|
![]() |
ردك على هذا الموضوع |
الفضائيات العربية تشارك الدنكوشوطية أوهامها |
بسام محمد حسين |
يستفزني الصراخ في أكثر البرامج الفضائية، ويستفزني أكثر التفنن في اختيار بعضهم للوقوف في وجه الآخر تحت شعار الرأي والرأي الآخر، وبينهما... أحدهم تارة لسانه مع أحدهم وقلبه مع آخر ولا يخفى أن بعض المحطات الفضائية وهي تستدرج شخصية مهمة وهامة بحسب وجهة نظرها، تورد لها رسائل تطمينات على أنه لا تقاطع، ولا تتجاوز الخط الأحمر، ويجب الالتزام بقواعد الحوار العقلاني الديمقراطي الخ.. والادهى من هذا وذاك يتم اصطياد بعض المهتمين المتحمسين لهذه القضية أو تلك متناسين أو هم مؤكدين للمثل الشائع (كل شيء عند العرب صابون) والمؤسف أكثر أن الموضوعات والقضايا التي تحتاج حقاً إلى حوار ونقاش وتبادل الرأي يجري استبعادها عبر اختطاف عنوانها أو إبراز جانب منها، أو التعامل مع أحد جوانبها، وبذكاء ودهاء يتم التحضير المسبق للتعامل مع النتائج دون التوقف على الأسباب الحقيقية لهذا الصراخ أو لهذا التفنن. لنتوقف عند صرعة الفضائيات العربية وأسباب وجودها؟ لنتساءل عن المبررات والظروف التي حكمت خياراتها؟ إلى أي حد استطاعت هذه الفضائيات أن تقدم وستقدم ما يعود بالنفع لعقل وقلب المتلقي أولاً والمتابع والمهتم للشؤون العربية من بلاد الأرض الواسعة؟ ولا أخفيكم سراً بدأت الفضائيات العربية في صراخها واستفزازها لدرجة أنها استقطبت كمّاً معقولاً من الناس حتى أن المواطن العادي أضيف إلى قائمة مافيات تجارة تحضيراً وصناعة وتسويقاً وعندما أيقظه الواقع المؤلم في كل التفاصيل شعر بخطورة هذه البرامج وناريتها وتشويقها باعتبارها إضافة أخرى إلى قائمة خصوم وأعداء الأمة مصالحها وأهدافها؟ وليس ببعيد حتى تسمع أصوات هنا وهناك وخاصة من المثقفين والمفكرين وأشباه المثقفين وأنا منهم أن الفضائيات العربية قدمت خدمات جلية مع استبعاد الفكر التآمري ليس للأعداء المباشرين للأمة القصد منه الكيان الإسرائيلي ومشاريعه الأخطبوطية والسرطانية في جسد الأمة وعقلها، بل عمدت هذه الفضائيات إلى القبول بتكريس الواقع العربي الراهن؟ والعمل على المزيد من الشروخات وتقديم خلطة شبيهة ببعض المشعوذين للتخلص من الكثير من الآلام، ليس ببعيد سيستنتج الكثيرون أن مساوئ بعض الفضائيات للحال العربي هي أضخم وأكثر تأثيراً من كل فروع المخابرات العربية؟ ومن كل حالات الاستبداد الشرقية؟ لقد تزامن صعود ظاهرة الفضائيات حزمة استحقاقات عربية وتشكل في التاريخ العربي والإسلامي منعطفات خطيرة جدا فبماذا كانت تواجه الفضائيات العربية قضايا الأنوار والتنوير، والمثاقفة وتشجيع الحوار وفضح ممارسات الكيان الصهيوني لخلق رأي عربي عام للقيام بهجمة واحدة ضد هذا الكيان؟ وماذا كانت النتيجة؟ على كل الصعد قفز هذا الكيان من نجاح إلى آخر في كل مشاريعه لنصل إلى نتيجة أن الفضائيات العربية وسعت حدقة العين، لهول الحاضر وخطورة المستقبل، دأبت الفضائيات العربية إلى محاولة تقديم برامج الإثارة، والتشويق ولكن أغلبها من غير تأثير وإقناع ولو وجد في الوطن العربي بعض مراكز مقاييس الرأي الحر، لقدمت استطلاعات الرأي أرقاماً مخجلة في مضمونها، وحاولت بعض الفضائيات الاستفادة من الفضائيات الغربية، حيث فقدت خصائص حضورها فلا هي نجحت في تقليدها ولا استطاعت أن تؤسس لخطاب ونهج وموضوع وفكر خاص بها، وأخيراً أين الفضائيات العربية من كل التطورات المذهلة في ميادين العلوم والبحوث؟ أين الفضائيات العربية من خطاب يتسم بالعقلانية واحترام العقل وتأسيس استحقاقات العالم العربي من قضايا التسامح والعدل واللاعنف والديمقراطية، خاصة في ملامسة الواقع العربي الراهن؟ لقداختطت الفضائيات لنفسها أن الكلمة هي أقوى تأثير من أي سلاح آخر وهذا صحيح عندما تكون الكلمة لها طعم ولون ورائحة وهدف لا لغو مثلما نرى ونسمع. |
|