مجلة النبأ      العدد  52      شهر رمضان  1421      كانون الاول  2000

 

القرآن

ملف العدد

ــــــــــــــــــــــــ تكامل الشريعة ومنهاج الحياة ــــــــــــــــــــــــ

عبد الكريم الحائري

 

قصص من القرآن

حقيقة الحياة

القرآن حياة لا موت فيه

قوانين الحياة كلها في القرآن

دعوة إلى الأمة المثالية

صلاح المستقبل بالقرآن

حث الكتاب الكريم والسنة المطهرة على العلم

 العلم في القرآن أعم من علوم الشريعة وعلوم الطبيعة

مقدمة

إن القوانين المشرعة من قبل البشر قد تبتلى بالتغيير الدائم بما يناسب الوضع السائد في تلك الدولة ومجتمعها ويختلف ذلك باختلاف الثروات الطبيعية وثقافة البلد والوضع السياسي في كل دولة عن دولة أخرى.

وتصور بعض المثقفين من الطبقة المتدينة أن ذلك جار حتى في القرآن الكريم!!

قد نرى أن القافلة البشرية تسير نحو التقدم والرقي الظاهري ومن جهة أخرى نرى عدم ثبات الديانات السابقة وعدم إمكانها لاستجابة المتطلبات الجديدة وعدم بقاء كتبهم على ما كانت عليه بل دخلت فيها أيدٍ وأهواء فلم تعد فيها تلك الطراوة فمن ذلك حصل التصور الخاطئ في الكتاب الكريم وأنه مثل القوانين البشرية أو الكتب الماضية وعدم إمكانية مواكبة العصر الجديد وعصر التطور التكنولوجي فلذا اعرضوا عن القرآن والتجأوا إلى قوانين الشرق والغرب فأوقعهم ذلك في دوامات ومشاكل أكثر ولكي نلتجئ إلى القرآن ونبيّن خطأ ذلك التصوّر وعدم فهمهم للكتاب الكريم فلابد من معرفة إن ظرفية القرآن أكبر من ظرفية البشر في عالم الدنيا لأنه لم يتحدث عن الدنيا فقط بل قد ذهب إلى أعماق الآخرة وتحدث عنها، بل تحدث عن الخلود في النعيم والجحيم وقد تناول المبدء والمعاش والمعاد بكل أصنافه من عبادات ومعاملات وأخلاق وسياسيات وقضاء وغيرها وفي الحقيقة فإن القرآن مرآة للكون ولكل الحقائق والبشر مأمور بفهم هذا الكون والعمل على طبق ذلك الفهم طبق الموازين الصحيحة لظواهر القرآن.

القرآن حياة لا موت فيه

لا يمنع أن يكون للقرآن ظهر هو ما يفهمه عامة أهل اللغة وباطن هو يسري حسب الزمان ويظهر تدريجياً كما قال ابن عباس أن القرآن يفسره الزمان يعني يظهر لهم بالتدريج فمثلاً قوله تعالى: (وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ) القصص161.

فظهره من كان في قبال موسى وباطنه ما كان قبال محمد (ص) ثم قبال علي (ع) وهكذا.

ويؤيد هذا المعنى ما ورد من أن القرآن كالشمس تجري كل يوم فللقرآن انطباق في كل زمان على أفراد وأعمال وحالات فكما أن الشمس تظهر جديدة في كل يوم كذلك القرآن معانيه ومعارفه كما قال أمير المؤمنين (لا تنقضي عجائبه) ولا شائبة إن قلنا نحن لا نفهم حقيقة القرآن وباطنه لأنا هنا لم نفهم حقائق أنفسنا وأرواحنا وعقولنا وحقائق أخرى مثل الكهرباء، حيث نرى آثاره ولم نصل إلى حقيقته فكيف بنا مع كلام ربنا؟!

حقيقة الحياة

قد تكون الحياة عند البعض بما يساوي حياة الحيوان ظاهراً وواقعاً وليس لهم وراء ذلك نظر ولا يلتفتون إلى أنهم مفضلون على الحيوانات ومتميزون عنها بالعقل والاختيار ولكن الغفلة تؤدي بهم إلى ذلك حتى يكون منطقهم (إِنْ هِيَ إِلاّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا) 32 المؤمنون، ويتفرع عن ذلك انهم يتكالبون عليها ويتنازعون البقاء فيها وبمنطق القرآن هذه موت لا حياة (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا) 122 الأنعام، وجعل حقيقة الحياة خروجاً عن الحيوانية إلى عالم أرفع فقد قال جل وعلا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) 24 الأنفال.

