عودة إلى صفحة مكتبة النبأ

إتصلوا بنا

شارك في الكتابة

الأعداد السابقة

الصفحة الرئيسية

 
 

فريضة الحج عند الإمام الشيرازي (قده)

عاشراً: الرخص الإلهية في الحج

نظرية الرخص الشرعية لها مفهوم حضاري عند الإمام الشيرازي(ره)، حيث إنه يرى إنّ الله لم يشرع هذه الرخص إلا لتسهيل أداء العبادة، ولملاحظة العقبات والحواجز والمشاكل التي تعترض سبيل أداء المناسك.

ولأهمية الحج فقد منح الله عباده رخصا كثيرة أكثر من سائر العبادات، على عكس ما تراه اليوم من كثرة العقبات والعراقيل التي تضعها السلطات أمام الحجاج فتدعو إلى تقليص عدد الحجاج وفرض رقم خاص بحجة أن أماكن العبادة مثل عرفات لا تستوعب أكثر من هذا العدد، بينما تواترت الروايات الشريفة على أن عرفات لها نقطة مركزية خاصة ولكن إذا ضاق المكان بأناس فلا يكلفون فوق طاقتهم ووسعهم، فإن الله تعالى أعطى رخصة عامة ووسع منطقة الوقوف فيها .

إضافة إلى باقي التسهيلات الإلهية العظيمة مثل: من لم يجد الهدي فبدله صيام عشرة أيام.

ومن لم يستطع رمي الجمرات نهارا، فليرمها ليلا، وغيرها من التسهيلات الكثيرة، فضلا عن تسهيل مسالة الحج بصورة كلية من ناحية الرزق والتوفيق وكل هذه التسهيلات والرخص الإلهية من قبل المولى جل وعلا، نظرا لأهمية الحج وفائدته الحضارية في انتشار القيم وبناء هيكل إسلامي موحد وحصين إضافة إلى فوائده الروحية  الكثيرة(1).

فإذا كان الرب سبحانه وتعالى قد سهل أمر الحج فلماذا يصعب العبد هذا الأمر السهل، فمن المسؤول عن ما يلاقيه الحجاج في الحصول على جواز السفر وتأشيرة الحج ووسائل النقل وما شابه ذلك.

يرى الإمام الشيرازي (ره) أن الاستعمار هو المسؤول الأول عن هذه العراقيل الموضوعة أمام الحجاج، وكذلك الحكومات هي المسؤولة أيضاً، يقول حول ذلك: (والاستعمار  يدرك هذا المعنى فعمل على خلق وصياغة معوقات أمام مسيرة الإسلام الظافرة، فخلقوا مذاهب وتيارات جديدة باسم الإسلام، ولكنها تعارض كل المسلمين في كل شئ فكرا وعقيدة وسلوكا ليكونوا حجر عثرة أمام الإسلام والمسلمين)(2).

فالاستعمار هو الذي قسم البلاد الإسلامية إلى  دويلات صغيرة وجعل بين دويلة وأخرى حدودا مصطنعة لا يستطيع المسلم الانتقال من دولة إلى دولة إسلامية أخرى إلا بشق الأنفس، ومع مرور الزمن خلق الاستعمار أجواء التوتر بين الدول الإسلامية، فجعل دولة في قبالة دولة أخرى، فشنت الحروب بين الدول الإسلامية وزرع الأحقاد والضغائن بين المسلم وأخيه حتى أصبح من السهل لأي إنسان غربي أن يدخل بلاد المسلمين بينما من الصعب أن يدخله أخوه المسلم، لذا جاءت فتوى الإمام الشيرازي في تحريمه جميع أنواع الحواجز والموانع الموضوعة في طريق الحج: (يجب إزالة كل مانع وعائق عن الحج والعمرة حتى يتمكن كل إنسان مسلم من الحج، وكذلك العمرة في أي وقت من أوقات السنة)(3).

 


(1) انظر فلسفة الحج: ص30.

(2) المصدر نفسه: ص31.

(3) فلسفة الحج: ص2