|
|
رفعت المحمد |
إن الحضارة هي الشكل الأكثر أصالة وواقعية للمجتمع البشري، فهي نظام اجتماعي يعين الإنسان على الزيادة من إنتاجه الثقافي، وتتكون من عناصر أربعة هي: الموارد الاقتصادية، النظم السياسية، التقاليد الخلقية، العلوم والفنون(1). إن المظاهر الحضارية لكل أمة هي نتائج ملائمة لمجموعة الأفكار والعقائد والتقاليد والعوامل النفسية المهيمنة عليها، وذلك لأن لكل حضارة من الحضارات الإنسانية أسس فكرية ونفسية، شكلت الدافع الرئيسي والقوة الموجهة والمحددة لنمط سيرها. وقد سعى الفلاسفة بدورهم إلى وضع قوالب تصب فيها أخلاق الإنسان الفاضل على نحو ما تصوروه في ذلك الوقت، حيث كان ينظر إليه على أنه (مجموعة قوى ذات مطالب يناقض بعضها البعض، ويقوم بينها حرب شعواء لا تنتهي إلا بانتصار بعضها واستسلام البعض الآخر عنوة)، فقد كان الإنسان نفسه، كما ستقول الأديان فيما بعد، يتألف من جسد وروح، أما الجسد فهو الجانب المادي فيه، وأما الروح فهي الجانب المقدس، ومن هنا كانت المشكلة في أن يجعل الروح هي المسيطرة، وهي القائد، وأن يجعل العقل هو القاهر لكل نوازع الجسد. أما إذا تساءلنا ما المقصود بسيادة العقل على النوازع الإنسانية؟ فالمقصود هو أن الأفراد والجماهير على السواء، يجعلون إرادتهم موجهة للخير المادي والروحي للكل وللأفراد الذين يتألف منهم الكل، أعني أن تكون أفعالهم أخلاقية، فالتقدم الأخلاقي إذن هو جوهر الحضارة حقاً، وليس له غير معنى واحد، أما التقدم المادي فهو أقل جوهرية، ويمكن أن يكون له أثر طيب أو سيء في تطور الحضارة، وهذا التصور الأخلاقي للحضارة سيبدو غريباً عند بعض الناس بوصفه عقلياً وعفى عليه الزمان، فالذي يتفق أكثر مع روح هذا العصر هو النظر إلى الحضارة على أنها مظهر طبيعي للحياة خلال التطور الإنساني، له تعقيداته المفيدة كل الإفادة. تستهدف الأخلاق، بوجه عام، دراسة اتجاه الفاعلية البشرية للكشف عن المبادئ والقيم، التي تحدد السلوك وتدبره، فهي تتناول – مبدئياً – مسألة تنظيم الحياة تنظيماً عملياً، وتسعى إلى تبيان مغزى التجربة الإنسانية بالإضافة إلى كل فرد من الأفراد، فتعتبر الوجود الفردي - كل وجود - وجهة نظر معينة تمس الواقع في الواقع، وتبدو في حالة تأليف يشمل ظروفاً يطبعها الشخص الأخلاقي بطابعه، فتغدو الأخلاق، أخلاق المرء، تعبيراً عن ذاته من خلال جريان الحوادث، وتتعين رسالة الأخلاق في فهم الأشكال المختلفة التي تحقق هذا التعبير. بيد أن الأخلاق تجنح إلى الحكم على أشكال السلوك الكثيرة المتفاوتة، فتحبذ موقفاً من المواقف وتستحسنه، وتذم موقفاً آخر وتستقبحه، تأمر وتنهى، تبيح وتمنع، فتحدد بوجه الإجمال أنماط السلوك تحديداً منهجياً واعياً. أما لو تساءلنا كيف حدث أن فقدنا فكرة أن الأخلاق لها أهمية وقيمة حاسمة بوصفها جزءاً من الحضارة؟ يكون الجواب أن كل محاولات التحضر كانت حتى الآن عمليات تعمل فيها قوى التقدم في كل مرفق من مرافق الحياة؛ فتوالي الإنجازات الكبرى في الفن والمعمار والإدارة والاقتصاد والصناعة والتجارة كانت تدفعها قوة دافعة روحية أنتجت تصوراً أعلى للكون. وكل جزء أصاب مد الحضارة ظهر في النواحي المادية، كما ظهر في النواحي الأخلاقية والروحية، وفي الأولى أبكر منه في الثانية، ففي الحضارة اليونانية حدث توقف مبكر منذ زمن أرسطوطاليس، توقف في العلم والسياسة غير مفهوم، بينما لم تبلغ الحركة الأخلاقية تمامها إلا في القرون التالية، وذلك بما قامت به الفلسفة الرواقية من عمل عظيم في التربية، والرواقية ليست من وضع مفكر واحد، بل هي مذهب تكوّن مع الزمن ووضع أسسه زينون السبتي. للمذهب آراء منطقية وما ورائية وطبيعية، ولكن