ردك على هذا الموضوع

لماذا تأخرنا وتقدم الآخرون؟

أحمد حسن
 

مقاربة أولية

كما في كل مناحي الحياة تعود الأسئلة التي لم تجد جواباً إلى التحليق فوق رؤوس مطلقيها الحائرين، العاجزين كما يبدو عن إعطاء هذه الأسئلة أجوبتها الحقيقية لتستريح وتريح.

من أهم هذه الأسئلة وأكثرها راهنية يبرز سؤال عصر النهضة الكبير: لماذا تأخرنا وتقدم الآخرون، ورغم آلاف الصفحات التي كتبت وأطنان الحبر التي سفحت إلا أن السؤال لم يزل طازجاً حاراً في رؤوسنا جمعياً.

والأمر أن هذا السؤال يضمر في طياته نقداً ذاتياً ومحاولة للمعرفة بالوقت عينه وهذا يعني أن فيه محاولة للتجاوز عن طريق مساءلة الوقائع والأحداث، علماً ان معرفة الحقيقة وحدها لا تكفي إن لم نضع هذه المعرفة في خدمة مقاربتنا للأجوبة الصحيحة.

والحال أن السؤال لماذا تأخرنا يضمر في طياته بعداً آخر يشيء بأن الآخرين تقدموا عنا، وأننا نقيس مقدار تأخرنا بالنظر لمقدار تقدمهم وتطورهم، وهنا تبرز أمامنا مشكلة أخرى، فالآخر يتقدم بشكل مضطرد ومتسارع، مما يعني أننا نتأخر عنه بشكل متسارع أيضاً وهذا ما يعمق الهوة بيننا ويجعل من الصعب بل المستحيل علينا اللحاق به وردم هذه الفجوة المعرفية الهائلة التي تتسع بشكل متواصل.

وإذا راجعنا كل ما كتب جواباً على هذا السؤال وتلك - لعمري - مهمة شاقة فإننا سنجد أجوبة عديدة مختلفة تختلف باختلاف موقع المجيب الفكري والسياسي والديني وفي ذلك ما فيه من دلائل الصحة والعافية الفكرية لولا ادعاء الجميع بأنهم يستأثرون بالجواب الصحيح وأن الحل لديهم فقط، ما جعل الحلول المطروحة أكثر من قدرتنا على تحقيقها علماً أنها تنضوي جميعها بشكل أو بصورة أو بأخرى تحت ثلاثة عناوين.

يندرج الأول تحت يافطة العودة إلى الماضي الذهبي لاستلهامه بقضه وقضيضه وتتعدد المقولات المعبرة عن ذلك (فلا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها)، وما دامت الوصفة التي قامت عليها الحضارة العربية الإسلامية في عصورها الزاهية صالحة - برأيهم - لكل زمان ومكان وما دام المكان لم يتغير أما الزمان فقد توقف لديهم عند نقطة تقع في القرن السابع الميلادي، إذا فلماذا لا نعود إلى (جنتنا) الماضية؟

ويحيلنا الطرح الثاني إلى الآخر - الغربي تحديداً - كحل سحري لمشاكلنا باعتبار أن نجاح هذا الآخر في صنع حضارته يستدعي بالضرورة نجاحنا نحن بصنع حضارتنا المأمولة بمجرد استلهامنا لتجربته بقضها وقضيضها أيضاً.

وبين هذين التيارين يبرز صوت ثالث ينادي بالأخذ بأحسن ما لدى الطرفين لنضع قدمنا على السكة الصحيحة.

والحق أن الأمر أبعد من ذلك، ويحتاج إيجاد الجواب المناب إلى فض وتنقيب وإعمال للعقل في مجمل العوامل والبنى الفكرية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تملكنا وتسيطر علينا، فتاريخ الشعوب لا يفسر بعامل واحد مهما كان شأن هذا العامل مؤثراً ومهما كانت درجة حضوره وتأثيره في وعينا كبيرة.

