سؤال بدأ يردده الكثير من اليابانيين عندما
يلتقون بالمسلمين المقيمين هنا في طوكيو وخصوصاً بعد أن تعرّف
اليابانيون بدهشة ولأول مرة على شعائر عاشوراء والأرقام المليونية
التي أدّت تلك الشعائر، تلك الدهشة التي سرعان ما تحولت إلى
استغراب وحالة قرف من جراء ما نقلته وسائل الإعلام وعلى عجل أحداث
التفجيرات التي حدثت في وسط تلك الحشود الضخمة في الكاظمية
وكربلاء.
ويعتقد الكثير من المسلمين المقيمين في اليابان وعلى وجه الخصوص
العراقيين منهم بأن هذه الحوادث أضافت معاناةً جديدةً لمعاناتهم من
جراء ما تعكسه من صورة سيئة عن الإسلام والمسلمين توحي للمشاهد
والمستمع الياباني لها انطباعاً بان حال المسلمين اليوم هو أبعد ما
يكون عن ما قرأوه وسمعوه عنهم وعن مبادئ دينهم التي تدعو إلى الخير
والسلام للإنسانية جمعاء، مما ينعكس سلباً على الحياة اليومية
والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية والثقة المتبادلة بين اليابانيين
كأمة تعتبر السلام من المقدّسات وبين المسلمين المقيمين في اليابان
والذين أصبح كل واحد منهم معرّض للعديد من الضغوط التي تفرضها حالة
التحسب الأمني المتنامي في اليابان منذ أن تلقت تهديدات بشن عمليات
إرهابية في وسط طوكيو فيما لو أرسل اليابانيون جيشهم إلى العراق
ومما يؤثر سلباً على استقرارهم العائلي والوظيفي، وكذلك يزيد حالة
التباعد الحضاري والثقافي والعزلة الاجتماعية التي يعانون منها منذ
أحداث أيلول 2001.
ومن ما ذكره أحد اليابانيين عن هذا الحادث عبارة تحمل الكثير من
المعاني والتي تقول (لم تجرأ أية دولة وهي في حالة حرب أن تضرب
تجمعاً مدنياً أعزلاً في الدولة التي تحاربها يبلغ تعداده أكثر من
مليوني شخص مجتمعين في دائرة ضيقة !! ولكن هذا حدث في كربلاء وهي
أول سابقة في التأريخ القديم والحديث).
معاناة الجالية الإسلامية في
اليابان
تناقلت وسائل الإعلام
اليابانية وعلى عجل الأخبار تلك القادمة من العراق والتي تشير إلى
وقوع العديد من الانفجارات في مدينتي الكاظمية وكربلاء حيث تقام
الذكرى السنوية لاستشهاد الإمام الحسين..وهي المرة الأولى التي
يتعرّف فيها اليابانيون على شعائر عاشوراء التي لم يسمعوا بها من
قبل. وعلى الفور بدأت وسائل الإعلام اليابانية بالتوجه إلى
المسلمين العراقيين المقيمين في طوكيو من اجل معرفة اللغز الجديد
الذي احتاروا في حلّه هذه المرّة لأنه جاء مختلفاً على ما اعتادوا
سماعه من حوادث إرهابية سابقة والأدهى أنهم يسألون المسلمين هنا
(لماذا يقتل المسلم صاحبه؟) على حد قولهم أو هناك من يسأل بجرأة
(ألا تقولون إن الإسلام هو دين السلام؟ فأين هو السلام وانتم
تذبحون بعضكم بعضاً؟)..
