عودة إلى صفحة مكتبة النبأ

إتصلوا بنا

شارك في الكتابة

الأعداد السابقة

الصفحة الرئيسية

 
 

فقه العولمة.. دراسة إسلامية معاصرة

الفصل الثالث: العولمة والمسائل الشرعية

( مسائل حول العولمة الاقتصادية )

الاقتصاد في العولمة الإسلامية

مسألة: ينبغي العلم بأن السياسة الاقتصادية، وكذلك الاقتصاد الذي تنتهجه العولمة الإسلامية وتخطط له بدقة، مبتنية على جعل الإنسان هو المحور، وعلى احترام حقوقه، ورعاية الأخلاق والآداب الإنسانية بالنسبة إليه، كيف لا وقد سخر الله كل ما في الأرض للإنسان وكرامته، لا لمسخ الإنسان وإذلاله، ولأن يكون الاقتصاد في خدمة الإنسان، لا أن يكون الإنسان في خدمة الاقتصاد.

وهنا لا بأس بذكر بعض المسائل الشرعية المنقسمة إلى الأحكام الخمسة: من وجوب وحرمة واستحباب وكراهة وإباحة، والتي تنبئ عن اعتماد النظام الاقتصادي الإسلامي وسياسة العولمة الاقتصادية في الإسلام، على انفتاح السوق، وحرية التبادل التجاري، ومنع المضايقات ورفع القيود عن الصادرات والواردات، وتحريم كل ما يصدّ عن التحرك التجاري، أو يضر بحقوق الإنسان وكرامته، أو يفسد عليه دنياه وآخرته، كتحريم الربا ورفع الجمارك والمكوس وإلغاء الضرائب غير الشرعية والرسوم الوضعية.

قال تعالى: )وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) (349).

وقال سبحانه: )اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأنْهَارَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)(350).

لا للفقر والحرمان

مسألة: يجب على الحاكم الإسلامي والحكومة الإسلامية العمل على نفي الفقر والحرمان، ومكافحة الجهل والمرض، وذلك بتطبيق النظام الاقتصادي الذي جاء به الإسلام.

قال أمير المؤمنين (ع): (القبر خير من الفقر)(351).

وقال (ع): (الحرمان خذلان)(352).

وقال (ع): (إن الفقر مذلة للنفس، مدهشة للعقل، جالب للهموم)(353).

وقال أبو عبد الله (ع): (قال رسول الله (ص): ما أقبح الفقر بعد الغنى، وأقبح الخطيئة بعد المسكنة)(354).

وعن السكوني عن أبي عبد الله (ع) قال: (قال رسول الله (ص): كاد الفقر أن يكون كفرا وكاد الحسد أن يغلب القدر)(355).

وقد ورد في الدعاء: (وأعوذ بك من الفقر)(356).

وفي دعاء آخر: (اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر ومواقف الخزي في الدنيا والآخرة)(357).

الحرية الاقتصادية

مسألة: يجب على الحاكم الإسلامي والحكومة الإسلامية، منح الحرية الاقتصادية التي قررها الإسلام لكل الناس، وذلك بأن تسمح لهم، بل وتساعدهم في إنتاج وتصنيع كل ما يحتاجونه أو يريدونه من مواد غذائية وإنشائية وخدماتية، سواء في مجال الزراعة، أو الصناعة، أو الفنون والتقنيات اللازمة، فتفتح عليهم أبواب العلوم، والحِرف، والمهن، والكسب، والاكتساب، والتصدير والاستيراد، وغير ذلك.

قال تعالى: )هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعاً) (358).

وقال (ص): (الأرض لله ولمن عمرها)(359).

وقال (ع): (كل شيء يكون فيه حلال وحرام فهو لك حلال أبداً حتى تعرف الحرام بعينه فتدعه)(360).

تقرير الملكية الشخصية

مسألة: يقر الإسلام الملكية الشخصية بشكل نزيه، ويحترم أموال الناس كما يحترم أعراضهم ودماءهم، ولا يسمح لأحد ولا لجهة بالتصرف فيها إلا عن تراض حاصل بين الطرفين، أو عن طيب نفس من المالك، وذلك لما في تقرير هذه الملكية من منافع يتوقف عليها تقدم المجتمع ورقيّه، إضافة إلى ما فيه من احترام للإنسان واحترام لما يرتبط به.

وقال(ص): (إن الناس مسلطون على أموالهم)(361).

وعنهم (ع) : (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة نفس منه)(362).

وقال النبي (ص): (المسلم أخو المسلم لا يحل ماله إلا عن طيب نفس منه)(363).

وقال(ع): (مال المسلم ودمه حرام)(364).

وعنه (ص) قال: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس               منه)(356).

وروى ابن مسعود عنه (ص) أنه قال: (حرمة مال المسلم كحرمة دمه)(366).

وقال النبي (ص): (لا يأخذن أحدكم متاع أخيه جادا ولا لاعبا، من أخذ عصا أخيه فليردها)(367).

وروى يعلى بن مرة الثقفي أن النبي (ص) قال: (من أخذ أرضا بغير حقها كلف أن يحمل ترابها إلى المحشر)(368).

وروي عنه (ص) أنه قال: (من أخذ شبرا من الأرض بغير حقه طوقه الله يوم القيامة من سبع أرضين)(369).

وروي عنه (ص) (ليأتين على الناس زمان لا يبالي الرجل بما يأخذ من مال أخيه بحلال أو حرام)(370).

ديون الشعب يؤدّيها الحكام

مسألة: يلزم على الحاكم الإسلامي والحكومة الإسلامية تسديد ديون المغرمين المثقلين، فانه هو المسؤول عن ديون الشعب إذا لم يقدروا على الأداء، وفي ذلك روايات عديدة، وقد ورد عن الإمام الصادق (ع) بأن النبي (ص) لما أعلن عن حكم الضمان الاجتماعي، وأنه إذا مات أحد وترك مالاً فلورثته، وإذا ترك ديناً فعلى الحاكم تسديده وأدائه، أسلم عند ذاك عامة اليهود، قال (ع): (وما كان سبب إسلام عامة اليهود إلا من بعد هذا القول من رسول الله (ص) وإنهم آمنوا على أنفسهم وعلى عيالاتهم)(371).

قال الراوي: سمعت علي بن موسى (ع) يقول: (المغرم إذا تدين أو استدان في حق أجل سنةً فإن اتسع وإلا قضى عنه الإمام من بيت المال)(372).

وعن أبي عبد الله(ع) قال: (قال رسول الله (ص): أيما مؤمن أو مسلم مات وترك ديناً لم يكن في فساد ولا إسراف فعلى الإمام أن يقضيه، فإن لم يقضه فعليه إثم ذلك، إن الله تبارك وتعالى يقول: )إنما الصدقات للفقراء والمساكين) (373) الآية، فهو من الغارمين وله سهم عند الإمام فإن حبسه فإثمه عليه)(374).

وقال النبي (ص): (من ترك ديناً أو ضَياعاً (375) فعليّ ومن ترك مالا فلورثته)(376).

 بيت المال في خدمة الشعب

مسألة: يجب على الحكومة الإسلامية والحاكم الإسلامي أن يكون أميناً على بيت مال المسلمين ويراعي مصلحة المسلمين الاقتصادية بكل جهده ووسعه.

ورد عن أبي عمرو بن العلاء: أن عقيل بن أبي طالب لما قدم على علي (ع) بالكوفة يسترفده عرض عليه عطاءه، فقال: إنما أريد من بيت المال.

فقال: (تقيم إلى يوم الجمعة) فأقام فلما صلى أمير المؤمنين (ع) الجمعة قال لعقيل: (ما تقول فيمن خان هؤلاء أجمعين؟).

قال: بئس الرجل ذاك.

قال: (فأنت تأمرني أن أخون هؤلاء وأعطيك).

فلما خرج من عنده أتى معاوية فأمر له يوم قدومه بمائة ألف درهم وقال له: يا أبا يزيد أنا خير لك أم علي؟

قال عقيل: وجدت عليا أنظر لنفسه منه لي ووجدتك أنظر لي منك لنفسك(377).

وقال أمير المؤمنين (ع) : (والله لأن أبيت على حسك السعدان مسهداً أو أجر في الأغلال مصفداً أحب إلي من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد وغاصباً لشي‏ء من الحطام، وكيف أظلم أحداً لنفس يسرع إلى البلى قفولها ويطول في الثرى حلولها، والله لقد رأي عقيلا وقد أملق حتى استماحني من بركم صاعاً، ورأيت صبيانه شعث الشعور غبر الألوان من فقرهم كأنما سودت وجوههم بالعظلم وعاودني مؤكداً وكرر عليّ القول مردداً، فأصغيت إليه سمعي فظن أني أبيعه ديني وأتبع قياده مفارقاً طريقتي فأحميت له حديدةً ثم أدنيتها من جسمه ليعتبر بها فضج ضجيج ذي دنف من ألمها وكاد أن يحترق من ميسمها فقلت له: ثكلتك الثواكل يا عقيل أتئن من حديدة أحماها إنسانها للعبه وتجرني إلى نار سجرها جبارها لغضبه، أتئن من الأذى ولا أئن من لظى وأعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفة في وعائها ومعجونة شنئتها كأنما عجنت بريق حية أو قيئها فقلت: أصلة أم زكاة أم صدقة فذلك محرم علينا أهل البيت.

فقال: لا ذا ولا ذاك ولكنها هدية.

فقلت: هبلتك الهبول أعن دين الله أتيتني لتخدعني، أمختبط أنت أم ذو جنة أم تهجر، والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته، وإن دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها ما لعلي ولنعيم يفنى ولذة لا تبقى نعوذ بالله من سبات العقل وقبح الزلل وبه نستعين)(378).

ومن كتاب لأمير المؤمنين (ع) لبعض عماله: (أما بعد فقد بلغني عنك أمر إن كنت فعلته فقد أسخطت ربك وعصيت إمامك وأخزيت أمانتك بلغني أنك جردت الأرض فأخذت ما تحت قدميك وأكلت ما تحت يديك فارفع إليّ حسابك واعلم أن حساب الله أعظم من حساب الناس والسلام)(379).

وقال أمير المؤمنين (ع) في كتابه إلى عبد الله بن عباس: (أما بعد فإني كنت أشركتك في أمانتي وجعلتك شعاري وبطانتي ولم يكن رجل من أهلي أوثق منك في نفسي لمواساتي وموازرتي وأداء الأمانة إليّ، فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب والعدو قد حرب وأمانة الناس قد خزيت وهذه الأمة قد فنكت(380) وشغرت(381) قلبت لابن عمك ظهر المجن ففارقته مع المفارقين وخذلته مع الخذلين وخنته مع الخائنين فلا ابن عمك آسيت ولا الأمانة أديت وكأنك لم تكن الله تريد بجهادك وكأنك لم تكن على بينة من ربك وكأنك إنما كنت تكيد هذه الأمة عن دنياهم وتنوي غرتهم عن فيئهم فلما أمكنتك الشدة في خيانة الأمة أسرعت الكرة وعاجلت الوثبة واختطفت ما قدرت عليه من أموالهم المصونة لأراملهم وأيتامهم اختطاف الذئب الأزل دامية المعزى الكسيرة فحملته إلى الحجاز رحيب الصدر بحمله غير متأثم من أخذه كأنك لا أبا لغيرك حدرت إلى أهلك تراثك من أبيك وأمك، فسبحان الله أما تؤمن بالمعاد أوما تخاف نقاش الحساب أيها المعدود كان عندنا من أولي الألباب كيف تسيغ شراباً وطعاماً وأنت تعلم أنك تأكل حراماً وتشرب حراماً وتبتاع الإماء وتنكح النساء من أموال اليتامى والمساكين والمؤمنين والمجاهدين الذين أفاء الله عليهم هذه الأموال وأحرز بهم هذه البلاد فاتق الله واردد إلى هؤلاء القوم أموالهم فإنك إن لم تفعل ثم أمكنني الله منك لأعذرن إلى الله فيك ولأضربنك بسيفي الذي ما ضربت به أحداً إلا دخل النار، ووالله لو أن الحسن والحسين فعلا مثل الذي فعلت ما كانت لهما عندي هوادة ولا ظفرا مني بإرادة حتى آخذ الحق منهما وأزيح الباطل عن مظلمتهما وأقسم بالله رب العالمين ما يسرني أن ما أخذته من أموالهم حلال لي أتركه ميراثاً لمن بعدي فضح رويداً فكأنك قد بلغت المدى ودفنت تحت الثرى وعرضت عليك أعمالك بالمحل الذي ينادي الظالم فيه بالحسرة ويتمنى المضيع فيه الرجعة ولات حين مناص)(382).

وعن مجمع التيمي: (إن علياً(ع) كان ينضح بيت المال ثم يتنفل فيه ويقول: اشهد لي يوم القيامة أني لم أحبس فيك المال على المسلمين)(383).

وعن بكر بن عيسى قال: كان علي(ع) يقول: (يا أهل الكوفة إن خرجت من عندكم بغير رحلي وراحلتي وغلامي فأنا خائن)، وكانت نفقته تأتيه من غلته بالمدينة من ينبع، وكان يطعم الناس الخل واللحم ويأكل من الثريد بالزيت ويجللها بالتمر من العجوة وكان ذلك طعامه، وزعموا أنه كان يقسم ما في بيت المال فلا تأتي الجمعة وفي بيت المال شيء ويأمر ببيت المال في كل عشية خميس فينضح بالماء ثم يصلي فيه ركعتين)(384) الحديث.

وعن حفص بن غياث قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: وسئل عن قسم بيت المال فقال: (أهل الإسلام هم أبناء الإسلام أسوي بينهم في العطاء وفضائلهم بينهم وبين الله أجملهم كبني رجل واحد لا نفضل أحداً منهم لفضله وصلاحه في الميراث على آخر ضعيف منقوص، وقال هذا هو فعل رسول الله (ص) في بدو أمره)(385).

طهارة بيت المال

مسألة: لا تكون موارد بيت المال من الربا، والغش، والغصب، والمصادرة، والإجحاف، والضرائب غير الشرعية، وما أشبه مما حرّمه الإسلام.

قال أمير المؤمنين (ع) : (من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى أصحاب الخراج، أما بعد: فإن من لم يحذر ما هو صائر إليه لم يقدم لنفسه ما يحرزها، واعلموا أن ما كلفتم به يسير وأن ثوابه كثير، ولو لم يكن فيما نهى الله عنه من البغي والعدوان عقاب يخاف لكان في ثواب اجتنابه ما لا عذر في ترك طلبه، فأنصفوا الناس من أنفسكم واصبروا لحوائجهم فإنكم خزان الرعية ووكلاء الأمة وسفراء الأئمة، ولا تحشموا أحداً عن حاجته، ولا تحبسوه عن طلبته، ولا تبيعن للناس في الخراج كسوة شتاء ولا صيف، ولا دابةً يعتملون عليها ولا عبداً، ولا تضربن أحداً سوطاً لمكان درهم، ولا تمسن مال أحد من الناس مصل ولا معاهد، إلا أن تجدوا فرساً أو سلاحاً يُعدى به على أهل الإسلام فإنه لا ينبغي للمسلم أن يدع ذلك في أيدي أعداء الإسلام فيكون شوكةً عليه، ولا تدخروا أنفسكم نصيحةً ولا الجند حسن سيرة ولا الرعية معونةً ولا دين الله قوةً وأبلوا في سبيل الله ما استوجب عليكم فإن الله سبحانه قد اصطنع عندنا وعندكم أن نشكره بجهدنا وأن ننصره بما بلغت قوتنا ولا قوة إلا بالله العلي العظيم)(386).

عن سماعة قال: قلت لأبي عبد الله(ع): إني رأيت الله تعالى قد ذكر الربا في غير آية وكرره، فقال: (أوتدري لم ذاك) قلت: لا، قال: (لئلا يمتنع الناس من اصطناع المعروف)(387).

وقال رسول الله (ص) : (من غش المسلمين حشر مع اليهود يوم القيامة لأنهم أغش الناس للمسلمين)(388).

 

حرمة الخيانة في بيت المال

مسألة: لا يجوز الاختلاس والخيانة في بيت المال، ويلزم حفظها من الزيادة والنقصان، من قبل الحاكم نفسه وغيره، حيث إن على الحكومة والحاكم أن لايأخذ لنفسه ما لايستحقه، ولا يتصرف عدواناً حتى في فلس واحد من بيت مال المسلمين، ولا يهب شيئاً منه بلا استحقاق لأحد من ذويه ومن أشبه.

عن علي بن أبي رافع قال: كنت على بيت مال علي بن أبي طالب(ع) وكاتبه وكان في بيت ماله عقد لؤلؤ كان أصابه يوم البصرة، قال: فأرسلت إليَّ بنت علي بن أبي طالب(ع) فقالت لي: بلغني أن في بيت مال أمير المؤمنين(ع) عقد لؤلؤ وهو في يدك وأنا أحب أن تعيرنيه أتجمل به في أيام عيد الأضحى.

فأرسلت إليها عاريةً مضمونةً مردودةً يا بنت أمير المؤمنين.

فقالت: نعم عاريةً مضمونةً مردودةً بعد ثلاثة أيام.

فدفعته إليها وإن أمير المؤمنين(ع) رآه عليها فعرفه فقال لها: (من أين صار إليك هذا العقد؟)

فقالت: استعرته من علي بن أبي رافع خازن بيت مال أمير المؤمنين لأتزين به في العيد ثم أرده.

قال: فبعث إليّ أمير المؤمنين (ع) فجئته، فقال لي: (أتخون المسلمين يا ابن أبي رافع؟).

فقلت له: معاذ الله أن أخون المسلمين.

فقال: (كيف أعرت بنت أمير المؤمنين العقد الذي في بيت مال المسلمين بغير إذني ورضاهم؟).

