عودة إلى صفحة مكتبة النبأ

إتصلوا بنا

شارك في الكتابة

الأعداد السابقة

الصفحة الرئيسية

 
 

فريضة الحج عند الإمام الشيرازي (قده)

نص بيان

سماحة آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي

إلى الشعب العراقي المسلم

بمناسبة اقتراب موعد حج بيت الله الحرام

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله قاصم الجبارين، مبير الظالمين، مدرك الهاربين، نكال الظالمين، صريخ المستصرخين، موضع حاجات الطالبين، معتمد المؤمنين.

آن الوقت (وقد اقترب موعد حج بيت الله الحرام، وموسم زيارة الإمام الحسين(ع) بمناسبة يوم عرفة وعيد الأضحى) أن يعرف المسلمون كافة مأساة إخوانهم العراقيين، الذي ابتلوا بحكم البعث منذ إحدى عشرة سنة(1) ليساعدوهم بكل الإمكانات والطاقات لإزالة هذا الكابوس الطاغي الذي كلكل على صدر المسلمين في العراق.

فإنه قد اجتمعت في حكومة البعث العراقية (العمالة) و(الديكتاتورية) و(الحقد على الشعب) و(الفساد).

أما العمالة فكل الشعب يعلم، أن البعث العراقي، كوّنه عملاء بريطانيا وإسرائيل، ثم انتقل الحزب من عمالة بريطانيا إلى عمالة أمريكا، عندما أسقطت زمرة (صدام)، (البكر) وزمرته واستبد هو بالحكم.

وأما الديكتاتورية، فهي غير خافية على أحد، فقد استبدت جماعة صغيرة لا يعدو كل أفرادها بضع مئات، بكل مقدرات الأمة، بالحديد والنار، وبمساعدة السفارات الأجنبية، فبنوا لأنفسهم القصور، واشتروا السيارات، واستملكوا الأراضي الواسعة، والبنايات الضخمة، وأرصدوا مبالغ طائلة باسمهم في البنوك الأجنبية، وصادروا الحريات وملئوا البلاد بالجواسيس، وصرفوا الأموال في تشكيل عصابات الاغتيال وسائر ما يقوي سلطانهم.

وأما الحقد على الشعب، فلا أدل على ذلك من أنهم قتلوا خيرة أبناء العراق وملئوا السجون بأكثر من خمسين ألف إنسان من أحرار العراق، وعلمائه ومثقفيه، وحتى أن ما لا يقل من ألف فتاة شابة يعشن في سجونهم تحت أقسى أنواع التعذيب والاضطهاد مما لم يفعله حتى (الحجاج) و(ابن زياد).

وإني أدعو (منظمة العفو الدولية) و(منظمات حقوق الإنسان) وسائر (المنظمات) التي تدعي الإنسانية إلى أن يزوروا سجون العراق ليروا بأم أعينهم مأساة الإنسان العراقي تحت هذا الحكم الإرهابي الفاشي.

هذا بالإضافة إلى أنهم جعلوا من أراضي عراق الرافدين يبابا بعد أن كانت أرض السواد، وضيقوا على الشعب في قوته وتجارته، وكل شئونه وأدخلوا الإرهاب في كل قلب.

وأما الفساد، فقد تعمد البعث العراقي في إفساد عقائد المسلمين وأخلاقهم، وجعلوا من دروسهم الحزبية: الاستهانة بالدين وأنبياء الله والأئمة الطاهرين (ع)، كما أن جهاز الأمن (الرعب والفوضى) وسائر أجهزة الدولة تتعمد سباب الله والنبي محمد (ص) وفاطمة الزهراء (ع) والأئمة (ع) وسائر المقدسات، وهذا ما لا يجهله أحد من العراقيين، كما أنهم نشروا دور المومسات في كل بلد وقرية، وفتحوا حوانيت الخمور في كل مكان.

وقد خطط البعث العراقي لتحطيم العلم والعلماء، لأجل أن يتخلف العراق، حتى يتسنى لأسياده الأمريكان والإسرائيليين أن يجعلوا العراق لقمة سائقة، وحطم البعث الحوزة العلمية في النجف الأشرف (ذات خمسة آلاف رجل علم) وفي كربلاء المقدسة (ذات ألف رجل علم) وفي غيرهما، كما جعل من جامعة بغداد وسائر جامعات العراق مركزاً مهلهلاً لا قيمة له، وعوض كل ذلك قوّى البعث جهاز الاغتيالات والتعذيب، ففي كل يوم تسمع لهم اغتيالاً في داخل العراق وخارجه.

