|
فقه العولمة.. دراسة إسلامية معاصرة مقدمة المؤلف |
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين وبعد: إن الله تعالى شرّع الإسلام وضمّنه كل ما يحتاج إليه الإنسان من اقتصاد وسياسة، واجتماع وعولمة وغيرها، وجعله يمتاز على غيره من الأديان والمبادئ بامتيازات كثيرة، وإن من أهم تلك المميزات هو: الاهتمام بالانسان وجعله المحور في هذا الكون، حيث سخر له كل ما فيه، وخاطبه بالأحكام والتكاليف، وراعى فيه جانبيه الذين أودعهما تعالى فيه، جانب الروح وجانب الجسم، أو جانب المعنى وجانب المادة. بينما الغرب ليس كذلك، فإنه ـ عادة ـ ينظر إلى الأشياء كلها من الجانب المادي فقط كما إنه لا يهتم بالإنسان كمحور في هذا الكون، ولذلك جاءت عولمته التي طرح فكرتها وحاول تطبيق نظريتها في العالم خالية من المعنويات، ومن الاهتمام بالإنسان، وإنما تتمحور عولمته حول الاقتصاد والماديات، وترى التنمية والنمو الاقتصادي للبعض فقط هو كل شيء حتى وإن كان ذلك على حساب سعادة الإنسان بل وحياته أيضاً، فكانت عولمته ناقصة، فيها النمو والازدهار الاقتصادي في الجملة للبعض على حساب الآخرين، وليس فيها العدل والأخلاق في الجانب الإنساني. وعلى أثر ذلك نتج الفقر والحرمان، والجهل والمرض، والحرب والدمار، فملايين الجائعين، وملايين المرضى، وملايين الأميين، وملايين المعوّقين، وملايين المشرّدين والمهجّرين، وما إلى ذلك من المآسي والويلات المترتبة على مادية الغرب ومادية عولمته. بينما عولمة الإسلام الناظرة إلى الجانب الروحي والمادي معاً، والمراعية للمعنويات أيضاً، والمهتمة بالإنسان كمحور أساسي، جاءت كاملة شاملة تجمع بين النمو والازدهار الاقتصادي، وبين العدل والأخلاق في الجانب الإنساني، فهي وحدها الصالحة لإصلاح العالم ولإسعاد العالمين، لأنها تجمع بين النمو والازدهار، والعدل والأخلاق، وقد كتبت هذا الكتاب لبيان هذه الميزة التي تميز بها الإسلام وتميزت بها عولمته الصحيحة والشاملة، راجياً من الله تعالى أن يفيد به، وأن يتقبله بأحسن قبوله، وهو المستعان. قم المقدسة محمد الشيرازي |