الكريمة التي وردت في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها.

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

عن جابر، عن أبي جعفر (ع) قال: (يكون في آخر الزمان قوم يتبع فيهم قوم مراءون يتقرءون ويتنسكون حدثاء سفهاء لا يوجبون أمراً بمعروف ولا نهياً عن منكر إلا إذا أمنوا الضرر، يطلبون لأنفسهم الرخص والمعاذير، يتبعون زلات العلماء وفساد عملهم، يقبلون على الصلاة والصيام وما لا يَكْلمهم في نفس ولا مال، ولو أضرت الصلاة بسائر ما يعملون بأموالهم وأبدانهم لرفضوها كما رفضوا أسمى الفرائض وأشرفها، إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة عظيمة بها تقام الفرائض، هنالك يتم غضب الله عزوجل عليهم فيعمهم بعقابه، فيهلك الأبرار في دار الفجار، والصغار في دار الكبار، إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء ومنهاج الصلحاء، فريضة عظيمة بها تقام الفرائض وتأمن المذاهب وتحل المكاسب وترد المظالم وتعمر الأرض وينتصف من الأعداء ويستقيم الأمر، فأنكروا بقلوبكم والفظوا بألسنتكم وصكوا بها جباههم ولا تخافوا في الله لومة لائم، فإن اتعظوا وإلى الحق رجعوا فلا سبيل عليهم (إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم) (137) هنالك فجاهدوهم بأبدانكم وأبغضوهم بقلوبكم غير طالبين سلطانا ولا باغين مالا ولا مريدين بظلم ظفرا، حتى يفيئوا إلى أمر الله ويمضوا على طاعته قال: وأوحى الله عزوجل إلى شعيب النبي (ص) أني معذب من قومك مائة ألف أربعين ألفا من شرارهم وستين ألفا من خيارهم فقال (ع) : يا رب هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار؟ فأوحى الله عزوجل إليه داهنوا أهل المعاصي ولم يغضبوا لغضبي)(138).

وعن محمد بن عمر بن عرفة قال: سمعت أبا الحسن (ع) يقول: (لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر أو ليستعملن عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم)(139).

وعن يحيى بن عقيل عن حسن قال: خطب أمير المؤمنين (ع) فحمد الله وأثنى عليه وقال: (أما بعد فإنه إنما هلك من كان قبلكم حيث ما عملوا من المعاصي ولم ينههم الربانيون والأحبار عن ذلك وإنهم لما تمادوا في المعاصي ولم ينههم الربانيون والأحبار عن ذلك نزلت بهم العقوبات فأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر واعلموا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يقربا أجلا ولم يقطعا رزقا) الحديث(140).

وقال أبو عبد الله (ع) : (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خلقان من خلق الله فمن نصرهما أعزه الله ومن خذلهما خذله الله)(141).

وعن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله (ع) قال: (قال النبي(ص): كيف بكم إذا فسدت نساؤكم وفسق شبابكم ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر!.

فقيل له: ويكون ذلك يا رسول الله؟

فقال: نعم وشر من ذلك، فكيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف؟

فقيل له: يا رسول الله ويكون ذلك!.

قال: نعم وشر من ذلك، فكيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا والمنكر معروفا)(142).

الحث على الزواج

عن أبي عبد الله (ع) قال: (قال أمير المؤمنين (ع): أفضل الشفاعات أن تشفع بين اثنين في نكاح حتى يجمع الله بينهما)(143).

وعن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله (ع) قال: (من زوج أعزب كان ممن ينظر الله عزوجل إليه يوم القيامة)(144).

وعن ابن أبي ليلى قال: حدثني عاصم بن حميد، قال: كنت عند أبي عبد الله (ع) فأتاه رجل فشكا إليه الحاجة فأمره بالتزويج، قال: فاشتدت به الحاجة فأتى أبا عبد الله (ع) فسأله عن حاله، فقال له: اشتدت بي الحاجة، فقال: (ففارق) ثم أتاه فسأله عن حاله، فقال: أثريت وحسن حالي، فقال أبو عبد الله (ع): (إني أمرتك بأمرين أمر الله بهما قال الله عزوجل: (وأنكحوا الأيامى منكم) إلى قوله: (والله واسع عليم) (145) وقال: (إن يتفرقا يغن الله كلا من سعته)(146)) (147).

وعن محمد بن جعفر عن أبيه عن آبائه (ع) قال: (قال رسول الله (ص): من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء ظنه بالله عزوجل إن الله عزوجل يقول: (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله)(148)) (149).