هذا الأمر يقتضي منا الغور بعيداً في تاريخنا وتراثنا لتحديد نقطة البداية في هذا التأخر وقراءة أسبابه بعقل علمي منفتح يبحث عن الحقيقة ولا شيء غيرها لا بهدف المساهمة في انتصار فكرة على أخرى بقدر الوعي بأهمية تحديد أسباب المرض لتحديد أسلوب وطريقة العلاج الناجع.

وأراني أخالف محمد عابد الجابري في تحديده لعصر التدوين كنقطة انطلاق له في دراسة العقل العربي وتشريحه وأزعم أن علينا دراسة الواقع الاجتماعي والثقافي والسياسي والفكري لمكة وجوارها قبيل البعثة النبوية للبحث في إرهاصات تفتح هذا العقل ووعيه لذاته الخاصة، مما أنتج وعياً جماعياً بذات مشتركة تحمل ملامح مختلفة عن الآخرين - الفرس والروم - وتحديداً بعد (ذي قار) تلك المعركة التي يجب أن تقرأ بعيداً عن القراءة المدرسية القاصرة باعتبارها يوماً من أيام العرب! وكأن التاريخ أيام متقطعة لا يربط بينها رابط، ثم علينا أن نحلل ونفهم آليات ذلك الصراع والحراك الفكري والاجتماعي الذي دار في قلب شبه جزيرة العرب ومدى انعكاسه بعد ذلك في الإسلام لفهم أسباب تلك النقلة الحضارية المدهشة في ظروفها التاريخية وأيضاً لفهم ما حدث بعد ذلك من وقائع وأحداث أثرت ولازالت في بنية وعينا وتفكيرنا وقدر لها أن تحكم تاريخنا إلى يومنا الراهن، وتقسم أتباع ذلك النبي الأمي إلى فرق ومذاهب شتى يكاد يصعب حصرها تدعي كلاً منها أنها الفئة الناجية أما غيرها فإلى الجحيم.

ولبيان أهمية هذه القراءة علينا أن نعرف أن مفكراً بحجم الجابري يقول (إن الإسلام تجاوز عبادة الأصنام إلى دين جديد سيحطم أصحابه الأصنام ويقضون على سلطة حماتها بمجرد انتصارهم النهائي على الملأ من قريش).

هل هذا صحيح؟ هل انتصر الإسلام بشكل نهائي على الملأ من قريش، إذاً بماذا نفسر ذلك الصراع الذي دار في سقيفة بني ساعدة بين الملأ من قريش وبين الملأ من أهل المدينة، واستحواذ الملأ من قريش على الخلافة بحجة أسبقيتهم في الإسلام دون النظر إلى أن الإسلام ما كان له أن يصل إلى ذلك المكان لولا الدور الذي لعبه أهل المدينة المنورة في حماية الرسول والمسلمين الأوائل من بطش قريش تحديداً، إن الدماء المسلمة لم تتوقف عن الجريان بعد ذلك قط، أهذا هو العصر المبتغى والمأمول، بل كيف نفسر أنه مع استلام بني أمية للسلطة السياسية تحول خطاب الخليفة تماماً من خطاب ديني إلى خطاب سلطوي سياسي بحت ففي حين ينادي كبيرهم أن تلقفوها يا بني أمية لئلا تفلت منكم بعد أن وصلت إلى أيديكم يخاطب الخليفة جموع المسلمين أنني والله أعلم أنني لم أنلها برضاكم ولكن بحد السيف، ليؤسس بذلك للملك العضوض الكسروي في الإسلام.

