|
فريضة الحج عند الإمام الشيرازي (قده) |
ثاني عشر: الحج مدرسة الأخلاق |
إن الحج في فكر الإمام الشيرازي (ره) مدرسة للتعاليم الأخلاقية، حيث قال تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الألْبَابِ)(1). وقال عزوجل: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ * ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآَخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ * وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ * وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)(2). وفي الحج يتعلم الإنسان الاهتمام بأخيه المسلم، والتعاون على البر والتقوى، والسعي في قضاء حاجة أخيه، والتحلي بالصبر والأخلاق الطيبة . عن أبان بن تغلب قال: كنت مع أبي عبد الله (ع) في الطواف، فجاء رجل من إخواني فسألني أن أمشي معه في حاجة، ففطن بي أبو عبد الله(ع) فقال: يا أبان من هذا الرجل؟ قلت: رجل من مواليك سألني أن أذهب معه في حاجته، فقال: يا أبان أقطع طوافك وانطلق معه في حاجته فاقضها له، فقلت: إني لم أتم طوافي ، قال: أحص ما طفت وانطلق معه في حاجته، فقلت: وإن كان في فريضة، فقال: نعم وإن كان طواف فريضة(3). وفي حديث آخر قال(ع): (لقضاء حاجة عبد مؤمن خير من طواف وطواف حتى عد عشرة أسابيع، فقلت: جعلت فداك فريضة أم نافلة؟ فقال: يا أبان إنما يسأل الله العباد عن الفرائض لا عن النوافل)(4). فالحج مدرسة للترويض على الأخلاق الحسنة والفضائل، حيث يكتسبها من الآخرين، ولذا وردت الأخبار في احترام الصحبة ورفقة الحج والسعي في قضاء حوائجهم.
(1) سورة البقرة: 197. (2) سورة البقرة: 198 - 203. (3) تهذيب الأحكام: ج5 ص120 ب9 ح64. (4) تهذيب الأحكام: ج5 ص120 ب9 ح65. |