الأخلاق هدفه الأسمى، وليس للموضوعات الأخرى من قيمة إلاّ بقدر ما تتعلق بالأخلاق(2). القاعدة الخلقية الأولى هي أن يعيش الإنسان وفقاً للطبيعة، وبما أن الطبيعة والعقل شيء واحد، فغاية الأخلاق أن يجعل الإنسان العقل مسيطراً على سلوكه، والشهوات تنافي العقل، فالحياة الخلقّية تفرض محاربة الشهوات واستئصالها. والسعادة القصوى تكون في(الطمأنينة)، و(السلام الداخلي)، و(عدم الاضطراب النفسي)، و(الصفاء التام). وللاضطراب سببان: أن نحرم ما نشتهيه، وأن يحدث ما نخشاه، وبإمكاننا أن نزيل هذين السببين لنعيش سعداء. فالأسس الفكرية عند اليونان الإغريق قائمة على تمجيد العقل، ولذلك كانت مظاهر حضارتهم ذات صلة وثيقة بهذه الأسس، إذ أثمرت لهم خلال قرون علوماً فلسفية ورياضية ونفسية وطبية وفنوناً جمالية مختلفة(3). أما الأسس الفكرية عند اليونان فقد كانت قائمة على تمجيد القوة، والرغبة ببسط السلطان الروماني على الشعب، لذلك كانت مظاهر حضارتهم ذات صلة وثيقة بهذه الأسس، إذ أثمرت لهم خلال قرون إعداد أجسام قوية، وجيوش متقنة البناء، جيدة الاستعدادات والتدريبات الحربية، وهذه القوة بدورها أورثتهم سلطاناً ممتداً في الأرض على شعوب كثيرة، انتصروا عليها واستعمروها واستغلوا خيراتها، كما أن هذه الأسس قد أثمرت لهم اشتراع مجموعة من القوانين والتنظيمات الدينية والعسكرية. وعلى الرغم من أنه قد توالى على حكم الإمبراطورية الرومانية حكام على كفاية ممتازة فإن هذه الإمبراطورية قد سقطت، ويمكن أن يرجع سبب سقوطها في النهاية إلى كون الفلسفة القديمة لم تنتج نظرية في الكون، فيها من الأفكار ما يعمل على بقاء الإمبراطورية والمحافظة عليها، فبقيام مذهب الرواقية كنتيجة نهائية للتفكير الفلسفي القديم، تقرر مصير الشعوب القاطنة على شواطئ البحر المتوسط؛ ذلك لأن التفكير القائم على الاستسلام (وهو ما يقوم عليه المذهب الرواقي)، مهما يكن سموه، فإنه لا يكفل تحقيق التقدم في إمبراطورية عالمية واسعة، لهذا ضاعت محاولات أقوى أباطرتها سدى، إذ كانت الخيوط التي عليهم أن ينسجوا بها خيوطاً فاسدة. ولما كانت أسسهم الفكرية والنفسية غير شاملة لحاجات الحياة كلها، لم تستطع حضارتهم أن تعطي الصورة المثلى للحضارة الإنسانية. أما في الحضارة الهندية، فقد كانت الأسس الفكرية عند الهنود قائمة على تمجيد القوى الروحية، وتنميتها بقهر مطالب الجسد وكبت غرائزه، ولذلك كانت مظاهر حضارتهم ذات صلة وثيقة بهذه الأسس، إذ أثمرت لهم خلال قرون مجموعة كبيرة من التعاليم الروحية التي أخذت بتطاول الأمد صبغة ملل ونحل وديانات، ووجهتهم للتعلق بالعلوم الروحانية المختلفة كالسحر وفنون الحيلة الخادعة للحواس، التي تعتمد على التلاعب بها والتأثير على النفوس من ورائها، وقد امتازت الحياة الخلقية عند الهنود بما يسمى (نظام الطبقات) فإذا ما انقرض من الهند هذا النظام، تحتم أن يطرأ على الحياة الخلقية فيها طور طويل الأمد تسوده الفوضى، لأن التشريع الخلقي في هذه البلاد قد ارتبط بنظام الطبقات ارتباطاً يكاد لا يكون له فصام، والأخلاق عندهم هي (ذارما)، أي أنها قواعد السلوك في الحياة لكل إنسان كما تحددها له طبقته، فأن تكون هندوسيّ المذهب، فليس معنى ذلك اعتناقك لعقيدة بقدر ما هو اتخاذك مكاناً معيناً في نظام الطبقات، وقبولك (الذارما) أي الواجبات التي تترتب على مكانك ذاك، وفق ما تقضي به التقاليد والقوانين، ولكل مكان من ذلك النظام التزاماته وقيوده وحقوقه. ويجب أن يقنع كل شخص بما قسم له، وألا يخطر ببال أحد أن يجاوز حدود طبقته إلى طبقة أخرى جاء في كتاب (بهاجافادجيتا): (خير لك أن تؤدي عملك المقسوم لك أداءً سيئاً من أن تؤدي