النبأ العدد 53 شوال 1421 كانون الثاني 2001
|
استباق الزمن ورحلة الروح |
مضى شهر رمضان ولكن قيمه بقيت راسخة في قلوب أولئك الذين استثمروا هذا الشهر الفضيل في بناء كمالاتهم، فالزمن يرحل والإنسان يتصاعد في اتجاه معاكس، ومن لا يرى الحياة بجدية وينظر إليها بغاية وعلّة يجرفه تيار الزمن إلى الماضي المظلم؛ ونحن نتجاوز الزمن في رحلتنا المستمرة نحو الله سبحانه وتعالى. يقبل إلينا شهرا ذو القعدة وذو الحجة وقبلها تتجول في ذكرياتنا صور جميلة نستحضر فيها قيم الإسلام العظيمة التي تتحقق في شعائر الحج العظيم، صور ترسخت في أعماقنا فخلفت في أفكارنا إشعاعات مضيئة لمبادئ وقيم سامية خلّدتها الحياة لأنها لا تحدّد بزمان ومكان. في رحلتنا المستمرة نحو المستقبل تبدأ رحلة الإنسان إلى ربه ليبدأ ولادة اجتماعية جديدة بعد ولادة روحية وأخلاقية في شهر رمضان. في شعائر الحج يخلع الإنسان كل ما يشوب جسمه وقلبه وروحه من تراكمات أضنت نفسه حتى أصبحت ركاماً عاطلاً عن الحياة والإنسانية. يتواضع إلى ربه فيخرّ على التراب شاعراً بعبوديته المطلقة لله، يزدلف إلى شعائر العبودية ليستشعر مع إخوانه عظمة الأخوة الإيمانية والتلاحم والوحدة والتعاون، يطوف حول أطراف الكعبة في صفوف مترابطة متماسكة، ليذعن أنه واحد لا يتجزأ ولا يتفوق على الآخرين إلا بتقواه وعمله وسعيه. إنه يوقن هناك أن الحياة لا يربحها إلا بالسعي والجهد والكدح، أما الخاملون فهم من اختاروا طريق الفشل. نحن في انتظار تلك الأيام تسابق أرواحنا أجسامنا محاولة اختراق الزمن للوصول إلى مرضاة بارئها. |
اللهم ارزقنا حج بيتك الحرام في عامنا هذا وفي كل عام. |
أسرة التحرير |