مجلة النبأ

 

اخترنا لكم

كلفة تأمين المياه لجميع سكان الأرض تعادل نصف ما ينفقه الأميركيون على حيواناتهم الأليفة

ذكر خبراء في تقرير حول المياه نشرته ثلاث من الوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة أن حصول سكان العالم على المياه وتأمين نظام صحي سيكلف سنوياً نصف ما ينفقه الأميركيون لإطعام الحيوانات الأليفة التي يقومون بتربيتها وعشر ما تنفقه أوروبا سنوياً على المشروبات الكحولية.

وقال ريتشارد جولي رئيس مجلس التشاور لتأمين المياه والصرف الصحي الذي يتخذ من جنيف مقراً له أن (تزويد العالم بأسره بالمياه وتأمين نظام صحي للجميع سيؤدي إلى نفقات إضافية تقدر بعشرة مليارات دولار سنوياً أي عشر ما تنفقه أوروبا سنوياً على المشروبات الكحولية أو يساوي ما تنفقه لشراء الحلويات المثلجة ونصف ما ينفقه الأميركيون لإطعام الحيوانات الأليفة التي يقومون بتربيتها).

وقد اشتركت في إعداد التقرير منظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (يونيسيف) ومجلس التشاور.

وقال معدو التقرير أن مليارين وأربعمئة ألف شخص (لا يملكون اليوم وسائل الصرف الصحي المقبولة) ومليار ومئة ألف (غير مرتبطين بنظام حديث لتوصيل المياه) وخصوصاً في المدن الصغيرة والمناطق النائية.

ومن أصل أربعة مليارات وتسعمئة ألف شخص مرتبطين بأنظمة لتوصيل المياه، هناك حوالي ثلاثة مليارات غير مرتبطين بشبكة أو يملكون صنبوراً للمياه لديهم.

وأشار التقرير إلى وجود (فارق هائل بين المبالغ التي تستثمر في الخدمات المقدمة للمدن وتلك التي تستخدم لتأمين خدمات للأكثر فقراً).

ورأى جولي أن الأهداف التي وضعتها قمة الألفية في نيويورك في أيلول الماضي ما زال يمكن تحقيقها وتأمين المياه لنصف السكان المحرومين منها حتى عام 2015 ولجميع أنحاء العالم في عام 2025.

وقال: (إن المسألة ليست مرتبطة بالموارد بل بالأولويات والإرادة السياسية)، موضحاً أن الحرمان من هذا الحق في المياه(فضيحة لعالم يملك أكثر من ثلاثين ألف مليار دولار من الموارد).

وذكر خوسيه هوب الذي يعمل في منظمة الصحة العالمية أن هذا الوضع يؤدي إلى ظهور أربعة مليارات إصابة بالإسهال سنوياً تنتهي مليونان ومئتا ألف منها بالوفاة، مشيراً إلى أن عشرة في المئة من سكان الدول النامية مصابون بالديدان المعوية.

وأضاف أن (ثلث عمليات تزويد المدن بالمياه يعمل بصورة متقطعة) في الدول النامية، وهذا المعدل يصبح النصف في آسيا. وأوضح أن الهدر في هذه المدن الكبرى يبلغ 40% بسبب سوء الإدارة.

أما بالنسبة للمياه المستخدمة فلا تتم معالجة اكثر من كمية ضئيلة منها، وهذا ما ينطبق على 35% من المياه المستخدمة في آسيا. وفي أفريقيا لا تعمل 30% من أنظمة التزويد بالمياه أبداً، وسيزداد عدد سكان الأرض حتى 2015 بنحو مليار نسمة وخصوصاً (في أوساط المدن المهمشة التي لا يتمتع وجودها الإداري باعتراف)، حسبما ذكر ميشال سان لو من اليونيسيف.

ويذكر أن عدد سكان العالم يبلغ حالياً ستة مليارات نسمة؛ ودان نقص التنسيق بين المؤسسات سواء بين وكالات الأمم المتحدة أو على المستوى الوطني، مشيراً إلى (وجود عشر وزارات أو 15 وزارة تعالج مشكلة المياه في بعض الأحيان).

وقال التقرير أن هناك فارقاً بين مياه الشرب (التي لا تشكل أكثر من واحد إلى خمسة في المئة من استهلاك المياه ولا تتمتع بأي دعم والزراعة التي تمتص ما بين سبعين وتسعين في المئة من استهلاك المياه وتتمتع بدعم).

