عودة إلى صفحة مكتبة النبأ

إتصلوا بنا

شارك في الكتابة

الأعداد السابقة

الصفحة الرئيسية

 
 

ثلاثون سؤالاً في الفكر الإسلامي

المواثيق الدولية

س9: ما هو الموقف من اللوائح الدولية كحقوق الإنسان وغيرها والتي فيها بعض الأشياء التي قد تتعارض مع الإسلام؟ وإذا ما اتفقت الدول الكبرى على تطبيق تلك اللوائح بالقوة فما هو الموقف منها؟

ج: تصدّق تلك اللوائح في حدود عدم المعارضة مع الإسلام، علماً بأن الصحيح منها قد بينه الإسلام من قبل وطبقه أيضاً، على ما ذكرناه في كتاب (حقوق الإنسان في الإسلام)، وإذا كانت للمسلمين منظمة حقوقية عالمية تدافع عن حقوقهم وتطالب بها، فلا يتمكن أحد من فرض شيء بالقوة عليهم.

نعم إذا كانت الأمة في الغرب مثلاً راضية عن أسلوب حكمٍ لاعنفي حسب آرائهم المحترمة فيشملهم قانون الإلزام على ما مر.

كما يلزم علينا السعي لهداية الغرب إلى نعمة الإسلام وحرياته وقوانينه المنسجمة مع الفطرة الإنسانية، كما ذكرناه في كتاب (كيف يمكن نجاة الغرب؟)(104)، فإن رسالة الإسلام عالمية.

قال تعالى: (وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ)(105).

وقال سبحانه: (وَما هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ)(106).

وقال تعالى: (إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ)(107).

وقال سبحانه: (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً)(108).

وقال تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وهُدىً لِلْعالَمِينَ)(109).

فإذا أصلحنا أمورنا تعلموا منا وأصلحوا أوضاعهم لا أن نتبعهم في أخطائهم.

ومما يدل على لزوم رعاية حقوق الإنسان بما هو إنسان، مسلماً كان أو كافراً، هذه الروايات:

عن معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد الله (ع):كيف ينبغي لنا أن نصنع فيما بيننا وبين قومنا وبين خلطائنا من الناس ممن ليسوا على أمرنا؟ فقال: (تنظرون إلى أئمتكم الذين تقتدون بهم فتصنعون ما يصنعون فو الله إنهم ليعودون مرضاهم ويشهدون جنائزهم ويقيمون الشهادة لهم وعليهم ويؤدون الأمانة إليهم)(110).

وعن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب(ع): (أن النبي (ص) عاد يهوديا في مرضه)(111).

وعن عمرو بن نعمان الجعفي قال: (كان لأبي عبد الله(ع) صديق لا يكاد يفارقه أين يذهب فبينا هو يمشي معه في الحذاءين ومعه غلام له سندي يمشي خلفهما إذا التفت الرجل يريد غلامه ثلاث مرات فلم يره فلما نظر في الرابعة قال: يا ابن الفاعلة أين كنت؟ قال: فرفع أبو عبد الله (ع) يده فصك بها جبهة نفسه، ثم قال: (سبحان الله تقذف أمه، قد كنت أرى أن لك ورعا فإذا ليس لك ورع)، فقال: جعلت فداك إن أمه سندية مشركة، فقال: (أما علمت أن لكل أمة نكاحا، تنح عني) قال: فما رأيته يمشي معه حتى فرق الموت بينهما)(112).

وقال الصادق(ع): (حسن المعاشرة مع خلق الله تعالى في غير معصيته من مزيد فضل الله تعالى عند عبده، ومن كان خاضعا لله تعالى في السر كان حسن المعاشرة في العلانية، فعاشر الخلق لله تعالى ولا تعاشرهم لنصيبك لأمر الدنيا ولطلب الجاه والرياء والسمعة، ولا تسقطن لسببها عن حدود الشريعة من باب المماثلة والشهرة فإنهم لا يغنون عنك شيئا وتفوتك الآخرة بلا فائدة، فاجعل من هو أكبر منك بمنزلة الأب، والأصغر بمنزلة الولد، والمثل بمنزلة الأخ، ولا تدع ما تعلمه يقينا من نفسك بما تشك فيه من غيرك، وكن رفيقا في أمرك بالمعروف، وشفيقا في نهيك عن المنكر، ولا تدع النصيحة في كل حال قال الله تعالى: (وقولوا للناس حسنا)(113))(114).