فالحياة الواقعية إذن في ظل القرآن الكريم ومن هنا نرى أن القرآن حياة لكل البشرية حتى يوم القيامة ولا يحصر في أمة ولا يقصر عليها بل قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ كَافَّةً لِلنَّاسِ) 28 سبأ. وبتعبير آخر إن من يأتي فيما بعد يكون القرآن له أيضاً فقد قال تعالى: (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) 19 الأنعام، فحقيقة القرآن هادية لكل الناس ولكن لابد من الاستضاءة بنوره الشريف قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ) ففيه المعارف لمن تدبر فيها وتبصر في آياتها. فنبه البشرية جمعاء على أصلحية قوانينه لأنها من خالقهم الذي يعرف مخلوقاته وما يصلحهم وما يفسدهم وما يسعدهم وما يشقيهم فهو أحق بالاتباع من قوانين البشر التي لا تحيط بالمخلوقات وقد أشار إلى ما يمكن أن يفكر به البشر بل أبعد من ذلك ما لا يدركه الفكر فترى فيه صفات الربوبية وعالم الملكوت والملائكة والسماء والأرض والجنة والنار والشياطين والجن والإنس وأعمالهم وطبقة الفقراء والأغنياء الاثرياء والتجارة والزراعة وأنواع الصناعة والملوك والقضاة والعلماء والرعية والأنبياء والدنيا والآخرة والموازين التي تصلح البشر إن اتبعوها ميزان عدل (لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) بل حتى أشار إلى القوة والسلاح وعلماء السوء والصلحاء وحكام الجور والعدل والأسباب الكونية حتى أسباب الرزق، وكيفية قيادة الجيش والحروب وقيادة المجتمع وطريق الوعظ والإرشاد والتبليغ والدعوة إلى الله وأعمار السابقين وتاريخ جملة من الأمم وقادتها وأسباب الانحطاط والانهيار فيها وأحكام العبادات والتجارات والمعاملات والسياسات وكل ما يتصوره البشر وبكلمة مختصرة يعبر عنها القرآن الكريم أن كل ما يمكن أن يسمى شيئاً فقد أشار إليه القرآن الكريم حيث قال جل وعلا: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ) و(وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) فهل مثل هذا الكتاب يكون محصوراً بزمان أو مكان أم هو فخر للبشرية وعز لها فإن اتبعته فلا تحتاج إلى أحد في أي شيء بل به تسود الدنيا ولهم الفوز والسعادة في الآخرة.

حث الكتاب الكريم والسنة المطهرة على العلم

لقد وردت آيات كثيرة في القرآن الكريم تحث على العلم وكذا في السنة المطهرة حتى جاء على لسان النبي الأكرم (ص) اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد وبما أن الحديث يؤكد على أهمية العلم وطلبه كذلك يشير إلى الحقائق العلمية بأن الإنسان له قابلية طلب العلم واكتسابه من المهد وحتى يوسد في اللحد إشارة إلى الإعجاز العلمي الذي سبق وقته بأكثر من 14 قرناً وفي الآيات إشارة إلى أن قيمة الإنسان عند الله وعند المجتمع بالعلم فمن تلك الآيات قوله تعالى:

1- (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) الزمر/9. والسؤال إثارة للنفوس.

2- (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ) البقرة/31. وبذلك تفوق آدم على الملائكة.

3- (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) النحل/ 23. فأرجع غير العالم إلى العالم وهذا جارٍ في كل علم حيث يرجع إلى المختص به وهذا لا يختص بعلوم الشريعة وكذا ما أشارت إليه الآية من تنبيه الفطرة بعدم تساوي العالم مع غيره في كل مختص بعلم مع غيره.

4- (إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ) البقرة/ 247. أشارت إلى أن الملك يحتاج إلى العلم وبالعلم يقوم الملك ويعتدل السلطان كما جاء.

5- (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ). يوسف/ 55. وليس العلم مخصوصاً بالعقائد أو الفقه والشرائع بل أعم من ذلك بل أشارت الآية إلى علم تدبير الاقتصاد كما يشير إليه في قوله تعالى.

6- (وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ). النمل/ 15-16. بل بيّن القرآن الكريم أن نظام الكون قائم على العلم والعلم مبثوث في جميع موجوداته كل على حسب قدره كما قال تعالى (فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا) وأشارت الآية الكريمة إلى ذلك!.

7- (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ). النور/ 41. فلذا جاء في الحديث النبوي الشريف:

1- من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سهل الله له طريقا إلى الجنة (منية المريد للشهيد الثاني) والحديث عام في طلب كل علم وإن كان إلى علم الشريعة أقرب إلا أن الفكرة عامة في ذلك.

ومما يستفاد منه العموم قوله (ص):

2- أطلب العلم ولو بالصين (روضة الواعظين ج1 ص11) ومعلوم أن العلم الذي في الصين ليس هو علم الشريعة بل هو عام وبما أن علوم الناس شتى قال (ص):

3- أعلم الناس من جمع علوم الناس إلى علمه وأكثر الناس قيمة أكثرهم علماً (أمالي الصدوق طبع بيروت ص27).

ولعله أجلى وأوضح من ذلك قول أمير المؤمنين (ع):

4- الحكمة ضالة المؤمن فاطلبوها ولو عند المشرك تكونوا أحق بها وأهلها (بحار ج2 ص97) فهل يؤخذ من المشرك علم الشريعة؟! أجل كل ذلك ما ينفع كما قال النبي (ص):

5- خير العلم ما نفع (أمالي الصدوق ص394).