ووسط تلك التساؤلات العديدة التي تحدث دائماً في كل حادثة تقوم بها
منظمة القاعدة الإرهابية أو من يناصرها تزداد معاناة المسلمين هنا
فبالأمس أصبح كل مسلم هو إرهابي بنظر اليابانيين بعد أن دأبت
الصفحات الأولى للصحف اليابانية من نشر كليشة جاهزة لجميع
المناسبات الإرهابية التي تحدث في أي مكان في العالم وخصوصا في
الشرق الأوسط وهي عبارة بالخط العريض مكتوب فيها كلمتان فقط هما:
(الإرهاب الإسلامي)، هذه العبارة بدأت في الظهور منذ أحداث ايلول
2001 واليوم أصبح وضع الطائفة الإسلامية في اليابان أسوأ من قبل
نتيجة لتعرض البعض منهم إلى تساؤلات محرجة مثل أن الدم والحروب لا
تأتي إلا منكم انتم أصحاب الأديان وعلى غير عادة اليابانيين فأنهم
يقولون بوضوح الآن أنهم هم أصحاب السلام والأمن والطمأنينة لا
أصحاب الاديان التي تقتل الأطفال والنساء والشيوخ!!
مناسبة إطلاعهم على هذه الشعائر لم تكن بالتأكيد من اجل عاشوراء بل
من اجل الدماء الغزيرة التي سالت في يوم عاشوراء وتأثير ذلك على
سلامة جنودهم المرابطين في مدينة السماوة الجنوبية.
لقد تابع الكثير من اليابانيين أخبار أحداث عاشوراء عبر صحفهم التي
عادت لتكتب نفس العبارة (الإرهاب الإسلامي) هذه المرة أيضا ولتجد
في داخلها مقالات عديدة تعرّف اليابانيين بالحقد والكره والبغضاء
الطائفي بين السنة والشيعة في العالم وخصوصاً في العراق، مما يشعر
المسلمين هنا بالأسى من هذه المغالطات الكبيرة على حد تعبيرهم التي
يحاول الكثيرون منهم تصحيحها بالقول لليابانيين أن الخلاف لم يصل
إلى حد القتل والبغضاء بين السنة والشيعة على امتداد تأريخهم في
العراق بل يحدث هذا أخيراً بين طائفة صغيرة تنتهج نهجاً يخالف ما
يؤمن به المسلمون جميعهم وفي كل مكان من ضمنهم المسلمين السنة
لكنّهم يشعرون بصعوبة فهم ما يقولون وهم يشعرون أن مهمتهم عسيرة في
إقناع اليابانيين بأن من الظلم أن يذكر الإسلام مرفوقاً بكلمة
الإرهاب بسبب أن اليابانيين يعتبرون منظمة كالقاعدة او غيرها من
المنظمات المناصرة لها هي منظمات إسلامية تعمل باسم الإسلام الذي
يدعوهم للجهاد وبهذه الطريقة التي حصلت في الكاظمية و كربلاء!!
يقول أحد المسلمين العراقيين المقيمين هنا (حقيقة انه موقف مؤلم
شديد يمرّ به المسلمون الذين يمثلون النسبة العظمى من المسلمين
بسبب أقلية ضالة عن دينها..وحقاً انه حدث كبير يحتاج إلى وقفة
تصحيح لسمعة الإسلام التي ساءت كثيراً بأفعال هؤلاء
المجرمين..ودعوة لمساعدة المسلمين المغتربين في كل أنحاء العالم في
شرح قضيّتهم بعد أن تمّ اعتبار كل مسلم هو مشروع إرهابي متحرك!! من
جراء أعمال يندى لها جبين الإنسانية وهي مناسبة لمكافحة
الإرهاب القادم إلى العراق لأنه ليس له علاقة بأولويات الحفاظ على
الوحدة الوطنية فهؤلاء هم نفر ليسوا منا ونحن لسنا منهم والفرق
عجيب في أن نربط أمر مكافحة الإرهاب بدعوات الخنوع خوفاً على
الوحدة الوطنية؟ لينهي كلامه بتحذير إلى العراقيين يقول فيه
انتبهوا من إطلاق هكذا عبارات لأنها تترجم إلى العديد من لغات
العالم الذي يفهم من خلالها أن فاعلي الجريمة هم من العراقيين
السنة وهذا أمر لعمري بعيد عن عين الحقيقة).