عملاً مقسوماً لغيرك أداءً حسناً) (4). يقول (دبوا) الذي لا يعطف على الهنود في كتاباته: (لا بد من الاعتراف بأن آداب السلوك واحترام المعاملة الاجتماعية أوضح في قواعدها وأكثر اتباعاً لدى طبقات الهنود كلها، حتى أدنى هذه الطبقات منزلة، منها عند أي شعب أوروبي له ما للهنود من مكانة اجتماعية) (5). ولما كانت أسسهم الفكرية والنفسية غير شاملة لحاجات الحياة كلها لم تستطع حضارتهم أن تعطي الصورة المثلى للحضارة الإنسانية. وكانت الأسس الفكرية عند الفرس قائمة على تمجيد اللذة الجسدية والسلطان والقوة الحربية، ولذلك كانت مظاهر حضارتهم ذات صلة وثيقة بهذه الأسس، إذ أثمرت لهم خلال قرون قصوراً فخمة ومجالات كثيرة للترف المفرط، وجيوشاً حربية ذات بأس بسطت سلطانهم على شعوب كثيرة غلبوها واستعمروها واستغلوا خيراتها. ولما كانت أسسهم الفكرية والنفسية غير شاملة لحاجات الحياة كلها لم تستطع حضارتهم أن تعطي الصورة المثلى للحضارة الإنسانية. تكامل الحضارة الإسلامية: أما الحضارة الإسلامية فهي الحضارة التي تشتمل أسسها الفكرية والنفسية على حاجات الحياة كلها من مختلف جوانبها الفكرية والروحية والنفسية والجسدية والمادية الفردية والاجتماعية، وفي جميع المجالات العلمية والعملية. لذلك فقد كانت تمنح الأمم التي تلتزم بها وتسير على نهجها سيراً قوياً، الصورة المثلى للحضارة الإنسانية الراقية. وقد استطاعت أسس هذه الحضارة ووسائلها ومناهجها أن تدفع الأمة الإسلامية في حقبة من الدهر للارتقاء في سلم الحضارة المجيدة المثلى، على مقدار التزامها بأسسها ووسائلها ومنهجها السديد، وكانت نسبة الارتقاء الذي أحرزته هذه الأمة نسبة مدهشة إذا ما قيست بالزمن والطاقات التي تيسرت لها حينذاك، واستمرت في ارتقائها المدهش حتى أدركها الوهن والانحراف عن هذه الأسس ووسائلها الفعالة ومنهجها السديد.. لقد ساد تصور غير أخلاقي للحضارة، يطرح فكرة أن كل أعراض الانحلال هي أعراض شيخوخة، والحضارة، شأنها شأن أية عملية نمو، لا بد أن تبلغ نهايتها بعد مرور فترة معينة من الزمن، ولهذا فليس لدينا ما نعمله غير أن نسلم بأن أسباب هذا الانحلال هي أسباب طبيعية تماماً، وعلينا أن نفعل ما في وسعنا للإفادة من ظاهرة شيخوختها هذه الأليمة، التي تشهد بأن الحضارة تفقد تدريجياً طابعها الأخلاقي. فإذا تساءلنا ماذا كانت نتيجة هذا التخلي عن التصور الأخلاقي للحضارة، وماذا كان مصير كل المحاولات التي بذلت من أجل الربط بين الواقع وبين المثل الأخلاقية الناجمة عن التأمل؟ كانت النتيجة أنه بدلاً من استخدام الفكر لإنشاء المثل التي تناسب الواقع، تركنا الواقع بغير مثل على الإطلاق، وبدلاً من أن نناقش معاً العناصر الأساسية، مثل السكان، والدولة، والمجتمع، والتقدم – وهي التي تحدد طابع تطورنا الاجتماعي وتطور الإنسانية عامة – قنعنا بالابتداء مما تعطيه التجربة، ولم يعد يدخل في الاعتبار غير القوى والميول التي تعمل، والحقائق الأساسية والمعتقدات التي كان يجب أن تحدث إلزاماً منطقياً أو أخلاقياً لم نعد نعترف بها، ورفضنا أن نعتقد بأن الأفكار يمكن أن تطبق على الواقع إلا إذا كانت مستمدة من التجربة، وهكذا فإن المثل التي أنزلت قصداً وبعلم إلى مستوى أدنى أصبحت تسود حياتنا الروحية والعالم كله. وبالتخلي عن المثل الأخلاقية التي تصاحب حماستنا للواقع لا تتحسن قدرتنا العملية، ولكن بما أن العنصر الأخلاقي هو العنصر الجوهري في الحضارة، فإن الانحلال يستحيل إلى نهضة بمجرد أن يعود النشاط الأخلاقي إلى العمل من جديد في معتقداتنا وفي الأفكار التي نحاول أن نطبع بها الواقع، والقيام بهذه المحاولة أمر جدير بالسعي إليه، ويجب أن