فقلت: يا أمير المؤمنين إنها ابنتك وسألتني أن أعيرها إياه تتزين به فأعرتها إيها عاريةً مضمونةً مردودةً، فضمنته في مالي وعليّ أن أرده سليماً إلى موضعه.

قال: (فرده من يومك وإياك أن تعود لمثل هذا فتنالك عقوبتي).

ثم قال: (أولى لابنتي لو كانت أخذت العقد على غير عارية مضمونة مردودة لكانت إذن أول هاشمية قطعت يدها في سرقة).

قال: فبلغ مقالته ابنته فقالت له: يا أمير المؤمنين أنا ابنتك وبضعة منك فمن أحق بلبسه مني.

فقال لها أمير المؤمنين(ع): (يا بنت علي بن أبي طالب لا تذهبن بنفسك عن الحق أكل نساء المهاجرين تتزين في هذا العيد بمثل هذا).

قال: فقبضته منها ورددته إلى موضعه(389).

نعم هكذا كان سيرة رسول الله (ص) ووصيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع)، وعلى عكسه تماماً كان بنو أمية وبنو مروان ومن شاكلهم.

وفي التاريخ: أن عثمان نفى أبا ذر أولا إلى الشام، ثم استقدمه إلى المدينة لما شكا منه معاوية، ثم نفاه من المدينة إلى الربذة لما عمل بالمدينة نظير ما كان يعمل بالشام، وأصل هذه الواقعة أن عثمان لما أعطى مروان بن الحكم وغيره بيوت الأموال واختص زيد بن ثابت بشيء منها جعل أبوذر يقول بين الناس وفي الطرقات والشوارع: بشر الكافرين بعذاب أليم، ويرفع بذلك صوته، ويتلو قوله تعالى: ) )والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم) (390)، فرفع ذلك إلى عثمان مرارا وهو ساكت ثم إنه أرسل إليه مولى من مواليه: أن انته عما بلغني عنك.

فقال أبوذر: أينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله تعالى وعيب من ترك أمر الله فو الله لأن أرضي الله بسخط عثمان أحب إلي وخير لي من أن أسخط الله برضى عثمان.

فأغضب عثمان ذلك وأحفظه فتصابر وتماسك إلى أن قال عثمان يوما والناس حوله: أيجوز للإمام أن يأخذ من بيت المال شيئا قرضا فإذا أيسر قضى؟.

فقال كعب الأحبار: لا بأس بذلك.

فقال أبوذر: يا ابن اليهوديين أتعلمنا ديننا.

فقال عثمان: قد كثر أذاك لي وتولعك بأصحابي، الحق بالشام، فأخرجه إليها.

فكان أبوذر ينكر على معاوية أشياء يفعلها، فبعث إليه معاوية يوما ثلاثمائة دينار، فقال أبوذر لرسوله: إن كانت من عطائي الذي حرمتمونيه عامي هذا قبلتها وإن كانت صلة فلا حاجة لي فيها وردها عليه.

ثم بنى معاوية الخضراء بدمشق فقال أبوذر: يا معاوية إن كانت هذه من مال الله فهي الخيانة وإن كانت من مالك فهي الإسراف.

وكان أبوذر يقول بالشام: والله لقد حدثت أعمال ما أعرفها، والله ما هي في كتاب الله ولا سنة نبيه، إني لأرى حقا يطفأ وباطلا يحيا وصادقا مكذبا وأثرة بغير تقى وصالحا مستأثرا عليه.

فقال حبيب بن مسلمة الفهري لمعاوية: إن أبا ذر لمفسد عليكم الشام فتدارك أهله إن كان لك فيه حاجة)(391).

وروى أبو عثمان الجاحظ عن جلام بن جندل الغفاري قال: كنت غلاماً لمعاوية على قنسرين والعواصم في خلافة عثمان فجئت إليه يوما أسأله عن حال عملي إذ سمعت صارخا على باب داره يقول: أتتكم القطار بحمل النار، اللهم العن الآمرين بالمعروف التاركين له، اللهم العن الناهين عن المنكر المرتكبين له، فازبأر معاوية وتغير لونه وقال: يا جلام أتعرف الصارخ؟

فقلت: اللهم لا.

قال: من عذيري من جندب بن جنادة يأتينا كل يوم فيصرخ على باب قصرنا بما سمعت.

ثم قال: أدخلوه.

فجيء بأبي ذر بين قوم يقودونه حتى وقف بين يديه، فقال له معاوية: يا عدو الله وعدو رسوله تأتينا في كل يوم فتصنع ما تصنع أما إني لو كنت قاتل رجل من أصحاب محمد من غير إذن أمير المؤمنين عثمان لقتلتك ولكني أستأذن فيك قال جلام: وكنت أحب أن أرى أبا ذر لأنه رجل من قومي، فالتفت إليه فإذا رجل أسمر ضرب من الرجال خفيف العارضين في ظهره جنأ فأقبل على معاوية وقال: ما أنا بعدو لله ولا لرسوله بل أنت وأبوك عدوان لله ولرسوله أظهرتما الإسلام وأبطنتما الكفر ولقد لعنك رسول الله (ص) ودعا عليك مرات أن لا تشبع، سمعت رسول الله (ص) يقول: (إذا ولي الأمة الأعين الواسع البلعوم الذي يأكل ولا يشبع فلتأخذ الأمة حذرها منه).

فقال معاوية: ما أنا ذاك الرجل.

قال أبو ذر: بل أنت ذلك الرجل أخبرني بذلك رسول الله (ص) وسمعته يقول وقد مررت به: (اللهم العنه ولا تشبعه إلا بالتراب).

 وسمعته يقول: (أست معاوية في النار) فضحك معاوية وأمر بحبسه وكتب إلى عثمان فيه، فكتب عثمان إلى معاوية: أن احمل جندباً إليّ على أغلظ مركب وأوعره.

فوجه به من سار به الليل والنهار وحمله على شارف ليس عليها إلا قتب حتى قدم به المدينة وقد سقط لحم فخذيه من الجهد، فلما قدم بعث إليه عثمان أن الحق بأي أرض شئت.

قال: بمكة.

قال: لا.

قال: بيت المقدس.

قال: لا.

قال: بأحد المصرين.

قال: لا.

قال: ولكني مسيرك إلى ربذة فسيره إليها فلم يزل بها حتى مات)(392).

 مصارف بيت المال

مسألة: من موارد صرف بيت المال: إسعاف الفقراء، وقضاء الديون، وتزويج العزّاب، ومنح رأس مال للعاملين، وتشغيل العاطلين، وعمران البلاد، والترفيه على العباد، وتثقيف الناس وغير ذلك مما يساعد على تقدم البلاد والعباد.

قال علي بن موسى(ع): ( المغرم إذا تدين أو استدان في حق أجل سنةً فإن اتسع وإلا قضى عنه الإمام من بيت المال)(393).

وعن أبي عبد الله(ع) قال: (إن أمير المؤمنين(ع) أتي برجل عبث بذكره فضرب يده حتى احمرت ثم زوجه من بيت المال)(394).

وعن بريد بن معاوية العجلي قال: سئل أبو جعفر(ع) عن رجل قتل رجلا عمداً فلم يقم عليه الحد ولم تصح الشهادة عليه حتى خولط وذهب عقله ثم إن قوماً آخرين شهدوا عليه بعد ما خولط أنه قتله، فقال: (إن شهدوا عليه أنه قتله حين قتله وهو صحيح ليس به علة من فساد عقله قتل به، وإن يشهدوا عليه بذلك وكان له مال يعرف دفع إلى ورثة المقتول الدية من مال القاتل وإن لم يكن له مال أعطي الدية من بيت المال ولا يبطل دم امرئ مسلم)(395).

وعن أبي عبد الله(ع) : (أن أمير المؤمنين(ع) قال: من مات في زحام الناس يوم الجمعة أو يوم عرفة أو على جسر لا يعلمون من قتله فديته من بيت المال)(396).

 

احترام حقوق الفرد والجماعة

مسألة: يحرّم الإسلام كل أمر يتنافى مع ما شرّعه من قانون السلطنة القائل: (الناس مسلطون على أموالهم وأنفسهم)(397) ومن أبرز مصاديق ذلك الجمارك والمكوس فإنها محرمة شرعاً، مضافاً إلى ما تستعقبه من تبعات مالية واقتصادية.

وقال النبي (ص): (إن الناس مسلطون على أموالهم)(398).

وقال(ص): (لا ضرر ولا إضرار في الإسلام)(339).

وقال الصادق(ع): (كل شيء مطلق حتى يرد فيه نص)(400).

وقال النبي (ص): (حكمي على الواحد حكمي على الجماعة)(401).

وعن إسحاق بن عمار عن الصادق(ع): (أن عليا(ع) كان يقول: أبهموا ما أبهمه الله)(402).

وقال رسول الله (ص): (على العشار كل يوم وليلة لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)(403).

وفي الحديث عنه (ع): (والحمار يلعن العشار)(404).

نعم يلزم دفع الحقوق الشرعية والتي هي الخمس والزكاة والجزية(405) والخراج دون غيرها.

روى محمد بن يزيد الطبري قال: كتب رجل من تجار فارس من بعض موالي أبي الحسن الرضا(ع) يسأله الإذن في الخمس.

فكتب إليه: (بسم الله الرحمن الرحيم إن الله واسع كريم، ضمن على العمل الثواب وعلى الخلاف العقاب، لم يحل مال إلا من وجه أحله الله، إن الخمس عوننا على ديننا وعلى عيالاتنا وعلى موالينا، وما نفك ونشتري من أعراضنا ممن نخاف سطوته، فلا تزووه عنا ولا تحرموا أنفسكم دعاءنا ما قدرتم عليه، فإن إخراجه مفتاح رزقكم وتمحيص ذنوبكم، وما تمهدون لأنفسكم يوم فاقتكم، والمسلم من يفي لله بما عاهد عليه، وليس المسلم من أجاب باللسان وخالف بالقلب والسلام)(406).

 

حرمة الغش والخيانة

مسألة: يحرم الغش والتدليس، والمكر والخيانة مطلقاً، وخاصة في المعاملات.

عن أبي عبد الله(ع) قال: (قال رسول الله(ص) لرجل يبيع التمر: يا فلان أ ما علمت أنه ليس من المسلمين من غشهم)(407).

وعن موسى بن بكر قال: كنا عند أبي الحسن(ع) فإذا دنانير مصبوبة بين يديه فنظر إلى دينار فأخذه بيده ثم قطعه بنصفين ثم قال لي: (ألقه في البالوعة حتى لا يباع شيء فيه غش)(408).

وعن أبي عبد الله(ع) قال: (جاءت زينب العطارة الحولاء إلى نساء النبي(ص) فجاء النبي (ص) فإذا هي عندهم، فقال النبي (ص): إذا أتيتنا طابت بيوتنا، فقالت: بيوتك بريحك أطيب يا رسول الله، فقال (ص): إذا بعت فأحسني ولا تغشي فإنه أتقى لله وأبقى للمال)(409).

وقال أمير المؤمنين(ع): (لولا أن المكر والخديعة في النار لكنت أمكر الناس)(410).

وعن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه)ع) قال: (قال رسول الله(ص): من كان مسلماً فلا يمكر ولا يخدع فإني سمعت جبرئيل (ع) يقول: إن المكر والخديعة في النار، ثم قال: ليس منا من غش مسلماً، وليس منا من خان مسلماً)(411).

الحلف في المعاملات

مسألة: يكره الحلف في المعاملة، أما الكذب منها فلا يجوز.

عن أبي عبد الله(ع) قال: (قال رسول الله(ص): من باع واشترى فليحفظ خمس خصال وإلا فلا يشترين ولا يبيعن: الربا والحلف وكتمان العيب والحمد إذا باع والذم إذا اشترى)(412).

وعن أبي حمزة رفعه قال: قام أمير المؤمنين (ع) على دار ابن أبي معيط وكان تقام فيها الإبل فقال: (يا معاشر السماسرة أقلوا الأيمان فإنها منفقة للسلعة ممحقة للربح)(413).

وعن أبي إسماعيل رفعه عن أمير المؤمنين(ع) أنه كان يقول: (إياكم والحلف فإنه ينفق السلعة ويمحق البركة)(414).

وكان أبو أمامة صاحب رسول الله (ص) يقول: سمعت رسول الله (ص) يقول: (أربع من كن فيه فقد طاب مكسبه، إذا اشترى لم يعب، وإذا باع لم يحمد، ولا يدلس، وفيما بين ذلك لا يحلف )(415).

 حرمة الاحتكار

مسألة: لا يجوز الاحتكار في موارده المحرمة، ويكره في غير ذلك.

وفي الحديث: إن رسول الله (ص) أمر المحتكرين أن يخرجوا حكرتهم إلى بطون الأسواق بحيث ينظر الأبصار إليها، فقيل له: لو قومت عليهم، فغضب(ع) حتى عرف الغضب في وجهه وقال: (أنا أقوم عليهم إنما السعر إلى الله يرفعه إذا شاء ويخفضه إذا شاء)(416).

ومن كتاب لأمير المؤمنين (ع) كتبه للأشتر النخعي: (ثم استوص بالتجار وذوي الصناعات وأوص بهم خيراً، المقيم منهم والمضطرب بماله والمترفق ببدنه، فإنهم مواد المنافع وأسباب المرافق وجلابها من المباعد والمطارح في برك وبحرك وسهلك وجبلك، وحيث لا يلتئم الناس لمواضعها ولا يجترءون عليها فإنهم سلم لا تخاف بائقته وصلح لا تخشى غائلته، وتفقد أمورهم بحضرتك وفي حواشي بلادك، واعلم مع ذلك أن في كثير منهم ضيقاً فاحشاً وشحاً قبيحاً واحتكاراً للمنافع وتحكماً في البياعات وذلك باب مضرة للعامة وعيب على الولاة فامنع من الاحتكار، فإن رسول الله (ص) منع منه وليكن البيع بيعاً سمحاً بموازين عدل وأسعار لا تجحف بالفريقين من البائع والمبتاع فمن قارف حكرةً بعد نهيك إياه فنكل به وعاقبه في غير إسراف)(417).

وعن أبي عبد الله(ع) عن أبيه (ع) قال: (قال رسول الله(ص): لا يحتكر الطعام إلا خاطئ)(418).

وعن أبي عبد الله(ع) قال: (قال رسول الله(ص): الجالب مرزوق والمحتكر ملعون)(419).

عن أبي عبد الله(ع) قال: (الحكرة في الخصب أربعون يوماً وفي الشدة والبلاء ثلاثة أيام، فما زاد على الأربعين في زمان الخصب فصاحبه ملعون، وما زاد على ثلاثة أيام في العسرة فصاحبه ملعون)(420).

وعن أبي عبد الله(ع) قال: (نفد الطعام على عهد رسول الله(ص) فأتاه المسلمون فقالوا: يا رسول الله قد نفد الطعام ولم يبق منه شيء إلا عند فلان فمره ببيعه، قال: فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا فلان إن المسلمين ذكروا أن الطعام قد نفد إلا شيء عندك فأخرجه وبعه كيف شئت ولا تحبسه)(421).

وعن معتب قال: كان أبو الحسن(ع) يأمرنا إذا أدركت الثمرة أن نخرجها فنبيعها ونشتري مع المسلمين يوماً بيوم (422).

وعن الحلبي، عن أبي عبد الله (ع) قال: (الحكرة أن يشتري طعاماً ليس في المصر غيره فيحتكره فإن كان في المصر طعام أو بيّاع غيره فلا بأس بأن يلتمس بسلعته الفضل)، قال: وسألته عن الزيت؟ فقال: (إن كان عند غيرك فلا بأس بإمساكه)(423).

 

المعاملات الربوية

مسألة: يحرم الربا وتحرم المعاملات الربوية.

كتب علي بن موسى الرضا(ع) إلى محمد بن سنان فيما كتب من جواب مسائله:

(علة تحريم الربا انما نهى الله عزوجل عنه لما فيه من فساد الأموال، لأن الإنسان إذا اشترى الدرهم بالدرهمين كان ثمن الدرهم درهماً وثمن الآخر باطلا فبيع الربا وشراؤه وكس على كل حال على المشتري وعلى البائع، فحظر الله تبارك وتعالى على العباد الربا لعلة فساد الأموال، كما حظر على السفيه أن يدفع إليه ماله لما يتخوف عليه من إفساده حتى يؤنس منه رشداً، فلهذه العلة حرم الله الربا وبيع الربا بيع الدرهم بدرهمين، وعلة تحريم الربا بعد البينة لما فيه من الاستخفاف بالحرام المحرم وهي كبيرة بعد البيان وتحريم الله تعالى لها لم يكن ذلك منه إلا استخفافاً بالمحرم للحرام والاستخفاف بذلك دخول في الكفر، وعلة تحريم الربا بالنسيئة لعلة ذهاب المعروف وتلف الأموال ورغبة الناس في الربح وتركهم القرض وصنائع المعروف ولما في ذلك من الفساد والظلم وفناء الأموال)(424).

وسأل هشام بن الحكم أبا عبد الله (ع) عن علة تحريم الربا؟ فقال: (إنه لو كان الربا حلالا لترك الناس التجارات وما يحتاجون إليه فحرم الله الربا ليفر الناس من الحرام إلى الحلال وإلى التجارات وإلى البيع والشراء فيبقى ذلك بينهم في القرض)(425).

وعن زرارة عن أبي عبد الله(ع) قال: قلت له: إني سمعت الله يقول: )يمحق الله الربا ويربي الصدقات) (426) وقد أرى من يأكل الربا يربو ماله؟ فقال: (أي محق أمحق من درهم ربا يمحق الدين وإن تاب منه ذهب ماله وافتقر)(427).

