ردك على هذا الموضوع

مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية

خطوة هامة نحو ثقافة الرصد والجدوى لإحراز النجاح

عباس سرحان
 

لم تعتد مؤسساتنا في السابق على أسلوب الدراسة المسبقة للمشاريع من قبل مراكز متخصصة محايدة، أو لنقل غير مرتبطة بالسلطة.. نعم كانت هناك دراسات تسبق المشاريع التي تريد الحكومة أن تنشئها بتوصيات من السلطة، ولكن تلك الدراسات اتسقت مرغمة وباستمرار مع رغبة رجل السلطة لذلك كانت أغلب المشاريع التي أقيمت بعد تسييس كل مؤسسات الدولة ومشاريعها منذ نهاية السبعينات من القرن الماضي، كانت فاشلة وتركت آثارا مدمرة على المجتمع بعمومه..

ولكن يبدو أن مجتمعنا العراقي بدأ يستعيد وضعه الطبيعي، فتشكلت مؤسسات مدنية مهمة غير مرتبطة بالسلطة بينها مراكز الدراسات التي تعنى بوضع خطة عمل شاملة للمشاريع المقترحة وبأسلوب أكاديمي علمي لا يتعامل إلا مع مفردات المشروع.. الكلفة، الجدوى الاقتصادية، العلاقات الإفقية والعمودية مع المشاريع الأخرى..

ولتسليط الضوء على جانب من (ثقافة المؤسسات) هذه التقينا الأستاذ أحمد باهض مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية..

التفكير قبل الشروع

بدأ الأستاذ أحمد باهض حديثه حول أهمية المركز قائلا: يعيش عالمنا اليوم تحولات كبيرة وتطورات متسارعة قادت إلى تغير الأحداث بطريقة ازدادت من خلالها التعقيدات والمشاكل على كافة الصعد. وعلى هذا الأساس انبثقت فكرة تأسيس مركز يسهم مساهمة فاعلة وبشكل أكاديمي في دراسة هذه التطورات والأحداث واستنباط الأسباب والمسببات وإيجاد الحلول المنطقية والعلمية للمشاكل التي تواجه الإنسانية. وأضاف: وهو يهدف (المركز) إلى إجراء وتشجيع الدراسات والبحوث الأكاديمية فيما يتعلق بالظواهر والأحداث التي يمر بها العالم وتأثيراتها على المستويات الدولية والإقليمية والمحلية والتعامل مع كافة المشكلات المستجدة والمستعصية.

ولكن ماهي الأهداف التي اعتمدها مؤسسو المركز؟

يجيب الأستاذ باهض عن هذا التساؤل بالقول: يمكن إجمال أهدافه بـتوفير قاعدة من المعلومات والبيانات، إيجاد وتحديد سبل تطوير البحث العلمي، بناء علاقات علمية مع الباحثين والدارسين والمؤسسات العلمية والأكاديمية داخل العراق وخارجه، القيام بدورات تدريبية في المجالات المتخصصة وفقا لبرنامج علمي دقيق، تقديم المشورة العلمية والفنية للدراسات والمشاريع التنموية و إقامة المشاريع الإنتاجية التي توفر الدعم المالي لنشاطات المركز.

بالطبع هي أهداف مهمة وكبيرة لا بد من توفر آلية واضحة ودقيقة لتنفيذها، ويؤيد الأستاذ مدير المركز هذا الأمر وهو يوضح آلية المركز في تحقيق أهدافه.

- أهداف المركز هي إعداد الدراسات والبحوث في مجال التنمية وبما يحقق أقصى قدر من الطموحات الإنسانية وتقديم الرؤى والأفكار والخطط في هذا المضمار...دراسة وتحليل الظواهر والمتغيرات ذات العلاقة بالجوانب القانونية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية... دراسة وتقييم الاستراتيجيات والسياسات التنموية المتبعة على كافة الصعد المحلية والإقليمية والدولية.... دراسة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية ومحاولة إيجاد الحلول الناجحة لها وذلك بالاعتماد على استطلاعات الرأي العام... واستشراف المستقبل وإتباع أسلوب التخطيط الاستراتيجي في كافة الدراسات من أجل تشكيل مسار جديد في البحث العلمي الرصين.

ولتحقيق أكبر قدر من الانسجام في عملها قسمت إدارة المركز جهودها إلى أقسام عدة هي القسم القانوني... القسم السياسي... القسم الاقتصادي...القسم الاجتماعي وقسم الإعلام والعلاقات العامة.

وشرع المركز بـ(تأسيس) مكتبة تحتوي على مصادر ودوريات حديثة ومتنوعة إضافة إلى وحدة الانترنيت يرجع إليها الباحثون لتدعيم أفكارهم ورؤاهم.

