خطاب متأخر جدا إلى سيدنا الشيرازي |
الأستاذ الأديب: بدر الشبيب |
سيدنا الراحل العظيم! نحن كما عهدتنا – سيدي – أمة لا تصحو إلا متأخراً، يفوتها قطار الصباح فتعود لليلها تلوم غفلتها ، ولكنها لا تلحق بالقطار في الصباح التالي ، وهذا هو دأبها . سيدي! أطللت على هذه الدنيا نقياً أبيض القلب كلبن التين الذي لم يتلوث بالغبار العقيم ، وحملت قناديلك بزيتها الذي يكاد يضيء لينير ظلمات بعضها فوق بعض في ليلنا التائه ، وأمطرت قاحل صحرائنا بغيث بنانك لتعيد للرمل بهجته الأولى فيتذكر الشيح والعرار والقيصوم . سيدي! كأني بك تطل علينا مشفقاً من وراء الغيب ، يقال لك ( ادخل الجنة) فتنظر إلينا قائلاً (يا ليت قومي يعلمون). سيدي! أسمع الآن صوتك يتلو علينا الرواية الواردة في البحار (موتوا قبل أن تموتوا). كم نحتاج أن نموت كي ننتبه ، فالناس نيام وإذا ما توا انتبهوا . فقد كنت طيلة حياتك الشريفة تسعى لتنبيهنا ، وأظنك تصر على مواصلة مشوارك من قبرك ، فلعل منبر القبر يعزز بلاغة البيان . سيدي! أنت غنيٌّ عن بكائنا، ولكنّا بحاجة للبكاء عليك حتى نغسل مرايا قلوبنا فنبصرك لأول مرة . |