على أمل اللقاء |
القصور الرملية |
قصور رملية.. يبنيها صبية صغار في الخامسة من العمر بكل شوق ولهفة.. على شاطئ البحر.. تملك عليهم وجودهم بأكمله.. وتتحول بعد قليل إلى (مادة) لحوار يتطور إلى مشادة؛ أي قصر أجمل..؟ أي قصر أقوى..؟ أي قصر هو ذلك القصر الخالد..؟ لحظات.. وتتحول القصور المشيدة إلى أطلال خربة أصابتها رفسات غاضبة.. هل هذه هي حياتنا الدنيا؟! وهل أننا بكل ما نملك من عقل وحكمة ودهاء وتجربة لا نعدو في منظار (الأولياء) و(الأبدال) أولئك الصبية الأغرار..؟ نتنافس على مال فانٍ أو شهرة كاذبة أو رئاسة عابرة.. وإن امتدت لتغطي مساحة نصف قرنٍ من الزمن.. ليت الأمر كان كذلك..! وليتنا كنا كأولئك الصبية نعبث ببراءة ونصطرع في مساحة حرة.. في غفلة من الزمن.. في الفسحة الممنوحة من الرب والعقل.. كلا.. وألف كلا.. إن حياتنا الدنيا بكل ما تحمل من آمال وأماني ولذائذ وشهوات، ليست إلا ذلك السراب البعيد.. البعيد.. ذلك السراب.. الخادع.. الغادر.. القاسي.. والقاتل أيضاً.. وما أدق تعبير الذكر الخالد (كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده فوفّاه حسابه) وما أروع الصورة التي يرسمها أمير المؤمنين (ع) وقد مرّ على قَذَر في مزبلة، فقال: (هذا ما كنتم تتنافسون فيه بالأمس!!) أو (هذا ما بخل به الباخلون!!). ثم ما أروعه وهو يقول: (واعلموا أنه ليس لأنفسكم ثمن إلا الجنة).. وليتنا ندرك عمق هذه الكلمة.. وليتنا (نعيشها) و(نتمسكها) في أعماق ذواتنا كل يوم وكل ساعة.. بل وكل لحظة.. ليذوب الحرص والجشع والأثرة والأنانية والغلو والاستعلاء.. ولتختفي من قواميس حياتنا الغيبة والتهمة والنميمة.. والحقد والحسد والبغضاء.. ولتصفوا ضمائرنا من الرياء والسمعة وحب الشهرة والرئاسة.. والعجب والغرور والكبرياء.. ولتسموا أرواحنا تحلّق في فناء الملكوت فوق غار النور وفي ظل عرش ربّ الكائنات.. ولتتحول حياتنا الدنيا إلى جنة أرضية تشرق عليها أنوار الرب في ظل خاتم الأوصياء وربيب السماء المهدي المنتظر (عج) الذي يجسد البشارة السماوية الكبرى (وأشرقت الأرض بنور ربها..). |
السيد مرتضى الشيرازي |