عودة إلى صفحة مكتبة النبأ

إتصلوا بنا

شارك في الكتابة

الأعداد السابقة

الصفحة الرئيسية

 
 

فريضة الحج عند الإمام الشيرازي (قده)

خاتمة

بعض البيانات التي أصدرها الإمام الشيرازي الرحل (ره)

بمناسبة الحج

 نص بيان سماحة آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي لحجاج بيت الله الحرام

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

قال الله تعالى في كتابه الكريم: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ) و(لَكُمْ فِيها مَنافِعُ). سورة الحج.

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل حجكم ويستجيب دعاءكم ويعطيكم خير الدنيا والآخرة، إنه قريب مجيب.

كنت أرغب بأن اجتمع بكم حتى أتكلم بتفصيل، ولكن قد حيل دون ذلك.

إنّ الحج ملتقى سنوي عام، يرتبط فيه الإنسان بربه وبأفراد أمته بأوثق رباط، فهو فرصة كبرى لكل المسلمين، بمقدورهم أن يتبادلوا فيها شؤونهم وشجونهم الدينية والدنيوية.

ومن الضروري انتهاز هذه الفرصة الإلهية القيمة لمحاسبة النفس، ما الذي عملت؟ وما الذي قدّمت طوال السنة أو السنين الماضية، كما ينبغي وضع برنامج متكامل مادي ـ معنوي للسنين القادمة في هذه الأيام التي أولاها الله تعالى أكبر الاهتمام.

إن الحج هو الوقت المثالي لتعميق الارتباط بالله سبحانه وتعالى، وإيجاد حالة من الإحساس الداخلي بأنه جل وعلا يراقب الإنسان ليلاً ونهاراً، سراً وجهاراً، في كل صغيرة وكبيرة، وإذا أحس الإنسان بأنه في (محضر) الله دائماً، وبمرأى منه ومشهد، وبأنه (عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) وهو المهيمن القادر الأول والآخر والظاهر والباطن، انعكس ذلك على كل جوانب حياته الفردية والاجتماعية، وعلى جوارحه وجوانحه، فيصبح عندئذ مثالاً للمتقي، الزاهد في ملذات الحياة، الصابر على الأذى في ذات الله، المضحي بالغالي والنفيس ـ دون أي تلكؤ أو تماهل ـ في طريق إحياء ما اندرس من معالم الدين وهداية المستضعفين.

والحج هو فرصة هامة لتعاضد الجهود، وتكاتف وتعاون الأخوة الكرام للتخطيط لانتشال المسلمين من واقعهم المأساوي المر، قال تعالى: (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى)،(وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) وفي الحديث: (من اصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم).

وهنا سأطرح بخدتكم، ما خطر ببالي عن مشاكل المسلمين ومأساتهم كي نتعاون في سبيل حله بإذن الله سبحانه وتعالى.

إن جذور مشاكل المسلمين تعود إلى إعراضهم عن العديد من آيات القرآن الحكيم مثل: (آية الشورى) و(آية الأمة الواحدة) و(آية الحرية) المستفادة من قوله سبحانه: (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) و(آية الأخوة)، وقد أنذر الله سبحانه من أعرض عن ذكره بـ (انَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى) وقد وفى بوعيده حيث سلط عليهم من لا يرحمهم في بلدانهم وأخرهم حتى عن مَن (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ).

فاللازم أن تهتموا في خطاباتكم وكتاباتكم وتوجيهاتكم لنشر مفاهيم هذه الآيات الشريفة التي لها دور كبير في إنقاذ المسلمين، والسعي الحثيث لتطبيق هذه الآيات، وذلك يستدعي تكوني منظمة عالمية للمسلمين في كل البلاد، تتحرك حسب منهج اللاعنف (كما أمر بذلك الإسلام) يكون من مهامها أمران:

الأول: تعريف الغرب بالصورة الحقيقية المشرقة للإسلام والمسلمين، حتى لا يزعموا أنهم أمة القتل والجهل والسباب والتوحش، كما يتصور كثير منهم الآن، وكما يصوره لهم المغرضون من المنظمات المعادية للإسلام، وبذلك يمكن صنع رأي عام عالمي لحماية المسلمين من القتل والإيذاء.

الثاني: عقد المؤتمرات العامة لأجل التداول في هذه الشؤون والاهتمام لتطبيق أحكام الله (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للهِ)، (لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولى وَالآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ)، وبذلك يمكن إيجاد حركة تغييرية لإنقاذ المسلمين، وإدخال الكثير من غير المسلمين في الإسلام، خاصة وأن العالم الغربي قد بدأ يحس أنه وصل إلى طريق مسدود نتيجة لضياع قيمه وأخلاقياته...

فلا يظن أن ما ذكرناه أمر غير ممكن، إذ رأى العالم كيف حرر غاندي وجماعته الهند من نير المستعمرين ـ مع أن الهند كانت ذات حكومات وقوميات وأديان و… كثيرة ومتباينة إلى درجة غريبة ورغم احتوائها على مئات الملايين من النفوس ـ.

ويمكن أن تكون الخطوة الأولى لتشكيل منظمة عالمية هو تشكيل منظمات محلية تترابط فيما بينها في مرحلة لاحقة و(أن من جد على الدرب وصل) و(من جد وجد) و(من زرع حصد).

ومن الواضح أن الله سبحانه لا يخلف وعده في نصرة من نصره، وكما قال الرسول (ص): (الله أعلى وأجل) وإذا كانت لكم اقتراحات وملاحظات حول الموضوع فمن الجيد أن تذكروها لنا.

ونسأل الله سبحانه أن يعيد الحرية والأمن إلى العراق حتى نجتمع هناك لمزيد من المداولة حول هذا الأمر وهو الموفق المستعان ولا تنسونا من صالح دعواتكم في تلك المشاهد المشرفة.

والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

محمد الشيرازي