أما ما ورد في حق المسلم على المسلم فأكثر من ذلك.

عن أمير المؤمنين(ع) قال: (استأذن رجل على رسول الله (ص) فقال: يا رسول الله أوصني، قال: أوصيك أن لا تشرك بالله شيئا وإن قُطعت وحُرقت بالنار، ولا تنهر والديك وإن أمراك على أن تخرج من دنياك فاخرج منها، ولا تسب الناس وإذا لقيت أخاك المسلم فألقه ببشر حسن، وصب له من فضل دلوك، أبلغ من لقيت من المسلمين عني السلام وادع الناس إلى الإسلام، واعلم أن لك بكل من أجابك عتق رقبة من ولد يعقوب، واعلم أن الصغيراء عليهم حرام يعني النبيذ وهو الخمر، وكل مسكر عليهم حرام)(115).

وعن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله(ع) يقول:( المؤمن أخو المؤمن كالجسد الواحد إن اشتكى شيئا منه وجد ألم ذلك في سائر جسده، وأرواحهما من روح واحدة)(116).

وعن معلى بن خنيس عن أبي عبد الله(ع) قال: قلت له: ما حق المسلم على المسلم؟

قال: (له سبع حقوق واجبات، ما منهن حق إلا وهو عليه واجب، إن ضيع منها شيئا خرج من ولاية الله وطاعته ولم يكن لله فيه من نصيب).

قلت له: جعلت فداك وما هي؟

قال: (يا معلى إني عليك شفيق أخاف أن تضيع ولا تحفظ وتعلم ولا تعمل).

قال: قلت له: لا قوة إلا بالله.

قال: (أيسر حق منها أن تحب له ما تحب لنفسك وتكره له ما تكره لنفسك.

والحق الثاني: أن تجتنب سخطه وتتبع مرضاته وتطيع أمره.

والحق الثالث: أن تعينه بنفسك ومالك ولسانك ويدك ورجلك.

والحق الرابع: أن تكون عينه ودليله ومرآته.

والحق الخامس: أن لا تشبع ويجوع ولا تروى ويظمأ ولا تلبس ويعرى.

والحق السادس: أن يكون لك خادم وليس لأخيك خادم فواجب أن تبعث خادمك فيغسل ثيابه ويصنع طعامه ويمهد فراشه.

والحق السابع: أن تبر قسمه وتجيب دعوته وتعود مريضه وتشهد جنازته وإذا علمت أن له حاجة تبادره إلى قضائها ولا تلجئه أن يسألكها ولكن تبادره مبادرة، فإذا فعلت ذلك وصلت ولايتك بولايته وولايته بولايتك)(117).

وعن أبي جعفر(ع) قال: (قال جدي رسول الله(ص) : أيها الناس حلالي حلال إلى يوم القيامة، إلى أن قال: ألا وإن ود المؤمن من أعظم سبب الإيمان، ألا ومن أحب في الله عزوجل وأبغض في الله وأعطى في الله ومنع في الله فهو من أصفياء المؤمنين عند الله تعالى، ألا وإن المؤمنين إذا تحابا في الله عزوجل وتصافيا في الله كانا كالجسد الواحد إذا اشتكى أحدهما من جسده موضعا وجد الآخر ألم ذلك الموضع)(118).

وعن حفص بن البختري قال: كنت عند أبي عبد الله(ع) ودخل عليه رجل فقال لي: (تحبه؟) فقلت: نعم، فقال لي: (ولم لا تحبه وهو أخوك وشريكك في دينك وعونك على عدوك ورزقه على غيرك)(119).

وعن المفضل عن أبي عبد الله(ع) قال: قال لي: (يا مفضل اسمع ما أقول لك واعلم أنه الحق واتبعه وأخبر به علية إخوانك).

قلت: جعلت فداك وما علية إخواني؟

قال: (الراغبون في قضاء حوائج إخوانهم).

قال: ثم قال: (ومن قضى لأخيه المؤمن حاجة قضى الله له يوم القيامة مائة ألف حاجة من ذلك أوله الجنة ومن ذلك أن يدخل قرابته ومعارفه وإخوانه الجنة بعد أن لا يكونوا نصابا).