وقال أبو عبد الله(ع): (درهم واحد ربا أعظم من عشرين زنيةً كلها بذات محرم)(428).

تعاطي الربا

مسألة: يحرم إعطاء الربا كما يحرم أخذه.

عن أبي جعفر(ع) قال: (قال أمير المؤمنين(ع): آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهده فيه سواء)(429).

وعن زيد بن علي عن آبائه عن علي قال: (لعن رسول الله (ص) الربا وآكله وبائعه ومشتريه وكاتبه وشاهديه)(430).

وعن الصادق(ع) عن آبائه  في مناهي النبي (ص): (أنه نهى عن أكل الربا وشهادة الزور وكتابة الربا وقال إن الله عزوجل لعن آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه)(431).

وفي تفسير القمي: أنه لما أنزل الله )الذين يأكلون الربا) (432) الآية فقام خالد بن الوليد إلى رسول الله (ص) فقال: يا رسول الله ربا أبي في ثقيف وقد أوصاني عند موته بأخذه، فأنزل الله تعالى: ) )يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله)(433) قال: (من أخذ الربا وجب عليه القتل وكل من أربى وجب عليه القتل)(434).

وقال أبو عبد الله(ع): (ما خلق الله حلالا ولا حراما إلا وله حدود كحدود الدار فما كان من حدود الدار فهو من الدار، حتى أرش الخدش فما سواه، والجلدة ونصف الجلدة، وإن رجلا أربى دهرا من الدهر فخرج قاصدا أبا جعفر(ع) فسأله عن ذلك فقال له مخرجك من كتاب الله يقول الله: )فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف) (435) والموعظة هي التوبة فجهله بتحريمه ثم معرفته به فما مضى فحلال وما بقي فليحفظ)(436).

 

استحباب الإقراض

مسألة: يستحب إعطاء القرض لمن يطلب القرض وثوابه يفوق ثواب الصدقة، فان الصدقة بعشرة، والقرض بثمانية عشر.

عن النبي (ص): (من أقرض مؤمناً قرضاً ينظر به ميسوره كان ماله في زكاة، وكان هو في صلاة مع الملائكة حتى يؤديه)(437) (وان رفق به في طلبه تعدى على الصراط كالبرق الخاطف اللامع بغير حساب ولا عذاب، ومن شكا إليه أخوه المسلم فلم يقرضه، حرم الله عزوجل عليه الجنة يوم يجزي المحسنين)(438).

وقال أبو عبد الله(ع): (ما من مؤمن أقرض مؤمناً يلتمس به وجه الله إلا حسب الله له أجره بحساب الصدقة حتى يرجع إليه ماله)(439).

وقال(ع): (مكتوب على باب الجنة الصدقة بعشرة والقرض بثمانية عشر)(440).

وفي رواية أخرى: (بخمسة عشر)(441).

وعن أبي عبد الله(ع) قال: (قرض المؤمن غنيمة وتعجيل خير، إن أيسر أداه وإن مات احتسب من الزكاة)(442).

وعن عقبة بن خالد قال: دخلت أنا والمعلى وعثمان بن عمران على أبي عبد الله(ع) فلما رآنا قال: (مرحباً مرحباً بكم وجوه تحبنا ونحبها جعلكم الله معنا في الدنيا والآخرة).

فقال له عثمان: جعلت فداك.

فقال له أبو عبد الله(ع): (نعم مه).

قال: إني رجل موسر.

فقال له: (بارك الله لك في يسارك).

قال: ويجيء الرجل فيسألني الشيء وليس هو إبان زكاتي.

فقال له أبو عبد الله(ع): (القرض عندنا بثمانية عشر والصدقة بعشرة وما ذا عليك إذا كنت كما تقول موسراً أعطيته فإذا كان إبان زكاتك احتسبت بها من الزكاة، يا عثمان لا ترده فإن رده عند الله عظيم، يا عثمان إنك لو علمت ما منزلة المؤمن من ربه ما توانيت في حاجته، ومن أدخل على مؤمن سروراً فقد أدخل على رسول الله(ص) وقضاء حاجة المؤمن يدفع الجنون والجذام والبرص)(443).

الشرط في القرض

مسألة: يحرم القرض الربوي وكذا كل شرط يجرّ نفعاً إلى المقرض، سواء كان الشرط يرتبط بالمال والمتاع، أو بالعمل والخدمات، نعم إذا أحب أن يعطيه الزائد من دون شرط فلا بأس. ومن أخذ قرضاً ربوياً لم يملكه ولم يجز له التصرف فيه.

عن أبي عبد الله(ع) قال: (الربا رباءان، أحدهما ربا حلال والآخر حرام، فأما الحلال فهو أن يقرض الرجل قرضاً طمعاً أن يزيده ويعوضه بأكثر مما أخذه بلا شرط بينهما، فإن أعطاه أكثر مما أخذه بلا شرط بينهما فهو مباح له وليس له عند الله ثواب فيما أقرضه، وهو قوله عزوجل: )فلا يربوا عند الله) (444)، وأما الربا الحرام فهو الرجل يقرض قرضاً ويشترط أن يرد أكثر مما أخذه فهذا هو         الحرام)(445).

وعن أبي عبد الله(ع) أنه قال: (لا بأس أن يقرض الرجل الدراهم ويأخذ أجود منهما إذا لم يكن بينهما شرط)(446).

وقال الصادق(ع) في قوله تعالى: )لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف) (447)، قال: (يعني بالمعروف القرض وإنما حرم الربا ليتقارض الناس)(448).

الاشتغال في المعاملات الربوية

مسألة: يحرم الاشتغال بالمعاملات الربوية، ويحرم الأجرة عليها.

عن سعد بن طريف عن أبي جعفر (ع) قال: (أخبث المكاسب كسب الربا)(449).

وروي عن عمر بن يزيد بياع السابري قال: قلت لأبي عبد الله(ع) : جعلت فداك إن الناس يزعمون أن الربح على المضطر حرام وهو من الربا، فقال: (وهل رأيت أحداً اشترى غنياً أو فقيراً إلا من ضرورة، يا عمر قد أحل الله البيع وحرم الربا فاربح ولا تربه) قلت: وما الربا؟ قال: (دراهم بدراهم مثلان بمثل)(450).

وعن أبي عبد الله (ع) قال: (قال رسول الله(ص): لما أسري بي إلى السماء رأيت قوما يريد أحدهم أن يقوم فلا يقدر أن يقوم من عظم بطنه، فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟ قال: هؤلاء )الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) (451) وإذا هم بسبيل آل فرعون يعرضون على النار )غدوا وعشيا)(452) يقولون ربنا متى تقوم الساعة)(453).

إذا تأخر الدين

مسألة: يحرم أخذ الزيادة مقابل التأخير الحاصل في تسديد الديون وأداء القروض، فإنها من الربا.

عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال: سمعته يقول: (الكبائر سبعة، منها قتل النفس متعمداً، والشرك بالله العظيم، وقذف المحصنة، وأكل الربا بعد البينة)(454).

وقال أمير المؤمنين(ص): (لعن رسول الله (ص) الربا وآكله ومؤكله وبائعه ومشتريه وكاتبه وشاهديه)(455).

وفي الحديث: (إن علياً (ع) أتي بآكل الربا فاستتابه فتاب ثم خلى سبيله، ثم قال: يستتاب آكل الربا من الربا كما يستتاب من الشرك)(456).

إنظار المعسر

مسألة: يجب إمهال المقترض إذا لم يكن عنده ما يدفع به قرضه على تفصيل مذكور في الفقه، ولم يجز أن يشدد عليه ناهيك عن توقيفه أو سجنه أو نحو ذلك.

عن أبي عبد الله(ع) قال: (من أراد أن يظله الله يوم لا ظل إلا ظله، قالها ثلاثاً فهابه الناس أن يسألوه، فقال: فلينظر معسراً أو ليدع له من حقه)(457).

وعن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله(ع) قال: (إن رسول الله(ص) قال في يوم حار وحنا كفه: من أحب أن يستظل من فور جهنم، قالها ثلاث مرات فقال الناس في كل مرة: نحن يا رسول الله، فقال: من أنظر غريماً أو ترك المعسر)، ثم قال لي أبو عبد الله(ع): (قال عبد الله بن كعب بن مالك: إن أبي أخبرني أنه لزم غريماً له في المسجد فأقبل رسول الله (ص) فدخل بيته ونحن جالسان ثم خرج في الهاجرة فكشف رسول الله (ص) ستره فقال: يا كعب ما زلتما جالسين، قال: نعم بأبي وأمي، قال: فأشار رسول الله (ص) بكفه خذ النصف، قال: فقلت بأبي وأمي، ثم قال: أتبعه ببقية حقك، قال فأخذت النصف ووضعت له النصف)(458).

وعن أبي عبد الله (ع) قال: (صعد رسول الله (ص) المنبر ذات يوم فحمد الله وأثنى عليه وصلى على أنبيائه (صلى الله عليهم) ثم قال: أيها الناس ليبلغ الشاهد منكم الغائب، من أنظر معسراً كان له على الله عزوجل في كل يوم صدقة بمثل ماله حتى يستوفيه، وقال أبو عبد الله (ع): )وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون)(459) أنه معسر فتصدقوا عليه بمالكم فهو خير لكم)(460).

وعن أبي عبد الله(ع) قال: (خلوا سبيل المعسر كما خلاه الله عزوجل)(461).

وقال أبو جعفر(ع) : (من أقرض قرضاً إلى ميسرة كان ماله في زكاة وكان هو في صلاة من الملائكة حتى يقبضه)(462).

عن أبي عبد الله(ع) في وصية طويلة كتبها إلى أصحابه قال: (وإياكم وإعسار أحد من إخوانكم المسلمين أن تعسروه بشي‏ء يكون لكم قبله وهو معسر، فإن أبانا رسول الله(ص) كان يقول ليس لمسلم أن يعسر مسلماً ومن أنظر معسراً أظله الله بظله يوم لا ظل إلا ظله)(463).وعن عبد الله بن سنان قال: قال النبي (ص): (ألف درهم أقرضها مرتين أحب إليّ من أن أتصدق بها مرةً وكما لا يحل لغريمك أن يمطلك وهو موسر فكذلك لا يحل لك أن تعسره إذا علمت أنه معسر)(464).

وعن أبي جعفر (ع) قال: (يبعث يوم القيامة قوم تحت ظل العرش وجوههم من نور ورياشهم من نور جلوس على كراسي من نور فتشرف لهم الخلائق فيقولون: هؤلاء الأنبياء فينادي منادٍ من تحت العرش أن ليس هؤلاء بأنبياء، قال:فيقولون: هؤلاء شهداء، فينادي منادٍ من تحت العرش ليس هؤلاء بشهداء ولكن هؤلاء قوم كانوا ييسرون على المؤمنين وينظرون المعسر حتى ييسر)(454).

وعن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله(ع) قال: سألته عن رجل لي عليه مال فغاب عني زماناً فرأيته يطوف حول الكعبة فأتقاضاه؟ قال: قال: (لا تسلم عليه ولا تروعه حتى يخرج من الحرم)(465).

وعن معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد الله(ع): إنه ذكر لنا أن رجلا من الأنصار مات وعليه ديناران ديناً فلم يصل عليه النبي (ص) وقال: (صلوا على أخيكم) حتى ضمنهما عنه بعض قراباته، فقال أبو عبد الله(ع): (ذاك الحق) ثم قال: (إن رسول الله (ص) إنما فعل ذلك ليتعظوا وليرد بعضهم على بعض ولئلا يستخفوا بالدين وقد مات رسول الله (ص) وعليه دين، وقتل أمير المؤمنين (ع) وعليه دين، ومات الحسن (ع) وعليه دين، وقتل الحسين (ع) وعليه دين)(467).

وفي فقه الرضا (ع): (اعلم أنه من استدان دينا ونوى قضاءه فهو في أمان الله حتى يقضيه، فإن لم ينو قضاءه فهو سارق، فاتق الله وأد إلى من له عليك، وارفق بمن لك عليه حتى تأخذه منه في عفاف وكفاف، فإن كان غريمك معسرا وكان أنفق ما أخذ منك في طاعة الله فأنظره إلى ميسرة وهو أن يبلغ خبره إلى الإمام فيقضي عنه، أو يجد الرجل طولا فيقضي دينه، وإن كان ما أنفق ما أخذه منك في معصية الله فطالبه بحقك فليس هو من أهل هذه الآية)(468).

مستثنيات الدين

مسألة: لا يجبر المديون على بيع مستثنيات الدين وهو مسكنه وأثاث منزله وغير ذلك مما يحتاج إليه، ولا يجب عليه البيع، وأما إذا رضي هو بذلك فباعها وقضى بها دينه فلا بأس.

قال المحقق الأردبيلي: (مستثنيات الدين مثل دست الثوب وبيت السكنى وقوت يوم وليلة)(469).

والدست من الثياب: (ما يلبسه الإنسان ويكفيه لتردده في حوائجه، وقيل: كلما يلبس من العمامة إلى النعل، والجمع دسوت مثل فلس وفلوس)(470).

وقال المحقق النراقي في المستند: (مستثنيات الدين كفرس ركوبه وثياب بدنه ونحوهما)(471).

وعن الحلبي عن أبي عبد الله (ع): قال: (لا تباع الدار ولا الجارية في الدين، وذلك لأنه لابد للرجل المسلم من ظل يسكنه وخادم يخدمه)(472).

وعن عثمان بن زياد قال: قلت لأبي عبد الله(ع): إن لي على رجل ديناً وقد أراد أن يبيع داره فيقضيني؟ قال: فقال أبو عبد الله (ع): (أعيذك بالله أن تخرجه من ظل رأسه)(473).

وعن بريد العجلي قال: قلت لأبي عبد الله (ع): إن عليّ ديناً لأيتام وأخاف إن بعت ضيعتي بقيت و ما لي شيء، قال: (لا تبع ضيعتك و لكن أعط بعضاً و أمسك بعضاً)(474).

وجاء في تفسير القمي: دخل رجل على أبي عبد الله فقال أبو عبد الله(ع): (ما لفلان يشكوك؟) قال: طالبته بحقي، فقال أبو عبد الله(ع): (وترى أنك إذا استقصيت عليه لم تسئ به أترى الذي حكى الله عزوجل في قوله )ويخافون سوء الحساب)(475) أي يجور الله عليهم والله ما خافوا ذلك ولكنهم خافوا الاستقصاء فسماه الله سوء الحساب)(476).

أداء الدين

مسألة: يجب على المقترض الأداء كلما طالبه المقرض وهو قادر على القضاء إذا لم يعين للقرض أجل، كما يجب الأداء إذا حل وقت الأداء وهو يتمكن منه، ولو تأخر عصى.

روي: (لا يحل للغريم المطل وهو موسر )(477).

وعن أبي جعفر(ع) قال: (أول قطرة من دم الشهيد كفارة لذنوبه إلا الدين فإن كفارته قضاؤه)(478).

وقال أمير المؤمنين(ع): (إياكم والدين فإنه مذلة بالنهار ومهمة بالليل وقضاء في الدنيا وقضاء في الآخرة)(479).

وعن محمد بن علي بن الحسين (ع) قال: (قال النبي (ص): ليس من غريم ينطلق من عند غريمه راضياً إلا صلت عليه دواب الأرض ونون البحر، وليس من غريم ينطلق صاحبه غضبان وهو ملي إلا كتب الله عز وجل بكل يوم يحبسه وليلة ظلماً)(480).

الكسب لأداء الدين

مسألة: يجب الاكتساب على المقترض إذا لم يمكنه تسديد دينه إلا به، وكان قادراً على الاكتساب.

عن أبي تمامه قال: قلت لأبي جعفر الثاني(ع): إني أريد أن ألزم مكة والمدينة وعليّ دين فما تقول، فقال: (ارجع إلى مؤدى دينك وانظر أن تلقى الله عز وجل وليس عليك دين إن المؤمن لا يخون)(481).

وعن أبي جعفر(ع) قال: (كل ذنب يكفره القتل في سبيل الله عزوجل إلا الدين لا كفارة له إلا أداؤه أو يقضي صاحبه أو يعفو الذي له الحق)(482).

 

الكسب لنفقة العيال

مسألة: يجب الاكتساب على من لم يكن له مال، ووجبت عليه نفقة العيال من زوجة وأولاد وأبوين وغيرهم.

عن أبي عبد الله (ع): (إذا كان الرجل معسراً يعمل بقدر ما يقوت به نفسه وأهله ولا يطلب حراماً فهو كالمجاهد في سبيل الله)(483).

وقال (ع): (ملعون ملعون من ضيع من يعول)(484).

وقال(ع) (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول)(485).

وقال أبو الحسن (ع): (من طلب هذا الرزق من حله ليعود به على نفسه وعياله كان كالمجاهد في سبيل الله فإن غلب عليه فليستدن على الله وعلى رسوله(ص) ما يقوت به عياله)(486) الحديث.

وقال (ص): (الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله)(487).

وفي حديث آخر عنه (ص): (الكاد على عياله من حلال كالمجاهد في سبيل الله)(488).

وقال(ع): (الذي يطلب من فضل الله عزوجل ما يكف به عياله أعظم أجرا من المجاهد في سبيل الله عزوجل)(489).

وعن هشام بن المثنى قال: سأل رجل أبا عبد الله(ع) عن قول الله عزوجل )وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) (490)، فقال: (كان فلان بن فلان الأنصاري سماه وكان له حرث فكان إذا أخذ يتصدق به فيبقى هو وعياله بغير شيء فجعل الله عز وجل ذلك سرفاً)(491).

وعن أبي عبد الله(ع) قال: (قال رسول الله (ص): كل معروف صدقة وأفضل الصدقة عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول واليد العليا خير من اليد السفلى ولا يلوم الله على الكفاف)(492).