وقال التقرير أيضاً أن 47 بلداً تمكنت من إيصال المياه إلى أكثر من تسعين في المئة من سكانها بينها 11 في آسيا ـ ومنها بنغلادش ـ وستة في أفريقيا و21 في أميركا اللاتينية.

لماذا يعيش 100 مليون طفل في شوارع العالم؟!

( متسولون، نشالون، ماسحو أحذية، وغاسلو سيارات.. )

يعمل مئة مليون طفل أو يعيشون في شوارع العالم بينهم أربعون مليوناً في أميركا اللاتينية وما بين 25 و30 مليوناً في آسيا وعشرة ملايين في أفريقيا، وفق تقديرات المنظمات الدولية.

ويشكل (الأطفال في الشوارع) وهم متسولون ونشالون وماسحو أحذية أو غاسلو سيارات يعملون في الشوارع ويقيمون مع عائلاتهم، 75 في المئة من هؤلاء قاصرين.

أما الـ25 في المئة الآخرون أي (أطفال الشوارع) فهم يبيتون فعلياً في الشوارع، بحسب الإحصاءات الأخيرة لمنظمة (كاسا اليانسا) غير الحكومية التي تهتم بتقديم المساعدة إلى الأطفال المعوزين في أميركا اللاتينية.

وأشارت منظمة (أدنيكا) المكسيكية غير الحكومية إلى وجود 140 ألف طفل ومراهق (يستخدمون الشوارع والساحات العامة لتأمين حاجاتهم الأساسية).

وقد سجلت العاصمة المكسيكية وحدها زيادة بنسبة (20 في المئة في عدد الأطفال الذين يعملون في الشوارع بين 1992 و1995) أي ما مجموعه أكثر من 13 ألف قاصر. وأوضحت (كاسا اليانسا) أن (ثلاثة أطفال من أصل عشرة في شوارع العاصمة يكافحون من أجل البقاء).

وأفاد تقرير صادر عن صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف) أن هناك (مئتي ألف طفل على الأقل يبيتون في الشوارع في البرازيل وأن عدد الأطفال الذين يعيشون في ظروف خطرة أو في البؤس أعلى بكثير ويمكن أن يكون 44 مليوناً) وأشارت (كاسا اليانسا) إلى أن (ظاهرة الأطفال في الشوارع ترتفع مع تزايد عدد السكان في العالم الثالث).

وشهدت السنوات الأخيرة تزايداً مقلقاً في عدد الأطفال دون سن السادسة الذين يعيشون في الشوارع مع أهلهم.

وتتعدد الأسباب وراء تلك الأوضاع المأساوية وفي مقدمتها التوزيع غير العادل للثروات وتسارع وتيرة توسع المدن والعنف العائلي والحروب الأهلية والكوارث الطبيعية التي تخلف الكثير من الأيتام.

وأوضحت منظمة (ميديكوس موندي) غير الحكومية أن أطفال الشوارع يشكلون شريحة من السكان معرضة لشتى أنواع الاستغلال (التي باتت خبزهم اليومي كالجوع والبغاء والضرب والمخدرات والتوقيف والموت العنيف). وأعدت (كاسا اليانسا) برنامجاً لإعادة دمج هؤلاء الأطفال في المجتمع وهو يشمل تأمين السكن المجاني والتدريب المهني وتقديم المساعدة القانونية.

مليون ونصف فرنسية ضحايا عنف الأزواج

أظهرت أول دراسة فرنسية متكاملة عن أن مليون ونصف مليون امرأة يتعرضن للعنف الجسدي والمعنوي من قبل الأزواج، وقد أعلنت (نيكول بيري) وزيرة حقوق المرأة خلاصة هذه الدراسة التي تضمنها تقرير هو الأول من نوعه، أن ثمانية وأربعين ألف امرأة يتعرضن للاغتصاب في فراش الزوجية، وتبين أن الأغلبية يتكتمن على هذه الممارسات ولا يتقدمن بشكوى إلى الشرطة ضد الأزواج حرصاً على الحياة الزوجية، حيث توجد فرنسية واحدة من بين كل عشر فرنسيات ضمن قائمة ضحايا عنف الأزواج.

