عودة إلى صفحة مكتبة النبأ

إتصلوا بنا

شارك في الكتابة

الأعداد السابقة

الصفحة الرئيسية

 
 

فريضة الحج عند الإمام الشيرازي (قده)

ثامناً: المطالبة بتسهيل أمر الحجاج

 يرى الإمام الشيرازي (ره) ـ كما تقدم ـ أن الحج أفضل فرصة لتجميع أبناء الأمة على قاعدة التوحيد، من هنا جاءت دعوته لأن يضم الحج أكبر عدد من أبناء الأمة.  ففي إحدى دراساته وضع مخططا لاستيعاب الحج لعشرة ملايين، وفي كتاب آخر خطط لاستيعابه خمسين مليون مسلم.

وعلى هذا الأساس من هذه النظرية وضع تصوراً فقهيا ربما لم يسبقه أحد من المراجع والعلماء وبهذا التفصيل، فمن المسائل التي أفتى بها الأمام الشيرازي بهذا الخصوص نذكر:

1ـ جواز الطواف في الطوابق العلوية والسفلية

مسألة: إذا بنى فوق الكعبة ما أوجب ارتفاعها في السماء، فالظاهر جواز الطواف ولو في الطوابق العلوية(1).

مسألة: لو حفر خندق حول الكعبة جاز الطواف من تحت إذا لم يكن عميقا بحيث لا يصدق عليه الطواف.

2ـ بناء الأنفاق في المشاعر وجواز الوقوف فيها .

مسألة: لو بنيت أنفاق في مكة وعرفات ومنى والمشعر،  فلها حكم هذه الأراضي، إلا إذا كانت عميقة جدا بحيث ينافي الصدق العرفي(2).

3ـ جواز السعي في طبقات المسعى

مسألة: يجوز السعي في المسعى المبني فوق أرض المسعى وإن كان المبنى عاليا جدا أو له طبقات، اللهم إلا إذا كان عاليا جدا بحيث ينافي الصدق العرفي فلا يقال إنه سعى بين الصفا والمروة.

4ـ جواز الوقوف في المباني والعمارات السكنية في المشاعر.

مسألة: يجوز الوقوف بعرفة والمشعر والبيتوتة بمنى في المباني والعمارات السكنية.

مسألة: يجوز بناء العمارات السكنية في عرفات والمشعر ومنى لأجل الحجاج.

مسألة: يكفي الوقوف في العمارات العالية عن الأرض، وإن كان الوقوف في طوابقها العالية جدا

5ـ جواز الوقوف في الطائرة.

مسألة: يجوز الوقوف في الطائرة وإن كانت سائرة، ذهابا وإيابا  في نفس فضاء الموقف، إلا إذا كانت تحلق على ارتفاع عالي جدا بحيث لا يصدق الوقوف عرفا.

6ـ إذا تعذر الوقوف فيكتفي بالعبور.

مسألة: لو منع الزحام الحاج من الوقوف بعرفات أو المشعر، يكفي العبور منها ولو لحظة، في حصول الوقوف.

7 ـ كفاية أطراف المشاعر عند الضرورة

مسألة: لو لم يقدر على الوقوف أصلا لكثرة الازدحام، فهل إن حكم أطراف الموقف حكم الموقف، أم لا ؟ احتمالات لا تبعد الكفاية.

8 ـ جواز رمي الجمرات من الطوابق العليا والسفلى

مسألة: الظاهر أنه  يجوز الرمي من فوق الجمار الثلاث، فلو بنيت طوابق عليا حولها جاز الرمي من فوق وكذلك يجوز الرمي من تحت إذا حفرت حولها خنادق.

مسألة: لا يبعد كفاية رمي ما تحت الجمرة، إذا حفر حولها كالسرداب.

مسألة: لا يبعد رمي ما بني فوق الجمرة، إذا بني فوقه عمود بقدرها في الحجم.