وعن أبي الحسن(ع) قال: (ينبغي للرجل أن يوسع على عياله لئلا يتمنوا موته، وتلا هذه الآية: )ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً) (493) قال: الأسير عيال الرجل ينبغي إذا زيد في النعمة أن يزيد أسراءه في السعة عليهم)(494) الحديث.

وعن علي بن الحسين(ع) قال: (أرضاكم عند الله أسبغكم على عياله)(495).

وعن الرضا (ع) قال: (صاحب النعمة يجب عليه التوسعة على عياله)(496).

وقال أبو الحسن(ع): (إن عيال الرجل أسراؤه فمن أنعم الله عليه بنعمة فليوسع على أسرائه فإن لم يفعل أوشك أن تزول تلك النعمة)(497).

استحباب الكسب والتجارة

مسألة: يستحب الكسب للأمور المستحبة، مثل التوسعة على الأهل والعيال، ومساعدة الفقراء والمساكين، وتأسيس المؤسسات الخيرية والاجتماعية، وإنشاء المدارس والمعاهد الدينية، ونشر الكتب والمقالات التثقيفية.

وعن أبي عبد الله(ع) في قوله عزوجل: )ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً) (498)، قال: (رضوان الله والجنة في الآخرة والسعة في الرزق والمعاش وحسن الخلق في الدنيا)(499).

وعن أبي عبد الله(ع) قال: (نعم العون الدنيا على الآخرة)(500).

وقال(ع): (ليس منا من ترك دنياه لآخرته ولا آخرته لدنياه)(501).

وروي عن العالم(ع) أنه قال: (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً)(502).

وقال رسول الله (ص) :(نعم العون على تقوى الله الغنى)(503).

وروى عمر بن أذينة عن الصادق(ع) أنه قال: (إن الله تبارك وتعالى ليحب الاغتراب في طلب الرزق)(504).

وقال(ع): (اشخص يشخص لك الرزق)(505).

وروى علي بن عبد العزيز عن أبي عبد الله(ع) أنه قال: (إني لأحب أن أرى الرجل متحرفاً في طلب الرزق إن رسول الله (ص) قال: اللهم بارك لأمتي في بكورها)(506).

وقال(ص): (إذا أراد أحدكم الحاجة فليبكر إليها فإني سألت ربي عز وجل أن يبارك لأمتي في بكورها)(507).

وقال(ع): (إذا أراد أحدكم الحاجة فليبكر إليها وليسرع المشي          إليها)(508).

 

آداب البيع والشراء

مسألة: للبيع والشراء آداب مذكورة في الفقه ينبغي مراعاتها، مضافاً إلى إلزاميات المعاملات.

عن أبي عبد الله(ع) قال: (قال رسول الله(ص): من باع واشترى فليحفظ خمس خصال وإلا فلا يشتر ولا يبع: الربا والحلف وكتمان العيب والحمد إذا باع والذم إذا اشترى)(509).

وكان أبو أمامة صاحب رسول الله (ص) يقول: سمعت رسول الله (ص) يقول: (أربع من كن فيه فقد طاب مكسبه، إذا اشترى لم يعب، وإذا باع لم يحمد، ولا يدلس، وفيما بين ذلك لا يحلف)(510).

وعن عبد الله بن القاسم الجعفري عن بعض أهل بيته قال: إن رسول الله(ص) لم يأذن لحكيم بن حزام في تجارته حتى ضمن له: (إقالة النادم وإنظار المعسر وأخذ الحق وافياً وغير واف)(511).

وعن أبي عبد الله(ع) قال: (جاءت زينب العطارة الحولاء إلى نساء رسول الله (ص) وبناته وكانت تبيع منهن العطر فدخل رسول الله (ص) وهي عندهن فقال لها: (إذا أتيتنا طابت بيوتنا) فقالت: بيوتك بريحك أطيب يا رسول الله، قال: (إذا بعت فأحسني ولا تغشي فإنه أتقى لله وأبقى للمال)(512).

وعن أبي عبد الله(ع) قال: (غبن المسترسل سحت)(513).

وعن أبي عبد الله(ع) قال: (غبن المؤمن حرام)(514).

تعلم الأحكام

مسألة: يستحب تعلم كل أحكام التجارة والبيع والشراء، ويجب تعلم أحكام موارد الابتلاء والمقدار المحتاج إليه في تجارته ومعاملاته.

عن الإمام الصادق (ع): (من أراد التجارة فليتفقه في دينه، ليعلم بذلك ما يحل له مما يحرم عليه، ومن لم يتفقه في دينه ثم اتجر تورط في الشبهات)(515).

وعنه (ع) أيضاً: (التاجر فاجر إلا من أخذ الحق وأعطى الحق)(516).

وعن أبي عبد الله (ع) قال: (قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): من اتجر بغير علم ارتطم في الربا ثم ارتطم، وكان أمير المؤمنين(ع) يقول لا يقعدن في السوق إلا من يعقل الشراء والبيع)(517).

وعن الأصبغ بن نباتة قال سمعت أمير المؤمنين(ع) يقول على المنبر: (يا معشر التجار الفقه ثم المتجر، الفقه ثم المتجر، الفقه ثم المتجر، والله للربا في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل على الصفا، شوبوا أيمانكم بالصدق التاجر فاجر والفاجر في النار إلا من أخذ الحق وأعطى الحق)(518).

 

السعر الواحد

مسألة: يستحب البيع بسعر واحد، وأن لا يفرق في القيمة بين مشتر وآخر ولا يميّز بينهم.

عن أبي عبد الله(ع) أنه قال: في رجل عنده بيع فسعره سعراً معلوماً فمن سكت عنه ممن يشتري منه باعه بذلك السعر ومن ماكسه فأبى أن يبتاع منه زاده، قال: (لو كان يزيد الرجلين والثلاثة لم يكن بذلك بأس فأما أن يفعله بمن أبى عليه وكايسه ويمنعه من لم يفعل فلا يعجبني إلا أن يبيعه بيعاً واحداً)(519).

سهل البيع والشراء

مسألة: يستحب أن لا يستصعب في قيمة الشيء، وأن يتحلى الإنسان بالسهولة في جميع معاملاته، فيكون سهل البيع والشراء، وسهل القضاء والاقتضاء على ما في الروايات.

عن أبي عبد الله قال: (قال رسول الله(ص): السماحة من الرباح قال ذلك لرجل يوصيه ومعه سلعة يبيعها)(520).

وعن جابر قال: قال رسول الله(ص): (غفر الله لرجل كان قبلكم كان سهلا إذا باع، سهلا إذا اشترى، سهلا إذا قضى، سهلا إذا استقضى)(521).

وقال رسول الله(ص): (إن الله تبارك وتعالى يحب العبد يكون سهل البيع سهل الشراء سهل القضاء سهل الاقتضاء)(522).

وقال رسول الله (ص): (بارك الله على سهل البيع، سهل الشراء، سهل القضاء، سهل الاقتضاء)(523).

وعن أبي جعفر(ع) قال: (كان أمير المؤمنين(ع) بالكوفة عندكم يغتدي كل يوم بكرةً من القصر فيطوف في أسواق الكوفة سوقاً سوقاً ومعه الدرة على عاتقه وكان لها طرفان وكانت تسمى السبينة فيقف على أهل كل سوق فينادي: يا معشر التجار اتقوا الله، فإذا سمعوا صوته(ع) ألقوا ما بأيديهم وأرعوا إليه بقلوبهم وسمعوا بآذانهم، فيقول(ع): قدموا الاستخارة وتبركوا بالسهولة واقتربوا من المبتاعين وتزينوا بالحلم وتناهوا عن اليمين وجانبوا الكذب وتجافوا عن الظلم وأنصفوا المظلومين ولا تقربوا الربا وأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين، فيطوف(ع) في جميع أسواق الكوفة ثم يرجع فيقعد للناس)(524).

وعن أبي جعفر الفزاري قال: دعا أبو عبد الله(ع) مولى له يقال له مصادف، فأعطاه ألف دينار وقال له: (تجهز حتى تخرج إلى مصر، فإن عيالي قد كثروا).

قال: فتجهز بمتاع وخرج مع التجار إلى مصر، فلما دنوا من مصر استقبلتهم قافلة خارجة من مصر فسألوهم عن المتاع الذي معهم ما حاله في المدينة وكان متاع العامة، فأخبروهم أنه ليس بمصر منه شيء فتحالفوا وتعاقدوا على أن لا ينقصوا متاعهم من ربح الدينار ديناراً، فلما قبضوا أموالهم وانصرفوا إلى المدينة فدخل مصادف على أبي عبد الله (ع) (ع) ومعه كيسان في كل واحد ألف دينار فقال: جعلت فداك هذا رأس المال وهذا الآخر ربح.

فقال: (إن هذا الربح كثير ولكن ما صنعته في المتاع؟).

فحدثه كيف صنعوا وكيف تحالفوا.

فقال: (سبحان الله تحلفون على قوم مسلمين ألا تبيعوهم إلا ربح الدينار ديناراً، ثم أخذ أحد الكيسين فقال: هذا رأس مالي ولا حاجة لنا في هذا الربح) ثم قال: (يا مصادف مجادلة السيوف أهون من طلب الحلال)(525).

خذ ناقصاً وأعط زائداً

مسألة: يستحب للمشتري أن يأخذ ناقصاً ولا يستوفي فوق ما يستحقه عند الاشتراء، وللبايع أن يعطي زائداً، بأن يوفي فوق ما يجب عليه أداؤه عند البيع

عن أبي عبد الله(ع) قال: (مر أمير المؤمنين(ع) على جارية قد اشترت لحماً من قصاب وهي تقول زدني، فقال له أمير المؤمنين(ع): زدها فإنه أعظم للبركة)(526).

وعن أبي عبد الله (ع) قال: (لا يكون الوفاء حتى يميل الميزان)(527).

وفي رواية أخرى: (لا يكون الوفاء حتى يرجح)(528).

 

إقالة النادم

مسألة: يستحب إقالة النادم في البيع والشراء، فيقبل فسخ المعاملة إذا أراد أحدهما الفسخ.

عن أبي عبد الله(ع) قال: (أيما مسلم أقال مسلماً بيع ندامة أقاله الله عز وجل عثرته يوم القيامة)(529). 

وقال(ع): (أيما عبد أقال مسلماً في بيع أقاله الله تعالى عثرته يوم القيامة)(530).

وعن أبي عبد الله(ع) قال: (أربعة ينظر الله عزوجل إليهم يوم القيامة من أقال نادماً أو أغاث لهفان أو أعتق نسمةً أو زوج عزباً)(531).

وعن عبد الله بن القاسم الجعفري عن بعض أهل بيته قال: قال: إن رسول الله (ص) لم يأذن لحكيم بن حزام  في تجارته حتى ضمن له إقالة النادم وإنظار المعسر وأخذ الحق وافياً وغير واف(532).

 

المعاملات والمكاسب المكروهة

بيع العقار

مسألة: يكره بيع العقار.

عن أبي عبد الله(ع) قال: (لما دخل النبي (ص) المدينة خط دورها برجله ثم قال: اللهم من باع رباعه فلا تبارك له)(533).

وعن أبان بن عثمان قال: دعاني أبو جعفر(ع) فقال: (باع فلان أرضه) قلت: نعم، قال: (مكتوب في التوراة أن من باع أرضاً أو ماءً ولم يضع ثمنه في أرض وماء ذهب ثمنه محقاً)(534).

وعن أبي عبد الله(ع) قال: (مشتري العقدة مرزوق وبائعها ممحوق)(535).

وعن أبي إبراهيم (ع) قال: (ثمن العقار ممحوق إلا أن يجعل في عقار مثله)(536).

بيع الأكفان

مسألة: يكره بيع الأكفان.

عن إسحاق بن عمار قال: دخلت على أبي عبد الله(ع) فخبرته أنه ولد لي غلام، قال: (أ لا سميته محمداً) قال: قلت: قد فعلت، قال: (فلا تضرب محمداً ولا تشتمه، جعله الله قرة عين لك في حياتك وخلف صدق بعدك) قلت: جعلت فداك في أي الأعمال أضعه؟ قال: (إذا عدلته عن خمسة أشياء فضعه حيث شئت، لا تسلمه صيرفياً فإن الصيرفي لا يسلم من الربا، ولا تسلمه بياع الأكفان فإن صاحب الأكفان يسره الوباء إذا كان، ولا تسلمه بياع طعام فإنه لايسلم من الاحتكار، ولا تسلمه جزاراً فإن الجزار تسلب منه الرحمة، ولاتسلمه نخاساً فإن رسول الله (ص) قال: شر الناس من باع الناس)(537).

وعن أبي الحسن (ع) قال: (جاء رجل إلى النبي(ص) فقال: يا رسول الله قد علمت ابني هذا الكتابة ففي أي شيء أسلمه؟ فقال: أسلمه لله أبوك ولا تسلمه في خمس، لا تسلمه سباءً ولا صائغاً ولا قصاباً ولا حناطاً ولا نخاساً، قال: فقال: يا رسول الله (ص) ومن السباء؟ قال: الذي يبيع الأكفان ويتمنى موت أمتي، وللمولود من أمتي أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس، وأما الصائغ فإنه يعالج زين أمتي، وأما القصاب فإنه يذبح حتى تذهب الرحمة من قلبه، وأما الحناط فإنه يحتكر الطعام على أمتي، ولأن يلقى الله العبد سارقاً أحب إلي من أن يلقاه قد احتكر طعاماً أربعين يوماً، وأما النخاس فإنه أتاني جبرئيل (ع) فقال: يا محمد(ص) إن شرار أمتك الذين يبيعون الناس)(538).

احتراف القصابة

مسألة: يكره احتراف القصابة.

عن جعفر بن محمد عن أبيه (ع) قال: (قال رسول الله (ص): إني أعطيت خالتي غلاماً ونهيتها أن تجعله حجاماً أو قصاباً أو صائغاً)(539).

وفي الحديث المروي عن أبي عبد الله (ع): (فإن الجزار تسلب منه الرحمة)(540).

بيع الطعام

مسألة: يكره الاشتغال ببيع الحبوب من مثل القمح والشعير وما شابه ذلك.

حيث قال (ع): (إنه لا يسلم من الاحتكار)(541).

وقال(ع): (وأما الحناط فإنه يحتكر الطعام على أمتي، ولأن يلقى الله العبد سارقاً أحب إلي من أن يلقاه قد احتكر الطعام أربعين يوماً)(542).

 معاملة الأرذال والدون

مسألة: يكره التعامل مع الأراذل والدون.

قال أمير المؤمنين (ع): (من علامات الإدبار مقارنة الأرذال)(543).

وقال (ع): (إياك ومعاشرة الأشرار فإنهم كالنار مباشرتها تحرق)(544).

وقال (ع): (لا يأمن مجالسو الأشرار غوائل البلاء)(545).

وقال (ع): (ينبغي لمن عرف الأشرار أن يعتزلهم)(546).

وعن أبي عبد الله (ع) قال: (لا تخالطوا ولا تعاملوا إلا من نشأ في الخير)(547).

التعامل بين الطلوعين

مسألة: يكره التعامل بين الطلوعين: طلوع الفجر وطلوع الشمس.

عن علي بن أسباط رفعه قال: نهى رسول الله(ص) عن السوم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس (548).

وعن حماد بن عثمان قال: سمعت أبا عبد الله(ع) يقول: (لجلوس الرجل في دبر صلاة الفجر إلى طلوع الشمس أنفذ في طلب الرزق من ركوب البحر) فقلت: يكون للرجل الحاجة يخاف فوتها، فقال: (يدلج فيها وليذكر الله عزوجل فإنه في تعقيب ما دام على وضوئه)(549).

قال رسول الله(ص): (من جلس في مصلاه من صلاة الفجر إلى طلوع الشمس ستره الله من النار)(550).

الدخول في سوم الغير

مسألة: يكره الدخول في سوم الآخرين، يعني: التدخل في معاملة متبايعين لشراء ما يشريه الآخر.

وفي حديث المناهي: (ونهى أن يدخل الرجل في سوم أخيه المسلم)(551).

قال (ص): (لا يبيع أحدكم على بيع بعض، ولا يخطب على        خطبته)(552).

المعاملات المحرمة

مسألة: هناك أشياء يحرم التكسب بها، والتعامل فيها.

عن داود الصرمي قال: قال أبو الحسن(ع): (يا داود إن الحرام لا ينمي، وإن نمى لا يبارك له فيه، وما أنفقه لم يؤجر عليه وما خلفه كان زاده إلى النار)(553).

وعن أبي عبد الله (ع) قال: قال رسول الله (ص): (إن أخوف ما أخاف على أمتي هذه المكاسب الحرام والشهوة الخفية والربا)(554).

وعن أبي عبد الله (ع) قال: (إذا اكتسب الرجل مالاً من غير حله ثم حج فلبى نودي لا لبيك ولا سعديك، وإن كان من حله فلبى نودي لبيك وسعديك)(555).

وقال (ع): (كسب الحرام يبين في الذرية)(556).

ومن توقيعه (ع): (لا خير في شيء أصله حرام ولا يحل استعماله)(557).

الأعيان النجسة

مسألة: يحرم بيع وشراء الأعيان النجسة، كالخمر والخنزير، والدم والكلب، نعم ما كان منها فيه منفعة عقلائية محللة، كالدم لأجل إسعاف المرضى، أو الكلب المعلّم لغرض الحراسة وما أشبه فجائز.

علماً بأن ما ذكرناه هو حكم المسلمين، أما غيرهم فيعامل معهم حسب قانون الإلزام على ما فصلناه في (الفقه)(558).

في حديث المناهي عن أمير المؤمنين قال: (ونهى رسول الله (ص) … عن بيع النرد ونهى أن يشترى الخمر وأن يسقى الخمر)(559).

