عودة إلى صفحة مكتبة النبأ

إتصلوا بنا

شارك في الكتابة

الأعداد السابقة

الصفحة الرئيسية

 
 

ثلاثون سؤالاً في الفكر الإسلامي

الأنظمة في العالم الإسلامي

س7: ما موقف السيد المرجع وبشكل محدد، من الأنظمة القائمة الآن في العالم الإسلامي؟ علماً بأنها بعيدة عن روح الإسلام، وإذا أراد المسلمون الواعون تغيير هذه الأوضاع السيئة، فما هي أفضل السبل للقيام بذلك؟

هل هو السلاح، أم الحوار والتوعية؟ وإذا قامت السلطة بمنع الحوار أو التوعية فماذا يفعل الناشطون المسلمون؟

ج: ليست الأنظمة موضع اهتمامنا الآن، وإنما يلزم أن يكون الاهتمام بالتوعية العامة وتشكيل الأحزاب الحرة ونشر ثقافة التعددية عبر سياسة السلم واللاعنف في جميع مراحل العمل، كما تم إجراء ذلك في الهند من قبل.

عن أبي جعفر(ع) قال: (إن الله عزوجل رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف)(92).

وقال (ع): (وإياك والعنف)(93).

وقال علي (ع): (رأس السخف العنف)(94).

وقال علي (ع): (راكب العنف يتعذر عليه مطلبه)(95).

وقال علي (ع): (من ركب العنف ندم)(96).

وعن الصادق(ع) قال: (إن عيسى (ع) لما أراد وداع أصحابه جمعهم وأمرهم بضعفاء الخلق ونهاهم عن الجبابرة، فوجه اثنين إلى أنطاكية فدخلا في يوم عيد لهم فوجداهم قد كشفوا عن الأصنام وهم يعبدونها فعجلا عليهم بالتعنيف فشدا بالحديد وطرحا في السجن، فلما علم شمعون بذلك أتى أنطاكية حتى دخل عليهما في السجن وقال: ألم أنهكما عن الجبابرة.

ثم خرج من عندهما وجلس مع الناس مع الضعفاء، فأقبل فطرح كلامه الشيء بعد الشيء فأقبل الضعيف يدفع كلامه إلى من هو أقوى منه وأخفوا كلامه خفاء شديدا، فلم يزل يتراقى الكلام حتى انتهى إلى الملك، فقال: منذ متى هذا الرجل في مملكتي؟

فقالوا: منذ شهرين.

فقال: عليَّ به، فأتوه فلما نظر إليه وقعت عليه محبته.

فقال: لا أجلس إلا وهو معي.

فرأى في منامه شيئا أفزعه فسأل شمعون عنه، فأجاب بجواب حسن فرح به، ثم ألقي عليه في المنام ما أهاله فأولها له بما ازداد به سرورا، فلم يزل يحادثه حتى استولى عليه.

ثم قال: إن في حبسك رجلين عابا عليك.

قال: نعم.

قال: فعليَّ بهما، فلما أتي بهما.

قال: ما إلهكما الذي تعبدان؟

قالا: الله.

قال: يسمعكما إذا سألتماه، ويجيبكما إذا دعوتماه.

قالا: نعم.

قال شمعون: فأنا أريد أن أستبرئ ذلك منكما.

قالا: قل.

قال: هل يشفي لكما الأبرص.

قالا: نعم.

قال: فأتي بأبرص.

فقال: سلاه أن يشفي هذا.

قال: فمسحاه فبرأ.

قال: وأنا أفعل مثل ما فعلتما.

قال: فأتي بآخر فمسحه شمعون فبرأ.

قال: بقيت خصلة إن أجبتماني إليها آمنت بإلهكما.

قالا: وما هي؟

قال: ميت تحييانه.

قالا: نعم.

فأقبل على الملك وقال: ميت يعنيك أمره؟

قال: نعم ابني.

قال: اذهب بنا إلى قبره فإنهما قد أمكناك من أنفسهما.

فتوجهوا إلى قبره فبسطا أيديهما، فبسط شمعون يديه فما كان بأسرع من أن صدع القبر وقام الفتى فأقبل على أبيه.

فقال أبوه: ما حالك؟

قال: كنت ميتا ففزعت فزعة فإذا ثلاثة قيام بين يدي الله باسطوا أيديهم يدعون الله أن يحييني وهما هذان وهذا.

فقال شمعون: أنا لإلهكما من المؤمنين.

فقال الملك: أنا بالذي آمنت به يا شمعون من المؤمنين.

وقال وزراء الملك: ونحن بالذي آمن به سيدنا من المؤمنين.

فلم يزل الضعيف يتبع القوي فلم يبق بأنطاكية أحد إلا آمن به)(97).

وقال علي (ع): (من عامل بالعنف ندم)(98).

وقد روى العامة أيضا بعض هذه الروايات، فقد روى مسلم في صحيحه عن النبي (ص) أنه قال: (إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه)(99).

 

 

الدولة الإسلامية والدول الكبرى

س8: ما موقف الدولة الإسلامية من الدول الكبرى، وخاصة أن تلك الدول تبحث عن مصالحها حتى لو اقتضى الأمر أن تستعمل الاسلحة الفتاكة؟ وهل من الجائز شرعاً أن تسلم خيرات البلاد إلى تلك الدول حفظاً لحياة الناس ومنع الغزو العسكري ضدهم؟

ج: مسألة الأهم والمهم يلاحظها الخبراء وليست بشيء محدد، وينبغي للدولة الإسلامية أن تكون لها علاقات طيبة مع جميع الدول المسلمة وغيرها، المجاورة وغيرها، وذلك لعموم أدلة حسن الجوار وحسن التعامل والمعاشرة بالمعروف حتى مع الأعداء مع حفظ الموازين الشرعية، على تفصيل ذكرناه في كتاب (فقه النظافة)، مضافاً إلى أن سيرة رسول الله (ص) والأئمة الطاهرين (ع) خير شاهد على ذلك.

قال تعالى: (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أنْ تَعْتَدُوا)(100).

وقال سبحانه: (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى ألاَ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)(101).

قال علي بن إبراهيم (رحمه الله) في تفسيره: (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) أي:ولا يحملنكم (شَنَآنُ قَوْمٍ) أي شدة عداوتهم وبغضهم (عَلى أَلا تَعْدِلُوا) فتعتدوا عليهم بارتكاب ما لا يحل كمثلة وقذف وقتل نساء وصبية ونقض عهد تشفيا مما في قلوبكم (اعْدِلُوا) في أوليائكم وأعدائكم (إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) فمجازيكم)(102).

وقال تعالى: (لاَ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)(103).

 
الهوامش:
(92) الكافي: ج2 ص119 باب الرفق ح5.

(93) تهذيب الأحكام: ج1 ص299 ب13 ح41.

(94) غرر الحكم ودرر الكلم: ص265 ق3 ب2 ف3 الخرق ح5731.

(95) غرر الحكم ودرر الكلم: ص265 ق3 ب2 ف3 الخرق ح5733.

(96) غرر الحكم ودرر الكلم: ص303 ق3 ب3 ف5 آثار أخرى للغضب ح6900.

(97) قصص الأنبياء للراوندي: ص274-275 ب18 ف7 ح332.

(98) غرر الحكم ودرر الكلم: ص458 ق6 ب5 ف1 بعض آثار الظلم ح10473.

(99) صحيح مسلم: ج4 ص2003 باب فضل الرفق ح2593، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، نشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

(100) سورة المائدة: 2.

(101) سورة المائدة: 8.

(102) بحار الأنوار: ج66 ص351 ب38.

(103) سورة الممتحنة: 8.