وجعلوا من سفاراتهم مراكز للتعذيب والاختطاف، وبؤراً لنشاطات اسرائيل، كما كانت تفعل ذلك سفارات (الشاه) من ذي قبل، فإنهم يبدلون أسامي الإسرائيلين إلى (سامي) و(باسم) و(أنور) ونحو ذلك، ثم يجعلونهم في السفارات باسم أنهم عراقيون، وبذلك يتجسسون على البلاد العربية وسائر البلاد الإسلامية.

أيها العراقيون الكرام، إنه لا خلاص لكم من هؤلاء الطغاة العملاء، إلا بتوحيد الصفوف والكفاح، بالإضرابات والمظاهرات والمناشير، وعدم التعاون مع البعث بأي شكل، إلى غير ذلك من ألوان الكفاح.

وليعلم الذين يتعاونون مع البعث أن لهم يوماً أسود من الأمة، وفي الحديث: (يوم المظلوم على أشد من يوم الظالم على المظلوم) فليكفوا عن مساعدة البعث، فإن البعث إنما يعيش على أكتاف المتعاونين معه، وإلا فهم قلة ضئيلة، تخطط لهم السفارات الأجنبية، وهم ينفذون في قبال حفظ كراسيهم التي بنوها على الجماجم والأشلاء، ولن يطول يومهم، وما ربك بغافل عما يعمل الظالمون، وإنه سبحانه نصير المظلومين، إذا جاهدوا وعملوا صالحاً.

وليعلم العراقيون الكرام، أنه إذا قام حكم الله في العراق، ـ الذي يتلخص في:

ألف: كون القوانين قوانين القرآن والسنة المطهرة.

ب: وكون الحاكم يُنتخب في انتخابات حرة ممن تتوفر فيه شروط العلم والعدالة والكفاءة ـ.

لا تمر ثلاث سنوات ـ على أكثر فرض ـ إلا:

1: ولكل عائلة دار تملكها غير مرهونة في العقاري ونحوه مما هو استعباد من الحاكم بلون جديد.

2: وعمل محترم يناسب شأنه.

3: وتكون الدراسة والصحة والماء والكهرباء مجانية.

4: وتعود إلى الأمة حرية التجارة والزراعة والصناعة والسفر والبناء وإبداء الرأي والصحافة وغيرها.

5: وتعطى لكل فلاح أرض تكفيه، ولكل عامل أجرة محترمة، في ضمن نقابات إسلامية انتخابية حرة.

6: ولا يكون تأميم أهوج ولا اشتراكية جائرة، فإن موارد العراق النفطية والمعدنية والزراعية، وسواعد أبنائه الكرام تعطي من الثروة أكثر من كل ذلك.

7: كما وتغلق أبواب السجون ومحلات التعذيب ومراكز التجسس، لتفتح مكانها المدارس والمصحات والمخازن والمعامل.

8: ويكون الكردي والعربي وسائر القوميات على قدم المساواة، لا فضل لأحدهم على الآخر إلا بالتقوى والكفاءة.

9: وتختفي فرق الاغتيالات والتجسس والتعذيب لتظهر مكانها الجمعيات الخيرية والهيئات الإصلاحية والنقابات الحرة والتكتلات البناءة.

10: وتساهم حينذاك العراق بكل طاقاته وفئاته في إنقاذ فلسطين (كل فلسطين) تحت لواء (لا إله إلا الله، محمد رسول الله).

إذن، فليس على العراقيين إلا الاهتمام والنضال بكل الإمكانات لإسقاط حكم العمالة ليأخذوا هم بأنفسهم أزمة البلاد، ويسيروها إلى حيث العزة والرفاه والكرامة والسلام والإسلام، وما ذلك على الله بعزيز، وهو المنتقم الناصر.

اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام وأهله، وتذل بها النفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك، والقادة إلى سبيلك، وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة.

 1 / ذو القعدة / 1399هـ

                                         محمد الشيرازي


(1) كان صدور البيان في عام 1399هـ.