يمتد ليشمل العالم كله. صحيح أن الصعوبات التي تواجه هذه المحاولة صعوبات شاقة لا يقوم بمواجهتها إلا الإيمان الوثيق بقوة الروح الأخلاقية، إلا أنه علينا أن لا نتوانى أبداً في مواجهة هذه الصعوبات، والتمسك حتى النهاية بالضوابط الأخلاقية؛ لأن ارتقاء قمم الحضارة المثلى رهنٌ - أبد الدهر - بالتزام الأسس السديدة ووسائلها ومنهجها. أما في القرون الوسطى، فقد كان معظم المفكرين والفلاسفة الأوروبيين يبحثون الأمور الفلسفية من خلال العقيدة والدين المسيحي، لذلك حددوا علاقة الإنسان بذاته وبما يحيط به، من خلال علاقته بالله، (وقد سعوا إلى كبت الطبيعة البشرية، وفصل الإنسان عن ذاته الإنسانية، وترسيخ اغترابه عنها، وتشتيت قواه، ولجم تطلعاته، وتكريس تبعيته)، وكل هذا لأنهم اعتبروا هذه الطبيعة من الفساد والتشتت بحيث أنها بحاجة إلى تقويم وضبط. لقد دخلت دول أوربا العصور الوسطى جنباً إلى جنب كوريثة للعالم اليوناني والروماني، وعاشت جنباً إلى جنب في اتصال حر كأوسع ما تكون الحرية خلال عصر النهضة وعصر التنوير وعصر الفلسفة الأحدث، وفي حركة التحضر التي بدأت مع عصر النهضة كانت هناك قوى مادية وروحية وأخلاقية تعمل للتقدم جنباً إلى جنب، وكأنما ينافس بعضها بعضاً، واستمرت الحال على هذا النحو حتى بداية القرن التاسع عشر، هنالك حدث ما لم يكن له من قبل نظير؛ إذ تبددت الطاقة الأخلاقية في الإنسان، بينما تزايدت الفتوحات التي قامت بها الروح في الميدان المادي. وهكذا نعمت حضارتنا بالمزايا العظيمة لتقدمها المادي طوال عدة عقود، بينما لم نكد نحس بنتائج انقراض الحركة الأخلاقية. لكننا لم نعد نؤمن أنها – أي دول أوروبا القرون الوسطى – تكوّن هي ونتاجاتها في القارات الأخرى، وحدة حضارية لا تقبل الانقسام، وإذا كانت الفروق في حياتها الروحية قد بدأت في العصر الأحدث تبرز بروزاً واضحاً، فالعلة في ذلك أن مستوى الحضارة قد هبط، فحين يكون ثمة جزر، تتضح الفجوات الفاصلة بين الأمواه العميقة، وحين المد تختفي عن النظر. ويدل على الارتباط الروحي الوثيق بين الأمم التي تؤلف بناء الإنسانية المتحضرة أنها كلها عانت نفس الاضمحلال جنباً إلى جنب. أما حضارة القرون الحديثة التي بدأت منذ أواخر القرن الثامن عشر للميلاد، واستمرت في نموها المادي تمتد وتنتشر من مهدها في أوروبا إلى كثير من بلاد العالم، فأسسها قائمة على تمجيد العلوم المادية، والاستفادة من جميع الطاقات الكونية الكامنة والظاهرة، لخدمة الجسد ومنحه وافر الرفاهية والمتعة واللذة، واختصار الزمن له وتقريب المسافات، وتخفيف الجهد عنه ودفع الآلام الجسدية، وقائمة أيضاً على الرغبة ببسط السلطان على الشعوب واستغلال خيراتها وإعداد القوة الكفيلة بتحقيق ذلك بدءاً واستمراراً. ولذلك نلاحظ أن مظاهر هذه الحضارة الحديثة ذات صلة وثيقة بهذه الأسس، إذ أثمرت لإنسان هذه القرون الحديثة ولمن يأتي من بعده، مجموعة كبيرة جداً من العلوم المادية المتطورة المتقدمة، ومجموعة ضخمة من المبتكرات والمخترعات، التي أفادت الإنسان في مختلف نواحي مطالبه المادية السلمية والحربية، ومجموعة ضخمة من النظم والتشريعات الوضعية، التي ساهمت في تنظيم علاقات الناس أفراداً وجماعات وأمماً وشعوباً ودولاً، كما أثمرت له ذخائر كبيرة جداً من القوى الحربية الدفاعية والهجومية. ولا بد أن يلاحظ الباحثون المنصفون في هذه الحضارة الحديثة، أن أسسها الفكرية غير شاملة لحاجات الحياة كلها، وذلك لإهمالها جوانب مهمة من حياة الإنسان الروحية والخلقية والسلوكية، ولاستهانتها بالجوانب الفكرية العليا، المتصلة بمنشأ الإنسان والغاية من وجوده، فبعض الفلاسفة والمفكرين كالفيلسوف (كنت) أقام فهمه للإنسان على أساس عقلي خالص، واعتبر الإنسان غاية في ذاته بغض النظر عن جنسه أو دينه أو مركزه الاجتماعي، ولذلك وضع مجموعة من المبادئ التي لا تفرض على الإنسان بما هو إنسان، ما الذي يجب أن يفعله، بقدر ما تحلل سلوكه الأخلاقي على نحو ما ينبغي أن يكون، كما وضع أهم قاعدة أخلاقية عرفتها البشرية منذ ظهور الديانات، وهي (افعل الفعل بحيث تعامل الإنسانية في شخصك وفي شخص كل إنسان سواك بوصفها دائماً وفي نفس الوقت غاية في ذاتها، ولا تعاملها كما لو كانت مجرد وسيلة). وذهب بعض المفكرين إلى حد موازنة الأخلاق بالرياضيات، يقول (رنوفيه) (8): (إن بين الأخلاق والرياضيات شيئاً مشتركاً هو أنهما لا توجدان في حالة علم إلا إذا قامتا على أساس مفاهيم محضة خالصة، فالتجربة والتاريخ هما أبعد عن تمثيل قوانين الأخلاق من بعد الطبيعة عن تحقيق الأفكار الرياضية تحقيقاً دقيقاً، ورغم ذلك، فإن هذه القوانين وهذه الأفكار هي أشكال عقلية ضرورية من أجل توجيه الحياة ومن أجل الحكم).فـ (رنوفيه) يظل أميناً على التقليد الكانتي، حين يقابل قوانين الأخلاق بالتجربة وبالتاريخ، ويرى أن الأخلاق أشبه بحقيقة كون لا تاريخ له، كون غريب عن الزمان، كون إذا أضفنا إليه كوننا الإنساني الملازم للتجربة والتاريخ ألفيناه في نظره خطأ وخطيئة وضلالاً. وهو هنا يغفل ما تتميز به الأخلاق - على اعتبارها معرفة – عن سائر المعارف العلمية بأن لكل علم من العلوم موضوعاً يتناول جانباً خاصاً معيناً من جوانب النشاط والفاعلية؛ فسلطان الكيمياء مثلاً لا يجاوز بعض جوانب وجود العالم الكيميائي، ولا يفيض عن بعض هذه الجوانب التي يمكن تحديدها تحديداً موضوعياً، أما الأخلاق فإن موضوعها شامل كلي يتطلع إلى مراقبة فاعلية البشر جميعاً مراقبة تامة موصولة، إنها لا تعترف باختصاص كاختصاص الكيمياء، بل إنها تلح في أن يشمل نطاقها حياة الكيميائي الخاصة، ويجاوزه إلى مجال حياته (التقنية) وعمله العملي، كيما تشرف على وجوده كله إشرافاً كلياً، وقد يتنكب الكيميائي أو العالم عن جادة الشرف في سلوكه كإنسان، أو يحيد عن السلوك الشريف في عمله العلمي ذاته، فيتفق له أن يغش ويخدع في مضمار البحث والتنقيب، أو أن يغش أقرانه ويخدعهم، مثلما يتفق له أن يغش نفسه ويخدعها، وهذا يعني أن من الممكن استخدام كل علم، واستخدام كل صناعة أو (تقنية)، على وجه قد يكون حسناً صالحاً، أو يكون سيئاً طالحاً، ويرجع القول الفصل في ذلك كله إلى الأخلاق التطبيقية، التي تحدد أشكال الواجب بالإضافة إلى الظروف الراهنة المحددة، فينشأ ما يسمى (علم الأخلاق العملية) أو (علم الواجب). وكمثال آخر على ذلك الأخلاق الطبية، فهذه الأخلاق واللوائح التي تمثلها تثير سؤالاً هاماً حول مدى جوهريتها، فهل يمكن اعتبارها معايير ثابتة قابلة للتطبيق في كل زمان ومكان؟ يرى معظم العاملين في مجال الطب، أن هذه اللوائح صالحة ومثالية لنوع العمل الذي يؤدونه، رغم أن ذلك غير واضح في الممارسة العملية. ولكن هذه اللوائح تعرضت لمجموعة من الانتقادات، فقد تحرّم إحداها ممارسة معينة تعتبر فيما بعد أساسية في مجال الطب، فمثلاً (الإجهاض) رغم أنه محرم في (قسم أبقراط) فإنه يمارس في الوقت الحاضر على نطاق واسع، بل إن بعض الأطباء يرون في تحريم الإجهاض انتهاكاً لحرية المرأة ومصلحتها. وهناك بعض اللوائح التي تحمل في طياتها مغالطات تاريخية ومفاهيم أخلاقية غير مقبولة تؤثر على العلاقة الاجتماعية التي تربط الطبيب بالمريض، فمثلاً، يبدأ قسم أبقراط بالتعهد بالولاء والإخلاص لبقية العاملين في نفس المجال، والسبب أن القسم كان قد وضع من أجل مجموعة طبية دينية يربطها نوع من الطقوس، أما