ولفتت الانتباه إلى أن الأزواج الذين يرتكبون العنف ينتمون إلى مختلف الشرائح الوظيفية بدءاً من أصحاب الوظائف العليا ووصولاً إلى الحرفيين البسطاء، والواضح أنه كلما ازداد المستوى المعيشي للزوجين المعنيين ارتفاعاً، كلما زادت معاناة المرأة، فحين تتعرض الزوجة للضرب داخل فيلا أو منزل منعزل تبقى مشكلتها طي الكتمان، لأنها لا تجرؤ على الشكوى فضلاً عن أن صراخها يذهب أدراج الرياح لعدم وجود سكان مجاورين، أما الزوجات اللائي يعشن في المساكن الشعبية، فإن صراخهن المنبعث تحت وطأة ضرب الأزواج يمكن سماعه بسهولة من قبل الجيران وعلى امتداد عدة طوابق في البنايات الآهلة بالسكان، ومن ثم يحيطون الشرطة علماً.

ووضعت الدراسة الزوجات الطالبات والعاملات في العمل في مقدمة ضحايا العنف، وحددت الشريحة السنية الممتدة بين عشرين وخمسة وعشرين عاماً باعتبارها الأكثر تعرضاً للعنف الذي يطال بنسبة أخف الزوجات حتى سن الستين، وصنفت الدراسة العنف عبر سلوكيات معينة مثل السباب والابتزاز العاطفي والضغوط النفسية والاعتداء الجسدي والجنسي وسلوكيات أخرى، وتأكيداً لمعاناة المرأة الفرنسية قالت (ماريز لاسبار) الباحثة المشرفة على الدراسة: (لقد خضنا معركة قاسية من أجل الخروج بهذه الدراسة التي استغرق إعدادها عاماً كاملاً).

وذهبت الدراسة إلى أنه من بين العينة المختارة تعرضت نسبة 44 بالمئة لاعتداء جسدي من الأزواج سواء في البيت أو الشارع بل وحتى في العمل، وتعادل هذه النسبة ما مجموعه ستمائة ألف امرأة في فرنسا، وكانت المفاجأة هي أن نسبة 70 في المئة من اللاتي تعرضن للعنف من بين أفراد العينة اعترفن بذلك لأول مرة في حياتهن.. وقالت نسبة 13 في المئة فقط أنهن تقدمن بشكوى إلى أقسام الشرطة، لكن هذه النسبة تتعلق بضحايا العنف داخل البيت، أما اللائي تعرضن له في الطريق العام فإنهن يبادرن بالشكوى إلى أقسام الشرطة وإن ظلت النسبة فقط 47 في المئة، وبقيت أغلبية الضحايا في الحالتين (العنف في المنزل أو في الطريق العام) تؤثر الصمت وكتمان الآلام دون البوح بها.

الموظفون يعانون..

الضغط النفسي والاكتئاب مرضان مكلفان خلقتهما التكنولوجيا الحديثة

مع تزايد التكنولوجيا الحديثة وما يتطلبه من تأهيل العاملين وتدريبهم على مواكبة هذا التطور الذي أدى إلى تسارع وتيرة العمل واحتدام المنافسة، ارتفع معدل الإصابة بالأمراض العصبية والنفسية التي رفعت بدورها قيمة تعويضات الإقامة الصحية، كما أفادت دراسة أعدها مكتب العمل الدولي، وشملت الدراسة خمس دول هي الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وبريطانيا وفنلندا وأخيراً بولندا التي تمرّ بمرحلة انتقال إلزامية لاقتصاد السوق من أجل انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، وقد اختيرت هذه الدول كعينة تمثيلية على صعيد التشريع والخدمات الصحية والحلول المقدمة للمشاكل النفسية، وفي تلكم الدول يعاني موظف من كل عشرة من التوتر العصبي أو ضغط الدم أو القلق، مما يعرضه إما لدخول المستشفى أو ترك العمل، وأضافت دراسة مكتب العمل الدولي أن دولاً عدة تشهد تزايداً كبيراً لحالات التقاعد المبكر الناجم عن مشاكل أو اضطرابات نفسية، إلى حد باتت معه السبب الأول لتعويضات الإعاقة الصحية.