وقال(ص): (لعن الله الخمر وغارسها وعاصرها وشاربها وساقيها وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها وحاملها والمحمولة إليه)(560).

وقال(ع): (من شربها لم يقبل الله له صلاةً أربعين يوماً فإن مات وفي بطنه شي‏ء من ذلك كان حقاً على الله عزوجل أن يسقيه من طينة خبال وهي صديد أهل النار وما يخرج من فروج الزناة فيجتمع ذلك في قدور جهنم فيشربه أهل النار فيصهر به ما في بطونهم والجلود)(561).وعن أبي عبد الله(ع) قال: (ثمن العذرة من السحت)(562).

وقال أبو عبد الله(ع): (السحت أنواع كثيرة منها… أجر الزانية وثمن الخمر)(563).

وعن علي بن جعفر عن أخيه (ع)  قال: وسألته عن الماشية تكون للرجل فيموت بعضها يصلح له بيع جلودها ودباغها ولبسها، قال: (لا وإن لبسها فلا يصلي فيها)(564).

المسكرات والمخدرات

مسألة: يحرم بيع وشراء المسكر مطلقاً، كما يحرم المخدّر في الجملة، والتعامل بها باطل.

عن كليب الصيداوي قال: سمعت أبا عبد الله(ع) يقول: (خطب رسول الله (ص) فقال في خطبته: كل مسكر حرام)(565).

وعن أبي الربيع الشامي قال: قال أبو عبد الله(ع): (إن الله حرم الخمر بعينها فقليلها وكثيرها حرام كما حرم الميتة والدم ولحم الخنزير وحرم رسول الله(ص) الشراب من كل مسكر وما حرمه رسول الله (ص) فقد حرمه الله عزوجل)(566).

وعن أبي جعفر(ع) قال: (قال رسول الله (ص): كل مسكر حرام وكل مسكر خمر)(567).

من المكاسب المحرمة

مسألة: يحرم التكسب بفتح المواخير، ونوادي العراة، ومحلات الشذوذ الجنسي والحانات والمقامر، كما يحرم على الحكام السماح بفتحها.

المشاركة في الحرام

مسألة: يحرم دفع المال من أجل المشاركة في المحلات المذكورة، كما يحرم الحضور والمشاركة فيها أيضاً، والأجرة المأخوذة منها لا يمتلكها الآخذ وعليه أن يردّها إلى أصحابها.

الفساد والإفساد

مسألة: يحرم استخدام البنات، أو الأمرد الجميل من الأولاد، لأجل جلب المشتري، أو ترويج البضاعة، أو ما أشبه ذلك مما يؤدي إلى الفساد والإفساد فإنها تنـزل بالإنسان عن قيمته الإنسانية إلى مستوى البضاعة والمادة.

 

مؤسسات إشاعة المنكر

مسألة: يحرم إحداث مؤسسات وشركات اقتصادية وغير اقتصادية، تعمل على إشاعة المنكرات والفواحش، أو الخلاعة والميوعة، أو ترويج العقائد الباطلة والثقافات غير الإسلامية، أو التجسس على المسلمين، أو لبسط نفوذ غير المسلمين على المسلمين، أو على أموالهم وثرواتهم، أو على أنفسهم وأعراضهم، أو غير ذلك من أشكال الهيمنة.

مسألة: يحرم الانتماء أو العمل في مثل هذه المؤسسات والشركات المزبورة، كما يحرم أخذ الأجرة والمال وكذلك صرف المال فيها.

مسألة: يحرم التعامل مع هذه الشركات والمؤسسات التي مر ذكرها، ويجب مقاطعتها والعمل على إزالتها.

مسألة: يحرم تأسيس وتمويل وكالة العهر والفجور، ووكالة الفساد والشذوذ الجنسي، وكل عمل في هذا الطريق فهو محرم، ولو كان العامل كاتباً، أو ما أشبه ذلك.

نشر الفواحش وكتب الضلال

مسألة: يحرم شراء واستخدام الأفراد والأحزاب والمنظمات، والصحف والمجلات، والمؤسسات والشركات، ومحطات البث والإعلام وغير ذلك، لنشر المنكرات والفواحش، ومحاربة الدين والمذهب الصحيح، وتخريب الفكر والعقائد الحقّة، وإيجاد الشكوك والشبهات في الأذهان.

مسألة: يحرم بيع وشراء كتب الضلال والبدعة، ومجلات الخلاعة، وأفلامها، وأشرطة الغناء والموسيقى، وثمنه حرام أيضاً.

عن أبي عبد الله(ع) قال: (قال رسول الله(ص): إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة وباهتوهم كيلا يطمعوا في الفساد في الإسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلموا من بدعهم يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة)(568).

 وعن أبي عبد الله(ع) أنه قال: (لا تصحبوا أهل البدع ولا تجالسوهم فتصيروا عند الناس كواحد منهم، قال رسول الله (ص): المرء على دين خليله وقرينه)(569).

وعن أبي عبد الله(ع) قال: (لا ينبغي للمسلم أن يواخي الفاجر ولا الأحمق ولا الكذاب)(570).

إنتاج وبيع وسائل التعذيب

مسألة: يحرم إنتاج وصنع وسائل التعذيب، ويحرم الاشتغال فيها، وأخذ الأجرة عليها، ويحرم أيضاً بيع وشراء وسائلها، كما يحرم استخدامها وممارستها في حق الآخرين.

تجارة أدوات التجسس

مسألة: يحرم شراء ما يستخدم في التجسس على الناس، أو بث الخوف والرعب بينهم، أو استعمال العنف والإرهاب ضدهم، أو القيام بالأعمال الإرهابية والإجرامية، أو ما أشبه ذلك ضد الناس الآمنين.

مسألة: يحرم الانتماء إلى المؤسسات التجسسية والإرهابية المذكورة في المسألة السابقة، ولا يجوز العمل فيها، كما يحرم الأجر الذي يتقاضاه العامل منها، أو يصرفه الباذل عليها.

قصد الحرام

مسألة: يحرم بيع وشراء ما يمكن الاستفادة منه في الحلال بقصد استخدامه في الحرام، كالعنب بقصد صنعه خمراً، والخشب بقصد صنعه صنماً.

عن عمرو بن حريث قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن التوت أبيعه يصنع للصليب والصنم؟ قال: (لا)(571).

وعن عمر بن أذينة قال: كتبت إلى أبي عبد الله (ع) أسأله عن رجل له خشب فباعه ممن يتخذه صلباناً؟ فقال: (لا)(572).

إنتاج الحرام

مسألة: يحرم إنتاج المسكرات والمخدرات، والاشتغال في إنتاجها، وجميع أنواع التقلب فيها من نقلها وانتقالها، وحملها وجلبها، وكل الوسائط العاملة من زرعها بقصد الحرام إلى من يوصلها بيد مستهلكها، وحتى مستهلكها نفسه، وذلك للويلات التي تجره المسكرات والمخدرات على الفرد والمجتمع.

عن جابر عن أبي جعفر (ع) قال: (لعن رسول الله (ص) في الخمر عشرة: غارسها وحارسها وبائعها ومشتريها وشاربها والآكل ثمنها وعاصرها وحاملها والمحمولة إليه وساقيها)(573).

وعن أبي عبد الله(ع) قال: (قال رسول الله (ص): إن الخمر رأس كل إثم)(574).

وعن أبي الصباح الكناني قال: قال أبو عبد الله(ع): (حرم الله الخمرة قليلها وكثيرها كما حرم الميتة والدم ولحم الخنزير وحرم النبي (ص) من الأشربة المسكر وما حرم النبي (ص) فقد حرمه الله عز وجل وقال: ما أسكر كثيره فقليله حرام)(575).
آلات اللهو

مسألة: يحرم إنتاج كل ما لا يستفاد منه إلا في الحرام والاشتغال في إنتاجه، وكذلك التعامل عليه، مثل آلات القمار، وآلات اللهو والغناء.

عن أبي جعفر(ع) أنه قال: (من كسر بربطاً أو لعبةً من اللعب أو بعض الملاهي أو خرق زق مسكر أو خمر فقد أحسن ولا غرم عليه)(576).

وعن أبي عبد الله (ع) قال: (استماع الغناء واللهو ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع)(577).

وعن أبي الحسن (ع) قال: (النرد والشطرنج والأربعة عشر بمنزلة واحدة وكل ما قومر عليه فهو ميسر)(578).

وعن زيد الشحام قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله عزوجل: )فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور)(579) فقال: (الرجس من الأوثان الشطرنج وقول الزور الغناء)(580).

الأسلحة الفتاكة

مسألة: يحرم إنتاج واستخدام كل ما لا يستفاد منه إلا في مضارة الإنسان ضرراً بالغاً من تخريب بيئته، أو هدم حياته، أو تنغيص سعادته، أو القضاء عليه، مثل الأسلحة الفتاكة، والمواد الجرثومية، والغازات السامة، وما أشبه ذلك مما تنحصر فائدته في تدمير حياة الإنسان والقضاء عليه.

بل يلزم أن يهتم جماعة من العقلاء لإفناء الأسلحة النارية حتى البندقية، وإرجاع الأمر إلى وسائل الحروب البدائية كالرمح والسيف والخنجر والسهم، فإنها توجب العدالة في الحرب، كما ورد في الحديث أن الإمام المهدي (عج) يقوم بالسيف، فكما قام جماعة من العقلاء بتحريم القنبلة الذرية ونحوها، يلزم منع الأسلحة النارية أيضاً ولا فرق بين الأمرين، وإلا فلا حد يقف لتطوير السلاح والشيء الضار فيه.

عن السكوني عن أبي عبد الله (ع) قال: (قال أمير المؤمنين (ع): نهى رسول الله(ص) أن يلقى السم في بلاد المشركين)(581).

 لا للغصب

مسألة: يحرم غصب ومصادرة كل مال محترم لإنسان محترم، منقولاً كان أو غير منقول، ويجب ردّه على صاحبه فوراً. ولا يجوز بيع وشراء المغصوب والمسروق وما أشبه ذلك.

عن الصادق(ع) عن آبائه  عن النبي(ص) في حديث المناهي قال: (من خان جاره شبراً من الأرض جعله الله طوقاً في عنقه من تخوم الأرضين السابعة حتى يلقى الله يوم القيامة مطوقاً إلا أن يتوب ويرجع)(582).

وعن صاحب الزمان (عج) قال: (لا يحل لأحد أن يتصرف في مال غيره بغير إذنه)(583).

وقال أمير المؤمنين(ع): (الحجر الغصيب(584) في الدار رهن على خرابها)(585).

وعن محمد بن يحيى قال: كتب محمد بن الحسن إلى أبي محمد(ع): رجل اشترى من رجل ضيعةً أو خادماً بمال أخذه من قطع الطريق أو من سرقة هل يحل له ما يدخل عليه من ثمرة هذه الضيعة أو يحل له أن يطأ هذا الفرج الذي اشتراه من السرقة أو من قطع الطريق؟ فوقع(ع): (لا خير في شي‏ء أصله حرام ولايحل استعماله)(576).وعن عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال: سألت أبا عبد الله(ع) عمن أخذ أرضاً بغير حقها وبنى فيها؟ قال: (يرفع بناءه ويسلم التربة إلى صاحبها ليس لعرق ظالم حق) ثم قال: قال رسول الله(ص): (من أخذ أرضاً بغير حق كلف أن يحمل ترابها إلى المحشر)(587).

وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر(ع) في رجل اكترى داراً وفيها بستان فزرع في البستان وغرس نخلا وأشجاراً وفاكهة وغيرها ولم يستأمر في ذلك صاحب الدار؟ قال: (عليه الكرى ويقوم صاحب الدار الغرس والزرع فيعطيه الغارس إن كان استأمره في ذلك وإن لم يكن استأمره فعليه الكرى وله الغرس والزرع يقلعه ويذهب به حيث شاء)(588).

ما لا مالية له

مسألة: بيع وشراء ما لا مالية له عرفاً كالحشرات والديدان إذا لم تكن لفائدة عقلائية باطل، ومع الفائدة جائز.

قال صاحب الشرائع في كتاب التجارة(589):

(فيما يكتسب به وهو ينقسم إلى: محرم ومكروه ومباح، فالمحرم منه أنواع، إلى أن قال: الثالث: ما لا ينتفع به كالمسوخ: برية كانت، كالقرد والدب، وفي الفيل تردد، والأشبه جواز بيعه للانتفاع بعظمه.. أو بحرية، كالجري والضفادع والسلاحف والطافي، والسباع كلها إلا الهر، والجوارح: طائرة كانت كالبازي.. أو ماشية كالفهد، وقيل: يجوز بيع السباع كلها، تبعاً للانتفاع بجلدها أو ريشها، وهو الأشبه).

حرمة الغش

مسألة: يحرم الغش بكل أنواعه في المعاملات، والتي منها خلط المتاع بغيره وإخفائه عن المشتري.

عن أبي عبد الله(ع) قال: (ليس منا من غشنا)(590).

وعن أبي عبد الله(ع) قال: (قال رسول الله(ص) لرجل يبيع التمر: يا فلان أ ما علمت أنه ليس من المسلمين من غشهم)(591).

وعن أبي جعفر(ع) قال: (مر النبي(ص) في سوق المدينة بطعام، فقال لصاحبه: ما أرى طعامك إلا طيباً، وسأله عن سعره فأوحى الله إليه أن يدير يده في الطعام، ففعل، فأخرج طعاماً ردياً فقال: لصاحبه ما أراك إلا وقد جمعت خيانةً وغشاً للمسلمين)(592).

بيع المتنجس

مسألة: يحرم بيع الشيء المتنجس إذا كان يستعمل فيما يشترط فيه الطهارة، إلا إذا كان قابلاً للتطهير، وأعلم بنجاسته المشتري.

عن علي بن جعفر عن أخيه (ع)  قال: وسألته عن حب دهن ماتت فيه فأرة، قال: (لا تدهن به ولا تبعه من مسلم)(593).

 

القمار

مسألة: يحرم الاشتغال بالقمار، وبما يختص به من المعاملات.

في مناهي النبي (ص) : (أنه نهى عن النرد و الشطرنج و نهى عن بيع النرد و الشطرنج و قال من فعل ذلك فهو كأكل لحم الخنزير)(594).

عن أبي عبد الله(ع) قال: (إن لله في كل ليلة من شهر رمضان عتقاء من النار إلا من أفطر على مسكر أو مشاحن أو صاحب شاهين) قال: قلت: وأي صاحب شاهين؟ قال: (الشطرنج)(595).

وقال أمير المؤمنين(ع): (نهى رسول الله(ص) أن يسلم على أربعة، على السكران في سكره، وعلى من يعمل التماثيل، وعلى من يلعب بالنرد، وعلى من يلعب بالأربعة عشر، وأنا أزيدكم الخامسة أنهاكم أن تسلموا على أصحاب الشطرنج)(596).

وعن عبد الواحد بن المختار قال: سألت أبا جعفر(ع) عن اللعب بالشطرنج؟ فقال: (إن المؤمن لمشغول عن اللعب)(597).

وفي تفسير العياشي عن محمد بن علي عن أبي عبد الله(ع) في قول الله: )يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) (598) قال: (نهى عن القمار وكانت قريش تقامر الرجل بأهله وماله فنهاهم الله عن ذلك)(599).

وعن أبي بصير عن أبي عبد الله(ع) قال: (بيع الشطرنج حرام، وأكل ثمنه سحت، واتخاذها كفر، واللعب بها شرك، والسلام على اللاهي بها معصية وكبيرة موبقة، والخائض فيها يده كالخائض يده في لحم الخنزير لا صلاة له حتى يغسل يده كما يغسلها من مس لحم الخنزير، والناظر إليها كالناظر في فرج أمه، واللاهي بها والناظر إليها في حال ما يلهى بها، والسلام على اللاهي بها في حالته تلك في الإثم سواء، ومن جلس على اللعب بها فقد تبوأ مقعده من النار، وكان عيشه ذلك حسرة عليه في القيامة، وإياك ومجالسة اللاهي المغرور بلعبها، فإنه من المجالس التي باء أهلها بسخط من الله يتوقعونه في كل ساعة فيعمك معهم)(600).

وعن بعض أصحابنا قال: سألت أبا عبد الله(ع) عن اللعب بالشطرنج؟ فقال: (الشطرنج من الباطل)(601).

الوقف

مسألة: يحرم بيع وشراء الموقوفات وأموال الوقف، وإذا تعامل عليها فالمعاملة باطلة، إلا فيما استثناه الفقهاء مما هو مذكور في باب الوقف (602).

عن أبي علي بن راشد قال: سألت أبا الحسن(ع) قلت: جعلت فداك اشتريت أرضاً إلى جنب ضيعتي بألفي درهم فلما وفرت المال خبرت أن الأرض وقف؟ فقال: (لا يجوز شراء الوقف ولا تدخل الغلة في مالك ادفعها إلى من أوقفت عليه) قلت: لا أعرف لها رباً؟ قال: (تصدق بغلتها)(603).

وعن أبان عن عجلان أبي صالح قال: أملى أبو عبد الله(ع): (بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما تصدق به فلان بن فلان وهو حي سوي بداره التي في بني فلان بحدودها صدقةً لا تباع ولا توهب حتى يرثها وارث السماوات والأرض وإنه قد أسكن صدقته هذه فلاناً وعقبه فإذا انقرضوا فهي على ذوي الحاجة من المسلمين)(604).

وعن ربعي بن عبد الله عن أبي عبد الله(ع) قال: (تصدق أمير المؤمنين(ع) بدار له في بني زريق بالمدينة فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما تصدق به علي بن أبي طالب وهو حي سوي تصدق بداره التي في بني زريق صدقةً لا تباع ولا توهب حتى يرثها الله الذي يرث السماوات والأرض وأسكن هذه الصدقة فلاناً ما عاش وعاش عقبه فإذا انقرضوا فهي لذوي الحاجة من المسلمين)(605).