9 ـ جواز الرمي بالآلة والحصاة الاصطناعية

مسألة: الظاهر جواز رمي الجمرة بالآلة، بأن يضغط الحاج على زر فيها مثلا، مما يوجب اندفاع الحصاة

مسألة: الحصاة الاصطناعية من التراب ونحوه حكمه  حكم الحصاة الطبيعية، نعم الظاهر عدم كفاية حصاة مصنوعة من الحديد وما أشبه(3).

10ـ جواز رمي ما يضاف إلى الجمرات طولاً وعرضا.

إلى غيرها من المسائل المستحدثة التي بينها في كتبه الفقهية المرتبطة بالحج. هذه هي العلاجات الفقهية التي أفتى بها الإمام الشيرازي لحل المشكلات التي تعترض سبيل نظريته في الحج (ليحج خمسون مليوناً كل عام) وهي معالجات معقولة توجد الأرضية الكافية لتطبيق هذه النظرية.

وبعد ذلك ومن أجل التأكيد على ضرورة التوسعة في الحج أفتى الإمام الشيرازي بلزوم توفر ذوي المكنة من المسلمين، سلطة كانت أم غيرها، وسائل استيعاب الحج لأكبر عدد ممكن من المسلمين، ولو ببناء عرفات والمشعر ومنى، وبناء طبقات حول الكعبة والمسعى، وذلك  على نحو الوجوب الكفائي ـ كما ورد في فتواه ـ(4).

في الوقت نفسه أوجب الإمام الشيرازي (ره) على السلطات القائمة على الحج، إزالة جميع الموانع والعوائق أمام زيادة عدد الحجاج، فذكر قائلاً:

مسألة: يجب إزالة كل مانع وعائق عن الحج والعمرة، حتى يتمكن كل إنسان مسلم من الحج، وكذلك العمرة في أي وقت من أوقات السنة(5).

كما أفتى بلزوم إلغاء جميع الضرائب والتأشيرات ورسم الدخول وما أشبه التي تجعلها الحكومات على الحجاج. فيحق لكل مسلم من أي بلد كان أن يحج أو يعتمر من دون حاجة إلى أخذ تأشيرة أو دفع ضريبة أو غيرها.

يقول الإمام الشيرازي في كتابه (البقيع الغرقد):

(أذكر قبل ستين سنة كان الذهاب إلى مكة المكرمة يكلّف ثلاثة دنانير فقط(6)،وفي الغالب كانت السيارات تحمل مؤن السفر بالإضافة إلى الخباء الذي كانوا يضربونه خارج المدينة المنورة أو خارج مكة المكرمة، ولم يكن لهم تذكرة ولا جنسية ولا خروجية ولا دخولية ولا ما أشبه هذه الأمور المستوردة من الغرب) (7).

ويقول:  (كان المسلمون يسافرون إلى الحج من مختلف البلاد بدون حد جغرافي أو تذكرة أو تأشيرة أو ما أشبه، ثم وُضعت كلُّ تلك الأشياء، وكلها باطلة عقلاً وشرعاً)(8).

فالحج عند الإمام الشيرازي (ره) هو التجمع الإسلامي الكبير الذي يلزم أن يحضره عشرات الملايين من حجاج بيت الله الحرام فيجتمعون ليتداولوا مختلف أمور الأمة الإسلامية، لذا أفتى قائلا :

مسألة: إذا توفرت الوسائل الحديثة، وأهتم ذو السلطة لشؤون الحج، أمكن أن يستوعب الحج عشرات الملايين في كل عام، فمن واجبه الاهتمام بهذا الشأن، ليتسنى لكل من يريد الحج  الذهاب إلى بيت الله الحرام(9).

 


(1) مسائل حديثة في الحج: ص11.

(2) المصدر نفسه: ص14.

(3) مسائل حديثة في الحج: ص16.

(4) المصدر نفسه: ص19.

(5) المصدر نفسه: ص20.

(6) وكان يشترى بالدينار ما يقارب ألف خبزة، وكانت أربع خبزات بكيلو تقريباً.

(7) البقيع الغرقد: ص13.

(8) المصدر نفسه: ص15.

(9) مسائل حديثة في الحج: ص22.