ولعله إلى علم السياسة أو غيره مما يرتبط بمعرفة الزمان جاء قول الإمام الصادق (ع):

6- العالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس (أصول الكافي بيروت ج1 ص27).

ولذا التزم المسلمون بمعرفة العلوم المختلفة فلا يحتاجون إلى غيره فينطبق عليه قوله تعالى: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) النساء/ 141، وإذا لم يعرفوا تلك العلوم بشتى مجالاتها في الحياة البشرية فلا شك أنهم يحتاجون إلى غيره ويكونون اتباعاً لغيرهم وأذناباً للشرق والغرب وبالأمر الإلهي المحتم على المسلمين امرهم بالاستعداد فقال:

(وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ) الأنفال/ 60.

وإذا لم يستعدوا بالقوة في كل المجالات فسيكونون ضعفاء تهجم عليهم القوى فيرهبون بدل أن يرهبوا الأعداء وهل تتم القوى دون العلم؟!

ومن هنا يتجلى لنا قول الرسول الكريم (ص):

7- إن الله يطاع بالعلم ويعبد بالعلم وخير الدنيا والآخرة مع العلم وشر الدنيا والآخرة مع الجهل (روضة الواعظين ج1 ص12).

تتمة البحث:

اهتم الإسلام بإرجاع الإنسان إلى مختلف العلوم وضرب له أمثلة شتى حتى لا يقف على باب واحد ونوع واحد من العلوم بل أرجعه إلى شتى المعارف ليتدبر فيها ويتعرف عليها فمنها قوله تعالى:

1) فلينظر الإنسان مم خلق. الطارق/ 5، فيما يرتبط بصنع الأشياء والأمر باكتشافها.

2) والله خلق كل دابة من ماء. النور/ 45.

3) إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا. الإنسان/12.

وأخذته إلى أعمق من ذلك في بيان الأدوار التي يمر بها عالم الخليقة بما فيها السموات والأرض والأشياء الأخرى كما جاء في قوله تعالى:

4) وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء. هود/7.

5) خلق السماوات والأرض بغير عمد ترونها وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم. لقمان/ 10.

6) أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما. الأنبياء/ 30.

وبين أطوار خلقة الإنسان من النطقة إلى العلقة إلى المضغة إلى العظام إلى التكامل كما في سورة المؤمنون (12-14) كل ذلك ليتعرف على أسرار الخلقة فأمره بالسير كما في قوله تعالى:

7) قل سيروا في الأرض فانظروا كيف برأ الخلق. العنكبوت/ 30.

وبيّن التغيرات الطبيعية كما في آية 21 من الزمر وبين التلقيح والسحاب ودوره كما في الروم 48 والآيات في الكتاب في ذلك كثيرة وما ذكرناه إشارة للإثارة.

صلاح المستقبل بالقرآن

يشير القرآن إلى ضمان الصلاح للبشر:

بين القرآن الكريم أن الضمان لأمان الإنسان في الاستفادة من العلوم هو الإيمان إذ قد يكون العالم مفيداً وقد يكون خطراً على البشرية فيبيد البشرية فلذا جاء في الحديث الشريف عن النبي (ص):

ألا إن شر الشر شرار العلماء وإن خير الخير خيار العلماء(1).

ومن هذا المنطلق جاء القرآن الكريم مبيناً ذلك (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) وقال تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) الأعراف/96.

فإذا كان العالم مؤمناً بالله تعالى فيحصل على الخشية (إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) وإن لم توجد خشية الله جل وعلا فهو يفعل ما يروق لنفسه وربما يؤدي إلى قتل الملايين كما حدث في الحروب فالعلم إن لم يتحدد بالإيمان يكون خطراً وفتاكاً فالضمان الواقعي هو الإيمان بالله تعالى.

فلذا قال تعالى: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ) والغرض من تمكينهم هو الاستعمار بمعنى العمران وإليه أشار قوله: (هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا) لأجل ذلك استعمرهم لا لأجل الدمار فلذا كانت هذه الأمة خير أمة كما قال تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ.. ) آل عمران/ 10.

ومن هذا المنطلق يقول أمير المؤمنين (ع): (وبالإيمان يعمر العلم) نهج البلاغة ص219 تعليق الدكتور صبحي صالح، وبهذا يتبيّن أن القرآن والإيمان حقيقة تحتاجها البشرية مهما تقدمت وبدونهما يتبدل العالم إلى غابة أو جحيم.

العلم في القرآن أعم من علوم الشريعة وعلوم الطبيعة

بيّن القرآن الكريم أن مصدر العلوم من الله تبارك وتعالى فأجمل تارة وفصّل أخرى:

1- فمما أجمل (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) العلق: 1-5.

2- وكذا قوله تعالى: (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا) البقرة/ 31.

3- وكما في قوله تعالى: (وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ) البقرة/ 25.

