عودة إلى صفحة مكتبة النبأ

إتصلوا بنا

شارك في الكتابة

الأعداد السابقة

الصفحة الرئيسية

 
 

فريضة الحج عند الإمام الشيرازي (قده)

سابعاً: نحو تشكيل منظمة عالمية إسلامية

يعتبر الإمام الشيرازي (ره) من المراجع القلائل الذين نظّروا لحركة الأمة نحو تسلق ذرى المجد والسعادة، فهو من الأوائل الذين دعوا إلى تشكيل المنظمات والأحزاب السياسية العاملة على إنقاذ الأمة من براثن الجهل والتخلف.

والحج  هو منطلق رحب لترجمة هذه الفكرة، إذ يرد إلى بيت الله الحرام الملايين من المسلمين من مختلف بقاع الأرض وبمختلف مستوياتهم، فهو سبيل لإيجاد منظمات إسلامية داخل كل بلد إسلامي.

ثم تجتمع هذه المنظمات في منظمة عالمية.

يقول (ره) في هذا الصدد: (ويمكن أن تكون الخطوة الأولى لتشكيل منظمة عالمية هو تشكيل منظمات محلية تترابط فيما بينها في مرحلة لاحقة)(1).

وقد عالج الإمام الشيرازي هذا الموضوع في كتب ودراسات عديدة، وأوضح أن الصهيونية العالمية انتصرت على شعوب العالم واقتطعت الأرض العزيزة من بلاد الإسلام في فلسطين، لأنها كانت تمتلك منظمة عالمية والتي بواسطتها تمكنت من الاستيلاء على أراضي فلسطين .

إنّ أهم وظيفة قامت بها المنظمة الصهيونية العالمية هو ربط يهود العالم بمركز واحد محققة الوحدة بين أبناء اليهود في كل مكان.

وإذا أراد المسلمون التقدم والازدهار لابد من أيجاد منظمة عالمية إسلامية، تكون قادرة على تعبئة طاقات الأمة في كل مكان وزجها في معركة البناء والوحدة.

كما صرح الإمام الشيرازي بضرورة تحلي هذه المنظمة سياسة السلم واللاعنف في جميع أنشطتها، وتكون بعيدة كل البعد عن العنف والإرهاب، حيث يقول (قده): (يجب أن تتصف هذه المنظمة العالمية بالمنطق والعقل فقط وفقط، وتلتزم باللاعنف، فانًّ العنف والإرهاب ـ مما اعتاده البعض في هذا اليوم ـ  لا يولّد إلا التأخر ويوجب تشويه سمعة الإسلام والمسلمين وهو محرم وقد ذكرنا تفضيله في الفقه)(2). ويقول أيضا: (وليعلم أن الوضع العالمي الذي هيأه الغرب والشرق لا يسمح بقيام الدولة الإسلامية الواحدة إلاّ بشرط أن يكون حملة الحركة الإسلامية في أعلى مراتب القوة وضبط النفس والتعاون والأخلاق الرفيعة وتطبيق نظام الإسلام على أنفسهم وعلى غيرهم.. فيهيئون حركة إسلامية عالمية قوامها السلم واللاعنف والوعي(3).

كما أفتى (قده) في رسالته العملية المسماة بالمسائل الإسلامية ط بيروت عام 1421ه‍  المسألة 3436: (لا عنف في الإسلام ولا يجوز أي نوع من أعمال العنف والإرهاب الذي يوجب إيذاء الناس أو تشويه سمعة الإسلام والمسلمين). من هنا جاءت دعوة الإمام الشيرازي الدائمة إلى تشكيل هذه المنظمة بصيغة السلم واللاعنف التي بينها، لتحقيق أمل الأمة الإسلامية المنشودة في وحدة الصف والبناء والتخلص من المشاكل الموجودة.

 


(1) سورة البقرة: 61. انظر بيان الإمام الشيرازي إلى حجاج بيت الله الحرام.

(2) انظر كتاب (ثلاثة مليارات من الكتب) للإمام الشيرازي.

(3) انظر كتاب (من مأساة بلاد المسلمين) للإمام الشيرازي.