فكان مفضل إذا سأل الحاجة أخا من إخوانه قال له: أما تشتهي أن تكون من علية الإخوان (120).

وعن إسماعيل بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله(ع): المؤمن رحمة على المؤمن.

قال: (نعم).

قلت: وكيف ذاك؟

قال: (أيما مؤمن أتى أخاه في حاجة فإنما ذلك رحمة من الله ساقها إليه وسيبها له، فإن قضى حاجته كان قد قبل الرحمة بقبولها، وإن رده عن حاجته وهو يقدر على قضائها فإنما رد عن نفسه رحمة من الله عزوجل ساقها إليه وسيبها له، وذخر الله عز وجل تلك الرحمة إلى يوم القيامة حتى يكون المردود عن حاجته هو الحاكم فيها إن شاء صرفها إلى نفسه وإن شاء صرفها إلى غيره) إلى أن قال: (استيقن أنه لن يردها عن نفسه يا إسماعيل من أتاه أخوه في حاجة يقدر على قضائها فلم يقضها له سلط الله عليه شجاعا ينهش إبهامه في قبره إلى يوم القيامة مغفورا له أو معذبا)(121).

وعن أبي الربيع الشامي قال: دخلت على أبي عبد الله(ع) والبيت غاص بأهله فيه الخراساني والشامي ومن أهل الآفاق، فلم أجد موضعا أقعد فيه، فجلس أبو عبد الله(ع) وكان متكئا، ثم قال: (يا شيعة آل محمد اعلموا أنه ليس منا من لم يملك نفسه عند غضبه ومن لم يحسن صحبة من صحبه ومخالقة من خالقه ومرافقة من رافقه ومجاورة من جاوره وممالحة من مالحه، يا شيعة آل محمد اتقوا الله ما استطعتم ولا حول ولا قوة إلا بالله)(122).

وعن أبي عبد الله (ع) قال: (لا تكون الصداقة إلا بحدودها، فمن كانت فيه هذه الحدود أو شيء منها فانسبه إلى الصداقة، ومن لم يكن فيه شيء منها لا تنسبه إلى شيء من الصداقة.

فأولها: أن تكون سريرته وعلانيته لك واحدة.

والثاني: أن يرى زينك زينه وشينك شينه.

والثالثة: أن لا تغيره عليك ولاية ولا مال.

والرابعة: أن لا يمنعك شيئا تناله مقدرته.

والخامسة: وهي تجمع هذه الخصال أن لا يسلمك عند النكبات)(123).

وعن أمير المؤمنين(ع) أنه قال: (لا يكون الصديق صديقا حتى يحفظ أخاه في ثلاث: في نكبته وغيبته ووفاته)(124).

وعن أبي عبد الله(ع) قال: (للمسلم على أخيه المسلم من الحق أن يسلم عليه إذا لقيه، ويعوده إذا مرض، وينصح له إذا غاب، ويسمته إذا عطس، يقول: الحمد لله رب العالمين لا شريك له ويقول: يرحمك الله فيجيب يقول له: يهديكم الله ويصلح بالكم ويجيبه إذا دعاه، ويتبعه إذا مات)(125).

وعن أبي المأمون الحارثي قال: قلت لأبي عبد الله(ع): ما حق المؤمن على المؤمن؟ قال: (إن من حق المؤمن على المؤمن المودة له في صدره والمواساة له في ماله والخلف له في أهله والنصرة له على من ظلمه، وإن كان نافلة في المسلمين وكان غائبا أخذ له بنصيبه، وإذا مات الزيارة إلى قبره، وأن لا يظلمه، وأن لا يغشه، وأن لا يخونه، وأن لا يخذله، وأن لا يكذبه، وأن لا يقول له أف، وإذا قال له أف فليس بينهما ولاية، وإذا قال له أنت عدوي فقد كفر أحدهما، وإذا اتهمه انماث الإيمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء)(126).

وعن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد الله(ع) يقول: (قال الله عز وجل: ليأذن بحرب مني من آذى عبدي المؤمن وليأمن غضبي من أكرم عبدي المؤمن)(127).