وفصل في آيات أخرى كما يشير إليه قوله تعالى:

4- (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنْ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ) يوسف/ 101. فكان مما علمه تأويل المنامات وتعبيرها.

5- (إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ.. وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ.. ) المائدة/110. فكان مما عنده الحكمة وهي غير الكتاب والتوراة والإنجيل.

6- (وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ) الأنبياء/80، فكان يصنع الدروع لهم وهذا مما علمه الله تعالى وسخر له الحديد (وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ).

7- (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ) الأعراف:117.

8- (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّأَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً) يونس/87.

9- (فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا) المؤمنون/ 27.

10- (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ) القصص/ 7. بل عمم سبحانه ذلك حتى إلى الحيوانات فألهمها وعلمها كما قال تعالى:

11- (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنْ اتَّخِذِي مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتاً.. ) إلى غير ذلك مما أودع الله كتابه من الحقائق فليس التعليم الإلهي مقتصراً على الشريعة بل في جميع مجالات الحياة بل حتى قضية الدفن علمها لقابيل بواسطة الغراب كما قال تعالى: (فَبَعَثَ اللهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنْ النَّادِمِينَ) المائدة/ 31.

فالقرآن لم يوقف العقول على علم خاص بل أطلعهم على علوم شتى وأشار إليها في مختلف الآيات القرآنية، وأراد منهم التعمق في باطن الكون كما قال تعالى: (أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ.. ) الأنعام/ 75. فلو لم يقدروا أن يصلوا إلى ذلك لما ندبهم إليه.

وقال تعالى: (قُلْ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) يونس/101. ونظيرها الآية: (إِنَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ) الجاثية/ 3. وبذلك تعرف سعة القرآن وشموليته ودعوته للعلوم في كل زمان ومكان.

قوانين الحياة كلها في القرآن

قد جمع القرآن قوانين الحياة في شتى العلوم المختلفة في أكثر من عشرين باباً، وهي كما يلي:

1) الخلق والخالقية وأشارت إلى ذلك آيات بينت تدرج الخلق كما في قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ) وبين أن ذلك في حالة التوسعة ولم يقف على حدّ (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) إلى غير ذلك من حقائق الخلقة.

2) الصفات الربوبية والتوحيد الإلهي بأدق الأدلة وفيها تنبيه للفطرة على ذلك.

3)النبوات وطريقة التبليغ وتاريخ الأنبياء.

4) تاريخ الأمم الماضية وأوصافهم وكمالهم أو سقوطهم وأسباب ذلك.

5) أخلاق بني إسرائيل وتمردهم بنحو مفصل.

6) حول الكتب السماوية ونقل بعض الشيء منها وما تحتوي عليه تلك الكتب وكيف آل مصيرها.

7) النصارى مع عيسى وبعده والإنجيل ما يحتويه ونقل بعض الشيء منه.

8) حول القرآن نفسه وما يشتمل عليه من علوم وما أودع من قدرة ربانية فيه (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الأَمْرُ جَمِيعاً) (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْءَانَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) و(إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) و(وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) إلى غير ذلك من الآيات الكريمة.

9) الدين المقبول عند الله ومستقبل الدين وإشارة إلى باقي الديانات (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلامُ) (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ).

10) حول العقائد الحقة وإشارة إلى العقائد البشرية الباطلة في الأمم السابقة.

11) بيان العبادات وأنواعها ومنها الجهاد وأثره والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وآثارهما.

12) الشريعة وأحكام الحياة السياسية والاقتصادية وغيرها.

13) النظام الاجتماعي فيه إشارة إلى نظام الشعوب والقبائل والأسر وأفراد المجتمع.

14) شتى العلوم والفنون كصنع السفن وجريها في البحر وصنع الدروع ونقب الجبال وصنع الجوابي والتماثيل والجفان وغير ذلك.

15) علم تهذيب الأخلاق والعرفان العملي ومقامات وصول البشر وارتقاءه إلى مقام قاب قوسين أو أدنى.

16) أشار إلى المعاجز وخوارق العادة للأنبياء وخصوصاً المعراج لنبينا محمد (ص).

17) القيادة العسكرية وسياسة الدولة وما يلزمهما من أمور.

18) أسباب الارتقاء والنجاح في الدنيا.

19) الثلة الأولى من المسلمين وأوصافهم والتزامهم والثلة المقابلة لهم من المنافقين والتحذير منهم وتحذيرهم.

20) الإشارة إلى وجود عوالم أخرى كعالم الجن والملائكة والأرواح.

21) الإشارة إلى وجود عوالم وراء الطبيعة (الميتافيزيقية) ولها آثارها الخاصة وتدخل في ذلك آثار السحر والعين وغيرها مما يدرك البشر آثارها.

22) إشارة إلى عالم الغيب كوجود الجنة والنار.

23) فيه إشارة إلى ما بعد الدنيا ابتداءً من سكرات الموت وما يكشف للإنسان فيه وعالم البرزخ وعالم الآخرة والمعاد في يوم القيامة وما يترتب على أعمال الإنسان وأثره على أفعال واعتقاد المكلفين.

