عودة إلى صفحة مكتبة النبأ

إتصلوا بنا

شارك في الكتابة

الأعداد السابقة

الصفحة الرئيسية

 
 

فريضة الحج عند الإمام الشيرازي (قده)

رابع عشر: الكتاب والعترة

 يعتبر الإمام الشيرازي (ره) فترة الحج موسماً للعودة إلى ما خلفه رسول الله (ص) في أمته من الثقلين: الكتاب والعترة.

على ما ورد في الأحاديث المتواترة بين الفريقين، وفي بعض تلك الأخبار وردت كلمة (خليفتين) بالنص:

قال رسول الله (ص): (إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض ـ أو ما بين السماء إلى الأرض ـ وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض)(1).

وقال (ص): (إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله وأهل بيتي وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض جميعا)(2).

وقال (ص): (إني خلفت فيكم اثنين لن تضلوا بعدهما أبدا كتاب الله ونسبي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض) (3).

وقد حاول الأعداء أن يبعدوا المسلمين عن هذين الثقلين الكتاب والعترة، لكي يمكنهم السيطرة على بلادهم.

يقول الإمام الشيرازي في كتابه (البقيع الغرقد):

(إن غلادستون(4) الرئيس البريطاني قال قبل مائة عام: (إذا أردتم أن ترسخ أقدامكم في بلاد الإسلام فعليكم بمنع الحج ورفع القرآن عن أيدي المسلمين)(5).

فأكد الإمام الشيرازي (ره) على ضرورة العودة إلى القرآن الكريم والعمل بآياته الشريفة وخاصة تلك الآيات المنسية التي سبق ذكرها(6)، كما أكد على ضرورة الرجوع إلى سيرة رسول الله (ص) وأهل بيته الأطهار (ع) والاقتداء بهديهم.

وقام الشيرازي (ره) وفي أكثر من عشرة سنوات متتاليات من توزيع عشرات الآلاف من الكراريس التوعوية التي تعرف المسلمين بمذهب أهل البيت (ع)، وذلك بعدة لغات عالمية، فكان لهذه الكراريس الدور الإيجابي في تعريف المسلمين بعضهم على بعض.

يقول الإمام الشيرازي (ره) في كتابه (الشيعة والتشيع):

(والمسلمون يوم كانوا سادة العالم كانوا بحاجة إلى التآلف، فكيف بهم اليوم الذي وقد أحاط بهم الأعداء من الخارج وفرّقوا صفوفهم من الداخل؟  فلنقترب نحن المسلمين بعضنا من بعض، ولنتمسك بما أمر الله ورسوله (ص) به، تاركين حملات التشويه التي لا تخدم إلاّ الكفار والمستعمرين).

ثم يبين الطرق الموصلة إلى هذا الهدف كالتالي:

الف: تعميم الثقافة الدينية الموحدة التي تنبع من القرآن الحكيم والسنة المطهرة.

ب: تعميم الثقافة الدنيوية من علوم الاقتصاد والسياسة والتكنولوجيا والطب وغيرها، ليتمكن المسلمون من النهضة أمام القوى العالمية، نهضة تنفض عنهم غبار التخلّف، وتلحقهم بركب الحضارة التي تمكنهم من استعادة مركزهم في قيادة العالم إلى خير الدنيا وسعادة الآخرة.

ثم يقول: فلنأت لنصحّح (الإيمان) ونقوّي (الفضيلة) ونضاعف (العمل الصالح) لنحظى ـ في أثر ذلك ـ بمنافع الآخرة. لقد ذقنا ألف مرارة ومرارة، من جرّاء ترك العمل بالإسلام، ولا يخفى على أحد ما نحن فيه الآن من المآسي والويلات.. كما لا يخفى على أيّ مسلم طريق النجاة وسبيل العلاج أعني الرجوع إلى الإسلام، كما أنزله الله في كتابه الكريم وبيّنه الرسول (ص) وأهل بيته الطاهرون (ع).  فلنعالج أوضاعنا الفردية والاجتماعية على ضوء (كتاب الله وعترة رسوله) حسب ما أودعها الرسول (ص) في الأمة حيث قال: (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبدا).

ويقول الإمام الشيرازي (ره) أيضا:

وما أحسن أن يكون التعريف والتعارف في مختلف المناسبات التي تجمعنا، كبيت الله الحرام ومهبط الوحي ومهجر الرسول الأعظم (ص)، فإن موسم الحج فرصة متاحة لتعارف المسلمين وإنقاذهم من سوء الظن ببعضهم ووسوسة الشكوك فيما بينهم.. قال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)(7). وقال عزّ شأنه ـ في أمر الحج ـ (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ)(8). وأي منفعة أعظم من منفعة التعارف والتآلف، خصوصاً في عصرٍ تكالبت فيه قوى الإلحاد والصهيونية والصليبية.. لنسف قواعد الإسلام وإبادة المسلمين.  والمسؤول من الله سبحانه أن يوحّد كلمة المسلمين، ويعيد إلى الإسلام مجده، وأن يوفّقنا جميعاً لما يحبّ ويرضى، إنه وليّ ذلك، وهو المستعان.

 


(1) مسند أحمد بن حنبل: ج5 ص181 ح21618 ط مؤسسة قرطبة بمصر. ومجمع الزوائد لأبي بكر الهيثمي: ج9 ص162 ط دار الريان للتراث، القاهرة. وفضائل الصحابة، لابن حنبل:  ج2 ص603 ط مؤسسة الرسالة بيروت.

(2) مسند أحمد بن حنبل: ج5 ص189 ح21697 ط مؤسسة قرطبة بمصر.

(3) مجمع الزوائد لأبي بكر الهيثمي: ج9 ص162 ط دار الريان للتراث، القاهرة.

(4) وليم بووارت غلادستون: سياسي بريطاني زعيم حزب الأحرار ورئيس وزراء بريطانيا في الأعوام (1868ـ1874م) و(1880ـ1885م) و (عام 1886م) و (1892ـ 1894م).

(5) البقيع الغرقد: 18.

(6) انظر الصفحة 27-28من هذا الكتاب.

(7) سورة آل عمران: 103 .

(8) سورة الحج: 28 .