وعن المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله(ع): (إذا كان يوم القيامة نادى مناد أين الصدود لأوليائي، قال: فيقوم قوم ليس على وجوههم لحم، قال: فيقال: هؤلاء الذين آذوا المؤمنين ونصبوا لهم وعادوهم وعنفوهم في دينهم قال: ثم يؤمر بهم إلى جهنم)(128).

وعن رسول الله (ص) أنه قال: (من آذى مؤمنا فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله فهو ملعون في التوراة والإنجيل والزبور والفرقان) وفي خبر آخر: (فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)(129).

وعن أبي جعفر(ع) قال: (من اغتيب عنده أخوه المؤمن فنصره وأعانه نصره الله وأعانه في الدنيا والآخرة، ومن اغتيب عنده أخوه المؤمن فلم ينصره ولم يعنه ولم يدفع عنه وهو يقدر على نصرته وعونه إلا خفضه الله في الدنيا والآخرة)(130).

وعن رسول الله (ص) أنه قال في خطبة له: (ومن رد عن أخيه غيبة سمعها في مجلس رد الله عنه ألف باب من الشر في الدنيا والآخرة، فإن لم يرد عنه وأعجبه كان عليه كوزر من اغتاب)(131).

وعن أبى عبد الله (ع) قال: (من قال في مؤمن ما ليس فيه حبسه الله في طينة خبال حتى يخرج مما قال فيه)  وقال (ع): (إنما الغيبة أن تقول في أخيك ما هو فيه مما قد ستره الله عز وجل، فإذا قلت فيه ما ليس فيه فذلك قول الله عز وجل في كتابه: (فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا)(132))(133).

وعن ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله(ع) قال: (من بهت مؤمنا أو مؤمنة بما ليس فيه بعثه الله يوم القيامة في طينة خبال حتى يخرج مما قال) قلت: وما طينة الخبال؟ قال: (صديد يخرج من فروج المومسات)(134).

 

الهوامش:

(104) من إصدارات مركز الرسول الأعظم (ص) للتحقيق والنشر ـ بيروت ط1 عام 1419هـ/ 1999م، ويقع الكتاب في 48 صفحة من الحجم المتوسط.

(105) سورة الأنبياء: 107.

(106) سورة القلم: 52.

(107) سورة يوسف: 104، سورة ص: 87، سورة التكوير: 27.

(108) سورة الفرقان: 1.

(109) سورة آل عمران: 96.

(110) وسائل الشيعة: ج12 ص6 ب1 ح15497.

(111) الجعفريات: ص159 باب وجوب حق الدعوة.

(112) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج2 ص206-207.

(113) سورة البقرة: 83.

(114) مصابيح الشريعة: ص42 ب19.

(115) بحار الأنوار: ج74 ص136 ب6 ح44.

(116) مصادقة الإخوان: ص48 باب المؤمن أخو المؤمن ح2.

(117) الكافي: ج2 ص169 باب حق المؤمن على أخيه وأداء حقه ح2.

(118)  مستدرك الوسائل: ج12 ص217-218 ب14 ح13924.

(119) الكافي: ج2 ص166 باب أخوة المؤمنين بعضهم لبعض ح6.

(120) مصادقة الإخوان: ص53 باب ثواب قضاء حوائج الإخوان.

(121) وسائل الشيعة: ج16 ص358 ب25 ح21757.

(122) الكافي: ج2 ص637 باب حسن المعاشرة ح2.

(123) الكافي: ج2 ص639 باب من يجب مصادقته ومصاحبته ح6.

(124) نهج البلاغة، قصار الحكم: 134.

(125) وسائل الشيعة: ج12 ص86-87 ب57 ح15709.

(126) بحار الأنوار: ج71 ص248 ب15 ح45.

(127) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج2 ص208.

(128) جامع الأخبار: ص162 ف127 في التعصب.

(129)مستدرك الوسائل: ج9 ص99 ب125 ح10335.

(130) ثواب الأعمال: ص148 ثواب معاونة الأخ ونصرته.

(131) وسائل الشيعة: ج12 ص292 ب156 ح16336.

(132) سورة النساء: 112.

(133) مستدرك الوسائل: ج9 ص127 ب133 ح10445.

(134) الكافي: ج2 ص357-358 باب الغيبة والبهت ح5.