24) بحث الإمامة وشرائطها واحتياج المجتمع إليها ومقام الإمام وأنه المعين من قبل الله تعالى المجعول كالنبوة وهو قائم مقام النبوة.

25) وفيه من أهم الجوانب العقائدية والتاريخية والعرفانية وما يقوم به أصل الدين ويوصل به التشريع ألا وهي حياة نبينا محمد (ص) ومقامه ومعاملة الله معه وصفاته والرجوع إليه (وَمَا ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) وفيه إشارة إلى أخلاقه وسياسة تدبيره وقيادته للمجتمع وتربيته لهم وإيصالهم إلى قيادة العالم وغير ذلك من الجوانب المهمة. وبذلك تعرف أن كثيراً من هذه الأمور ترتبط بالسنن الإلهية المودوعة في الكون وسنن الوصول إلى الكمال الظاهري والباطني في شتى مجالات الحياة لكل الأمم مهما ارتقت في العلوم الظاهرية فلا بد أن لا ننسى كمالها الواقعي وطريق الوصول المرسوم إليه من قبله تعالى.

دعوة إلى الأمة المثالية

فالقرآن في طرحه المواضيع الفنية المتكاملة ضمن هندسة فكرية خاصة بين الأمة النموذجية لبناء المجتمع الصالح فقال تعالى: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ) آل عمران/ 104، فإذا اتصفت بذلك تكون هي الأمة المعنية بقوله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) وبين سبب ذلك (تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ) فمنحهم الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحينئذٍ لا مجال لأن يسود الفساد المجتمع لوجود البناء القوي والقويم مع توفر شروطه السياسية والاقتصادية فلا مجال لأن يستهدف من قبل الغير.

ولأجل أن الأمم دأبت في طول التاريخ على أن يتعايشوا ضمن مجموعات بشرية مترابطة من الفرد والأسرة إلى المجتمع تشترك في هدف ومصير تعمل من أجله فلذا لأجل رفع مستواهم الاجتماعي ورقي حضارتهم وتطور أفكارهم ندبهم القرآن الكريم إلى التعارف (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) لئلا تستقل كل أمة بما عندها ويلزمها التخلف بل لابد أن يسير المجتمع في موكب واحد وقافلة واحدة ويوجد ذلك لهم التكامل نحو حياة أفضل إذ في كل مجتمع سلبيات وإيجابيات وعند الترابط يتعلم كل من إيجابيات المجتمع الآخر ويكشف سلبياته حتى يتجنب منها وفي ذلك إحراز سعادتهم.

وليشعر كل فرد ارتباطه بالآخرين لئلا ينفرد بمصالحه دون غيره أو على حساب الآخرين فلذا قال النبي الأكرم (ص) (مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى)، ما أعظم التشبيه وما أقوى الترابط المطلوب فلذا قال لمن يترك ذلك:

(من اصبح ولم يهتم بأمر المسلمين فليس بمسلم) وليس المطلوب منهم ذلك في السلوك العملي بل حتى في السلوك الفكري والنفسي فلذا قال (ص): أحبب لأخيك ما تحب لنفسك. ويطرد من زمرة المسلمين من خرج عن ذلك السلوك العملي فقال (ص): من غش المسلمين فليس بمسلم. أو من غشنا فليس منا.

إلى غير ذلك من التعاليم الإسلامية الحاملة في طياتها الشفقة والرأفة في قوانينها لجميع البشر وبما أن الأمة تحتاج إلى راعي يرعاها وقيادة توجهها نحو الهدف وندب الجميع إلى التعارف والتآلف فلذا اشتق من الأمة إماماً يسير بها نحو الهدف المرسوم إذ لا يمكن أن توجد أمة بلا إمام فلذا بين الإمام وتكاليفه وشروطه بنحو الإيجاز بقوله تعالى: (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ) الأنبياء/ 73.

وقال تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ) السجدة/ 24.

فبيّن أن الأمة تحتاج إلى إمام يهديها بأمر الله تبارك وتعالى ولابد أن يكون مهدياً لأنه تعالى قال: (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدَى) مضافاً إلى أن الصابرين في آية الصبر قالت: (وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ) فأثبت لهم الهداية حتى يكونوا أئمة يهدون المجتمع لأن فاقد الشيء لا يعطيه والإمامة للمجتمع ليست غريبة بل هي من الضروريات التالية للنبوة والقائمة مقامها فكما أن الرسول من الأمة ويقوم بتربية الأمة كما قال تعالى:

(هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ ءَايَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) الجمعة/ 7. فكذلك هي وظيفة الإمام من بعده حيث يقوم بما قام به (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ) الأعراف: 157. وهذا ما أشارت إليه القيادة الحكيمة الرشيدة في بيان المسؤولية الملقاة على عاتق إمام الأمة بقوله (ع) في نهج البلاغة (أيها الناس إني قد بثثت لكم المواعظ التي وعظ بها الأنبياء أممهم وأديت إليكم ما أدت الأوصياء إلى من بعدهم وأدبتكم.. لله أنتم أتتوقعون إماماً غيري يطأ بكم الطريق ويرشدكم السبيل) والإمام للأمة النموذجية لابد أن يكون نموذجياً يتميز عن غيره من الرعية فهو الأب الرحيم على أولاده والمهتم بعياله ولا يضيعهم فلذا لا يتولى الأمور السياسية وقيادة الحرب فقط بل يرسي العدل في المجتمع بين أحاد المجتمع وأسره ويمنع الظلم والجور عنهم وبذلك يسودهم العدل والسعادة وليس معنى ذلك أن لا توجد عقوبات للمخالفين بل قال تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) 25/ الحديد.

فهناك قوانين في الكتاب وهناك موازين للأمور وحدود للشريعة وهناك قوة حديد يؤدب بها من خرج عن حده كما قال (ص): (إن الله جعل لكل شيء حداً وجعل لمن تعد الحد حداً) فلذا قال أمير المؤمنين (ع): (الذليل عندي عزيز حتى آخذ الحق له والقوي عندي ضعيف حتى آخذ منه الحق) وقال أيضاً: (لأنصفنّ المظلوم من ظالمه - إشارة إلى أن الأخذ فيه إنصاف وليس فيه ظلم - ولآخذن الظالم من خزامته حتى أرده موارد العدل) وإن لم يكن كذلك كيف تكون الأمة سعيدة وكيف تصل إلى النموذجية والروح العالية دون أن تكون قيادتها قوية وحكيمة وعادلة وعالمة فلذا أوصى أمير المؤمنين أبناءه أن يمشوا على خطاه فقال في وصيته: (كونوا للظالم خصماً وللمظلوم عوناً) ومن كل ذلك نعلم أن الأمة النموذجية وبتعبير القرآن (خير أمة) كما هي تهتم بالجوانب العبادية وتربية الروح فكذلك الجوانب الاجتماعية كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وبيّن أن الفسق إذا حل بهم وتفشى ففيه نهايتهم ويحل بهم الدمار كما قال تعالى: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا) فلما... فسقوا ولم يأمرهم الأخيار بالمعروف ولم يردعوهم عن المنكر (فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) الإسراء/ 18.

وبعبارة إن القرآن أراد أن توجد أمة بقالب الجسد والروح لا أن تكون مادية لا روح فيها ولا أن تكون روحانية دون الاعتناء بجانب المادة (وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا).

قصص من القرآن

لم يكن الغرض من قصص القرآن نقل حكايات التاريخ فقط بل من وراء ذلك عبرة بل فيها إشارات ولطائف وحقائق لتربية البشر وفيها ذكر الأسباب التي من أجلها سقطت كثير من الأمم وانهارت كثير من الحضارات وفيها ذكر أسباب سعادة الفائزين بل فيها إشارة إلى كثير من الحقائق الكونية وبما يوجب سعادة البشر في الدنيا والآخرة وإليك نماذج من ذلك:

(1) آدم أبو البشر (درس للبشرية):

ففي قصة آدم أبي البشر درس للبشرية فقد قال الله تبارك وتعالى (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ) البقرة/ 30.

وقال: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ) البقرة/ 34.

(وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ) البقرة/ 30.

وقال: (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ، قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا) الأعراف/ 12.

وقال تعالى: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنْ الْخَالِدِينَ، وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ، فَدَلاّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ، قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا) الأعراف/ 23-20.

ونشير إلى بعض جوانب القصة بشكل نقاط:

1- إخبار الله تعالى الملائكة قبل خلق آدم بخلقه وبجعله خليفة فإنه من تراب أو من طين، وهذا يحكي عن أمر عظيم لتعليم الخلائق الخلق الرفيع بل تعليم الحكومات عدم أخذ القرار السريع وإطلاع الجماهير عن ذلك والمشورة معهم وجعلهم في صورة القضايا المستقبلية وبذلك تتوثق العلاقة بين الحاكم وجماهيره على أساس الصلات والثقة المتبادلة.

2- تعجب الملائكة ورد الفعل من جانبهم وبيّن مقامهم وما يليق بهم وعجزهم عن الجواب حينما سئلوا عن الأسماء. ومنه تعرف أن الحاكم لابد أن يكون رده مفهماً مصحوباً بالدليل لفعله وصحته والامتناع بعد المناقشة.

3- سجود الملائكة لآدم وإظهار مقام الخلافة ومقام تحمل الأسماء الإلهية وقبول التعليم الإلهي ومنه تعرف أن كل شخص لابد أن يعرف مقامه ولا يتعداه وإن مقامه يحفظ بامتثال الأمر الإلهي.