وعن محمد بن مروان عن أبي عبد الله (ع) قال: (إن في حكمة آل داود ينبغي للمسلم العاقل أن لا يرى ظاعناً إلا في ثلاث مرمة لمعاش أو تزود لمعاد أو لذة في غير ذات محرم وينبغي للمسلم العاقل أن يكون له ساعة يفضي بها إلى عمله فيما بينه وبين الله عز وجل وساعة يلاقي إخوانه الذين يفاوضهم ويفاوضونه في أمر آخرته وساعة يخلي بين نفسه ولذاتها في غير محرم فإنها عون على تلك الساعتين)(150).

العمل وحسن الاقتصاد

عن أبي عبد الله (ع) قال: (إصلاح المال من الإيمان)(151).

وعن داود بن سرحان قال: رأيت أبا عبد الله (ع) يكيل تمراً بيده فقلت: جعلت فداك لو أمرت بعض ولدك أو بعض مواليك فيكفيك، فقال(ع): (يا داود إنه لا يصلح المرء المسلم إلا ثلاثة التفقه في الدين والصبر على النائبة وحسن التقدير في المعيشة)(152).

وعن فضيل بن يسار عن أبي عبد الله (ع) قال: (إذا كان الرجل معسراً فيعمل بقدر ما يقوت به نفسه وأهله ولا يطلب حراماً فهو كالمجاهد في سبيل الله)(153).

مكارم الأخلاق

عن الحسن بن عطية عن أبي عبد الله (ع) قال: (المكارم عشر فإن استطعت أن تكون فيك فلتكن فإنها تكون في الرجل ولا تكون في ولده وتكون في ولده ولا تكون في أبيه وتكون في العبد ولا تكون في الحر، صدق الناس وصدق اللسان وأداء الأمانة وصلة الرحم وإقراء الضيف وإطعام السائل والمكافأة على الصنائع والتذمم للجار والتذمم للصاحب ورأسهن الحياء)(154).

وعن عبد الله بن مسكان عن أبي عبد الله (ع) قال: (إن الله عزوجل خص رسله بمكارم الأخلاق فامتحنوا أنفسكم فإن كانت فيكم فاحمدوا الله واعلموا أن ذلك من خير وإن لا تكن فيكم فاسألوا الله وارغبوا إليه فيها) قال فذكرها عشرةً : (اليقين والقناعة والصبر والشكر والحلم وحسن الخلق والسخاء والغيرة والشجاعة والمروءة) قال: وروى بعضهم بعد هذه الخصال العشرة وزاد فيها: (الصدق وأداء الأمانة)(155).

وعن عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله (ع) قال: (إنا لنحب من كان عاقلاً فهماً فقيهاً حليماً مدارياً صبوراً صدوقاً وفياً إن الله عزوجل خص الأنبياء بمكارم الأخلاق فمن كانت فيه فليحمد الله على ذلك ومن لم تكن فيه فليتضرع إلى الله عز وجل وليسأله إياها) قال: قلت: جعلت فداك وما هن، قال: (هن الورع والقناعة والصبر والشكر والحلم والحياء والسخاء والشجاعة والغيرة والبر وصدق الحديث وأداء الأمانة)(156).

 

الهوامش:

(135) سورة طه: 124.

(136) الكافي: ج5 ص58-59 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ح10.

(137) سورة الشورى: 42.

(138) الكافي: ج5 ص55-56 باب الأمر بالمعروف ح1.

(139) مستدرك الوسائل: ج12 ص181 ب1 ح13827.

(140) الكافي: ج5 ص57 باب الأمر بالمعروف ح6.

(141) وسائل الشيعة: ج16 ص124 ب1 ح21146.

(142) تهذيب الأحكام: ج6 ص177 ب80 ح8.

(143) وسائل الشيعة: ج20 ص45 ب12 ح24993.

(144) الكافي: ج5 ص331 باب من سعى في التزويج ح2.

(145) سورة النور: 32.

(146) سورة النساء: 130.

(147) الكافي: ج5 ص331 باب أن التزويج يزيد في الرزق ح6.

(148) وسائل الشيعة: ج20 ص42 ب10 ح24984.

(149) الكافي: ج5 ص331 باب أن التزويج يزيد في الرزق ح6.

(150) الكافي: ج5 ص87 باب إصلاح المال وتقدير المعيشة ح1.

(151) وسائل الشيعة: ج17 ص63 ب21 ح21988.

(152) الكافي: ج5 ص87 باب إصلاح المال وتقدير المعيشة ح4.

(153) الكافي: ج5 ص88 باب من كدّ على عياله ح1.

(154) وسائل الشيعة: ج15 ص183 ب4 ح20230.

(155) بحار الأنوار: ج67 ص371 ب59 ح18.

(156) الكافي: ج2 ص56 باب المكارم ح3.