وقدر المكتب كلفة المشكلات النفسية في دول الاتحاد الأوروبي بما يتراوح بين 4.3 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي، وباتت الطبقة العاملة من السكان أكثر تعرضاً للإصابة بالانهيار العصبي، ففي ألمانيا تعتبر الأمراض العصبية مسؤولة عن 77 في المئة من حالات التقاعد المبكر عن العمل، وأضافت الدراسة أن فترة التوقف عن العمل الناجم عن الأمراض العصبية تزيد مرتين ونصف المرة عن غيرها من الأمراض، كما إن الخسارة في حجم الإنتاج السنوي الناجمة عن مثل هذا النوع من التوقف عن العمل تقدر بأكثر من خمسة مليارات مارك ألماني، وأشارت إلى أنه في تلك الدول يتعين على الموظفين مواكبة العديد من التقنيات الجديدة ووسائل تنظيم العمل لمواجهة الزيادة المستمرة لمتطلبات السوق، وبما أن ثورة تكنولوجيا المعلوماتية زادت من المنافسة إلى حد كبير، فقد أصبحت حالات الاكتئاب والتوتر العصبي أكثر انتشاراً؛ ففي الولايات المتحدة يعاني واحد من كل عشرة في سن العمل من التوتر العصبي، مما يشكل خسارة سنوية بقيمة مئتي مليون يوم عمل، وفي بريطانيا يعاني ثلاثة موظفين تقريباً من أصل عشرة سنوياً من مشكلات نفسية، وفي بولندا يمكن تفسير تزايد أعداد الذين يتلقون علاجاً نفسياً بالتحول الاجتماعي والاقتصادي الذي تشهده البلاد وارتفاع حالات البطالة وعدم ثبات الوظائف، وفي فنلندة أدى الركود في مطلع التسعينات إلى توقيع عقود عمل قصيرة الأمد بالإضافة إلى زيادة أوقات العمل مما أثر على الشريحة العاملة من السكان.

وأمام تزايد كلفة هذا النوع من الأمراض، بدأ أرباب العمل يعون بشكل أفضل خطورة العمل وهم يقومون حالياً بوضع برامج تساعد الموظفين على حل مشكلاتهم المهنية والعائلية والشخصية، وتوفر بالفعل بعض الشركات الألمانية وسائل للاسترخاء وتمارين نفسية وأخرى سلوكية من أجل تعزيز الثقة بالنفس وتحسين العلاقات بين الأشخاص، وكان 63 في المئة من الموظفين اليابان أشاروا في العام 1997 إلى أنهم يعانون من القلق والتوتر العصبي في العمل.

وشهد شاهد من أهلها

جنرالان فرنسيان نادمان على ما اقترفاه بالجزائر

في أعقاب نحو أربعة عقود على استقلال الجزائر، اعترف عسكريان فرنسيان متقاعدان من جنرالات الجيش الفرنسي، بان التعذيب والمحاكمات الإيجازية والإعدامات الميدانية كانت ممارسات شائعة في الجزائر إبان الاستعمار الفرنسي للبلاد.

وقال الجنرال المتقاعد (جاك ماسو) الذي قاد القوات الفرنسية خلال معركة الجزائر الشهيرة عام 1957 في حديث صحفي: (ينبغي لفرنسا أن تعترف باستخدامها كافة أنواع التعذيب أثناء تلك الحرب، وأن تدين ما أتت به من أفعال مشينة بحق الجزائريين إبان تلك الفترة)، وقال الجنرال ماسو لصحيفة (لوموند): (التعذيب شيء بغيض من الناحية الأخلاقية، أعتقد أن الاعتراف والإدانة لما حدث سيكون إيجابياً)، وكان ماسو الذي يبلغ من العمر الآن 92 عاماً قائداً لمنطقة الجزائر في أوج حملة التفجيرات التي قام بها وطنيون مسلمون جزائريون ضد المستوطنين الأوروبيين خلال حرب الاستقلال الجزائرية بين عامي 1954-1962م، وتلقى ماسو الأوامر بالقضاء على خلايا المقاومة بأي وسيلة وأثار استخدام قوات المظليين للتعذيب بشكل دؤوب تحت قيادته عاصفة من الخلافات في فرنسا، وصرح أحد معاونيه السابقين وهو الجنرال المتقاعد (بول أوساريس) لصحيفة لوموند بأنه قتل بنفسه 24 من المشتبه بأنهم من قادة المقاومة، وأضاف أن نحو ثلاثة آلاف شخص آخرين قتلوا وأخفيت جثثهم، وحسمت معركة الجزائر لصالح ماسو لكن الرئيس (شارل ديجول) قرر أن تنسحب فرنسا من الجزائر التي حصلت بعد ذلك على استقلالها في يوليو عام 1962، وكانت لوموند وصحيفة لومانتيه الشيوعية تعارضان سياسة باريس إبان الحرب الجزائرية وبدأتا في الآونة الأخيرة حملة تدعو لأن تقرّ فرنسا رسمياً بما فعلت في حروبها الاستعمارية وتدينه، وطالب نواب شيوعيون في البرلمان الفرنسي بتشكيل لجنة رسمية للتحقيق في استخدام التعذيب خلال حرب الجزائر على أن تكون لها الصلاحيات لاقتراح أسلوب مناسب لتعويض الضحايا، وقال الطلاب الشيوعيون في بيان: (سيساهم عملها في إدانة التعذيب وسيكون عملاً سياسياً أخلاقياً).