أهذا هو ما يريد دعاة السلفية إعادتنا إليه، أهذا هو العصر الذهبي الذي يعلن فيه أحد المؤرخين أن سيدنا معاوية (رض) قتل سيدنا الحسن (رض) بالسم وأن سيدنا معاوية (رض) قتل سيدنا عبد الرحمن (رض) وأن سادتنا (رض) قتلوا بعضهم البعض بالسيف والسم والدسيسة والخداع، ثم نترضى على القاتل والمقتول رغم وضوح الحكم القرآني في مسألة قتل المسلم عمداً، أين العقل النقدي، بل أين العقل أساساً؟

ما أقصده من إيرادي لهذه الأمئلة هو إسباغ شرعية كافية لذلك السؤال الذي يواجه الحل السلفي المنادي بالعودة للأصول وهو عن أي أصول يتحدثون.

تستهدف هذه القراءة تجاوز حالنا الراهن، علماً أننا لا نستطيع إنكار ذلك الجهد الكبير الذي بذله مفكرون كبار قدموا مساهمات غاية في المنهجية والدقة العلمية، وخلصوا إلى ضرورة الوعي بأن تلك فترة تاريخية مضت بناسها ورجالها وأحداثها شهدت كغيرها من فترات التاريخ الوسيط دماء ورجالاً وحضارة لن تعود لأن (الفكرة الواحدة لا تقوم عليها سوى حضارة واحدة) كما يقول الدكتور يوسف سلامة، ثم أن إستعادة تلك المرحلة تقتضي استعادة الأحوال والأحداث السياسية والاجتماعية والظروف التاريخية التي رافقتها، فهل هذا ممكن؟ لقد علمنا التاريخ - وهو المعلم الأكبر - أن نشوء حضارة جديدة يستلزم أن تكون الحضارات الأخرى في مرحلة الضعف والانهيار أو مرحلة انحلال العمران بتعبير خلدوني ففي الفترة التي قامت فيها الحضارة العربية الإسلامية كانت الحضارتان الفارسية والرومانية تترنحان تحت وقع الحروب الدامية بينهما ويتغلغل فيهما من الداخل أس أمراض الحضارة ألا وهو سيطرة التقليد الأعمى وعبادة النص والفرد وتعانيان من عدم التجديد في دمائهما وبالأحرى من موت الفكرة الحضارية التي قامت عليها كل منهما وفي ذلك حديث يطول.

وبهذا فإن الحضارة الإسلامية الناشئة لم تجد صعوبة تذكر في دك المدائن عاصمة فارس وفي إعادة الجيوش الرومانية إلى داخل حدود ضاقت يوماً بعد يوم حتى خنقت هذه الجيوش والقائمين عليها، ودخلت أوروبا في عصورها المظلمة ولم تنهض ثانية غلا على أكتاف فكرة حضارية أخرى.

وبالتحديد هذا ما حدث عند قيام الحضارة الأوروبية الحديثة، فقد كانت الفكرة الحضارية الإسلامية قد تعرضت للتآكل بفعل عوامل الجمود السياسية المختلفة وانتصار التقليد والفكر الأشعري وهزيمة كل المفكرين العقلانيين بمعنى أو بآخر، مما جعل من السهل على جيوش الأسبان أن تهاجم تلك القلاع التي أصبحت مجرد هياكل خالية من روح الحضارة لتدفع بالعرب والمسلمين إلى الوراء وتحمل راية الحضارة العالمية كوارثة لكل ما سبق، وأعتقد أن ما سلف يستحق دراسة متأنية.