فيما يختص بعلاقة الطبيب بالمجتمع فهي غير مذكورة، فهل يمكن أن يشكل سلوك الطبيب بناء على علاقته ببقية زملائه، ونغفل علاقته الإنسانية بالمجتمع؟. ومن الأمور المثيرة للجدل أيضاً في المجال الطبي: (الهندسة الوراثية) التي قدمت بعض الحلول التي لم يكن من السهل الوصول إليها من قبل، ولكن هناك مخاطر لا بد أن توضع في الاعتبار.. فما الذي يمكن أن يحدث لو أن العلماء توصلوا إلى نتائج خاطئة أدت إلى تشكيل مخلوق لا يمكن التخلص منه، أو أن جرثومة خطرة خرجت من المختبر وتكاثرت بسرعة وأدت إلى نشر وباء في العالم، يمكن أن يقضي على البشرية كلها؟. ثم إلى أي حد يمكن أن يصل العلماء في كشفهم عن أسرار الحياة البشرية؟ هل يمكن، مثلاً، تخليق الحياة نفسها؟ ومن هو الشخص أو المؤسسة التي لها الحق في تقرير ما إذا كانت تجارب العلماء آمنة، أو تحمل طابعاً أخلاقياً؟ وإلى أي حد يمكن لتلاعبنا بالجينات وتحكمنا فيها أن يؤثر على نظرتنا لأنفسنا ولموقعنا في هذا الكون؟. لقد وجد الإنسان نفسه يتحول إلى مجرد مجموعة من رموز وراثية يمكن عن طريق حلها معرفة تكوينه الوراثي، ومن ثم السيطرة عليه، وهذا يعني أن قدسية حياته وأسرارها أصبحت عرضة لأن تنتهك، وهنا سيطرت عليه فكرة أثارت الرعب عند الكثيرين من المعارضين، وهي أن مصيره ومصير الأجيال القادمة أصبح في يد العلماء.. فهل يمكن أن نسمح باستمرار مثل هذه التجارب الوراثية، أم أننا يجب أن نمنعها نهائياً؟ وهل الفوائد التي سنجنيها من هذا المجال تكفي لتبرير استمراره؟ أهي تعادل الأضرار المترتبة عليها؟ وهل من حقنا أن نحدد مصير الأجيال القادمة سواء بقبولنا لاستمرار التجارب أو بمنعنا لها؟(9). إن كل هذه الأسئلة ترتبط بموقف الإنسان الأخلاقي من مفاهيم مثل الضمير، والمسؤولية، والوجود الإنساني، وقدسية الحياة، وكرامة الإنسان، وغيرها، فضلاً عن أنها تجعل الإنسان مجرد ظاهرة كونية كغيرها من الظواهر، أو مجرد مجموعة من العناصر الكيميائية. ولكن ما هو موقف الفلسفة من ذلك كله؟ إن الفلسفة لا تستطيع أن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الأخطار، أو أن تكتفي بموقف المتفرج أمام مشكلات بالغة الأهمية على هذا النحو، لذلك لا بد أن تخرج عن إطار (النظر) والتأمل المجرد لتندمج في واقع هذا العالم وتثبت أن لها دوراً في حياتنا ومستقبلنا، كما كانت تفعل دائماً، وأنها متجددة وحيوية ومسايرة للعصر، لذلك فقد أسهمت في هذه المجالات العلمية الجديدة عن طريق (الأخلاق العملية)، لتجيب كثير من التساؤلات التي تثيرها هذه العلوم، والتي ربما لم يجد العالم أو الطبيب الوقت الكافي للإجابة عنها، رغم أنها قد تواجهه وتقلقه كل يوم، ولكن الفلسفة مهمتها أن تساعد الإنسان على أن يجد إجابة عن تساؤلاته، فهل نجحت في ذلك، أم أن المحاولة في حد ذاتها تكفي؟. تثير تكنولوجيا البيولوجيا الطبية مجموعة من الأسئلة الأخلاقية، التي تحتاج الإجابة عنها لتحليل فلسفي، وهي من الأهمية بحيث تتوقف على إجابتها الأحكام الأخلاقية والدينية والقانونية المرتبطة بموضوعات مثل (تكنولوجيا الإخصاب) و (الهندسة الوراثية) و (الاستنساخ الحيوي)، وإن أسئلة مثل: متى تبدأ الحياة؟ وما هي المعايير التي نحدد على أساسها أن الكائن البشري إنسان؟ ومن هو الشخص؟ وأخيراً لماذا تعد حياة الإنسان مقدسة من دون الكائنات؟ تثير موضوعاً ارتبط منذ زمن ليس ببعيد بقضية الإجهاض، الذي سمحت به الحكومات في الغرب، رغم اعتراض رجال الدين المسيحي، ولكن الأمر يختلف الآن، فقد اتسعت الدائرة لتمس أحد المعاقل التي كان يدافع عنها الدين، أعني الإنجاب، الذي تحول إلى عملية تكنولوجية – كما يعتقد البعض – بعد أن كان إنسانياً مائة في المائة، والمهم في الأمر أن المسألة لم تعد مقتصرة على رجال الدين، بل دخلت مجال القانون والتشريع وأروقة البرلمانات ومكاتب السياسيين الذين وجدوا أنفسهم أمام معضلة أخلاقية فلسفية، مما دفعهم إلى طرح المشكلة أمام المجتمع ككل، مستعينين بالفلاسفة ورجال الدين والقانونيين وغيرهم من علماء الاجتماع والنفس. من أجل ذلك فإن هذه الحضارة الحديثة لن تستطيع أن تعطي الصورة المثلى للحضارة الإنسانية الراقية، وربما يكون تقدمها الباهر في وسائل الرفاهية وأعتدة القوة سبباً من أسباب دمارها المذهل إن عاجلاً أو آجلاً. إن التقدم الخلقي في التاريخ يتمثل في تحسن التشريع الأخلاقي بمقدار ما هو متمثل في توسيع الدائرة التي يطبق فيها، فأخلاق الإنسان الحديث ليست بالضرورة أسمى من أخلاق البدائي، ولو أن التشريعين الخلقيين قد يختلفان فيما بينهما من حيث المضمون والتنفيذ والأداء، لكن الأخلاق الحديثة في هذه الأيام تتسع نطاقاً بحيث تشمل عدداً أكبر من الناس عن ذي قبل، ولو أن المدى الذي يطبق في حدوده التشريع الخلقي قد أخذ يضيق منذ العصور الوسطى نتيجة لنشأة القوميات. وكل مجتمع رسخ فيه التمييز بين مراتب الناس يوماً رسوخاً تاماً، كان هناك على الدوام مخططان أو نظامان للأخلاق ساريان في وقت واحد، يمكن أن يسمى الأول الصارم أو المتزمت، والآخر المتحرر، أما الأول فتعجب به وتبجله عامة الشعب بوجه عام، أما الثاني فيلقى تقديراً واعتناقاً أكثر ممن نسميهم المجتمع العصري. النشاط الأخلاقي مرادف لاستعداد الإنسان لأن يفرض على نفسه قاعدة معينة للسلوك، وأن يختار ما يعتبره الأحسن من بين وجوه تصرف عديدة، وأن يتخلص من أنانيته وحقده، إنه يخلق فيه الشعور بالمسؤولية والواجب، وهذه الحاسة الغريبة تلاحظ في عدد قليل فقط من الأشخاص، ولكنها تظل مستترة في أكثر الناس بيد أنه لا يمكن إنكار وجودها. إننا قلّما نشاهد أفراداً يتبعون مثلاً أخلاقياً أعلى في تصرفاتهم في المدنية العصرية... ومع ذلك فأمثال هؤلاء الأفراد موجودون فعلاً... إننا لا نملك إلا أن نلاحظ تصرفاتهم عندما نلتقي بهم... أما الجمال الأخلاقي فاستثنائي وهو ظاهرة ملحوظة جداً... إنه يمنح أولئك الذين يملكونه هبات جليلة الشأن، وقوة عجيبة لا يمكن إيضاحها. يجب على الإنسان أن يفرض على نفسه قاعدة داخلية حتى يستطيع أن يحتفظ بتوازنه العقلي والعضوي، إن الدولة قادرة على فرض القانون على الشعب بالقوة، ولكنها لا تستطيع أن تفرض عليه الأخلاق، فيجب أن يدرك كل فرد ضرورة فعل الخير وتجنب فعل الشر، وأن يرغم نفسه على اتباع هذا المنهج ببذل جهد إرادي. إن العقل، وقوة الإرادة، والأخلاق ترتبط ببعضها ارتباطاً وثيقاً. وعلى هذا فإن القيم الأخلاقية الصحيحة ينبغي أن تعتبر بمثابة مطمح إلى الوجود الإنساني الكامل، ولا يسوغ لها أن تغفل امتداد جذر هذا الوجود إلى المجالات الحيوية والتاريخية والاجتماعية، بل إن الوجود المشخص يرتبط بحال النسج والجملة العصبية ارتباطه باللحظة التاريخية والوضع الاجتماعي. كما أن باحثاً من الباحثين المدققين لم ينس اتصال الحياة الأخلاقية بالعصر ولم يغفل نقص الأخلاق المجردة، وقد ألمح الإغريق القدامى إلى اختلاف العادات الأخلاقية وتباينها، فما يظهر في ثوب الخير والصلاح في مجتمع، يبدو على العكس شراً وطالحاً في مجتمع آخر، وإن كل قاعدة حميدة في وسط لا بد وأن تكون موضع الذم والتحقير في وسط آخر، على الرغم من أن بعض المذاهب الأخلاقية المدرسية الكبرى، كمذاهب (أفلاطون) و (أرسطو) و (كانت)، رامت أن تمثل الأخلاق السرمدية الخالدة، أكثر من تمثيلها أخلاق زمان معين، أو بيئة معينة. ولو صرفنا النظر عن