4- موقف إبليس ورفضه للخضوع للأمر الإلهي وتكبره وحسده وسقوطه وانهيار مقامه لأجل الصفات الذميمة. وإن بها يسقط كل إنسان إذا اتصف بها وسار على نهج إبليس فمصيره مصيره وإن الخارج عن القانون لابد أن يعاقب وإلا يلزم الفوضى وعقابه لابدان يكون مناسباً لفعله لئلا يستهتر الآخرون وحتى يقوم النظام وهذه الصفات مثل وجود إبليس في كل إنسان فلابد من محاربة تلك الصفات وتطهير الباطن منها.

5- تحذير من الله لآدم وزوجه لئلا يقعا في شباك إبليس وحبائله، ومنه نعرف لابد أن يحذر النظام والحاكم رعيته مما يسبب لهم السقوط.

6- إطلاق الحرية لآدم وزوجه ومنه يعرف أن على أن الحاكم إطلاق الحرية للمجتمع مع تحذيرهم ولكن مع مراقبة ومحاسبة وعدم قساوة القانون على الرعية حتى يوجب العكس بل ما يوجب الرجوع إلى القانون وهو العفو عنهم بعدما عرفوا الحق.

7- ترك الاستبداد وفسح المجال للسؤال والاطلاع والحوار وابداء الصواب بالدليل العلمي والعملي، وبذلك تذهب صفة الجهل من المجتمع، والتعرف على أفكارهم ومشاعرهم ويناقشهم إن كانوا مخطئين وهذا يطرد صفة الدكتاتورية من الحاكم وهو من أهم مبادئ الحياة الحضارية (وكل ذلك من إشارة تعليم آدم وطلبه الأنباء من الملائكة ومن آدم).

8- إن العدو قد يتلبس بلباس الناصح الأمين فلابد من الحذر وعدم الاغترار بالعدو وإنه نزع ثوب العداوة بل هو يبدل الثوب ويرتدي ثوب النصيحة حتى يصل إلى مقصوده.

9- إن العدو يدخل من نقاط الضعف في المجتمع والدولة فلابد من سد الخلل والثغور ومعرفة مواضع القوة والضعف في الفرد والمجتمع والدولة حتى يقوي مواضع الضعف ويحفظ مواضع القوة.

وبذلك نعرف أن العدو قد يكون من الداخل وقد يكون من الخارج.

10- كانت نزعة حب الحياة وحب الخلود هما نقطتا الضعف التي من خلالهما دخل إبليس وهاتان الصفتان تجري في البشرية وبذلك يوجب الطغيان والتجبر للبشر وبهما تسقط الحضارات والحكومات لأن من لوازمهما عدم إعطاء حقوق الآخرين حتى يصل الأمر لتشتعل الثورات ضد حكامهم.

11- إن من أسباب الوقوع في الفتنة القسم من قبل إبليس وهذا يعني أن العدو قد يؤكد مطالبه بصورة توجب تصديق طرفه المقابل له فلابد إذن من معرفة الشخص لئلا يقع في الندم وقد أشارت الآية إلى ذلك في قوله تعالى: (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) وهذه إشارة وقاعدة إلى قبول الخبر.

12- إن الذي أوقع إبليس في الهاوية القياس بدافع الحسد والتكبر مع أن الأمر إذا كان من الله تعالى فلا مجال للتكبر والقياس وهذا يعني لابد من الانصياع للقوانين الإلهية وعدم التعليق عليها بعد معرفة صدقها وصوابها وعدلها. إلى غير ذلك من نقاط تحتوي عليها القصة.

وبذلك عرفنا أن القصة حكاية عن واقعة في ابتداء الخلقة ولكنها بينت أهم الدروس لسعادة البشر فمنها ما يرتبط بمقام الحاكم ومنها ما يرتبط بجانب الرعية ومنها ما يرتبط بجانب العدو ومكائده ومنها ما يرتبط بأهمية القانون ومنها ما يرتبط بالحرية والحوار ومنها ما يرتبط بالصفات التي توجب السعادة والكمال أو توجب الانهيار والسقوط. وبهذا نعرف أن القرآن ليس يريد الحكاية فقط بل يريد السعادة لا لمجتمع خاص وفي زمان خاص بل لكل البشر في كل الأزمنة وفي كل بقاع العالم إذ كل قوانين السماء ملئها العدالة والحسن والتدبير واللطف والسعادة.

(2) إبراهيم أمة ورمز التوحيد:

ومن أهم الإشارات في قصة إبراهيم:

1- بعث روح الأمل في النفوس المؤمنة لأن تدافع عن عقيدتها. 2- زرع الثقة بالله أولاً وبالنفس ثانياً 3- وأنه قادر على تحمل نتائج الموقف. 4- وبيان واقع الحب والعشق الإلهي عند البشر حتى لأجله يتحدى العالم الجاهلي 5- ويقف وحده دون وحشة وخوف في وجه الطغيان والفساد والانحراف العقائدي في المجتمع 6- وبالعزم والثبات تحطمت أصنام الجاهلية وصار اسم إبراهيم رمزاً للتوحيد ورمزاً للمقاومة والصمود وتكسير القيود والإغلال.