يقوم المركز بتحديد الدراسات والبحوث التي يراها ملحة وضرورية، أو تلك التي يتعاقد على إنجازها مع جهات فاعلة تحتاج إليها قبل الشروع في برامجها وخططها المختلفة... ويلتزم الباحث الذي يعينه القسم المختص، بالموضوع المحدد له من قبل المركز... ويلتزم بالمواعيد المحددة للدراسة... ويكون ارتباطه برئيس الفريق البحثي أو بالقسم المعني بالدراسة....و يراعي في دراسته أساليب و طرق البحث العلمي المتعارف عليها أكاديميا..ويلتزم بالحجم البحثي وفقا لمقتضيات الموضوع.

إبداع عراقي

يواصل الأستاذ أحمد باهض رئيس المركز حديثه عن تأسيسه قائلا (تأسس المركز في 2004/1/15 من قبل نخبة من الأساتذة في جامعة كربلاء.. فكرة التأسيس قامت على فرض تأسيس مركز أكاديمي بحثي يعني بالدراسات والبحوث وبالمشاريع التنموية على مستوى البلد ككل.. يأخذ في ذلك المركز بعدين أساسيين هما: الدراسات والبحوث المتخصصة بالبحث وفقا لشروط البحث المعروفة، ومن خلال الدراسات يتعاقد مع أستاذ باحث على دراسة مسبقة وهذه الدراسة تتم وفق فترة محددة كذلك لدينا نشاط الورش العلمية التي تضم مجموعة من الباحثين الميدانيين ويتم الاتفاق على فريق العمل من قبل القسم المعني..

ويضم كل فريق 3 إلى 4 مختصين يبحثون في قضية معينة تهم البلد في المجالات المختلفة.. وهو ينجز عمله في مدة أقصاها ثلاثة أشهر تتضمن ابتداء جلسات مختلفة يقوم بها رئيس الفريق مع أعضائه كذلك تتضمن نشاطات الخبراء.

ويواصل قائلا: يتم جلب الخبراء داخل المركز ليفكروا بالموضوع المطروح ويعطون توصياتهم، كذلك يهتم المركز بإقامة الندوات العلمية ويذكر هنا أنناأقمنا ثلاث ندوات علمية حول الارهاب ونظرة قانونية في قانون ادراة الدولة فضلا عن الحلقات النقاشية التي تتبنى موضوعا متخصصا وهي مثار اهتمام المركز.

بلد بلا مراكز دراسات!!

يؤكد الأستاذ أحمد باهض أن العراق كان يخلو من مراكز الدراسات وإن وجدت فهي محصورة في الجامعات وتخضع لتوجهات السلطة وليس لتوجهات الدولة.. بعض الوزارات تم استحداثها ولكن لم تتفاعل مع قضايا المجتمع، إنها كانت مسيسة، أما ألان (يضيف): بادرنا لسد الحاجة للدراسات ونشر الثقافة الأكاديمية ولعل من أهم أسباب فشل المشاريع في البلد سابقا خلوها من دراسات تسبق التنفيذ لذلك فشلت وكانت لها أضرار خطيرة، فمثلا التخطيط العمراني في المدن لم يتم إلا على أهواء المسؤولين فاتسعت المدن ولم تقدم الخدمات لها، وتجربة النهر الثالث هي الأخرى فاشلة إذ لم تتم عملية استكمال المبازل والمصبات مما أدى الى تفاقم الملوحة... ويواصل قائلا: القضايا الاقتصادية والتنموية لا يمكن المجازفة فيها لأنها تخص مجتمعا بأكمله، فالجيوش حين تتدرب لا تستخدم أسلحة حية وإلا فإن كارثة ما ستحدث.. وأوصى الدكتور أحمد باهض بضرورة الاهتمام بدراسة العلاقات الأفقية والرأسية للمشاريع ويقصد بالعلاقات الأفقية علاقات المشاريع ببعضها، أما العلاقات الرأسية فهي علاقاتها بنوعية هذه المؤسسات وتكوينها والتنافس الموجود في الساحة الاقتصادية..

يقول الأستاذ مدير المركز أخيرا، لا يمكن لأي بلد أن يتطور بدون العلم.. نحن أصحاب الحرف الأول فنحن أولى بالعلم من سوانا، والغرب تطور بعد أن اخذ بناصية العلم فعلينا حتى نبني بلدنا ونسهم ببناء المجتمع الإنساني أن نمتلك العلم لذلك أدعو إلى تبني العلم كخيار لا خيار غيره.. وعليها أن تديم الاهتمام بالمجتمع من هذه الناحية..