الإسراف والتبذير

مسألة: يحرم الإسراف والتبذير، كما يحرم إتلاف المواد الغذائية وغيرها في البحر أو غير ذلك لتقليل العرض وازدياد الطلب مما يرفع أسعارها مثلا.

عن سليمان بن صالح قال: قلت لأبي عبد الله (ع): أدنى ما يجيء من حد الإسراف؟ فقال: (ابتذالك ثوب صونك وإهراقك فضل إنائك وأكلك التمر ورميك النوى هاهنا وهاهنا)(606).

وعن عمار أبي عاصم قال: قال أبو عبد الله (ع): (أربعة لا يستجاب لهم، أحدهم كان له مال فأفسده فيقول يا رب ارزقني، فيقول: ألم آمرك بالاقتصاد)(607).

وقال (ع): (من لم يحسن الاقتصاد أهلكه الإسراف)(608).

وعن علي بن جذاعة قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: (اتق الله ولاتسرف ولا تقتر وكن بين ذلك قواماً إن التبذير من الإسراف، وقال الله تعالى )ولا تبذر تبذيراً)(609) إن الله لا يعذب على القصد)(610).

وقال (ع): (إذا أراد الله بعبد خيراً ألهمه الاقتصاد وحسن التدبير وجنبه سوء التدبير والإسراف)(611).

وقال(ع): (حلوا أنفسكم بالعفاف وتجنبوا التبذير والإسراف)(612).

وقال(ع): (سبب الفقر الإسراف)(613).

وعن أمير المؤمنين(ع) أنه قال: (الإسراف مذموم في كل شيء إلا في أفعال البر)(614).

وقال(ع): (قلة الأكل من العفاف وكثرته من الإسراف)(615). 

وقال أبو عبد الله(ع): (إن مع الإسراف قلة البركة)(616).

وعن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال: (رب فقير هو أسرف من الغني إن الغني ينفق مما أوتي والفقير ينفق من غير ما أوتي)(617).

وعن عامر بن جذاعة قال: جاء رجل إلى أبي عبد الله (ع) فقال له: يا أبا عبد الله قرض إلى ميسرة، فقال له أبو عبد الله (ع): (إلى غلة تدرك) فقال الرجل: لا والله، قال: (فإلى تجارة تؤب) قال: لا والله، قال: (فإلى عقدة تباع) فقال: لا والله، فقال أبو عبد الله (ع): (فأنت ممن جعل الله له في أموالنا حقاً) ثم دعا بكيس فيه دراهم فأدخل يده فيه فناوله منه قبضةً، ثم قال له: (اتق الله ولا تسرف ولا تقتر وكن بين ذلك قواماً إن التبذير من الإسراف، قال الله عزوجل: )ولا تبذر تبذيراً) (618) )(619).

تقليص الإنتاج

مسألة: يحرم فرض ضرائب وقوانين غير شرعية تسبب تقليص الإنتاج أو فقده، في مجال الإنتاج الزراعي أم الإنتاج الصناعي، كما هو المتعارف في   بلادنا.

مسألة: يحرم تنفيذ المخططات والأساليب التي تسبب تقليل الإنتاج أو إفنائه، زراعياً كان أم صناعياً، إذا كان يوجب تضييع الحقوق.

 

الهيمنة الاقتصادية الظالمة

مسألة: يحرم التخطيط لأجل الهيمنة الاقتصادية الاستعمارية والسيطرة المالية الظالمة مما يضر الآخرين، والمستتبعة للهيمنة السياسية على المجتمعات والشعوب.

قوانين توجب الفقر

مسألة: يحرم فرض مقررات وقوانين تؤدي إلى افتقار الفرد أو المجتمع، أو تسبب الجهل والحرمان، أو الشقاء والمرض.

لا ضرر ولا ضرار

مسألة: يحرم تخطيط وتنفيذ كل ما يؤدي إلى شيء مما هو يضرّ بالإنسان، أو يخدش كرامته، ولو كان بتقليل شيء من موارده المالية، وتخفيض دخله اليومي.

أكل المال بالباطل

مسألة: يحرم أكل المال بالباطل، كالارتشاء في الحكم، والأموال المصروفة في اليانصيب وغيره من أنواع القمار، والمصروفة لإضلال الناس والإضرار بهم، وما أشبه ذلك مما يعد باطلاً شرعاً.

قال تعالى: )وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) (620).

وعن يزيد بن فرقد عن أبي عبد الله(ع) قال: (سألته عن السحت؟ فقال: الرشا في الحكم)(621).

وعن زياد بن عيسى وهو أبو عبيدة الحذاء قال: (سألت أبا عبد الله(ع) عن قول الله عزوجل: )ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) (622) فقال: كانت قريش تقامر الرجل بأهله وماله فنهاهم الله عزوجل عن ذلك)(623).

وعن السكوني عن أبي عبد الله (ع) قال: (السحت ثمن الميتة وثمن الكلب وثمن الخمر ومهر البغي والرشوة في الحكم وأجر الكاهن)(624).

وعن جابر عن أبي جعفر (ع) قال: (لعن رسول الله (ص) رجلاً ينظر إلى فرج امرأة لا تحل له، ورجلاً خان أخاه في امرأته، ورجلاً يحتاج الناس إلى نفعه فسألهم الرشوة)(625).

وروي عن النبي (ص): (أن السحت هو الرشوة في الحكم)(626).

وعن سماعة عن أبي عبد الله (ع) قال: (الرشا في الحكم هو الكفر بالله)(627).

صرف المال بالباطل

مسألة: يحرم صرف المال في الباطل، كدفع الرشوة إلى الحاكم، فانه كما يحرم أخذ الرشوة كذلك يحرم إعطاؤها، وهكذا غيرها من موارد الباطل المقررة شرعاً.

 الضرائب الوضعية

مسألة: يحرم فرض ضرائب أو رسوم على العمران وعلى الزراعة، وعلى المهن والحرف، وسائر المكاسب والأعمال.

مسألة: يحرم فرض ضرائب ومكوس على الصادرات والواردات، وما أشبه ذلك.

تحديد المكاسب

مسألة: يحرم تحديد المكاسب، وتحجيم الأعمال، وفرض جواز عمل وإجازة مهن وحرف وما أشبه ذلك، إلا في إطار ما حدّده الإسلام وعينه.

تسعير البضائع

مسألة: يحرم تسعير البضائع والمواد من قبل الدولة من دون رضا أصحابها، وهكذا تحديد أجور العمل والخدمات وغير ذلك مما ينافي (الناس مسلطون على أموالهم وأنفسهم)(628)، إلا إذا كانت هناك مصلحة أهم حسب تشخيص شورى الفقهاء المراجع مع الأخذ بآراء الأخصائيين الاقتصاديين.

وفي الحديث: إن رسول الله (ص) أمر المحتكرين أن يخرجوا حكرتهم إلى بطون الأسواق بحيث ينظر الأبصار إليها، فقيل له: لو قومت عليهم، فغضب(ع) حتى عرف الغضب في وجهه وقال: (أنا أقوم عليهم إنما السعر إلى الله يرفعه إذا شاء ويخفضه إذا شاء)(629).

 

الإسلام يعلو ولا يعلى عليه

مسألة: يحرم عقد المعاهدات الاقتصادية وغير الاقتصادية المؤدية إلى هيمنة غير المسلمين على المسلمين، وكذلك العمل على تحقيق هذه المعاهدات واستمرارها، وصرف المال فيها، وأخذ الأجرة عليها، وكل أنواع العمل المؤدي إلى دعمها.

منظمات الإرهاب وتمويلها

مسألة: يحرم تأسيس وتمويل منظمات الإرهاب، وعصابات العنف والرعب، وقطاع الطرق والمنازل، واختطاف الطائرات والقاطرات، كما يحرم الانتماء إليها والعمل فيها وأخذ الأجرة منها.

استعباد الفرد والأمة

مسألة: يحرم استعباد الفرد والمجتمع، والشعب والأمة، واستعمارها، وفرض الهيمنة عليها، بأي شكل ونحو كان نعم الرقية حسب الشروط الإسلامية المذكورة في كتاب العتق وما أشبه هي الصحيحة فقط.

استغلال الإنسان

مسألة: يحرم استغلال الإنسان واستغلال طاقاته فيما لم يأمر الله تعالى به، مثلاً: يحرم تجربة الأدوية الطبية على الإنسان، أو أخذ المال منه بالإكراه، أو إجباره وإكراهه على عمل ما وإن كان عملاً سائغاً، أو فرض الإقامة الجبرية عليه أو سجنه، أو توقيفه، أو ما شابه ذلك مما يتنافى مع الحرية الإنسانية التي منحها الله تعالى للإنسان.

التلاعب بالأسواق

مسألة: يحرم التلاعب بالأسواق، من رفع الأسعار وتخفيضها، أو احتكار الأمتعة أو تشويهها، أو ما أشبه ذلك مما يضر بعامة الناس.

حصر الامتياز والوكالات

مسألة: إعطاء امتياز شيء ما لفرد خاص، أو شركة خاصة، وحصر البيع والشراء لذلك الشيء إلى ذلك الفرد أو تلك الشركة، إذا كان فيه كبت ومصادرة لحريات الناس وتعد على حقوق الآخرين فإنه لا يجوز.

لحم الإنسان

مسألة: يحرم حرمة مغلظة أكل لحم الإنسان وشرب دمه، وأكل شيء من أعضائه وأجزائه، حياً كان أو ميتاً، وكذلك يحرم بيع وشراء لحم الإنسان، وتأسيس المؤسسات الخاصة به والتمويل والاتجار والعمل في كل ما يرتبط         بذلك.

 

العولمة وقانون العقوبات

مسألة: قانون العقوبات الإسلامية سواء في الحدود أم التعزيرات أفضل من جميع القوانين العالمية في هذا الباب، ومن حكمة هذه العقوبات نظافة المجتمع من المفاسد.

علماً بأن إجراء الحدود مشروط بعشرات الشروط، مما جعلها متعسرة التطبيق والإجراء عادة، وربما متعذرة في بعض الأحيان، وقد ذكرنا في (الفقه) لحد السرقة أكثر من أربعين شرطا(630).

ثم إن الإسلام ببرامجه الوقائية قبل العلاجية ضمن سلامة المجتمع من الجرائم، كما يدل عليه التاريخ الإسلامي الطويل، حيث تقلصت الجرائم فيه وانعدمت مما أدى إلى أن يختلف العلماء في تحديد قطع يد السارق.

عن جميل بن دراج عن رجل عن أحدهما(ع): في رجل سرق أو شرب الخمر أو زنى فلم يعلم بذلك منه ولم يؤخذ حتى تاب وصلح فقال: (إذا صلح وعرف منه أمر جميل لم يقم عليه الحد) قال محمد بن أبي عمير قلت: فإن كان أمراً قريباً لم يقم عليه الحد، قال: (لو كان خمسة أشهر أو أقل منه وقد ظهر أمر جميل لم تقم عليه الحدود)(631).

وروي عن النبي(ص) أنه قال: (من أتى منكم شيئا مما يوجب عليه حدا أو عقابا فليستتر بظل الله عز وجل ويتوب إليه فيما بينه وبينه فإنه أقرب إلى الله عز وجل من إظهاره ما ستر عليه ولا يبد أحدكم صفحته بالذنوب فإنه من أبدى صفحته لإقامة الحد عليه هلك ولم يصبر على الحق فيه)(632).

وعن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله(ع): (إن علياً(ع) أتي برجل سرق من بيت المال فقال: لا يقطع فإن له فيه نصيباً)(633).

وفي تفسير العياشي:عن زرقان صاحب ابن أبي داود وصديقه بشدة قال: رجع ابن أبي داود ذات يوم من عند المعتصم وهو مغتم فقلت له في ذلك؟

فقال: وددت اليوم أني قد مت منذ عشرين سنة.

قال: قلت له: ولم ذاك؟

قال: لما كان من هذا الأسود أبي جعفر محمد بن علي بن موسى اليوم بين يدي الأمير.

قال: قلت له: وكيف كان ذلك؟

قال: إن سارقا أقر على نفسه بالسرقة وسأل الخليفة تطهيره بإقامة الحد عليه، فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه وقد أحضر محمد بن علي (ع)، فسألنا عن القطع في أي موضع يجب أن يقطع؟

قال: فقلت: من الكرسوع.

قال: وما الحجة في ذلك؟

قال: قلت: لأن اليد هي الأصابع والكف إلى الكرسوع، لقول الله في التيمم )فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ) (634) واتفق معي على ذلك قوم.

وقال آخرون: بل يجب القطع من المرفق.

قال: وما الدليل على ذلك؟

قالوا: لأن الله لما قال )وأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) (635)  في الغسل دل ذلك على أن حد اليد هو المرفق.

قال: فالتفت إلى محمد بن علي (ع) فقال: ما تقول في هذا يا أبا جعفر؟

فقال: (قد تكلم القوم فيه).

قال: دعني مما تكلموا به، أي شيء عندك؟

قال: (أعفني عن هذا).

قال: أقسمت عليك بالله لما أخبرت بما عندك فيه.

فقال: (أما إذا أقسمت عليّ بالله إني أقول: إنهم أخطئوا فيه السنة فإن القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الأصابع فيترك الكف).

قال: وما الحجة في ذلك؟

قال: (قول رسول الله (ص) السجود على سبعة أعضاء الوجه واليدين والركبتين والرجلين فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها، وقال الله تبارك وتعالى: )وأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ) (636)  يعني به هذا الأعضاء السبعة التي يسجد عليها )فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً)(637) وما كان لله لم يقطع).

قال: فأعجب المعتصم ذلك وأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكف.

قال ابن أبي داود: قامت قيامتي وتمنيت أني لم أك حيا)(638).

وعن أبي جعفر(ع) قال: (الضيف إذا سرق لم يقطع)(639).

وعن أبي بصير قال: سألت أبا جعفر(ع) عن قوم اصطحبوا في سفر رفقاء فسرق بعضهم متاع بعض؟ فقال: (هذا خائن لا يقطع، ولكن يتبع بسرقته وخيانته) قيل له: فإن سرق من منزل أبيه؟ فقال: (لا يقطع لأن ابن الرجل لا يحجب عن الدخول إلى منزل أبيه هذا خائن، وكذلك إن سرق من منزل أخيه وأخته إذا كان يدخل عليهم لا يحجبانه عن الدخول)(640).

وعن أبي عبد الله(ع) قال: إن العبد إذا أبق من مواليه ثم سرق لم يقطع وهو آبق)(641).

وعن أبي عبد الله(ع) قال: (لا يقطع السارق في عام سنة يعني في عام مجاعة)(642).

عدم إجراء الحدود في هذا الزمان

مسألة: الظاهر أن في مثل هذا الزمان الذي لم يطبق الإسلام بكامله، لاتجرى الحدود على ما فصلناه في بعض كتبنا، والذي يبدو للنظر ـ وان كان اللازم في هذا الباب الرجوع إلى شورى الفقهاء المراجع ـ أن على الدولة الإسلامية أن ترجئ العقوبات إلى التأديب بالسجن ونحوه مما يصلح أن يكون رادعا، لعدة سنوات، إلى أن يطبق الإسلام في كافة جوانبه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها، فان رسول الله (ص) لم يطبق قانون العقوبات إلا بعد تطبيقه الإسلام في المدينة المنورة كاملاً، وبعد ما قلع أسباب الفساد وجذوره.

قال تعالى: )وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)(643).

وعن حفص بن غياث قال: سألت أبا عبد الله(ع) من يقيم الحدود السلطان أو القاضي؟ فقال: (إقامة الحدود إلى من إليه الحكم)(644).

لا حد مع الشبهة

مسألة: الحدود تدرأ بالشبهات، وهذا من عظيم اهتمام الإسلام بكرامة الإنسان وشدة حرصه على إعفائه عن إجراء الحدود، وعدم تطبيق قانون العقوبات عليه، ولذلك جعل الشبهة واحتمالها ـ أية شبهة كانت ـ في حق المتهم، ذريعة إلى رفع الحدّ عنه ووسيلة إلى عفوه عن تنفيذ القانون في حقه.

ولا فرق في الشبهة بين أن تكون موضوعية أو حكمية أو غير ذلك على ما فصلناه في الفقه.

قال رسول الله (ص): (ادرؤوا الحدود بالشبهات)(645).

وروي عن أمير المؤمنين (ع) قوله: (إذا كان في الحد لعل أو عسى فالحد معطل)(646).

وعن أبي عبد الله(ع) قال: (أتى رجل أمير المؤمنين(ع) برجل فقال: هذا قذفني، ولم تكن له بينة، فقال: يا أمير المؤمنين استحلفه، فقال: لا يمين في حد ولا قصاص في عظم)(647).

وعن أبي عبد الله البرقي عن بعض أصحابه عن بعض الصادقين قال: (جاء رجل إلى أمير المؤمنين(ع) فأقر بالسرقة، فقال له أمير المؤمنين (ع): أتقرأ شيئاً من كتاب الله؟

قال: نعم، سورة البقرة.

قال: قد وهبت يدك لسورة البقرة)(648).

وعن أبي الحسن الثالث(ع) في حديث قال: (وأما الرجل الذي اعترف باللواط فإنه لم يقم عليه البينة وإنما تطوع بالإقرار من نفسه وإذا كان للإمام الذي من الله أن يعاقب عن الله كان له أن يمن عن الله، أما سمعت قول الله: )هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب)(649))(650).

وعن أبي عبد الله عن أبيه (ع): (أن علياً(ع) أتي بالكوفة برجل سرق حماماً فلم يقطعه وقال: لا أقطع في الطير)(651).