(3) قوم لوط منتهى التحلل الخلقي والإباحية:

قال تعالى: (وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ، أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) في قصتهم بيان نتائج بذور الفناء الذي زرعوه تحت أقدامهم وكانت عوامل الانهيار ثلاثة التحلل الخلقي والظلم الطبقي والفساد الاجتماعي فالتحلل الخلقي نشأ من الشذوذ الجنسي والإباحية وهذا أسرع العوامل تأثيراً فكانوا يتجاهرون بالمنكرات في النوادي المكشوفة وانعدمت فيهم روح الأخلاق والآداب الإنسانية وحلت مكانها الميوعة والإباحية.

ومن فسادهم الاجتماعي وعدم التزامهم بروح الأخلاق المتعارفة عدم إكرامهم للضيف وعدم إقراءهم له بل على العكس كانوا يسيئون للضيوف وأمة هذه حضارتها وهذا نظم حياتها يسرع إليها الانهيار ويحل بها الدمار وهذا مثل لكل أمة تسير على هذا النهج فتكون نتيجتها نفس هذه النتيجة.

(4) ابني آدم:

ومن القصص القرآنية التي تبين أن شريعة الغاب غير دائمة بل هي تنهار وتوجب الندم مع ماضيها من بيان أسباب اتباع ذلك مثل قصة قابيل وهابيل كما جاءت في سورة المائدة (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ.. ) إلى آخر الآيات في ذلك 27/32. وهي أول حادثة وقعت في الأرض بعد نزول آدم ومن أخطر الحوادث. وفيها إشارة إلى أن الإنسان لابد أن ينتبه إلى الطبيعة ويتعلم منها دون استنكاف وأن ينتهل من العلم أين ما وجده.

(5) قصة طالوت مثال الحاكم الصالح (كيفية القيادة وكفاءة القائد):

وفي قصة طالوت دروس أخرى للحياة البشرية يقول تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمْ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ.. ) البقرة 246-251.

ولسنا نريد سرد القصة بأكلمها بل نريد الإشارة إلى ما في القصة من العبر ففيها:

1- إن الحركة التي تكون في المجتمع سواء كانت حزباً أو تنظيماً أو غير ذلك عندما تريد التحرك والجهاد نحو هدف لابد أن ترجع إلى النبوة أو الإمامة أو إلى مرجع التشريع وتستمد الشرعية حتى تكون الحركة شرعية.

2- إن السماء ومن يرتبط بها من النبوة والإمامة هي التي تعيّن القادة السياسيين للمجتمع وكذا قادة الحروب حسب الكفاءة وليس ذلك بالنسب والميراث والمال.

3- لابد أن تكون في المجتمع حركة جهادية وتضحيات حتى تدافع عن المستضعفين وتطالب بالحقوق.

4- إن الغاية لابد أن ترتبط بالله حتى يكون الناصر والمعين لها (إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ).

5- لابد من الثبات وعدم الإعراض وبدون الاستقامة لا يحصل المراد.

6- عين لهم نبيهم ملكاً وقائداً فاعترضوا عليه وتمردوا ولم يسلّموا لأمره وحجة اعتراضهم عدم المال عنده فأخطأوا في الملاك والمناط.

7- بين أن المناط في القيادة العلم والقدرة وهو البسطة في الجسم حتى يتمكن من احتمال المشاق التي تفرضها طبيعة عمله ومعنى ذلك السلامة الجسمية من النقص والعيوب والعاهات فلابد من العلم حتى ينفذ أمر الله تعالى ويجري في القياد والحرب حسب القوانين الشرعية وبما أنه منصب ديني فلابد من العدالة فيه وأما كونه كفوءاً فلأجل أن يجري الحدود الإلهية بجرأة دون خوف وكذا حتى يقتحم الحروب أما سلامة الحواس حتى يتمكن من التأثير في العمل حتى يقوم بمهامه بنفسه.

8- اختبار الحاكم رعيته وكذا القائد العسكري بالابتلاء حتى يطهر قواته وتبقى الكفاءات وتخرج الروح المتخاذلة والانهزامية والمنحرفة وبمعنى آخر إن الواجب على القيادة أن تستوثق من وحدة القوة وسلامة الجبهة الداخلية.

9- المعيار والميزان لصدق الاتباع عن الزائفين الصبر والجلد.

10- عدم مقاومة الطائفة الضعيفة على القتال وآل أمرهم إلى الفرار من الزحف.

11- الثقة بالنفس والاعتماد على الله عند المؤمنين والفائزين بالامتحان.

12- الدعاء عند القتال والتوسل بالله تعالى لإنزال النصر من عند الله.

13- النتيجة هي الانتصار ومقتل جالوت على يد داود وانكسر الجيش وانتهت المعركة.

فكانت هذه القصة مبيّنة لمواصفات الحاكم وكيفية قيادة المجتمع وكيفية خوض الحروب وهذا ما تحتاجه البشرية في كل زمان ومكان وليس لأهل زمان أو حكاية وقت.

1- بحار الأنوار، ج2، ص110، ب15، ح22.