والحال أن هنالك درساً آخر يجب قراءته بعمق، فحين تكون الحضارة الأخرى في أوج قوتها فإنها وبحقائق الأشياء ومتطلبات القوة تمد أصابعها إلى دواخل كل الآخرين تحاول أن تبقي عليهم ضعفاء بشتى الوسائل لئلا يكبروا ويشتد عودهم ويزاحمونها على الماء والكلأ والنفط أيضاً، وفي حالنا اليوم فإننا نشهد قوة غير مسبوقة في التاريخ إن كان ذلك بعيار القوة المادية أو المعنوية وتأثيرها المعنوي أقوى وأفعل من تأثيرها المادي لأنه يتغلغل في بنية وعينا عبر تقديم نمط متكامل للحياة بمختلف سبلها من الطعام واللباس إلى الذائقة الأدبية والفنية.. الخ، وهنا تتبدى صعوبة المقاومة لأن التأثير المعنوي ومؤخراً المادي كما في حالة العراق وأفغانستان لم يعد يقيم وزناً للحدود وللسيادة ويتعرض كلاً منا سواء أكان قومياً أم إسلامياً، ليبرالياً أم شيوعياً لكم هائل من المعلومات والمؤثرات المقروءة والمرئية والمسموعة القادمة من مصانع الآخر الإعلامية وكلها تقدم له صورة زاهية عن نمط الحياة الغربي وصورة بغيضة لما عداه وتعمد بذكاء كبير إلى تسفيه أحلامه وقيمه بحيث يصبح التخلي عنها أكثر يسراً وسهولة، إنها تعمد إلى إعادة تشكيل البنية الاجتماعية والثقافية لشعوب عديدة مقدمة مثال واحد للعيش الأفضل، والمعضلة التي تواجهنا هنا أن جزءاً كبيراً مما تقدمه يلامس تطلعاتنا وآمالنا في مستقبل مختلف.

وأزعم أن هذا العصر لا فرق فيه بين الداخل والخارج فقد أمحت الحدود وزالت السدود والجدران وتكاثرت المنظمات العالمية التي تستطيع أن تمد أنظارها إلى دواخل الدول وتراقب حركة السلطات المحلية وطريقة تعاطيها مع مواطنيها ولها أن ترفع الصوت عالياً وتتهم تلك الدول بانتهاك حقوق مواطنيها، ولا يقتصر ذلك على التنديد اللفظي فقط بل يتعداه إلى ممارسة الضغوط المادية عن طريق ربط تدفق الأموال والاستثمارات إلى هذه الدول بسجلها الإنساني، وقد يتطور الأمر إلى التدخل العسكري بدعوى حماية أقلية أثنية أو عرقية من خطر الإبادة الجماعية، وهذه بالمجمل تطورات جيدة لمسيرة حقوق الإنسان عبر تاريخها الطويل لو لم تعمد بعض الدول الكبرى إلى اتخاذها ذريعة للتدخل في شؤون الآخرين بهدف السيطرة والهيمنة لا بهدف الدفاع عن حقوق الإنسان، ويبدو ذلك جلياً في رؤية هذه الدول التي ترفع الصوت عالياً لانتهاكات تحدث في بلد ما وتصمت صمت القبور عن انتهاكات أفظع في مكان آخر.

وهذا ما يدفعنا للقول أن عملية النهضة المأمولة في ظل ما أسلفنا ليست خاضعة لمعطيات داخلية فقط كما يروج البعض بل هنالك المعطى الخارجي وهو في حالتنا الراهنة الغرب الذي يقدم لنا نفسه بوجهين استعماري ظالم مكروه وحضاري مرغوب مأمول.

وقد أصاب محمد عابد الجابري كبد الحقيقة في قوله (أننا لم نملك منذ اصطدامنا بالنموذج الحضاري الغربي المعاصر حرية الاختيار بين ما نأخذ به وبين ما نتركه).

فنحن لا نملك ترف الاختيار، وينعكس ذلك جلياً على مثقفينا فهم إما أن يرفضوا كل ما يأتي من الغرب لمجرد أن مصدره الغرب، وإما أن يقبلوا بكل ما يأتي من هناك ويدافعوا عنه دفاع المستميت لا يهمهم في ذلك أكان فكرة أم مشروعا سياسيا أو أي آخر فقد انخرطوا في الحداثة ثم فيما بعد الحداثة وعاشوا عصر السريالية والتكعيبية والبنيوية والتفكيكية وامتشقوا سيوفهم للدفاع عن الوجودية وبالتوازي مع هذا انتظموا في ألوية الدفاع عن دول سايكس بيكو ثم تمترسوا في خنادق الشرق أوسطية حتى ضاقت بهم وعليهم فانتقلوا إلى خنادق الشر ق الأوسط الموسع وهم يهمزون جيادهم للحاق بكل عربة تأتي من الغرب حتى لو لم يعرفوا وجهتها وذلك لسبب بسيط أنهم لم يقضوا الوقت الكافي للتلمذة على يد ذلك المعلم الكبير - التاريخ - وقديماً قال أحد المفكرين الأوروبيين إن كل سياسي لا يقرأ التاريخ سوف يبقى يمارس السياسة كمراهق، فما بذلك المفكر الذي يترفع عن قراءة التاريخ لظنه أن الأحداث تأتي من العدم وتذهب إلى العدم متجاهلين أن البشر كما يقول المفكر حامد خليل (لا يتكونون في الفراغ ولا هم ودونما سبب على هذا النحو أو ذاك، وإنما هم نتاج ما يصنعونه).