وقال(ص): (لا قطع في ثمر معلق ولا في حريسة جبل، فإذا آواه المراح أو الحرس فالقطع فيما بلغ ثمن المجن)(652).

وروى ابن مسعود: أن النبي (ص) أتي بجارية قد سرقت فوجدها لم تحض فلم يقطعها(653).

وروي أن امرأة سرقت حليا فأتي بها النبي (ص) فقالت: يا رسول الله هل لي من توبة؟ فأنزل الله تعالى: )فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه)(654))(655).

وعن أبي عبد الله عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين(ع): (أن رجلا رفع إليه وذكر أنه سرق درعاً وشهد عليه شهود، فجعل الرجل ينشد علياً(ع) في البينة ويقول: والله لو جيء بي إلى رسول الله (ص) ما قطع يدي أبداً.

قال علي(ع): ولم ذلك؟

قال: يخبره ربه عزوجل أني بريء فتنفعني براءتي.

فلما رأى علي(ع) مناشدته دعا الشاهدين فناشدهما وقال: إن التوبة قريب فاتقيا الله ولا تقطعا يد الرجل ظلماً، فلم ينكلا.

فقال: يمسك أحدكما يده ويقطع الآخر.

فلما قال ذلك دخلا في غمار الناس فهربا من بين يديه، يعني ولم يتما الشهادة ولم يثبتا.

فقال(ع): من يدلني على الشاهدين الكاذبين أنكل بهما)(656).

وعن فضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد الله(ع) يقول: لا حد لمن لا حد عليه، يعني لو أن مجنوناً قذف رجلا لم أر عليه شيئاً ولو قذفه رجل فقال له: يا زان، لم يكن عليه حد)(657).

وهكذا لا تجرى الحدود إذا كان جاهلاً بالحكم أو الموضوع على تفصيل مذكور في الفقه(658)، وذلك لعموم أدلة الرفع وغيرها.

وعن أبي عبد الله(ع) قال: قال رسول الله(ص): (رفع عن أمتي أربع خصال خطؤها ونسيانها وما أكرهوا عليه وما لم يطيقوا، وذلك قول الله عزو جل: )ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به)(659)، وقوله: )إلا من أكره و قلبه مطمئن بالإيمان)(660))(661).

وعن أبي عبد الله (ع) قال: قال رسول الله (ص): (وضع عن أمتي تسع خصال: الخطأ والنسيان وما لا يعلمون وما لا يطيقون وما اضطروا إليه وما استكرهوا عليه والطيرة والوسوسة في التفكر في الخلق والحسد ما لم يظهر بلسان أو يد)(662).

وقال رسول الله (ص): (بي وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)(663).

وقال (ص): (وضع عن أمتي ما أكرهوا عليه ولم يطيقوا وما         أخطئوا)(664).

 

لا قصاص قبل الجناية

مسألة: لا يجوز القصاص قبل الجناية.

ورد أن أمير المؤمنين (ع) قال لابنه الحسن (ع): (يا بني رأيت كأن جبرئيل(ع) قد نزل عن السماء على جبل أبي قبيس فتناول منه حجرين ومضى بهما إلى الكعبة وتركهما على ظهرها وضرب أحدهما على الآخر فصارت كالرميم ثم ذرهما في الريح فما بقي بمكة ولا بالمدينة بيت إلا ودخله من ذلك الرماد؟

فقال له: يا أبت وما تأويلها؟

فقال: يا بني إن صدقت رؤياي فإن أباك مقتول، ولا يبقى بمكة حينئذ ولا بالمدينة بيت إلا ويدخله من ذلك غم ومصيبة من أجلي.

فقال الحسن (ع): وهل تدري متى يكون ذلك يا أبت؟

قال: يا بني إن الله يقول: )وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت)(665)، ولكن عهد إليّ حبيبي رسول الله (ص) أنه يكون في العشر الأواخر من شهر رمضان يقتلني ابن ملجم المرادي.

فقلت له: يا أبتاه إذا علمت منه ذلك فاقتله.

قال: يا بني لا يجوز القصاص إلا بعد الجناية، والجناية لم تحصل منه، يا بني لو اجتمع الثقلان الإنس والجن على أن يدفعوا ذلك لما قدروا يا بني ارجع إلى فراشك)(666).

 

العولمة والقضاء

مسألة: القضاء الإسلامي أفضل القضاء وأبسطه وأسرعه، وهذا ليس مجرد إدّعاء، بل قد ثبتت صحته الخارجية منذ تطبيق الحكم الإسلامي، وهو واضح على من راجع كتاب القضاء من الفقه، أو نظر في قضاء علي أمير المؤمنين(ع)، ومن قوانين القضاء في الإسلام حرمة الرشوة، وحتى أخذ الهدية للقاضي في الجملة، ولزوم الدقة في الحكم وأن يحكم بالعدل.

عن ابن عباس: أن النبي(ص) قال: (إذا جلس القاضي في مجلسه هبط عليه ملكان يسددانه ويرشدانه ويوفقانه فإذا جار يخرجان ويتركانه)(667).

وقال (ص): (القضاة ثلاثة، اثنان في النار وواحد في الجنة، رجل علم بالحق وقضى به فهو في الجنة، ورجل قضى على جهل فهو في النار، ورجل جار في الحكم فهو في النار)(668).

وروي أن أمير المؤمنين(ع) ولى أبا الأسود الدؤلي القضاء ثم عزله، فقال له: لم عزلتني وما خنت ولا جنيت؟ فقال(ع): (إني رأيت كلامك يعلو كلام خصمك)(669).

وروى أبو مريم عن النبي (ص) أنه قال: (من ولى من أمور المؤمنين شيئا واحتجب من دون حاجتهم احتجب الله تعالى دون حاجته وفاقته وفقره)(670).

وورد أن رسول الله(ص) كان يقضي بين الناس في مسجده(671).

وروي عن أمير المؤمنين علي(ع) أنه كان يفعل ذلك في مسجد الكوفة وله به دكة معروفة بدكة القضاء(672).

وقال(ص): (البينة على المدعي واليمين على من أنكر)(673).

وقال(ص): (على اليد ما أخذت حتى تؤدي)(674).

وقال النبي(ص): (أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك)(675).

وقال(ص) لشاهد: (على مثل الشمس فاشهد وإلا دع)(676).

وعن أبي عبد الله(ع) قال: (السحت ثمن الميتة وثمن الكلب وثمن الخمر ومهر البغي والرشوة في الحكم وأجر الكاهن)(677).

 

العولمة والبيئة

مسألة: اهتم الإسلام بسلامة البيئة على ما ذكرناه في (فقه البيئة) و(فقه النظافة)، فاللازم على الحاكم والحكومة قبل كل أحد العمل من أجل تحقيق نظافة البيئة وتأمين سلامتها، كما يلزم على كل مكلف رعاية ذلك.

كما إنه من المستحب الزرع والزراعة ورعاية المياه وما أشبه(678)، ومن الواضح تأثيرها على سلامة البيئة.

عن أبي عبد الله(ع) قال: (قال أمير المؤمنين(ع) إنه نهى (ص) أن يبول الرجل في الماء الجاري إلا من ضرورة وقال إن للماء أهلا)(679).

وعن أبي عبد الله(ع) قال: (قال لقمان لابنه: إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم، إلى أن قال: وإذا أردت قضاء حاجتك فأبعد المذهب في الأرض)(680).

وعن علي بن إبراهيم رفعه قال: خرج أبو حنيفة من عند أبي عبد الله(ع) وأبو الحسن موسى(ع) قائم وهو غلام، فقال له أبو حنيفة: يا غلام أين يضع الغريب ببلدكم؟ فقال: (اجتنب أفنية المساجد وشطوط الأنهار ومساقط الثمار        ومنازل النزال ولا تستقبل القبلة بغائط ولا بول وارفع ثوبك وضع حيث شئت)(681).

وروي بطرق عديدة: (ثلاثة أشياء الناس فيها شرع سواء الماء والكلاء والنار)(682).

ضمان الطبيب والبيطار: حكم عالمي

مسألة: يجب على الطبيب الدقة اللازمة في تشخيصه للمرض ووصفه للدواء، ودلت الروايات على ضمان الطبيب والبيطار إن أخطأ في تشخيص المرض أو في وصف الدواء، وقد أفتى الفقهاء بذلك، وهذا الضمان فيما لو دقق واخطأ، فضلاً عن انه لو تساهل أو تعمد، فان حكمه حينئذ أشد من ذلك. وهكذا الحكم في البيطار.

عن أبي عبد الله(ع) قال: قال أمير المؤمنين(ع): (من تطبب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليه وإلا فهو له ضامن)(683).

وعن السكوني عن جعفر (ع) عن أبيه (ع): (إن علياً (ع) ضمن ختاناً قطع حشفة غلام)(684).

وعن علي بن أبي طالب(ع) أنه ضمن ختانةً ختنت جاريةً فنزفت الدم فماتت، فقال لها علي(ع): (ويلا لأمك أفلا أبقيت) فضمنها علي(ع) دية الجارية وجعل الدية على عاقلة الختانة (685).

===============================

(349) سورة الإسراء: 70.

(350) سورة إبراهيم: 32-34.

(351) غرر الحكم ودرر الكلم: ص365 ق5 ب3 ف1 ح8217.

(352) غرر الحكم ودرر الكلم: ص365 ق5 ب3 ف1 ح8218.

(353) غرر الحكم ودرر الكلم: ص365 ق5 ب3 ف1 ح8223.

(354) الكافي: ج2 ص84 باب العبادة ح6.

(355) وسائل الشيعة: ج15 ص365-366 ب55 ح20757.

(356) مستدرك الوسائل: ج9 ص387 ب14 ح11143.

(357) تهذيب الأحكام: ج5 ص102 ب9 ح1.

(358) سورة البقرة: 29.

(359) الكافي: ج5 ص279 باب في إحياء أرض الموات ح2.

(360) غوالي اللآلي: ج3 ص465 ق2 باب الأطعمة والأشربة ح16.

(361) بحار الأنوار: ج2 ص272 ب33 ح7.

(362) وسائل الشيعة: ج14 ص572 ب90 ضمن ح19843.

(363) مستدرك الوسائل: ج17 ص88 ب1 ح20820.

(364) غوالي اللآلي: ج3 ص473 ق2 باب الغصب ح2.

(365) فقه القرآن: ج2 ص74 باب الغصب.

(366) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج1 ص11.

(367) مستدرك الوسائل: ج17 ص88-89 ب1 ح20821.

(368) غوالي اللآلي: ج3 ص474 ق2 باب الغصب ح6.

(369) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج2 ص150.

(370) غوالي اللآلي: ج3 ص474 ق2 باب الغصب ح8.

(371) الكافي: ج1 ص406 باب ما يجب من حق الإمام على الرعية ح6.

(372) مستدرك الوسائل: ج13 ص399 ب9 ح15720.

(373) سورة التوبة: 60.

(374) بحار الأنوار: ج27 ص249 ب13 ح9.

(375) الضياع: العيال. مجمع البحرين: ج4 ص367 مادة ضيع.

(376) الكافي: ج1 ص406 باب ما يجب من حق الإمام على الرعية ح6.

(377) الغارات: ج2 ص379-380 قصة يزيد بن حجية.

(378) نهج البلاغة، الخطب: 224 من كلام له (ع) يتبرأ من الظلم.

(379) نهج البلاغة، الرسائل: 40 من كتاب له (ع) إلى بعض عماله.

(380) من (فنكت الجارية) إذا صارت ماجنة، ومجون الأمة: أخذها بغير الحزم في أمرها كأنها زلة.

(381) شغرت: لم يبق فيها من يحميها.

(382) نهج البلاغة، الرسائل: 41 من كتاب له (ع) إلى بعض عماله.

(383) وسائل الشيعة: ج15 ص109 ب40 ح20085.

(384) وسائل الشيعة: ج15 ص109 ب40 ح20086.

(385) تهذيب الأحكام: ج6 ص146 ب66 ح1.

(386) نهج البلاغة، الرسائل: 51 من كتاب له (ع) إلى عماله على الخراج.

(387) الكافي: ج5 ص146 باب الربا ح7.

(388) من لا يحضره الفقيه: ج3 ص273 باب الإحسان وترك الغش في البيع ح3987.

(389) تهذيب الأحكام: ج10 ص151-152 ب10 ح37.

(390) سورة التوبة: 34.

(391) بحار الأنوار: ج22 ص415 ب12 كيفية إسلام أبي ذر (رض).

(392) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج8 ص257-258 أخبار أبي ذر الغفاري حين خروجه إلى الربذة.

(393) الكافي: ج1 ص407 باب ما يجب من حق الإمام على الرعية ح9.

(394) تهذيب الأحكام: ج10 ص63 ب4 ح15.

(395) وسائل الشيعة: ج29 ص72 ب29 ح35179.

(396) الكافي: ج7 ص355 باب المقتول لا يُدرى من قتله ح4.

(397) للتفصيل راجع موسوعة الفقه: كتاب القواعد الفقهية.

(398) بحار الأنوار: ج2 ص272 ب33 ح7.

(499) من لا يحضره الفقيه: ج4 ص334 باب ميراث أهل الملل ح5717.

(400) مستدرك الوسائل: ج17 ص324 ب12 ح21479.

(401) غوالي اللآلي: ج1 ص456 ب1 المسلك الثالث ح197، غوالي اللآلي: ج2 ص98 ب1 المسلك الرابع ح270.

(402) بحار الأنوار: ج2 ص272 ب33 ح5.

(403) ثواب الأعمال: ص289 عقاب مجمع عقوبات الأعمال.

(404) قصص الأنبياء للراوندي: ص256 ب17 ف8 ح300.

(405) الجزية تؤخذ من غير المسلمين الذين يعيشون في ظل الدولة الإسلامية وبحمايتها.

(406) الاستبصار: ج2 ص59-60 ب32 ح9.

(407) تهذيب الاحكام: ج7 ص12 ب1 ح49.

(408) الكافي: ج5 ص160 باب الغش ح3.

(409) بحار الأنوار: ج22 ص134 ب37 ح116.

(410) وسائل الشيعة: ج12 ص242 ب137 ح16201.

(411) عيون أخبار الرضا (ع): ج2 ص50 ب31 ح194.

(412) الكافي: ج5 ص150-151 باب آداب التجارة ح2.

(413) وسائل الشيعة: ج17 ص419 ب25 ح22888.

(414) الكافي: ج5 ص162 باب الحلف في الشراء والبيع ح4.

(415) وسائل الشيعة: ج17 ص384 ب2 ح22800.

(416) غوالي اللآلي: ج3 ص208 باب التجارة ح60.

(417) نهج البلاغة، الرسائل: 53 من كتاب له (ع) كتبه للأشتر النخعي لما ولاه مصر وأعمالها.

(418) تهذيب الأحكام: ج7 ص159 ب13 ح6.

(419) الاستبصار: ج3 ص114 ب77 ح2.

(420) الكافي: ج5 ص165 باب الحكرة ح7.

(421) وسائل الشيعة: ج17 ص429 ب29 ح22916.

(422) بحار الأنوار: ج48 ص117 ب5 ح33.

(423) الاستبصار: ج3 ص115 ب77 ح7.

(424) علل الشرائع: ج2 ص283 ب236 ح4.

(425) من لا يحضره الفقيه: ج3 ص567 باب معرفة الكبائر التي أوعد الله عزوجل عليها النار ح4937.

(426) سورة البقرة: 276.

(427) تهذيب الأحكام: ج7 ص15 ب1 ح65.

(428) وسائل الشيعة: ج18 ص119 ب1 ح23275.

(429) الكافي: ج5 ص144 باب الربا ح2.

(430) وسائل الشيعة: ج18 ص15 ب4 ح64.

(431) من لا يحضره الفقيه: ج4 ص8 باب ذكر جمل من مناهي النبي  )ص) ح4968.

(432) سورة البقرة: 275.

(433) سورة البقرة: 278-279.

(434) تفسير القمي: ج1 ص93 أحكام الربا.

(435) سورة البقرة: 275.

(436) بحار الأنوار: ج100 ص117 ب5 ح14.

(437) وسائل الشيعة: ج18 ص330 ب6 ح33785.

(438) وسائل الشيعة: ج18 ص331 ب6 ح23787.

(439) الكافي: ج4 ص34 باب القرض ح2.

(440) من لا يحضره الفقيه: ج2 ص58 باب ثواب القرض ح1697.

(441) وسائل الشيعة: ج16 ص318 ب11 ح21652.

(442) الكافي: ج4 ص34 باب القرض ح5.

(443) الكافي: ج4 ص34 باب القرض ح4.

(444) سورة الروم: 39.

(445) وسائل الشيعة: ج18 ص160-161 ب18 ح23389.

(446) مستدرك الوسائل: ج13 ص340-341 ب11 ح15543.

(447) سورة النساء: 114.

(448) فقه القرآن: ج1 ص384 باب القرض.

(449) الكافي: ج5 ص147 باب الربا ح12.

(450) من لا يحضره الفقيه: ج3 ص278 باب الربا ح4003.

(451) سورة البقرة: 275.

(452) سورة غافر: 46.

(453) بحار الأنوار: ج100 ص116 ب5 ح11.

(454) وسائل الشيعة: ج15 ص324-325 ب46 ح20643.

(455) من لا يحضره الفقيه: ج3 ص274 باب الربا ح3994.

(456) تهذيب الأحكام: ج10 ص151 ب10 ح36.

(457) الكافي: ج4 ص35 باب انظار المعسر ح1.

(458) وسائل الشيعة: ج16 ص319-320 ب12 ح21655.

(459) سورة البقرة: 280.