الأصول التاريخية للأخلاق، وجدنا أنها تدعو في جميع الأحوال إلى اعتناق أسلوب من النشاط يعتبر في جملته أنموذج عمل الإنسان في العالم، فلم تقتصر الأخلاق المشخصة، في أي زمان أو مكان، على طائفة من الأوامر الجزئية الخاصة، بل إنها رمت إلى تنظيم التجربة البشرية بحسب إيقاع يهدف إلى غائية شاملة يمثلها تقارب أحوال السلوك من حيث إسهامها في كل واحد، ولذا فإن الأخلاق اضطلاع المرء بذاته، واضطلاعه في الوقت عينه بالكون كله، وإن منطلق دراسة التجربة الأخلاقية بجملتها إنما يمثل في دراسة الشروط العامة لوجود الإنسان الذي يثبت ذاته في العالم، وهذه الدراسة لا تنجز إلا إذا رقينا بالبحث إلى الكشف عن الجهد الذي تبذله الذات في سبيل التعبير عن كيانها وعن تحقق هذا الكيان في الواقع الراهن. وهنا من الجائز تلخيص مفهوم الأخلاق بكونها طرازاً من النظر إلى جهد الإنسان في الإعراب عن ذاته في العالم، إنها رغبة تتطلع إلى النظام وإلى الاتساق، وتهدف إلى فهم السلوك البشري فهماً باطنياً، والحق أن الإنسان ما كاد يسيطر على ضرورات التجربة المباشرة ويعيد تأليفها في الذهن، حتى شعر بأمنية تدفعه إلى الرغبة في اتساق عام يشمل سلوكه بأسره، يشمل الاتساق بين وجوده ووجود الآخرين، والاتساق مع النظام الاجتماعي أيّاً كان شكله، بل الاتساق مع الكون الذي يكتنفه من كل جانب. وهذا النمو الأخلاقي كله ينطلق من البذرة، من الاختيار البدئي الذي يخولنا أن نتجه بالأخلاق إما لجهة التجريد والتسويغ العقلي فنقذفها خارج العالم، وإما أن نتجه بها – على العكس – في منحى الواقع البشري ونقيمها وسط الالتزامات المشخصة التي تسيّر فعاليتنا وتهيمن عليها، والحق أننا لا نستطيع دراسة العمل من حيث أصوله المشخصة الراسخة إلا إذا درسنا شروط تأكيد الشخص ذاته، وجانبنا انقطاع القيم المحايثة للسلوك عن تعاليم الأخلاق، وبتعبير آخر: إذا رضيت الأخلاق أن تفصل وجود الإنسان الراهن عن وجوده كما ينبغي، حكمت على نفسها حكماً مبرماً بأن تظل في موقف خارجي نهائي. لقد سعت الفلسفة من خلال دراسة (الأخلاق) إلى فهم الإنسان ومكانته، وقد اختلف اهتمام الفلاسفة بالإنسان من عصر إلى آخر، ولكن الهدف كان دائماً هو الارتقاء بالإنسان من المستوى الحيواني إلى أعلى درجات الرقي الفكري والروحي بمقدار ما تسمح قدراته وملكاته. والإحساس الصادق بالواقع هو تلك النظرة النافذة التي تقول أنه بالمثل الأخلاقية المتعقلة وحدها يمكن الوصول إلى علاقة سوية بالواقع، وبهذا الطريق وحده يمكن للإنسان والمجتمع أن يكتسب كل القوة التي يمكن استعمالها في السيطرة على الأحداث، وبدون هذه القوة نسلم أنفسنا لاستعبادها، مهما حاولنا. إذن لا يمكن للحضارة أن تتجدد إلا إذا نشأت في عدد من الأفراد نزعة عقلية جديدة مستقلة عن تلك السائدة بين الجمهور وفي تعارض وإياه، نزعة عقلية تكتسب التأثير تدريجياً على النزعة الجماعية، وفي النهاية تطبعها بطابعها، ولا سبيل إلى النجاة من الهمجية إلا بحركة أخلاقية(11). |
المصادر: |
(1) قصة الحضارة: ويل ديورانت، ج1 – ص3. (2) تاريخ الفلسفة العربية: حنا الفاخوري، خليل الجر، ص94. (3) بحوث في نظام الإسلام: مصطفى البغا، ص459. (4) المصدر السابق: ص360. (5) قصة الحضارة: ج3، ص85. (6) مجلة المعرفة: العدد 378، ص112. (7) تاريخ الفلسفة العربية: ص164. (8) القيمة الأخلاقية: د.عادل العوا، ص16. (9) الهندسة الوراثية والأخلاق: تأليف: ناهدة البقصمي، عالم المعرفة، ص56 – 99. (10) الحضارة الإنسانية بين التواصل والصراع: مقال سابق، مجلة النبأ، العدد 62. (11) فلسفة الحضارة: ألبرت اشفيتزر، ترجمة: د.عبد الرحمن بدوي، دار الأندلس، ص62. |