دون أن نغفل الإشارة إلى أن التاريخ يقرأ لإستلهام العبر والدروس وليس كما يحدث اليوم لدينا من اجترار سخيف وإعادة إنتاج رديئة لتاريخ الملل والنحل السابق، نقرأ التاريخ لنفهم ونعتبر لا لكي نعيش تلك الصراعات.

والمعضلة الأخرى تتمثل بأن الخطاب الفكري الحديث لدينا لا يمتلك مفرداته الخاصة به، التي يجب وفق المفاهيم العلمية أن تولد معه وتقوم بينهما علاقة تأثر وتأثير متبادلين دون أن نهمل أهمية المثاقفة مع الآخر في إدخال مفردات مفاهيمه إلينا ولكن ليس بالطريقة التي يبدو عليها اليوم حيث أن جميع المفاهيم الموظفة في خطابنا مستقاة إما من الماضي أو من الغرب، وفي ذلك دليل واضح وبين على عقم خطابنا المعاصر وبالتالي عقمنا نحن في استيلاد ثقافتنا وحضارتنا المأمولة.

ثمة مسألة أخرى تتمثل ببروز حركة تراجعية على مستوى عال من الخطورة بالنسبة لنا جميعاً وهي حركة أستطيع أن أسميها (التراجع نحو البداوة الثقافية) ومن ثم تعميمها على جميع مناحي الحياة، بدأت هذه الظاهرة تتعمق في حياتنا منذ بدأت أموال النفط تتزايد بصورة هائلة وتدخل إلى السوق لتشتري ما ترغب به ثم انتقلت لشراء السياسة ثم الفكر والمفكرين ووسائل الإعلام ويكفي أن نلقي نظرة سريعة إلى ما تبثه الفضائيات العربية لنرى أنها تصيغ برامجها الترفيهية والإعلامية ومسلسلاتها وأفلامها بل وحواراتها السياسية وفقاً لآراء أصحاب الذهب الأسود مقصية آراء جمهورها المحلي إلى المرتبة الثانية بما يحمل ذلك من تسفيه للأحلام الكبرى والهموم الحقيقة، وإشعال معارك وهمية وإشغال الرأي العام بكل شيء ما عدا الخبز والدم المتضادان في ساحة الحياة فحيث يوجد أحدهما ينعدم الآخر ويبدو أن الساحة العربية منذورة للدم على حساب الخبز، فهل نعمل على قلب هذه المعادلة ذلك هو التحدي الحقيقي لنا اليوم وغداً.

أخيراً إن سؤال عصر النهضة الذي لا زال راهناً يهدف كما أسلفنا إلى تجاوز هذا الواقع والانتقال إلى واقع آخر يكون العقل رائده وهذا الأمر يترتب عليه تكاليف جسيمة وبذل جهد سياسي وفكري واجتماعي كما يؤكد الراحل حامد خليل في كلمات بليغة: (إن الانتقال إلى عصر العقلانية العربية إنما هو فعل تاريخي نضالي يتعين على حامليه الاجتماعيين الذين هم أصحاب المصلحة الحقيقية في الوصول إليه تحمل تبعات ذلك الفعل).