(460) من لا يحضره الفقيه: ج2 ص58-59 باب ثواب انظار المعسر ح1701.

(461) الكافي: ج4 ص35 باب انظار المعسر ح3.

(462) فقه القرآن: ج1 ص384 باب القرض.

(463) بحار الأنوار: ج75 ص218 ب23 ح23.

(464) تهذيب الأحكام: ج6 ص192-193 ب81 ح43.

(465) ثواب الأعمال: ص145 ثواب انظار المعسر.

(466) وسائل الشيعة: ج18 ص368 ب26 ح23869.

(467) من لا يحضره الفقيه: ج3 ص182 باب الدين والقرض ح3683.

(468) فقه الرضا (ع): ص268 ب42.

(469) مجمع الفائدة: ج8 ص170.

(470) مجمع البحرين: ج2 ص200 مادة دست.

(471) مستند الشيعة: ج17 ص462.

(472) علل الشرائع: ج2 ص529 ب313 ح1.

(473) الكافي: ج5 ص97 باب قضاء الدين ح8.

(474) من لا يحضره الفقيه: ج3 ص184-185 باب الدين والقرض ح3693.

(475) سورة الرعد: 21.

(476) تفسير القمي: ج1 ص364 سورة الرعد.

(477) فقه الرضا (ع): ص257 ب38.

(478) وسائل الشيعة: ج18 ص326-327 ب4 ح23775.

(479) تهذيب الأحكام: ج6 ص183 ب81 ح1.

(480) وسائل الشيعة: ج18 ص350 ب17 ح23825.

(481) تهذيب الأحكام: ج6 ص184-185 ب81 ح7.

(482) الخصال: ج1 ص12 باب الواحد ح42.

(483) وسائل الشيعة: ج17 ص67 ب23 ح22003.

(484) من لا يحضره الفقيه: ج3 ص555 باب النوادر ح4907.

(485) بحار الأنوار: ج100 ص13 ب1 ح61.

(486) تهذيب الأحكام: ج6 ص184 ب81 ح6.

(487) مستدرك الوسائل: ج13 ص55 ب20 ح14729.

(488) من لا يحضره الفقيه: ج3 ص168 باب المعايش والمكاسب والفوائد والصناعات ح3631.

(489) الكافي: ج5 ص88 باب من كد على عياله ح2.

(490) سورة الأنعام: 141.

(491) وسائل الشيعة: ج9 ص461 ب42 ح12500.

(492) الكافي: ج4 ص26 باب فضل المعروف ح1.

(493) سورة الإنسان: 8.

(494) وسائل الشيعة: ج21 ص540 ب20 ح27805.

(495) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج2 ص47.

(496) تحف العقول: ص442 وروي عنه (ع) في قصار هذه المعاني.

(497) من لا يحضره الفقيه: ج4 ص402 ومن ألفاظ رسول الله  )ص) الموجزة التي لم يسبق إليها ح5867.

(498) سورة البقرة: 201.

(499) معاني الأخبار: ص174-175 باب معنى حسنة الدنيا وحسنة الآخرة ح1.

(500) الكافي: ج5 ص72 باب الاستعانة بالدنيا على الآخرة ح8.

(501) من لا يحضره الفقيه: ج3 ص156 باب المعايش والمكاسب والفوائد والصناعات ح3568.

(502) وسائل الشيعة: ج17 ص76 ب28 ح22026.

(503) غوالي اللآلي: ج1 ص267 ف10 ح67.

(504) من لا يحضره الفقيه: ج3 ص156 باب المعايش والمكاسب والفوائد والصناعات ح3571.

(505) وسائل الشيعة: ج17 ص77 ب29 ح22030.

(506) من لا يحضره الفقيه: ج3 ص157 باب المعايش والمكاسب والفوائد والصناعات ح3573.

(507) وسائل الشيعة: ج17 ص78 ب29 ح22033.

(508) من لا يحضره الفقيه: ج3 ص157 باب المعايش والمكاسب والفوائد والصناعات ح3575.

(509) تهذيب الأحكام: ج7 ص6 ب1 ح18.

(510) الكافي: ج5 ص153 باب آداب التجارة ح18.

(511) وسائل الشيعة: ج17 ص385-386 ب3 ح22805.

(512) التوحيد: ص275-276 ب38 ح1.

(513) الكافي: ج5 ص153 باب آداب التجارة ح14.

(514) تهذيب الأحكام: ج7 ص7 ب1 ح22.

(515) المقنعة: ص591 كتاب التجارة ب2.

(516) مستدرك الوسائل: ج13 ص249 ب2 ح15270.

(517) الكافي: ج5 ص154 باب آداب التجارة ح23.

(518) وسائل الشيعة: ج17 ص381 ب1 ح22794.

(519) تهذيب الأحكام: ج7 ص8 ب1 ح25.

(520) الكافي: ج5 ص152 باب آداب التجارة ح7.

(521) وسائل الشيعة: ج17 ص450 ب42 ح22970.

(522) من لا يحضره الفقيه: ج3 ص196 باب التجارة وآدابها وفضلها وفقهها ح3737.

(523) تهذيب الأحكام: ج7 ص18 ب1 ح79.

(524) وسائل الشيعة: ج17 ص382-383 ب2 ح22798.

(525) الكافي: ج5 ص161 باب الحلف في الشراء والبيع ح1.

(526) وسائل الشيعة: ج17 ص392 ب7 ح22820.

(527) تهذيب الأحكام: ج7 ص11 ب1 ح44.

(528) تهذيب الأحكام: ج7 ص110 ب8 ح81.

(529) وسائل الشيعة: ج17 ص387 ب3 ح22808.

(530) الكافي: ج5 ص153 باب آداب التجارة ح16.

(531) الخصال: ج1 ص224 باب الأربعة ح55.

(532) تهذيب الأحكام: ج7 ص5 ب1 ح15.

(533) بحار الأنوار: ج19 ص119-120 ب7 ح4.

(534) وسائل الشيعة: ج17 ص70 ب24 ح22013.

(535) الكافي: ج5 ص92 باب شراء العقارات وبيعها ح4.

(536) وسائل الشيعة: ج17 ص71 ب24 ح22015.

(537) تهذيب الأحكام: ج6 ص361-362 ب93 ح158.

(538) الاستبصار: ج3 ص63 ب37 ح2.

(539) علل الشرائع: ج2 ص530-531 ب314 ح3.

(540) تهذيب الأحكام: ج6 ص361-362 ب93 ح158.

(541) تهذيب الأحكام: ج6 ص361-362 ب93 ح158.

(542) الاستبصار: ج3 ص63 ب37 ح2.

(543) غرر الحكم ودرر الكلم: ص431 ق6 ب3 ف2 ح9844.

(544) غرر الحكم ودرر الكلم: ص431 ق6 ب3 ف2 ح9821.

(545) غرر الحكم ودرر الكلم: ص431 ق6 ب3 ف2 ح9835.

(546) غرر الحكم ودرر الكلم: ص431 ق6 ب3 ف2 ح9836.

(547) من لا يحضره الفقيه: ج3 ص164 باب المعايش والمكاسب والفوائد والصناعات ح3601.

(548) الكافي: ج5 ص152 باب آداب التجارة ح12.

(549) وسائل الشيعة: ج17 ص78 ب29 ح22035.

(550) من لا يحضره الفقيه: ج1 ص504 باب كراهية النوم بعد الغداة ح1452.

(551) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج2 ص257 باب ذكر جمل من مناهي رسول الله  )ص).

(552) غوالي اللآلي: ج1 ص133 ف8 ح22.

(553) الكافي: ج5 ص125 باب المكاسب الحرام ح7.

(554) وسائل الشيعة: ج17 ص81 ب1 ح22041.

(555) تهذيب الأحكام: ج6 ص368 ب93 ح185.

(556) الكافي: ج5 ص124-125 باب المكاسب الحرام ح4.

(557) الاستبصار: ج3 ص67 ب40 ح2.

(558) انظر موسوعة الفقه، كتاب القواعد الفقهية، قانون الإلزام، للإمام المؤلف (قدس سره الشريف).

(559) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج2 ص258 باب ذكر جمل من مناهي رسول الله  )ص).

(560) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج2 ص258 باب ذكر جمل من مناهي رسول الله  )ص).

(561) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج2 ص258 باب ذكر جمل من مناهي رسول الله  )ص).

(562) تهذيب الأحكام: ج6 ص372 ب93 ح201.

(563) مستدرك الوسائل: ج13 ص70 ب5 ح14776.

(564) قرب الإسناد: ص115 باب ما يحل من البيوع.

(565) الكافي: ج6 ص407 باب أن رسول الله  )ص) حرم كل مسكر قليله وكثيره ح1.

(566) وسائل الشيعة: ج25 ص325-326 ب15 ح32028.

(567) تهذيب الأحكام: ج9 ص111 ب2 ح217.

(568) الكافي: ج2 ص375 باب مجالسة أهل المعاصي ح4.

(569) بحار الأنوار: ج71 ص201 ب14 ح40.

(570) وسائل الشيعة: ج12 ص29 ب15 ح15558.

(571) وسائل الشيعة: ج17 ص176-177 ب41 ح22288.

(572) راجع تهذيب الأحكام: ج6 ص373 ب93 ح203.

(573) الكافي: ج6 ص429 باب النوادر ح4.

(574) وسائل الشيعة: ج25 ص315 ب12 ح31992.

(575) الكافي: ج6 ص409 باب ان رسول الله  )ص) حرم كل مسكر قليله وكثيره ح10.

(576) دعائم الإسلام: ج2 ص486 كتاب الغصب والتعدي ف2 ح1738.

(577) الكافي: ج6 ص434 باب الغناء ح23.

(578) الكافي: ج6 ص435 باب النرد والشطرنج ح1.

(579) سورة الحج: 30.

(580) وسائل الشيعة: ج17 ص318 ب102 ح22646.

(581) بحار الأنوار: ج19 ص177 ب8 ح23.

(582) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج2 ص259 باب ذكر جمل من مناهي رسول الله  )ص).

(583) وسائل الشيعة: ج25 ص386 ب1 ح32190.

(584) الغصيب: أي المغصوب.

(585) نهج البلاغة، قصار الحكم: 240.

(586) الكافي: ج5 ص125 باب المكاسب الحرام ح8.

(587) تهذيب الأحكام: ج6 ص294 ب92 ح26.

(588) من لا يحضره الفقيه: ج3 ص246 باب المزارعة والإجارة ح3896.

(589) شرائع الإسلام للمحقق الحلي (رض) تعليق سماحة آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي (دام ظله): ج1-2 ص273-274.

(590) الكافي: ج5 ص160 باب الغش ح1.

(591) وسائل الشيعة: ج17 ص279 ب86 ح22520.

(592) تهذيب الأحكام: ج7 ص13 ب1 ح55.

(593) مسائل علي بن جعفر: ص214 النجاسات ح464.

(594) بحار الأنوار: ج76 ص232 ب98 ح7.

(595) الأمالي للطوسي: ص690-691 المجلس39 ح1468.

(596) الخصال: ج1 ص237 باب الأربعة ح80.

(597) بحار الأنوار: ج76 ص230-231 ب98 ح4.

(598) سورة النساء: 29.

(599) تفسير العياشي: ج1 ص236-237 سورة النساء ح103.

(600) وسائل الشيعة: ج17 ص323 ب103 ح22664.

(601) بحار الأنوار: ج76 ص236 ب98 ح21.

(602) انظر موسوعة الفقه: ج60 كتاب الوقوف والصدقات.

(603) الاستبصار: ج4 ص97 ب61 ح1.

(604) تهذيب الأحكام: ج9 ص131 ب3 ح5.

(605) الاستبصار: ج4 ص98 ب61 ح4.

(606) الكافي: ج4 ص56 باب كراهية السرف والتقتير ح10.

(607) وسائل الشيعة: ج21 ص556 ب27 ح27861.

(608) غرر الحكم ودرر الكلم: ص354 ق5 ب1 ف1 آثار القصة وفوائده ح8074.

(609) سورة الإسراء: 26.

(610) مستدرك الوسائل: ج13 ص51-52 ب19 ح14717.

(611) غرر الحكم ودرر الكلم: ص353 ق5 ب1 ف1 أهمية الاقتصاد ح8057.

(612) غرر الحكم ودرر الكلم: ص359 ق5 ب2 ف1 ح8123.

(613) غرر الحكم ودرر الكلم: ص359 ق5 ب2 ف1 ح8126.

(614) غرر الحكم ودرر الكلم: ص359 ق5 ب2 ف1 ح8120.

(615)غرر الحكم ودرر الكلم: ص360 ق5 ب2 ف4 ح8176.

(616) الكافي: ج4 ص55 باب كراهية السرف والتقتير ح3.

(617) وسائل الشيعة: ج21 ص558 ب29 ح27867.

(618) سورة الإسراء: 26.

(619) راجع الكافي: ج3 ص501 باب فرض الزكاة وما يجب في المال من الحقوق ح14. وفيه: (ولكن بين ذلك قواما).

(620) سورة البقرة: 188.

(621) وسائل الشيعة: ج17 ص93 ب5 ح22060.

(622) سورة البقرة: 188.

(623) الكافي: ج5 ص122 باب القمار والنهبة ح1.

(624) تهذيب الأحكام: ج6 ص368 ب93 ح182.

(625) وسائل الشيعة: ج20 ص191 ب104 ح25397.

(626) غوالي اللآلي: ج2 ص109 المسلك الرابع ح298.

(627) بحار الأنوار: ج101 ص274 ب3 ح8.

(628) قاعدة فقهية مشهورة.

(629) غوالي اللآلي: ج3 ص208 باب التجارة ح60.

(630) راجع أيضا كتاب (ممارسة التغيير لإنقاذ المسلمين)، للإمام المؤلف (قدس سره).

(631) تهذيب الأحكام: ج10 ص46 ب1 ح166.

(632) المقنعة: ص777 ب1.

(633) الاستبصار: ج4 ص241 ب140 ح2.

(634) سورة النساء: 43، سورة المائدة: 6.

(635) سورة المائدة: 6.

(636) سورة الجن: 18.

(637) سورة الجن: 18.

(638) تفسير العياشي: ج1 ص319-320 سورة المائدة ح109.

(639) علل الشرائع: ج2 ص535 ب324 ح3.

(640) الكافي: ج7 ص228 باب الأجير والضيف ح6.

(641) من لا يحضره الفقيه: ج3 ص147 باب الإباق ح3542.

(642) تهذيب الأحكام: ج10 ص112 ب8 ح59.

(643) سورة الأعراف: 56.

(644) وسائل الشيعة: ج28 ص49 ب28 ح34186.

(645) دعائم الإسلام: ج2 ص472 ف2 ح1687.

(646) مستدرك الوسائل: ج18 ص27 ب22 ح21916.

(647) وسائل الشيعة: ج28 ص46 ب24 ح43176.

(648) الاستبصار: ج4 ص252 ب148 ح5.

(649) سورة ص: 39.

(650) وسائل الشيعة: ح28 ص41 ب18 ح34166.

(651) من لا يحضره الفقيه: ح4 ص60 باب حد السرقة ح5100.

(652) غوالي اللآلي: ج3 ص569 باب الحدود ح89.

(653) مستدرك الوسائل: ج18 ص144 ب26 ح22339.

(654) سورة المائدة: 39.

(655) غوالي اللآلي: ج3 ص565 باب الحدود ح75.

(656) دعائم الإسلام: ج2 ص465 كتاب الحدود ف5 ح1648.

(657) الكافي: ج7 ص253-254 باب أنه لا حد لمن لا حد عليه ح2.

(658) موسوعة الفقه: ج87-88 كتاب الحدود والتعزيرات.

(659) سورة البقرة: 286.

(660) سورة النحل: 106.

(661) وسائل الشيعة: ج15 ص369 ب56 ح20770.

(662) الكافي: ج2 ص463 باب ما رفع عن الأمة ح2.

(663) مستدرك الوسائل: ج12 ص24 ب56 ح13405.

(664) المحاسن: ج2 ص339 كتاب العلل ح124.

(665) سورة لقمان: 34.

(666) بحار الأنوار: ج42 ص279 ب127 كيفية شهادته (ع) ووصيته وغسله والصلاة عليه ودفنه.

(667) غوالي اللآلي: ج2 ص342 ب2 ح1.

(668) غوالي اللآلي: ج2 ص342 ب2 ح4.

(669) مستدرك الوسائل: ج17 ص359 ب11 ح21581.

(670) غوالي اللآلي: ج2 ص343 ب2 ح6.

(671) غوالي اللآلي: ج2 ص344 ب2 ح7.

(672) غوالي اللآلي: ج2 ص344 ب2 ح8.

(673) مستدرك الوسائل: ج17 ص368 ب3 ح21601.

(674) فقه القرآن: ج2 ص74 باب الغضب.

(675) تهذيب الأحكام: ج6 ص348 ب93 ح102.

(676) غوالي اللآلي: ج2 ص345 ب2 ح12.

(677) الكافي: ج5 ص126-127 باب السحت ح2.

(678) انظر كتاب (الفقه: الزرع والزراعة) للإمام المؤلف (قدس سره الشريف).

(679) الاستبصار: ج1 ص13 ب4 ح5.

(680) من لا يحضره الفقيه: ج2 ص296-298 باب آداب المسافر ح2505.

(681) وسائل الشيعة: ج1 ص301 ب2 ح790، وسائل الشيعة: ج1 ص324-325 ب15 ح853.

(682) بحار الأنوار: ج63 ص446 ب1.

(683) الكافي: ج7 ص364 باب ضمان الطبيب والبيطار ح1.

(684) تهذيب الأحكام: ج10 ص234 ب18 ح61.

(685) مستدرك الوسائل: ج18 ص325 ب19 ح22855.

الرجوع إلى قائمة محتويات الكتاب