وقال ماسو انه لا ينبغي إلقاء اللوم على عاتق الجيش الفرنسي الذي خدم بين صفوفه لأكثر من 40 عاماً مشدداً على أن الأوامر الصادرة بالقضاء على خلايا المقاومة بأي ثمن إنما أصدرها السياسيون.

أسئلة محيرة تحدد مستقبل العلم.. ينشغل بها كبار العلماء

يقول العلماء بأن من الخطأ الظن أن للعلم هدفاً نهائياً يمكن بلوغه، لأن وظيفة العلم الأساسية لا تكمن في اكتشاف الحقيقة المطلقة، بل في إثراء معارف الإنسان حول مجموعة متصلة من الحقائق التي لا نهاية لها، ودليل ذلك أن العلماء ما زالوا يواجهون عدداً من الألغاز والأسرار الطبيعية التي يقفون أمامها حيارى، ومن ذلك مثلاً التساؤل: هل يمكننا اكتشاف ينبوع الشباب الدائم؟! وهل سنتمكن من علاج السرطان؟! وهل سنتوصل إلى التغلب على ظاهرة الموت؟ وهل سنتمكن من ابتداع الحياة الاصطناعية؟ وأين تكمن الروح؟ وهل سرعة الضوء هي السرعة الحدية التي لا يمكن تجاوزها؟ وهل هناك مخلوقات ذكية أخرى في الكون؟ وهل يمكننا السفر عبر الزمن؟!...

يقول الكاتب العلمي الأمريكي (جيم ويلسون): (بالرغم مما يغلف هذه الأسئلة من غموض، فإن هناك الكثير من القرائن والأدلة التي تؤكد بأنها ستجد الجواب الشافي عنها في غضون العقود القليلة المقبلة، أو خلال القرن الواحد والعشرين، وتنبع ثقتنا في قدرات الإنسان على الاكتشاف من إيماننا بالتكنولوجيا بعد أن أصبحت الأدوات العلمية التي يحتكم إليها العلماء والباحثون أكثر حساسية وفعالية بألوف المرات مما كانت عليه قبل بضع سنوات فحسب).

وبالرغم من وجود نقاط أساسية في أطروحات ويلسون نختلف فيها معه، ومنها إيماننا القاطع بأن العلم لن يهتدي أبداً إلى طريقة لاكتشاف مغزى الروح أو معناها أو مكان وجودها، ويقيننا من أن العلماء لن يتمكنوا من اكتشاف ينبوع الشباب والتغلب على ظاهرة الموت، فإننا نتفق معه في أطروحاته الأخرى؛ بمعنى اكتشاف دواء للسرطان، أو العثور على أقوام ذكية تستوطن كواكب النجوم البعيدة، وهي أمور محتملة وقابلة للحدوث ولا تندرج في إطار المعجزات الخارقة بأي حال من الأحوال، وليس هناك ثمة شك في أن الانفجار الهائل في قدرات الحواسيب الحديثة فتح آفاقاً جديدة وواسعة أمام العلماء للبحث المنهجي الفعال عن إجابات لبعض هذه الأسئلة وخاصة من خلال تقنيات النمذجة والمحاكاة الحاسوبية، ويضاف إلى ذلك أن تطور أدوات القياس والرصد أثرى مخزون العلماء من المعلومات والبيانات الجاهزة للتفاعل مع بعضها البعض لفتح آفاق استكشافية لا عهد للإنسان بها على الإطلاق، ومثال ذلك أن الصور التي وصلت من كوكب المريخ قبل بضعة شهور فحسب أظهرت أنه كوكب جاف تماماً ولكن سرعان ما أظهرت صور أخرى ملتقطة بواسطة مراصد أكثر دقة بأن المريخ يتضمن ماءً سائلاً تحت سطحه، وعلى خط متواز تمكن علماء الفلك باستخدام مراصد أكثر قدرة على سبر أغوار الكون من اكتشاف مادة السكر العضوية في أطراف النجوم البعيدة، ويعد السكر من المواد التي تدخل في تركيب الوحدات البنائية للحياة، وهذا ما عزز لديهم الاعتقاد بوجود صور الحياة في التخوم المجاورة لهذه النجوم، ويذهب بعض العلماء المعاصرين في تفسيرهم لبعض أمور وظواهر الكون مذاهب أخرى تنطوي على شيء من الشطط العلمي ولا يعوزها الإغراق في التخيل والابتداع؛ ومن ذلك مثلاً ما ذهب إليه بعضهم من أن الكوزرات أو أشباه النجوم الصغيرة، التي تدعى أيضاً (منارات الكون) لأنها تضيء وتنطفئ وفق دور زمني ثابت وكأنها منارات إرشاد السفن، ربما كانت من صنع أقوام ذكية تستوطن المجرات البعيدة!.

وفي الطب بدأ الأطباء يعاملون الشيخوخة وكأنها مرض بدلاً من كونها ظاهرة طبيعية محتومة لا مراء فيها، وراحوا يحضرون لها الأدوية والعقاقير والعلاجات، ويرى بعض علماء الطب بأن أنواع السرطان التي يقدر عددها بمئتي نوع، تشترك جميعاً في المقدمات والأسباب التي تجعل بإمكان الإنسان منع حدوثها أو معالجتها، وربما كان الطرح الأكثر غرابة في هذا الصدد هو ذلك الذي صدر عن مجموعة من علماء الأعصاب عندما صرحوا بأنهم عثروا على الخلايا الدماغية المسؤولة عن ترسيخ المشاعر الدينية في رأس الإنسان! وعبروا عن اعتقادهم بأن هذه الخلايا هي (مسكن الروح)!.

ودعنا الآن نلقي نظرة على مناحي البحث التي ينتهجها العلماء في محاولة التوصل إلى (خلق الحياة الاصطناعية!) وكأن الشيء الذي أوحى بهذا التوجه هو ابتكار الأدوات المصغرة في إطار ما يعرف بالتكنولوجيا النانويةNano-technologyجاء اسمها من كلمة نانو اللاتينية التي تعني جزء المليار، وفي التطبيقات العلمية لهذه التقنية يسعى العلماء لبناء آلات تافهة الحجم بطريقة لصق الذرات واحدة بالأخرى حتى يتم تركيب أصغر الآلات القادرة على أداء مهمات معينة، ولقد فضل خبراء قسم (زيروكس) للبحوث التابع لشركة (آي بي إم) الأمريكية الشهيرة لصناعة الحواسيب من الذهاب إلى أبعد من ذلك عندما عمدوا إلى محاولة دفع مثل هذه الآلات المصغرة لبناء نفسها بنفسها استناداً إلى تقنيات البرمجة المتقدمة والمعقدة، وبحيث تتكفل كل آلة بأداء عمل خاص بها! ولكن قد يتساءل المرء: ما علاقة هذه التقنية بتركيبة الحياة الاصطناعية؟!.

ويجيب العلماء عن ذلك بالقول بأنه إذا أمكن محاكاة الطريقة البنائية للجزيئات التي تتألف منها الخلايا الحية ذرّة بجانب أخرى، فسوف يكون في وسعنا بناء أشكال جديدة من الأحياء لا عهد للإنسان بها على الإطلاق!!. وحتى تكتمل المهمة الواهمة، يبقى شرط وحيد (تركيب الروح في هذه الأحياء!) وهذا بلا شك ما لن يتمكن العلماء من تحقيقه مهما تطورت أجهزتهم وأدواتهم، وهكذا فمن المؤكد أن نصف الأسئلة (على الأقل) التي يطرحها العلماء حول مستقبل العلم، سوف تبقى بلا جواب على الإطلاق.